الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب -الحركة التونسية رؤية شعبية قومية جديدة-

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)

2022 / 10 / 2
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يتكون كتاب "الحركة الوطنية التونسية رؤية شعبية قومية جديدة " للباحث الطاهر عبد الله، من 260 صفحة. فهو كتاب من حجم المتوسط الصادر عن دار المعارف للطباعة والنشر سوسة ـ تونس في طبعته الثانية. حيث قسمه الباحث إلى مقدمة صغيرة وعشرة فصول وخاتمة. أرخ من خلاله لتاريخ الحركة الوطنية بطريقة شاملة وواسعة بنظرة استقصائية للموضوع. من خلال رصد أوجه النضال السياسي السلمي، و كذلك المقاومة التي خاضتها هذه الحركة من أجل تحقيق الاستقلال، أحيانا بتنسيق النضالي السلمي النخبوي، وأحيانا أخرى بحضور خلفية القومية التونسية، بالرغم من عدم التصريح بالمصطلح "القومية" لكن تفهم من خلال حضور التكتل واتفاق على موجهة الغزو الأجنبي الذي يكمن في الاحتلال الفرنسي لبلاد التونس.
وهكذا غطى الباحث الطاهر عبد الله في هذا الكتاب، نقاش حول الحركة الوطنية التونسية. كما ظهر هذا القول في التصور فصول الكتاب. حيث وضع له تصميما منهجيا محكما. وقام بالعودة إلى السياق التاريخي التي نشأت فيه، متتبعا تطوراتها وتحركاتها وانجازاتها النضالية الوطنية السياسية وكذلك الشق غير السلمي لهذه الحركة الوطنية المتمثل في المقاومة المسلحة الشعيبة في جبال بلاد تونسية.
ففي الفصل الأول الذي عنونه بـ" فجر الحركة الوطنية في تونس" أدرج فيه السياق العام من الأحداث العامة الدولية، وبواكر الأولى الاحتلالية التي شهدها الدول العربية عموما ومصر والجزائر على وجه الخصوص. من خلال الضربات العسكرية والمعارك التي دارت بين الشعب المصري المكافح ونابليون بونابرت في حملته على مصر وكذلك احتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830م. وهذا الاحتلال المتمثل في القوات الخارجية لقت أمامها ركودا وتخلفا في هذه الشعوب، الشيء التي أعطت لفرنسا فرصة في التفكير باحتلال بلاد التونسية وضمها إلى مستعمراتها وجعلها في مناطق نفوذها.
وفي ظل هذه الأحداث الهائلة التي أعقبت احتلال فرنسا للجزائر، نهض المجتمع العربي في تونس مبهوتا بالنظر حول. وبدأ يكوّن أرضية للإصلاح. وقد ظهرت حركة إصلاحية قبل احتلال تونس تعمل جاهدة لتجعل مسافة بينها وبين الاحتلال الفرنسي خاصة، لهذا نشؤا في طور إصلاحات العسكرية النظامية التي أخدت بها الدولة التونسية تبعا لتنظيمات السلطان محمود الثاني العثماني. وفي هذا السياق الإصلاحي ظهر مجموعة من المفكرون المصلحون الذين لهم دور أساس في الإصلاح أمثال خير الدين الذي كان عمله الإصلاحي الفكري في تحديث المؤسسات له دور كبير وجوهري في تاريخ الحركة الوطنية التونسية قبل الاحتلال الفرنسي، ولاسيما بعد أن تولى مهمة تدريس في المدرسة الحربية في باردو، حيث لعبت هذه الأخيرة دورا مهما في اتصال الفكري العربي بالفكر الغربي واتصال العقلية الغربية بالعقلية العربية الإسلامية. كما يعد أيضا محمد قبادو رائد الإصلاح هو الذي كون المذهب الفكري الإصلاحي الجديد في تونس. فهذا الرجل المصلح جمعت شخصيته مؤهلات ضرورية لتأسيس مذهبا عقليا يتوفر على قواعد المنهج الفكري، وكان موسوعيا من ناحية وانفتاحه في تكوينه على علوم عديدة. حيث جلع منهجا توليفيا مزج فيه بين العلوم الطبيعية والعلوم الروحانية دون أن يصطدم الفكر الحديث مع الفكر القديم. وكان مدركا أن العالم الإسلامي في حالة تأخر وتدهور، وأن السر في تقدم الأمة العربية هو انخراط في العلوم الطبيعية والرياضية ولهذا كان حريصا في ترجمة هذه العلوم ونقلها إلى العربية كركيزة أساس في النهضة. ولم تدم هذه الحركة كثيرا حتى انتقلت إلى المقاومة، لتقف سدا منيعا أمام الأطماع الاستعمار الفرنسي والإنجليزي. وهذا الطرح والخطوة التي اتخذها خير الدين تونسي لقيت مساندة من قبل الشعب التونسي وخاصة الطبقة الشعبة. ولهذا كانت نظرة خير الدين التونسي والحركة الإصلاحية تجاه الباي الجديد محمد باشا نضرة غير مرغوب فيهم. وهذه المواقف الإصلاحية منحت للحركة الوطنية شهرة وصوتا في أوساط المجتمع.
لينتقل الباحث الطاهر عبد الله في الفصل الثاني للحديث عن "الحركة الوطنية في بداية الاحتلال الفرنسي". فبعد الدخول القوات الاحتلالية الفرنسية لبلاد التونسية من ثلاث مناطق سنة 1881م. وقع التفاوض وجدال بين الجنرال الفرنسي والباي في مقابلة التي جرت بينهما. حيت نتج موقفين لصورة الأول من جانب الباي وحاشيته والبرجوازية الخاثرة المتمردة المستسلمة للأمر الاستعماري لحماية ومحافظة على امتيازاتها. الثاني الموقف الشعبي الوطني النضالي الذي يتمثل في مقاومة الاحتلال الأجنبي بأي صورة من الصور، والاستمرار والإصرار على المقاومة بأسلوب واحد هو أسلوب العنف الشعبي العفوي أو المنظم. ص.27. واستمر هذين الاتجاهين متلازمان للحركة الوطنية، طوال فترة النضال الوطني ضد الاحتلال، حيث قاوموا المواطنون البسطاء بشدة الاحتلال. وقادو تنظيمات وهيئات شعبية مسلحة. فهذا الأمر لم أفصل فيه كثير.
وبالعودة إلى تاريخ المقارن بين الدول المغرب الكبير وخاصة (تونس والجزائر والمغرب)، نجدهم مشتركين تقريبا في نفس الجغرافيا و نفس التاريخ. وتعرضوا لنفس الاحتلال (الفرنسي). و اعتمدوا على نفس الوسائل لمطاردة الغزو الفرنسي، فنجد الحركة الوطنية في شقيها السلمي النضالي النخبوي، والعنفي المقاوماتي حاضرة بقوة في كل هذه البلدان المستعمرة. وحتى خلفية الفكر القومي حاضرة هي الأخرى رغم تعدد الهوية واللغة واختلاف في المعتقد لكن هذا متجاوز من أجل تحقيق غاية واحدة وهي حصول على الاستقلال. لكن المغرب انبت فيه الوعي مبكرا مقارنة مع تونس والجزائر. حيث ظهرت قادة الفكر المؤسسة للحركة الوطنية بالمغرب أمثال الوزاني وعلال الفاسي... ولهذا نجد أن الاستعمار الفرنسي لم يستغرق طويلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط