الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تكلِّفوه فوق طاقتها! لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب

محمد بركة

2006 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


* على الرغم مما يقال حول محدودية دور رؤساء السلطات المحلية السياسي، فإن هذه التوليفة - بين الأحزاب والنواب من جهة ورؤساء السلطات المحلية من جهة أخرى - هي نقطة قوة لأنها تقيم التوازن بين هموم وهواجس المواطن اليومية والحياتية وبين فضاء انتماءاته الرحبة، الوطنية والسياسية الإنسانية *
إن قرار لجنة المتابعة في اجتماعها يوم الخميس قبل الماضي (21 أيلول) بعد الاستماع إلى بيان استقالة رئيسها الأخ شوقي خطيب، هو قرار مسؤول، ويجب التعاطي معه بجدية فائقة.
إن قرار اللجنة بعدم قبول الاستقالة واجراء بحث خاص في اسبابها يدفعنا جميعا إلى حمل رئيس اللجنة إلى العدول عن استقالته بسبب ما قد يترتب على ذلك من ارتباك وبلبلة في عمل اللجنة في مثل هذه الظروف والتحديات ومقابل التحريض الذي تتعرض له الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل.
بما ان استقالة الأخ شوقي خطيب لم تحمل في طياتها أسبابا شخصية ظاهرة أو مستترة، إنما قلقا وخيبة أمل من عمل اللجنة ومركّباتها ومستوى الالتزام بقراراتها، فإن الأمر يجعل التعاطي في جوهر الاستقالة هو الأمر الملحّ، بمعنى ضرورة التعاطي أولا مع السبب (أوضاع لجنة المتابعة) وليس مع النتيجة (كتاب الاستقالة) التي نأمل سحبها بعد معالجة أسبابها.
تعود بدايات لجنة المتابعة إلى الثمانينيات الأولى من القرن الماضي، بعد حظر مؤتمر الجماهير العربية في العام 1981، ثم معركة المساواة التي خاضتها سلطاتنا المحلية، ونشوء بدايات التعددية السياسية داخل المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل.
هذه الأمور استلزمت إيجاد إطار تنسيقي بين لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية وبين أعضاء الكنيست، وتطورت لاحقا لتشمل مندوبي الأحزاب السياسية الفاعلة في المجتمع العربي.
لجنة المتابعة ليست تحالفا سياسيا، فمن اجل إقامة تحالفات سياسية على الأحزاب السياسية ان تقوم بما يناسبها سياسيا واجتماعيا وأيديولوجيا في هذا السبيل، ولا يجوز تحميل لجنة المتابعة وتركيبتها وزر ذلك.
لجنة المتابعة ليست أيضا برلمانا يأخذ قراراته بالأغلبية، والأقلية تخضع لذلك، إنما هو إطار توافقي وطني بين تيارات سياسية، قد تكون متوافقة، وقد تكون متناقضة، وبين رؤساء سلطات محلية قد يكونون منتخبين على أسس سياسية، أو على أسس اجتماعية محلية (حمائلية وغيرها)، وبين أعضاء في الكنيست قد يكونون منتخبين في إطار هذه القائمة أو تلك.
ولذلك فإن لجنة المتابعة هي الالتئام الوطني حول قضايا الإجماع الوطني، أما القضايا المختلف عليها فإنها تجد لها متسعا في فضاء التداول السياسي، وهذا الإجماع الوطني محكوم للانتماء المشترك وللقضايا والمصالح المشتركة، وللتصدي المشترك للأخطار والمؤامرات والتحديات.
وهي لذلك إطار طوعي مبني على الإجماع والإقناع وليس على ليّ الذراع أو على المركزية التنظيمية من أي نوع كان إلا مركزية القضايا الجماعية لمجتمعنا.
إن تحميل لجنة المتابعة ما لا طاقة لها على حمله سيؤدي إلى تجاوز الهدف من إقامتها، ولذلك فهي مظلة تجمع الجميع على القاسم المشترك الأدنى، وليست مظلة تجمع البعض على القاسم المشترك الأوسع.
لذلك هناك أهمية فائقة للحفاظ على لجنة المتابعة كإطار يتألف من منتخبين (أعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية وقادة أحزاب وغيرهم)، يأتي كل منهم بما في جعبته الوظائفية المشتقة من موقعه ومن مواقفه كممثل إطار وكممثل جمهور الى لجنة المتابعة لصنع نقاط توازن متفق عليها.
على الرغم مما يقال حول محدودية الدور السياسي الذي يقوم به بعض رؤساء السلطات المحلية لكونهم مسؤولين عن تصريف الأمور الحياتية في قراهم ومدنهم، فإن هذه التوليفة بين الأحزاب والنواب، من جهة، ورؤساء السلطات المحلية من جهة أخرى، لا يمكن ان تشكل نقطة ضعف للجنة المتابعة، إنما هي نقطة قوة لأنها تقيم التوازن بين هموم وهواجس المواطن اليومية والحياتية، وبين فضاء انتماءاته الرحبة: الوطنية والسياسية الإنسانية.
إن هذه الرؤية تلزمنا بالتعاطي بفائق الجدية والاحترام مع قرارات لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية التي اتخذت في الاجتماع الذي عقدته يوم الثلاثاء 26/9/2006، لبحث بيان استقالة الأخ شوقي خطيب، حيث جرى التأكيد "على أهمية وضرورة المحافظة على لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وتطويرها، والحفاظ من خلالها على وحدة الجماهير العربية، وتعزيزها كصمام أمان في مواجهة التحديات الجماعية السياسية والحقوقية القومية والمدنية".
كما جرى التأكيد "على أن اللجنة القطرية للرؤساء تعتبر تاريخيا وموضوعيا، المركّب الحيوي في وجود وفاعلية وتطور ووحدة لجنة المتابعة العليا" من ناحية أخرى.
يمكن القول ان العرف السائد في جمع رئاسة لجنة المتابعة مع رئاسة اللجنة القطرية (رغم أنني أقرّ بأن ذلك ليس شرطا ثابتا) يساهم في حل إشكالات كثيرة في مسار العمل، بين الاعتبارات السياسية والمدنية، وفي مسار تنفيذ قرارات لجنة المتابعة العليا بين أجهزة الأحزاب السياسية، وهيكلية السلطات المحلية التنظيمية التي تملك دورا هاما وأساسيا في إنجاح الفعاليات الكفاحية كعنوان منتخب للتنسيق المحلي وكصاحبة سلطة في المدارس وغير ذلك.
علينا ان نقول إلى جانب ذلك، عندما نتحدث عن الاعتبارات السياسية فإننا لا نتحدث عن اعتبارات مطلقة متفق عليها بين "كل الاحزاب" في مواجهة "كل الرؤساء"، فهناك تناقض، أو عدم توافق كامل في المجال السياسي الوطني، بين الأحزاب والتيارات السياسية فيما بينها، ولذلك لا يجوز إخضاع الرواية والرؤية المتعلقة بالمرحلة الراهنة التي تمر بها جماهيرنا، للرؤية الاستراتيجية للمرحلة التي نريد ان تصل إليها جماهيرنا أو بالعكس، اي لا يجوز لتيار سياسي ان يفرض رؤيته على أولويات العمل البلدي والعكس صحيح ايضا.
بهذا المفهوم فإن لجنة المتابعة والتوازنات القائمة فيها ، هي الأمر الصحيح في سياق الزمان والمكان والمناخ، ولذلك هي ليست حاجة محكومة لدفء الانتماء الوطني وحسب، بل عليها أيضا ان تتقدم بقضايانا من خلال فرض حضورها على المؤسسة الإسرائيلية في القضية الوطنية والدمقراطية والمدنية، ومن غير المعقول أن يجري التعامل معها كناد للحوار الداخلي والعلاقات العامة فقط، أو أن تتحول إلى مكان يشارك فيه الجميع في إبداء الرأي وفي اتخاذ القرار، وبعد ذلك يعفي البعض نفسه كليا من الالتزام بالقرار الجماعي أو من تنفيذه لا بل الهجوم عليه من الخارج، وتحميل رئيس اللجنة مسؤولية تنفيذ القرارات التي يقع تنفيذها أصلا على مركبات المتابعة أحزابا وسلطات محلية، فهذا غير معقول أيضا.

***********

إن الجماهير العربية هي جزء من الشعب الفلسطيني، ولكن كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني تتحدث عن اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس.
دولة إسرائيل التي قامت على أنقاضنا، لا يمكن ان تتحول إلى الدولة التي تعبر عن حقنا في تقرير المصير رغم اننا مواطنون فيها، والدولة الفلسطينية التي يجري الحديث عنها لن تشملنا، بمعنى ان هاتين الدائرتين: الانتماء إلى الشعب الفلسطيني، والمواطنة في دولة إسرائيل، هما دائرتان ملازمتان لواقع الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، ولذلك لا يجوز لأي جسم مسؤول ان يقفز عن إحدى هاتين الدائرتين، ويذهب إلى تغييب الحقوق المدنية المشتقة من المواطنة بذريعة الانتماء الوطني، أو إلى تغييب الانتماء الوطني، بذريعة تحصيل الحقوق المدنية من المؤسسة الإسرائيلية.
لقد جرى نقاش طويل في إطار لجنة المتابعة حول موضوع إعادة تنظيمها وذلك ابتداءً من مؤتمر المساواة في العام 1996 وقد بذل الأخ شوقي خطيب جهودا استثنائية منذ توليه رئاسة لجنة المتابعة في العام 2001 لإتمام هذا الملف من خلال اللجنة الخاصة التي تشكلت من مندوبي الأحزاب السياسية.
لكن الحقيقة التي اشرنا إليها آنفا، ان هناك اختلافات على بعض النقاط الهامة وبالمقابل هناك إجماع على أهمية لجنة المتابعة وهناك توافق واتفاق على نقاط في غاية الأهمية مثل تركيبة لجنة المتابعة وهيئاتها وآلية اتخاذ القرارات فيها وآلية تنفيذ القرارات.
نحن ندرك ان هناك نقاشا حقيقيا حول رؤية لجنة المتابعة كإطار يتألف من منتخبين، كما هو الحال الآن، في مقابل إطار منتخب، كما يعتقد بعض الإخوة من مركبات لجنة المتابعة.
لكن هل هذه هي المشكلة الوحيدة التي تقف امامنا؟
بالطبع لا، وبالامكان ان نتوقف عند بعض الامثلة:
أولا: نطمح جميعا أن تكون لجنة المتابعة، لجنة جميع أبناء شعبنا، على سبيل المثال ليس سرا أن ميول الغالبية الساحقة لرؤساء السلطات المحلية العربية الدرزية، هي نحو الأحزاب الصهيونية، ولكن لا يخطر ببال أحد من مركبات لجنة المتابعة، وهذا أمر نعتز به، أن لا يدعى الرؤساء العرب الدروز ليكونوا جزءا من اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية وبالتالي جزءا من لجنة المتابعة، لأن ذلك يساهم في إعادة هذا الجزء العزيز من شعبنا إلى أطره، وهذا لن يساهم في "صهينة" اللجنة القطرية أو لجنة المتابعة، إنما سيساهم في إفشال المخطط السلطوي لاقتطاع جزء من لحمنا ودمنا.
ثانيًا: ليس سرا ان بعض الأوساط تسعى من حين إلى آخر إلى طرح تناقضات مصطنعة في الهيئات الجماعية للجماهير العربية مبنية على اساس مناطق جغرافية، ولكن لا يخطر ببال أحد من مركبات لجنة المتابعة، وهذا أمر نعتز به أيضا، أن يسلم بهذه الطروحات.
ثالثًا: نحن واثقون ان الجميع يدرك أهمية الرأي الذي نحمله بضرورة تأمين تمثيل نسائي حقيقي وملزم في لجنة المتابعة.
رابعًا: رفع مستوى التمثيل النقابي الطبقي الاجتماعي في لجنة المتابعة، خاصة على خلفية عنصرية الإفقار الرهيب الذي تمارسه الدولة ضد المواطنين العرب.
خامسًا:ضرورة تمثيل لائق لهيئات شعبية قاعدية منتخبة مثل الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين او اتحاد اولياء امور الطلاب العرب لاكساب المتابعة بعدا شعبيا إضافيا قاعديا إلى جانب النخب السياسية والاجتماعية.
من حقنا ومن واجبنا أن نأمل ان يكون هناك توافق على هذه القضايا مع المركبات الأخرى في لجنة المتابعة.
لقد قطعت موضوعة إعادة التنظيم شوطا جيدا بكل المقاييس، بالاستناد إلى ضرورة الحفاظ على طابع لجنة المتابعة كوعاء يجري فيه التحاور من اجل صياغة الموقف الجماعي للجماهير العربية.
يجب العمل بما اتفق عليه ومواصلة النقاش حول المختلف عليه، فمن غير المعقول ان نقول، إما نتفق على كل شيء، وإما ان لا نتفق على شيء.
إن الجماهير العربية تواجه أخطارا لا حاجة للاستفاضة في شرحها: التحريض العنصري والتمييز القومي والترانسفير وسلب الأراضي وهدم البيوت وتهديد المقدسات وخطر الفاشية وارتفاع منسوب الحمائلية والطائفية والتآمر والعنف الى جانب المحاولات الامريكية –الاسرائيلية لتصفية حقوق شعبنا الفلسطيني، كل ذلك يدفعنا باتجاه المحافظة- أولا وقبل كل شيء- على لجنة المتابعة وتطورها، بما نستطيع ان نتفق حوله بوصفها وعاءنا الوحدوي.
نحن لا نملك ترف التفريط بلجنة المتابعة مع كل ما يعترض مسيرتها من مشاكل وإشكالات.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص


.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس




.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري


.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ




.. الجيش الروسي يعلن قصف قطار يحمل أسلحة غربية إلى كييف | #رادا