الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتب أندرياس كريسافيس في پرافدا تحت عنوان -حرب الناتو بالوكالة على روسيا-

ثائر ابو رغيف
كاتب وشاعر

2022 / 10 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


ترجمة ثائر ابو رغيف

"روسيا تبتزنا" ، هكذا أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروپي أورسولا گيرترود ڤون دير لاين في دفاعها عن عقوبات الاتحاد الأوروپي ضد روسيا وعن إنها غاضبة من قرار پوتِن بخفض تدفق الغاز إلى أوروپا و أيضًا بسبب مطالبته بالدفع بالروبل! هذا كان انتقام پوتِن من هجوم غربي منسق ضد روسيا بسبب حرب أوكرانيا. ومع ذلك ، فقد أحدثت تلك العقوبات سيئة التصميم تأثيرًا معاكسًا ؛ فهي ترتد وتسبب الفوضى في جميع أنحاء منطقة اليورو المتعطشة للطاقة.
في الواقع ، إذا كان الاتحاد الأوروپي مؤسسة منتخبة ديمقراطيًا أو شركة خاصة ، لكان المسؤولون عن مثل هذه العقوبات الغير المنطقية قد أُقيلوا بسبب قراراتهم السيئة وجلب الكوارث للصناعات والمصاعب لملايين المواطنين الأوروپيين! الآن يحاولون جاهدين تبرير متلازمة السمكة الذهبية (حيث يفقد الشخص أفكاره وينسى الأشياء بسهولة) من خلال فرض عقوبات أكثر وأكثر قسوة. ففي غياب خطة متماسكة أوقع الاتحاد الأوروپي نفسه في ورطة فقد أخطأت الشبكة الاقتصادية التي نسجوها لمعاقبة پوتِن وخرجت عن السيطرة وبات تصميمهم المتسرع بتجاهل مخاوف روسيا المشروعة بشأن التوسع العسكري لحلف شمال الأطلسي على طول الحدود الروسية سببا إلى ارتداد وتسبب في اندلاع الحرب البشعة في أوكرانيا.
إن قرار الغرب بتجاهل مبدأ البراغماتية يضر باقتصاداتهم ويجلب الركود الأسوأ الذي شهدته أوروپا منذ سنوات إذ يبدو أن قرار مجموعة الدول السبع باعتماد الحد ألإدنى لأسعار الغاز والنفط لإلحاق المزيد من الضرر بروسيا هو مجرد قرار آخر من تلك القرارات غير الحكيمة التي ستضيف المزيد من المصاعب على المواطنين والصناعة ؛إذ كل ما على روسيا فعله هو إغلاق خطوط الإمداد لعقوبات مجموعة السبع الأخيرة! عقوباتهم تهدف إلى إيذاء المواطنين المفروضة عليهم العقوبات وليس لمن يفرضها.
من الواضح أن پوتِن سيعيد توجيه تدفق الغاز والنفط إلى أسواق الصين والهند وإيران التي يبلغ عدد سكانها 3.7 مليار نسمة - نصف سكان العالم - بما في ذلك البلدان الأخرى الصديقة لروسيا حيث توجد شبكات من خطوط الأنابيب بالفعل! في هذه الحالة ، فمَن يؤذي مَن فعلاً؟ فقد أدى قرار روسيا بخفض - وحتى إيقاف - تدفق الطاقة إلى سكان أوروپا البالغ عددهم 445 مليون نسمة الامر الذي دفع حكومات الاتحاد الأوروپي إلى السعي لتأمين الإمدادات بينما ترتفع أسعار الطاقة بشكل كبير وقرار پوتِن هذا يعزز الخزينة الروسية
تشعر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروپي الآن بقلق بالغ بشأن كيفية التعامل مع أزمة الطاقة الفورية خلال أشهر الشتاء الباردة في مواجهة وابل من السياسات العقابية للاتحاد الأوروپي اذ يستعد المواطنون المحاصرون لشتاء بائس وفي الوقت نفسه بات هناك احتجاج عام وبدأ المواطنون في التدفق إلى شوارع عواصم الاتحاد الأوروپي مطالبين بإنهاء العقوبات التي تضر بمعيشتهم. ففي ألمانيا ، خرج المتظاهرون بالفعل إلى الشوارع بشعارات: نرفض دفع ثمن الحرب في أوكرانيا. كما هو متوقع وهناك شعور مماثل يتطور في جميع أنحاء أوروپا
لقد ثبت أن وهم الناتو بأن أوكرانيا يمكن أن تربح الحرب من خلال توفير إمدادات غير محدودة من الأسلحة والعقوبات التي من شأنها إضعاف روسيا من خلال إلحاق الضرر بموسكو أكثر من أوروپا ، هو مجرد خيال إذ إن الخطأ المتمثل في أن العالم قد يصطف بطريقة ما لدعم الحرب بالوكالة بين الاتحاد الأوروپي وحلف شمال الأطلسي كان خاطئًا تمامًا
فكل يوم يزداد التعب من الحرب وبدأت بعض دول الاتحاد الأوروپي في مقاومة المزيد من العقوبات إذ إنهم يفضلون حماية مصالحهم الخاصة بدلاً من طموحات الناتو للتوسع فتركيا على سبيل المثال رفضت الموافقة مصادقة العقوبات في حين أن جزيرة قبرص الصغيرة لم تقاوم بل امتثلت لتعليمات الاتحاد الأوروپي على حساب اقتصادها
إن الذريعة القائلة بأن الحرب الأوكرانية تهدف إلى "حماية الديمقراطية" وصد "العدوان الأجنبي" و "الاستبداد" كانت كذبة إستراتيجية تم استهلاكها لسنوات ، فقد استخدم حلف الناتو حيلة مماثلة في مناسبات عديدة بإرسال قوات إلى :
البوسنة في عام 1991 ،
كوسوڤو في 1999 ،
أفغانستان في عام 2001 ،
ليبيا في 2011 ،
العراق عام 2004 ،
الصومال عام 2009
وغيرهم كڤيتنام وكمبوديا الى اخر ضحايا الناتو
ومع ذلك عندما غزت تركيا - العضو القديم في الناتو - قبرص في عام 1974 ، لم يفعل الناتو شيئًا لوقف الغزو العسكري ، بل غض الطرف لاجل المصلحة. سمحت لتركيا باحتلال 40٪ من الجزيرة و نزوح أكثر من 220.000 لاجئ يوناني في بلادهم وقتل 6.500 مدني. بعد 64 عامًا من الاحتلال ، لم تعترف الولايات المتحدة و المملكة المتحدة - خلافًا لقرارات الأمم المتحدة - رسميًا بالهجوم العسكري التركي على أنه غزو واحتلال. فازدواجية المعايير السياسية أصبحت هي القاعدة
باتت حرب الناتو بالوكالة ضد روسيا راسخه إذ تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة لِز ترَس علانية بأنها ستدعم أوكرانيا حتى يتم تدمير پوتِن وروسيا واستعادة جميع مكاسب الأرض! مثل هذه الخطابات لا تساعد أحداً بل تعمل على تصعيد الحرب و تكرر نفس الخطاب من قبل زيلينسكي والپنتاگون.
شهية أمريكا للحرب نالت الصين ايضا فقد استفز بايدن الصين بشكل صارخ بإرساله رئيسة مجلس نوابه پيلوسي إلى تايوان في مهمة تضامن من أجل "حماية الديمقراطية" بوعي او دون وعي بان هذه الشعارات الرخيصة اصبحت الآن كليشيهات ولم يعد بإمكانها خداع العالم
أثارت زيارة پيلوسي رد فعل انتقامي من قبل الصين وذلك عن طريق قيامها بمناورات عسكرية واسعة النطاق وباستخدام الذخيرة الحية عبر مياه تايوان ومجالها الجوي. الوضع متفجر بالتأكيد و إذا لم يتم نزع فتيله يمكن أن يؤدي الحادث إلى اندلاع حرب شاملة بين تايوان والصين والناتو المندفع بشكل متهور لدعم تايوان. وفي سيناريو يوم القيامة المحبط هذا من المؤكد أن روسيا ستقف إلى جانب الصين.
وكما هو الحال دائمًا ، فإن المواطنين هم آخر من يعرف الأسباب الحقيقية وراء قرار الحكومات للانخراط في صراعات الحروب. في هذه الحالة بالذات ، فإن المعلومات الخاطئة والدعاية البارعة تملي مسار الأحداث اذ يبدو أن الأجندات الخفية الخالية من الشفافية تتحرك في أروقة السلطة المظلمة. الكذب ولي عنق الحقيقة لملاءمة الكذبة أصبح في الوقت الحاضر سلوكًا مقبولًا في السياسة

اذ يتم تطبيق كذبات جوزيف گوبلز و هتلر الكبرى اليوم أكثر من أي وقت مضى:
- لا تسمح أبدًا للجمهور بالركون للطمانينة؛
- لا تعترف بأي ذنب أو خطأ ؛
- لا تعترف أبدًا بأنه قد يكون هناك بعض الخير في عدوك ؛
- لا تترك مساحة للبدائل ؛
- لا تقبل اللوم
- ركز على عدو واحد في كل مرة ولومه على كل ما يحدث
- سيصدق الناس كذبة كبيرة في وقت أكثر من كذبة صغيرة ؛
- وإذا كررت ذلك بشكل متكرر بما يكفي فسيصدقونه عاجلاً أم آجلاً
كان القصد من اشاعة انصاف الحقائق في الصراع الأوكراني / الروسي هو إقناع الرأي العام العالمي ليشكل جزءًا أكبر من المعلومات المضللة الملاءمة. ومع ذلك ، فإن في حالة الفوز أوالخسارة يكون الشعب في أوكرانيا قد تم ايقاعه الشرك! الحروب لا تدمر الأمم أبدًا ولكن الديون تفعل ذلك والشعب الأوكراني يستخدم الدم مقابل العملة لمواصلة حرب الجنون
ومن المفارقات أن الناتو والاتحاد الأوروپي لم يعترفوا أبدًا بأنهم في حالة حرب بالفعل مع روسيا ويفضلون "غسل أيديهم" من استخدام قوات فعلية على الأرض. والأسباب واضحة تمامًا
إنهم قلقون من رد فعل پوتِن في حال قد يستخدم أسلحة نووية ضد دول أعضاء في الناتو! وبدلاً من ذلك يقومون بتقديم المال والأسلحة و "المستشارين" بما في ذلك "المدربين العسكريين" لمساعدة القوات المسلحة الأوكرانية في مواصلة حرب استنزاف بالوكالة
في غضون ذلك ، وجه الرئيس بايدن مؤخرًا تحذيرًا شديد اللهجة لپوتِن بألا يكون بهذا الغباء ويستخدم أي مواد كيميائية أو أسلحة دمار شامل ضد أوكرانيا و إذا تم كذلك فإن الولايات المتحدة ستنتقم بشكل حاسم
في مثل هذه الحالات ، غالبًا ما يتم التساؤل حول من هو في الواقع في حالة حرب: الشخص الذي يوفر التمويل والأسلحة للقتل أو الشخص الذي يضغط على الزناد. هم عاقدين العزم على تقديم المزيد من "الأسلحة الدفاعية" لشل روسيا ، غاب عن بصر الحلفاء الغربيون في الواقع المأساة الإنسانية التي باتت تتجلى في قلب أوروپا
إن الإصرار على معاقبة پوتِن قد فتح الآن صندوق پاندورا الكارثي المليء بالعواقب المأساوية. ففي الواقع أطلقوا العنان لكايميرا* دون أي فكرة عن كيفية إنهاء الصراع قبل أن يتصاعد إلى فوضى ستستمر لفترة طويلة جدًا في عموم أوروپا
* توضيح المترجم "كايميرا :مصطلح من الاسطورة الاغريقية يصف مخلوق أسطوري أو خيالي يتألف من أجزاء مأخوذة من حيوانات مختلفة ويستخدم لوصف أي شيء يتكون من أجزاء متباينة للغاية أو يُنظر إليه على أنه خيالي إلى حد بعيد أو غير قابل للتصديق"
پرافدا 30.09.2022
https://english.pravda.ru/opinion/154195-proxy_war








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المبعوث الأممي إلى سوريا: ليس لدي أي معلومات عن بشار


.. سقوط نظام الأسد.. ما الضمانات التي قدمتها تركيا لروسيا وإيرا




.. ساحة الأمويين تحتضن الاحتفالات في وسط العاصمة دمشق


.. هل ستكون فترة بقاء رئيس الوزراء مكلفا بإدارة المؤسسات العامة




.. كاميرا الجزيرة تدخل منزل بشار الأسد في دمشق