الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من خلع الحجاب الى خلع النظام، غضب عارم يعبرعن 43 عاماً من القمع والاضطهاد

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2022 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يوم السادس عشر من أيلول / سبتمبر 2022، أشعل قتل الشابة (مهسا أميني) على يد ما يسمى بـ" شرطة الاخلاق " في العاصمة الإيرانية طهران، شرارة انتفاضة لم يسبق لها مثيل منذ احتواء الثورة الجماهيرية في ايران ضد نظام الشاه من قبل الإسلام السياسي وبدعم ومؤازرة مباشرة من قبل القوى الامبريالية، شباط عام 1979 .
تميزت الانتفاضة الحالية بكونها ضد الحجاب الاجباري، ذلك الحجاب الذي يرمز الى عبودية المرأة ودونيتها، فالمسألة ليست ببساطة قطعة قماش تغطي الرأس وجلباب يغطي الجسم ! بل، هناك مفهوم سياسي اجتماعي اقتصادي خلف هذا الرمز المكروه، الا وهو تلبيس نصف المجتمع رداءً يجعل منه يشعر بالـ "" الدونية ونقص العقل وعورة وان رجاله قوامون على نساءه "" وان هذا النصف ليس سوى ساحة وميدان لتفريغ الشهوات الذكورية ومعمل لإنتاج الأطفال!!
لم يواجه النظام الإيراني مظاهرات بهذا الحجم من الانتشار والتماسك من قبل، فالمتظاهرون ينتمون لفئات وشرائح اقتصادية واجتماعية وعرقية مختلفة، إنهم يريدون شيئا أكبر من الإصلاح السياسي والاقتصادي، إنهم يريدون الحرية وتغيير النظام، لذا نرى، وبكل بساطة خلو هذه الهبة الجماهيرية التام من رجال الدين كما حصل في المرات السابقة، ومن المميزات المهمة الأخرى لهذه الحركة، هي كونها عابرة للأقوام والطوائف والأجناس والاعراق، وكل هوية مزيفة تفرق البشر، رغم محاولة بعض القوى القومية تأطيرها وفقا لرؤية قومية رجعية ضيقة.
ان تأثير هذه الحركة، كونها تهدف الى تحرر المرأة، لا يقتصر فقط على ايران، بل يمتد ليشمل جميع الدول المبتلية بالقوانين المستوحاة من الشريعة الإسلامية وتتوسع لتشمل الحركة التحررية للمرأة على صعيد المنطقة والعالم كذلك .
هذه الهبة الجماهيرية تميزت بكونها ليست ضد تزوير الانتخابات كما حصل عام 2009، وليست ضد رفع أسعار المحروقات كما حصل عام 2019 حين قتلت قوات الحرس الثوري ما يقارب 1500 شخص، ولم تأتي نتيجة لقرار اقتصادي ولا قرار سياسي منعزل، بل جاءت لتهز ركنا أساسيا يستند عليه النظام الإسلامي في بقاءه وديمومته ألا وهو الحجاب، فرفض الحجاب الاجباري يهدد بسقوط احدى أهم الأسس البنوية للنظام الإسلامي في ايران، وان الرضوخ لهذا المطلب والقبول بخلعه، اذا ما أضطر النظام للجوء اليه، كخطوة إصلاحية مجبرٌعلى تنفيذها، يعني بالنسبة له الانتحار وهنا تكمن أهمية هذه الحركة.
تأريخيا عمل المجتمع الطبقي بكل الوسائل كي تبقى المرأة غير مبالية سياسا وغير منظمة وفاقدة القدرة وغارقة في الجهل بشؤون السياسة وخاضعة للسلطة الذكورية، مما يعني توفير مساحات واسعة من أجل ضبط نصف المجتمع من قبل نصفه الآخر، فالمجتمع الطبقي يدرك بأن الشعور بهذا التمييز لدى المرأة يعني ركونها لمحيط البيت وقبولها بالتفرغ للشؤون العائلية ليس إلا! ان مجمل الأنظمة الطبقية تعتبر المرأة قوة عمل احتياطية رخيصة يحتاجها النظام الرأسمالي متى ما أراد ويسرحها متى ما أراد وانه الجيش الاحتياطي للعمل، وباختصار فهو يرى في المرأة والتعامل معها كخزان لليد العاملة الرخيصة، وحتى لو سُنت قوانين، في هذه الدولة أو تلك، تتضمن المساواة، تبقى المرأة العاملة الأكثر استغلالا واضطهادا داخل صفوف الطبقة العاملة. ان هذه المعادلة، بالإضافة الى ما مر ذكره، داخل المجتمع في ايران، توفر قاعدة اجتماعية رجعية ترتكز عليها الطبقة الحاكمة من أجل تثبيت وإبقاء اركان سلطتها وذلك باستعمال خدمات المساجد والجوامع والمؤسسات الدينية وتسخيرها من أجل تمرير هذا المخطط الرجعي ضد المرأة، وفرضه بالقوة اذا تطلب الأمر، لذا فمسألة الحجاب بالنسبة للرجعية الإسلامية وسلطتها في ايران هي مسألة حياة أو موت!
ان مسألة القبول والقناعة لدى المرأة في ايران بارتداء الحجاب قوبلت بالرفض منذ الأيام الأولى لسيطرة هذه السلطة الإسلامية الرجعية، ثم، وبعد حكم قمعي استمر لـ 43 عاما، لم تتمكن المؤسسة الدينية ورجالاتها، رغم كل المساعي، أن تقنع المجتمع ككل وبالأخص المرأة بأن الحجاب فرض إسلامي يجب احترامه وارتداءه عن قناعة!

هنا لابد من الأشارة الى احتمال أن تخف وطأة هذه الانتفاضة لعوامل عدة منها فقدانها لقيادة ثورية تتبنى الاستقلال السياسي والفكري للجماهير المنتفضة وللعمال والكادحين والمرأة المضطهدة والشباب العاطل عن العمل وتوحيد نضالهم على أساس رؤية وأفق اشتراكي يضمن الحرية والعدالة والمساواة الكاملة وبذلك يضمن الانتصار في هذه المعركة من جهة، ومن جهة أخرى تربص قوى الثورة المضادة ومحاولة افشالها، سواء كانت هذه القوى داخلية أو خارجية ، فالدول الامبريالية لا تريد اسقاط هذا النظام وما تردده عبر وسائل اعلامها ليس سوى دعاوي فارغة وباطلة ومضللة ، فهي ليست مع حركة تهدف الى خلع هذا النظام من جذوره، وانما تريده أن يركن الى تعديل سلوكه كما هو الحال بالنسبة للسعودية وأنظمة إسلامية أخرى، إلا ان هذه الهبة ورغم كل هذه المساعي لاحتوائها، دفعت بحركة اسقاط النظام الى مواقع متقدمة لا يمكن التراجع عنها وغيرت من مجمل المعادلات السياسية وخطت خطوات جبارة نحو قبر النظام الإسلامي ليس في ايران فحسب وانما على صعيد منطقة الشرق الأوسط كذلك، وان دروسها لن تضيع هباء بل ستتعلمها الأجيال الحالية وتستوعبها في نضالاتها المقبلة.
3 / أكتوبر / 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحجاب القهري
بارباروسا آكيم ( 2022 / 10 / 3 - 21:48 )
اعوذ بالله من خامنئى اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا خلقنا الملالي سهوا وانا على خلقهم نادمون
صدق الله العظيم

و الله هذا الحجاب أصبح مشكلة في حياة الأمة الإيرانية و ياريت كل الإخوة الموجودين في الحوار المتمدن وهيئة التحرير الموقرة يخصصون يوما للتنديد بالحجاب الإجباري القهري على النساء

مع الشكر و التقدير


2 - الشيوخ لايبغون العفة من الحجاب فهم متهتكون جنسيا
منير كريم ( 2022 / 10 / 3 - 23:12 )
تحية للاستاذ عبد الله صالح
الخميني في كتابه تحرير الوسيلة يتحدث عن مفاخذة الرضيعة
اي ممارسة الجنس مع الرضيعة
وفي ايران تنتشر الدعارة المؤطرة دينيا كزواج المتعة
فالشيوخ لا يبغون العفة من الحجاب وانما هو اسلوب للسيطرة واستعباد المجتمع لادامة سلطتهم
فيجب فضح هؤلاء وانحطاطهم وتهتكهم الجنسي
شكرا


3 - ومن غير الممكن التقدم للامام في حين الكاتب وامثاله
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 10 / 4 - 03:54 )
لازالوا يعادون القوى التقدمية الفعاله والعالمية الحقيقيه ويسموها الامبريالية مرددين هلوسات وتضليل وكذب ورياء الاسلاميين والقومجيه العربنجيه والطبقجيه السوفيتية الاجراميه -تحياتي


4 - شكرا لكم
عبدالله صالح ( 2022 / 10 / 4 - 10:37 )
السادة ( بابرباروسا آكيم ،منير كريم ،د صادق الكحلاوي ) شكرا لمروركم تحياتي


5 - نعم نعم
على سالم ( 2022 / 10 / 4 - 14:24 )
انا اتفق تماما على ان النظام الفاسد فى ايران يجب اسقاطه والقضاء عليه تماما بسبب انه نظام ديكتاتورى استبدادى عفن وظالم , مجرد حفنه من الملالى المتربصين الحاقدين الاغبياء ينفردوا بالحكم الاجرامى والبطش ومعامله الناس على انهم عبيد اذلاء


6 - ألحجاب اسلامي وليس طبقي
د. لبيب سلطان ( 2022 / 10 / 4 - 16:11 )
السيد الكاتب المحترم
الثورة الايرانية الحالية ضد اية الله وعصاباته وتسلطه هي ثورة اصلاحية للحقوق والحريات الاجتماعية والسياسية بما فيها حجب المرأة باسم الدين
الغريب انكم تربطون الحجاب بالطبقية وهي قضية اسلاموية وذكورية بحتة ولوكانت المجتمعات الطبقية وراء الحجاب فكيف باوروبا حيث الحقوق الليبرالية والمساوة بين الرجل والمرأة تسود مجتمعاتها .ان الطبقية كوصفة جاهزة لاتصلح لكل مكان وزمان كما يظهر استخدامكم لها في حالة ايران فالمعركة فيها كما في بلداننا هي معركة الحقوق والحريات واؤوكد لك ان الطبقة البرجوازية في ايران كما في العالم العربي هي اشد عداء للتدين الاسلاموي واكثر نصرة للتمدن ونصيحتي ان تتخلوا عن الوقوع اسرى لوهم المقولة الجاهزة من الرف مثل الطبقية وقراءة الواقع الموجود امامكم لأستخلاص المقولة وليس بالعكس ..انا احيي الدكتور الكحلاوي في تعليقته عليكم وتعليقي هو تفصيل لها مع التقدير


7 - الواقع هو كم أراه
عبدالله صالح ( 2022 / 10 / 4 - 18:47 )
الدكتور لبيب سلطان المحترم ، شكرا لمرورك وفتح الباب أمام نقاش هو لب كل النقاشات ، أي المجتمع الطبقي . قراءة بسيطة للتأريخ يوضح بجلاء بأن تأريخ كل المجتمعات عبارة عن الصراع الطبقي وهو المحرك الاساس وحوله تتمركز وتتمحور كل الأمور الاقتصادية ، الاجتماعية والسياسية ، ومعركة الحقوق والاصلاحات جزء من هذا الصراع . الغرب كما تتصوره انت بانه حقق المساواة بين الرجل والمرأة مفهوم ليس في محله تماما ، نعم هناك فرق بين هذه الحقوق في مجتمعاتنا والمجتمعا
الغربية . الطبقة البرجوازية لا تعادي الدين لانه ومنذ وجودها يسير الدين وفقا لتحقيق مصالحها ومتى ما انحرف عن هذا المسار تبدأ الخصومة بينهما وليس العداوة . تأريخ المسيحية في اوروبا دليل على ذلك . أما في منطقتنا فالدول كالسعودية ، اي البرجوازية في السعودية ،اتخذت من خندق الدين وسيلة لفرض اكثر
.الدكتاتوريات رجعية ، وكذلك الدول المبتلاة بالاسلام وشرائعه . مع احترامي مجددا


8 - عزيزي د لبيب -فد كبسه اصليه لاخينا الكاتب ابو السع
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 10 / 4 - 19:43 )
ابو السعوديه وايران برجوازيه-رجاء فد محاضره يستفيد منها الجميع عن تطور اوربا وشمال اميركا خاصة في القرون الثلاث الاخيره وولادة الدمقراطيه وعموما اللبراليه-وكيف تحولت مجتمعات العبودية والاقطاع-القبل البرجوازيه-الى مجتمعات اوادم في المجتمع الجديدي حيث التصنيع والثورة السياسية والاجتماعية والثقافية تحت ظل الدمقراطية بنت اللبرالية وكيف اخذ المجتمع النساني يتطور اكثر فاكثر الى امام وليس على طريقة كن فيكون ولا على طريقة الانقلابات العسكرية والقائد الاوحد والرسالة الخالده-مع الرجاء وبعض الشرح عن كيف يعيش المجتمع اللبرالي مثلا في اميركا واليابان والنمارك - ناسنا دكتور لبيب مسمومين بدعايات منزوعي الضمائر والجهلة الاغبياء من الاسلاميين والعنصريين القوميين واغبياء مقلدين دون معرفة للسوفيت البلاشفه القتله ذباحي الملايين من اجل انتصار البروليتاريه غير الموجوده في الشرق والموجوده في الغرب وتعيش بخير وعافيه-تحياتي للجميع


9 - في ايران صراع ثقافي وليس صراعا طبقيا
منير كريم ( 2022 / 10 / 4 - 20:34 )
تحية للحضور الكريم
في ايران صراع ثقافي بين ثقافة عصرية ثقافة الحرية وحقوق الانسان مقابل ثقافة رجعية بالية ثقافة العبودية
القوى الاجتماعية الضالعة في هذا الصراع هي المتنورون من كل الطبقات مقابل الماضويين والاسلاميين من كل الطبقات ايضا
فلا وجود للصراع الطبقي في هذا الصراع
شكرا