الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الحكومة الموعودة

عبدالزهرة الركابي

2003 / 5 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                                           
صحيح ان أي حكومة تتشكل في ظل الوضع الحالي تظل عرضة للتساؤل والتشكيك على صعيد إكتساب   الشرعية والتفويض الشعبي والقانوني إلا ان الأوضاع السائدة في العراق تجعل من أي اطار للحكم  مطلوبا" من أجل تشغيل عجلة الخدمات وإيجاد السبل المعيشية للشعب العراقي في هذا الوقت على الأقل، كي يتنفس هذا الشعب الصعداء تمهيدا" لمعالجة هذه الأوضاع بصورة فاعلة ومن ثم يتسنى لهذا الشعب أن يتخلص مما هو عليه الآن حتى يكون بمقدوره إختيار الحكم الذي يراه مناسبا" وبعيدا" عن ظلال الحاضر .
   ولو عدنا الى قوى المعارضة للنظام السابق نراها الآن تتسابق في العودة الى العراق من أجل عدم ترك الساحة الداخلية حكرا" على أحد ، حيث هرعت جميع قوى وحركات هذه المعارضة بما فيها الأحزاب الكردية الى بغداد وأفتتحت لها مكاتب هناك ، كما تواصلت اللقاءات والإجتماعات المتعلقة بالتشاور والتنسيق فيما بين هذه القوى والحركات لوضع التصورات والسيناريوهات المتعلقة بشكل الحكم المؤقت الذي سيضطلع بإدارة البلاد في المرحلة الإنتقالية ، ومن الواضح ان هذه القوى تحاول أن تأخذ الدور الرئيس في السلطة مع ترك بعض المراكز الأخرى لقوى وحركات الداخل التي سوف تفرض وجودها عندما تبدأ ( اللعبة ) جديا" ، على أعتبار ان قوى المعارضة في الخارج ليست معروفة بما فيه الكفاية لدى أوساط الداخل .
   وإذا كانت قوى الداخل تتمثل في العشائر وكبار التجار والحركات الدينية وكذلك العسكريين الذين أقالهم النظام السابق من الخدمة وبعض القوى المستقلة ، فإن معارضة الخارج بإمكانها ان تستحوذ على المراكز القوية في الحكومة الإنتقالية على الأكثر ، لكن إذا ما جرت الأمور وفق صناديق الإقتراع بعد المرحلة المذكورة ، لاشك ان سيطرتها على مثل تلك المراكز سوف تكون ليست بتلك القوة في الحكومة التي تأتي عن طريق الإنتخابات .
   من الواضح ان قوى الداخل العراقي مازالت لم تفق من صدمة الحرب وعلى العكس من معارضة الخارج التي كانت متأكدة من وقوع الحرب ، وقد هيأت فعالياتها وظروفها لمرحلة ما بعد الحرب أو ما بعد سقوط النظام ، وعلى العموم فإن قوى المعارضة في الخارج وبعد عودتها الى العراق راحت تبسط سيطرتها على النشاط السياسي وتحظى بالأضواء الإعلامية وكأن مقاليد الحكم باتت في متناول أيديها أو قاب قوسين أو أدنى ، وهو أمر أثار حفيظة عراقيي الداخل الذين قابلوا هذا النشاط بعدم الإرتياح مما أدى بهم الأمر الى الإستنجاد بقواعدهم العشائرية والدينية من أجل كبح جماح النشاط السياسي لمعارضة الخارج والمندفعة الى الداخل بقوة مستغلة الظروف المعروفة .
   ليس هناك مناص من القول ان تحرك عراقيي الخارج ( معارضة الخارج ) ولّد حساسية لدى عراقيي الداخل الذين يملكون خبرة في شؤون الحكم والإدارة على الصعيد الداخلي والمحلي ، وهم أدرى بهموم الشارع العراقي ومتطلباته الأولية ، وعلى العكس من عراقيي الخارج الذين افتقدوا مثل هذه الميزة أو الخبرة المذكورة ، وهو فارق سوف يلقي بظلاله عندما يمارس الطرفان الحكم المؤقت أو الإنتقالي في المستقبل القريب ، وبالتالي فإذا كان عراقيو الخارج يملكون دينامية الحركة فإن عراقيي الداخل يمتازون بديناميكية التواصل والإمتداد ، وهو مالا يتوافر لعراقيي الخارج على الأقل في هذا الوقت .
   وبعيدا" عن تصريحات الحاكم المدني البريطاني في العراق جون سوارز التي قال فيها ، ان قوات التحالف لن تسلم السلطات في العراق إلا لحكومة عراقية يجري إنتخابها خلال عام أو عامين ، فإن بعض السيناريوهات التي تشيعها وسائل الإعلام  وإعتمادا" على مصادر عراقية يرجح ان تكون من المشاركين في الإجتماعات واللقاءات الأخيرة التي جرت  في العراق وعلى وجه الخصوص في بغداد ، فإن هناك سيناريو يلقى أكثر رواجا" في أوساط المعارضة السابقة لنظام صدام حسين المخلوع يتشكل وفق اسلوب المحاصصة الأثنية والمذهبية ليكون الحكم الإنتقالي أو المؤقت الذي سيدير دفة البلاد خلال المرحلة الإنتقالية يتشكل وفق التالي :
   هيئة رئاسة أو مجلس سيادة يتألف من ثلاثة أشخاص ( سني ، شيعي ، كردي ) فيما تتوزع المقاعد الوزارية على هذا النحو ، 6 سنة ، 6 شيعة ، 6 أكراد ، 1 تركمان ، 1 آشوريون ، على أن يكون رئيس الوزراء سنيا" .
   لكن السيناريو المذكور يلقى تحفظا" من لدن الأوساط الشيعية في الداخل ، ومرد هذا التحفظ ينصب على ان مثل هذا السيناريو سوف يكرس ( الإحتكار السني ) للسلطة خصوصا" وان الشيعة يمثلون الأغلبية في العراق ، كما ان ممثلي الشيعة سيأتون حسب ترشيح معارضة الخارج وهو ترشيح لا يحظى بموافقة شيعة العراق على العموم في العراق ، الأمر الذي سيضاعف من إنقسام المعسكر الشيعي الذي تتجاذبه أطراف عدة وحتى على صعيد شيعة الداخل ، بينما يرى مؤيدو السيناريو الآنف ( معارضة الخارج ) ان مثل هذه المخاوف ليس لها مايبررها خصوصا" وان مثل هذا الأمر يتعلق بحكومة إنتقالية أو مؤقتة هدفها إيجاد الأرضية المناسبة لقيام حكم دستوري تداولي للسلطة وفق السياق الديمقراطي .
   وعلى كل حال فإن السيناريو المذكور أوغيره من السيناريوهات سيظل عرضة للتعديل والتغيير مع عدم نسيان الموقف الأميركي من هذه السيناريوهات ، والذي سيكون مؤثرا" بلا شك ان لم نقل سيكون حاسما" في إعتماد السيناريو الذي سيجد نفسه قائما" على أرض الواقع ، على اعتباران أميركا هي من تبسط مقاليدها على العراق في هذه الفترة على الأقل . 
                                                                   
                                    

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30