الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحدود القومية والاقتصاد ودين العولمة

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 10 / 5
الادارة و الاقتصاد


يعلمنا الاقتصاد السياسي أن منطق التطور الرأسمالي يقضي بالتوسع المستمر خارج الحدود، هكذا بدأ تطور الرأسمالية قبل قرون حين انتقلت من حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي إلى عالم (ما وراء البحار) في عملية من الزحف الاستعماري واسعة، شملت معظم مناطق جنوب الأرض بحثاً عن المواد الخام ومصادر الطاقة واليد العاملة الرخيصة والأسواق، وحدث هذا مجدداً قبل قرن حين خرج النظام الرأسمالي العالمي من طور المنافسة الحرة إلى طور لاحتكار (الطور الإمبريالي).

واليوم، في سياق الثورة التقنية الكبرى وثورة المعلوماتية، يبلغ التوسع الرأسمالي ذراه، فيطيح بحدود جديدة: الحدود القومية داخل المعسكر الرأسمالي الميتروبولي نفسه، بعد أن أطاح منذ زمن بعيد بحدود المجتمعات التابعة المنتمية إلى مجموعة دول الجنوب. إن هذا النمط الجديد من التوسع هو ما يطلق عليه اسم العولمة (دين العولمة)، وسمته الأساسية هي توحيد العالم وإخضاعه لقوانين مشتركة تضع حداً فيه لكل أنواع السيادة الوطنية. ولقد بدأت علائم هذا المسار منذ ميلاد ظاهرة الشركات المتعددة الجنسية، قبل عقود، لتصل اليوم إلى نظام التجارة الحرة الذي أقر دولياً، بعد توقيع اتفاقيات (الغات)، وتم التعبير عنه مؤسسياً بقيام منظمة التجارة العالمية، وبقوانين وتدابير يلغي مفعولها مفعول القوانين المرعية في الدول الوطنية. [1]

في الوقت الذي يبلغ التوسع الرأسمالي ذراه ويطيح بالحدود القومية، نلاحظ تحيز الكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه لفكرة الحدود، ويقدم قراءة عميقة لها استناداً إلى رصيد من المعارف والوقائع والأديان والأساطير والفلسفات لكي يصل إلى رفض “دين العولمة” ويدافع عما يعتبره فضائل للتنوع والاختلاف الثقافي والإنساني. ويسجل دوبريه أنه “من لا حدود له لا مستقبل له” رافضاً دعاوى العولمة التي تسوق نفسها تحت بريق شعار أن الإنسانية ستكون أفضل من دون الحدود في حين أن العولمة “نفسها تستدعي إقامة الجدران المكهربة والمراقبة عن طريق الفيديو ضد تهديدات” منها التدفق البشري من الجنوب إلى الشمال، حيث تفرض عليه قيوداً صارمة ولكنها تمنح للسلع التي تنتجها حرية مطلقة في المرور إلى الجنوب. [2]

تعد ظاهرة العولمة التي نعيشها الآن طليعة نقل دائرة الإنتاج الرأسمالي ـ لهذا الحد أو ذاك ـ إلى الأطراف بعد حصرها كلياً ولمدة طويلة جداً في مجتمعات المركز ودوله. في الواقع لأن عالمية دائرة التداول والتبادل بلغت حد الإشباع بوصولها إلى أقصى حدود التوسع الأفقي الممكنة وشمولها مجتمعات الكرة الأرضية كلها ـ باستثناء جيوب هنا وهناك ـ كان لابد لحركية نمط الإنتاج الرأسمالي وديناميكيته من أن تفتح أفقاً جديداً لنفسها، وان تتجاوز حدوداً بدت ثابتة سابقاً عن طريق نقلة نوعية جديدة بدورها تأخذ الآن الشكل المزدوج لعولمة دائرة الإنتاج ذاتها ونثرها في كل مكان مناسب تقريباً على سطح الكرة الأرضية، من ناحية وإعادة صياغة مجتمعات الأطراف مجدداً، في عمقها الإنتاجي هذه المرة، وليس على سطحها التبادلي التجاري الظاهر فقط، من ناحية ثانية، أي إعادة صياغتها وتشكيلها على الصورة الملائمة لعمليات التراكم المستحدثة في المركز ذاته. [3]

رابط لمن يرغب بمتابعة المقال:

https://almustshar.sy/archives/9169








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمال المحارة الترند عملوا فيديو جديد .. المنافسة اشتدت فى تل


.. أسعار الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024




.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و