الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزائم روسيا اليوم وذاكرة سقوط بغداد

فرزند عمر
طبيب قلبية ـ ناقد أدبي ـ باحث في قضايا السلام

(Farzand Omar)

2022 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


يوم سقوط بغداد لم يكن يوماً عادياً في تاريخ الشرق الأوسط بكل أطيافه، الذين تخالفوا كثيراً حول شخصية صدام لكنهم حزنوا على العراق وبغداد، عدا عن الكرد الذين لم يعيروا للحدث أهمية بالغة، فهم قبل ذلك تحت المظلة الأمريكية كانوا قد حصلوا على ما حصلوا عليه، فموت صدام كله كان تحصيل حاصل لما قد حققوه، بينما العراق الذي تطبع بالصبغة العربية الخالصة لم يعد يعنيهم في شيء، الكرد لم يعنهم ماذا سيحدث لكنهم كانوا كغيرهم متشوقين لإذلال صدام الذي ارتكب في حقهم أبشع مجزرة عرفتها البشرية بعد أحداث هيروشيما و ناغازاكي، لذلك كله يوم سقوط بغداد و أحداثه كان وما يزال حدثاً له من الأهمية التاريخية ما ليس لغيره من الأحداث التي مرت في المنطقة.
سقوط بغداد كانت أم الكوارث و أم الصعاب بالنسبة للشرق الأوسط، هذه الكارثة التي وثقتها ملايين من عدسات الكاميرات، التي جلبها الزعيم الأمريكي معه ليوثق بطولاته على ذئب مسعور، أو هكذا كان يراد لها من قبل المخرج الأمريكي المبدع بطبيعته، الصورة المثبتة في ذهني هو سقوط تمثال صدام، بينما كان الصحاف قبل ساعات يتغنى بأم المعارك و يبث البشرى للمتابعين عن بطولات ام القصرين، خاصة من خلال قناة الجزيرة الحامل الوحيد للوجدان الشرقي في تلك اللحظات، محطة الجزيرة التي كانت و ما زالت مرهونة للإسلام السياسي بشقيه الاخواني و الملالي، و التي لأمريكا الدور الأكثر أهمية في تكوينهما في الشرق الأوسط، حينها كانت محطة الجزيرة في أوج أوج شهرتها، فمحطة الجزيرة التي تكون في اوجها عندما يكون السيد الأمريكي في أوجه، و هل كانت هناك أعظم من تلك اللحظة التي توثق عظمة الأمريكي لحظتها، كانت أمريكا و قناة الجزيرة في اوجهما حينها.
الآن وأنا اتابع أحداث الحرب الأوكرانية وأتذكر تلك المشاهد، أقول ياه ما أشبه اليوم بالبارحة لكن مع اختلاف الأدوار، بايدن أصبح صدام اليوم، كلاهما ينطبق عليه صفات الشخصية الهزلية بكل ما تحمله الكلمة، بايدن الذي يقود بلاداً خارج من أزمة حقيقية، سببها له الدب الروسي في جزء كبير منها، بالإضافة لكورونا التي هلكت الجميع، بالإضافة لقضية المهاجرين التي أثقلت كاهل اوربا التي أساساً تحتضر نتيجة أن المتقاعدون يشكلون أكثر من 60% في بعض بلدانها كالسويد التي تمثل المفاهيم الاشتراكية و التضامن الاجتماعي جزءاً من قيمها و تقاليدها، أوربا التي باتت عاجزة إلى حد العضم.
ضمن أحداث أوكرانية الكثيرة جاء قبل أسبوع كحدث له أهمية استثنائية وهو تدمير خطوط أنابيب نوردستيرم في عقر دار النيتو بأدوات أقل ما يقال أنها جد حديثة و بطاقة تفجيرية يجب أن تقارب النووي، فأنابيب نوردستريم ليست أنابيب طبيعية، جدرانها تتكون من أقسى أنواع الفولاذ بقطر حوالي 110 ملم، و كذلك وجودها تحت ضغط 70 م ضغط ماء يجعل المهمة شبه مستحيلة، لكن المستحيل حصل، تم تفجير الأنابيب بطاقة انفجارية تقارب النووي في عقر دار النيتو، فان كانت أمريكا قد فعلت ذلك، و هذا ما أستبعده، فهي مشكلة المشاكل، لأنها تعني أن أمريكا تريد تدمير ألمانيا في هذه الحالة و ليس روسيا، و ان تكن روسيا فهي ام المشاكل ذاتها، كيف لروسيا أن تفعل ذلك؟ وكيف لا يقوم النيتو باي شيء؟ السؤال هنا اذاً متى سيرد النيتو؟ وما السبب في وجوده ان كان لا يستطيع الرد الآن؟
هذه المعضلة التي خلقها الدب الروسي لأوريا هي معضلة مستحيلة الحل، بغض النظر عمن فعلها، لكنها جاءت متزامنة تماماً مع خطوة الدب الروسي في ضم الأقاليم الأربعة، وهنا يمكنني القول بشيء يقرب من اليقين أن الدب الروسي هو من خطط لهذه المعضلة، سواء بدفع أمريكا لفعلها أو أن يكون الدب الروسي فعلها بذاته، كما كانت أمريكا تفعل بصدام حسين وقتها.
اليوم و أنا أسمع الإذاعات الغربية و هي تحتفل بأخبار هزائم روسيا في ليمان، و كيف أن الطرف الروسي اعترف أن الأوكران تجاوزوا اليوم الحدود الإدارية للوغانسك، و فريحين بهذا الخبر دون أن يعلموا أن مصدر الخبر هي روسيا نفسها، كما كان صحّاف البارحة ناقلاً عن الإذاعات الأمريكية الناطقة بكل اللغات، كما هي قناة الجزيرة مثلاً كمحطة أمريكية ناطقة بالعربية، هذه القنوات التي كانت تنقل أخبار الانتصارات العظيمة في معارك أم القصرين بينما كانت بغداد في الواقع تداس تحت أقدام الجيش الأمريكي، بلينكن اليوم ينقل إلينا أخبار الانتصارات في أم المعارك الأوكرانية في ليمان نقلاً عن مصادر روسية، وبينما كانت بغداد تداس تحت دبابات الأميركان، تداس اليوم النيتو بأقدام الدب الروسي فيما يتغنى الغرب بأخبار انتصارات قرية في أوكرانيا.
ما أشبه اليوم بالبارحة، ما أشبه صدام ببايدن، وما أشبه جرائم صدام بما اغترفته أمريكا، وما أشبه اوربا بعراق الأمس، اليوم وأنا أسمع آخر المستجدات على الساحة الأوكرانية، لم يخطر ببالي سوا يوم سقوط بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار