الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتين وشحة الخيارات

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2022 / 10 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يواجه مأزقا، يتمثل في خسائر جيشه المتتالية، وعجزة عن وقف تقدم القوات الأوكرانية المدعومة من أمريكا واتباعها الأوربيون في الناتو وشركاء الناتو,

تطورات الأسابيع الأخيرة على أرض المعركة أثبتت أن الأسلحة التقليدية الروسية أقل كفاءة من الأسلحة الغربية التي تتدفق بسخاء فائق، على نظام كييف مع جيوش من الخبراء والمستشارين والمرتزقة.

وتغطية على ذلك فيما يبدو، نظم بوتين على عجل عمليات الأستفتاء، في الدونباس ومقاطعتي خيرسون وزاباروجيا، وسارع بعد ذلك مباشرة إلى ضم تلك المناطق لروسيا، وأقام الأحتفالات بهذا الحدث الذي ألمح إلى أنه بداية لأستعادة ما أطلق عليه (( روسيا التأريخية )).

هذا التلميح يستهدف دغدغة المشاعر القومية المتطرفة لدى الروس، وحفزهم على المشاركة بقوة في النشاطات التي تدعم المجهود الحربي، ولهذا عواقب تتمثل في دعم النزعات النازية غير النشطة في روسيا، لكنه من جانب آخر يثير قلقا، مشروعا ربما، في عدد من البلدان التي لديها أقاليم ذات أغلبية روسية، أمر يزيد من إلتصاقها بالحماية الأمريكية والأطلسية، ويفاقم مشاعر الكراهية ضد الأقليات الروسية فيها.

خطاب روسيا الأعلامي الذي رافق اجتياح قواتها للأراضي الأوكرانية في شباط ـ فبراير الماضي كان أكثر أتزانا وإقناعا، من خطابها الحالي، فقد كان الحديث يجري عن أن العملية العسكرية الخاصة هي رد على أنتهاك كييف لأتفاقيات مينسك بشأن الدونباس، وعلى سعيها للأنتماء الى الناتو، بما يقربها من شن حرب لاستعادة السيطرة على الدنباس وعلى شبه جزيرة القرم وتحويلها الى قاعدة للناتو، بما يهدد أمن روسيا الوطني. وأن هدف العملية أقناع أو أرغام كييف على البقاء في مربع الحياد بين روسيا والناتو.

لكن الخطاب الإعلامي الروسي، وتزامنا من النكسات العسكرية الروسية في جبهة خاركوف، أتجه رويدا رويدا الى طرح أهداف لا يمكن إلا أن تدخل في أطار السعي إلى التوسع الأمبراطوري، مثل الحديث على لسان بوتين شخصيا عن هدف أستعادة روسيا التأريخية. وبموازاة ذلك صارت تنشر خرائط تمد حدود روسيا الى مساحات واتجاهات مختلفة، وترافق كل هذا مع التلويح باستخدام السلاح النووي، في حال فشل السلاح التقليدي في ضمان أمن روسيا.

وإصافة الى استثارة مشاعر التعصب القومي، صار الخطاب الرسمي الروسي يقحم وبقوة، الدين المسيحي وقيمه، والثقافة الروسية المستندة إليه، في تبرير الحرب. وعلى هامش ذلك يجري التنديد والتشهير بالمثليين ـ وهم شريحة موجودة في روسيا مثل باقي البلدان ، لما يمثلونه من خروج على القيم المسيحية، والثقافة الروسية المستندة إليها حسب بوتين.

هذا المنحى الرجعي في الخطاب الروسي الرسمي أضعف إلى حد كبير من ما كان قد سوق له كمبررات للحرب، باعتبارها دفاع عن الأمن الوطني الروسي، وسعي إلى إنهاء نظام آحدية القطب، وتحكم قوة عطمى واحدة ووحيدة في تقرير مصير العالم بما فيه من بلدان ومجتمعات، وسعي الى عالم أكثر عدلا تتعدد أقطابه.

مأزق بوتن الذي يحاول تجاوزه من خلال هذا الخطاب، يتمثل في شحة الخيارات أمامه بعد النكسات العسكرية المتتالية التي برز فيها تقدم الغرب على روسيا في السلاح التقليدي، وأقتصار الخيارات على خيار واحد هو التلويح باستخدام السلاح النووي، الذي يعرف بوتين شخصيا، أنه خيار أنتحاري، لا رابح فيه. خيار تفنى به الأمبراطوريات، سواء ألأمبراطورية الأمريكية أو الأمبراطورية الروسية التي يحلم بها.

المقلق في هذا التطور، أنه يزيد من رجحان احتمال نجاح مخططات الولايات المتحدة والغرب، وإن بأثمان بشرية ومادية باهضة، في تفتيت روسيا وإضعاف الصين، وإنهاك واستهلاك أوربا، وتكريس الهيمنة الأمريكية المطلقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24