الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي...و الزّعيم (10)

كريمة مكي

2022 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كان يريد تونس له وحده خاصة بعد أن شرّع له المُشرِّعون رئاستها مدى الحياة!!!
لم يكن يدري أنّ تونس هي من ستخلعه عن حكمها، عامًا فقط بعد أن طلّق ʺوسيلةʺ الزوجة الحكيمة.
لم يكن يدري أن لعنة الماجدة ستحلّ عليه سريعا.
و كيف لا تلحقه لعنتها و هي التي كانت، طوال عمرها معه نِعم الشريكة، و نِعم يد الحكم النّاعمة الدّقيقة.
كانت تتعامل باللِّين و بالأصول فلم يُغير الحكم طبعها بل استمرّت على عفويتها التي لم تُنقص شيئا من هيبتها.
روى لي أحدهم و كان ابن ضاحية ʺحلق الواديʺ أنّ الماجدة كانت تذهب إلى السّوق القريب من قصر قرطاج لتشتري الخضر بنفسها فقد كانت مغرمة بالطبخ و تتفنّن فيه كما هو معروف عنها.
قال لي أنّها كانت تنتظر دورها و لا تتجاوز من هم أمامها و لكنهم كانوا يقولون لبائع الخضر: ʺلِلاَّ وسيلةʺ هي الأولى، و يتنازلون لها عن مكانهم بمحبّة و احترام كبيرين.
سألتُه متشكّكة: أكان هذا زمن حكمها؟؟ و أنا مندهشة لوفائهم لها بعد خروجها من الحكم!
أجاب:ʺ نعم كانت تأتي مع السائق من القصر و كانت تحرص على اختيار الخضر الطازجة و مناقشة البائع أحيانا إذا لم تعجبها البضاعة يومها...كم كانت راقية و بسيطة في آنʺ.
امرأة في مكانتها يومها، تختار أكلها بنفسها و تطبخه بمحبّة لها و لمن حولها لا يمكن إلاّ أن تكون معطاءة و كريمة، لذلك حباها الله بمحبّة الناس على اختلافهم.
كان الكلّ يشهد لها بذلك و اقرؤوا كتاب ʺالشادلي القليبيʺ و ما رواه عن شهادة بعض الزعماء العرب فيها و انبهارهم بشخصيتها الصادقة المتفرّدة.
يكفي أنّ رئيس الجزائر الصّارم الهواري بومدين أسرّ، و هو الكتوم، لأحدهم يوم لم يجد مفاهمة مع الحكومة التونسية، بأنّ ʺوسيلةʺ كانت يومها هي الرجل الوحيد في تونس !!
لم تكن وسيلة زوجة للرّئيس كما باقي الزّوجات بل كانت شريكة الحكم المتبصّرة المتأنية و كم أنقذت حكمه من قراراته المتهوّرة المفاجئة و منها إعلان الوحدة مع القذافي عام 74!!
أو معارضتها لتجربة التعاضد المريرة و سعيها الطويل لإقناعه بالتراجع عنها...
أو عملها الدّائم على تهدئة الخواطر بين الرّئيس و معارضيه و من ذلك دعوتها لشباب مجموعة ʺبرسبكتيفʺ اليسارية للقاء بورقيبة بعد أن زجّ بهم في السجن رغم أنهم كانوا من خيرة شباب تونس من الجامعيين و المثقفين و لم يكونوا أبدا دعاة عنف أو انقلاب.
يحكي شاهد منهم أنّ وسيلة قالت لهم قبل أن يدخلوا مكتب بورقيبة: نعم لقد أخطأ الرئيس معكم...لقد ظلمكم ظلما كبيرا و لكنه أبوكم...و هو اليوم مريض...هل منكم من يغضب من أبيه المريض!
شهادات عديدة تجعل من ʺوسيلةʺ الماجدة فعلا... و لذلك كان بورقيبة يهواها و يخشاها في آن. و كان، و هذا المحزن في قصتهما، على شدّة حبّه، يغار منها ومن ثباتها ومن حدس المرأة الذي فيها و الذي كان يقف على صوابه في كل القرارات التي كانت تتخذها أو تشير بها عليه.
كان بورقيبة يغار منها لأنه على ذكائه الوقّاد، لم يكن يصل إلى جزء بسيط مما يصل إليه حدسها العفوي الصادق.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق