الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حول الشأن الثقافي بالمغرب

إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)

2006 / 10 / 1
مقابلات و حوارات


1- كمبدع و متتبع للشأن الثقافي العربي و الوطني طبعا، نسألك في البداية عن ملامح المشهد الثقافي المغربي؟
من المفروض أن يكون أي مشهد ثقافي بمثابة مرآة تعكس أولويات وتطلعات المجتمع، ويقوم بالتالي بدور محوري في بلورة وعي المواطن وتربيته وتكوينه، وأن يكون عامل وحدة وانسجام داخل هذا المجتمع.
غير أنه وباستحضار هذه المعطيات؛ يبدو أن المشهد الثقافي في المغرب لازال يسير بخطى متعثرة؛ وبعيدا عن تطلعات المواطن وتحقيق الأهداف المنوطة به في مواجهة التحديات الكبرى سواء في بعدها الداخلي أو الخارجي. وإذا ستثنينا بعض الأصوات التي تتحمل مسوؤليتها وتناضل وتقاوم بفكرها وإبداعها التخلف والقهر والظلم.. رغم المعيقات والإكراهات، فإن بعض المحسوبين على هذا الحقل؛ ممن أتيحت لهم شروط موضوعية وافرة، يكرسون ثقافة التعتيم تارة والتجميل تارة أخرى، وبين هذا وذاك فضل البعض الانعزال والانكفاء..
وعلى العموم، فهذا المشهد لم تتح له بعد إمكانية الاستفادة بشكل جيد من مختلف التحولات التي شهدها المغرب؛ ومن الإمكانيات الحديثة التي أضحت تتيحها تكنولوجيا الاتصال.
2- ونحن على أعتاب موسم جديد؛ هل من دخول ثقافي مغربي حقيقي وواضح؟
لا يمكن الحديث عن دخول ثقافي حقيقي في المغرب على غرار الدخول الجامعي أو السياسي أو الرياضي.. لعدة اعتبارات - في مجملها موضوعية -؛ ترتبط أساسا بغياب سياسة ثقافية واضحة المعالم تعتمد دعم المنتوج الثقافي والإبداعي والترويج له عربيا ودوليا في زمن العولمة، وفي وجود أشكال مختلفة من الزبونية والاحتكارية والإقصاء داخل مختلف المؤسسات والمنتديات الرسمية والمدنية المحسوبة على هذا الحقل.
إن هذا الدخول يظل رهينا باستراتيجية ثقافية؛ تروم إعطاء المثقف دوره الحقيقي داخل المجتمع، وتخليق الفضاء الثقافي؛ ليستأثر بدوره المحوري على مستوى التنشئة الاجتماعية، وترجمة هواجس المواطن، وهذا لن يتأتى طبعا إلا من خلال دمقرطة مختلف المؤسسات المحسوبة على هذا القطاع؛ باتجاه الانفتاح الحقيقي على كل المثقفين والمبدعين وإنتاجاتهم..
ولكي نتحدث أيضا عن هذا الدخول، ينبغي إقرار برامج سنوية منتظمة ترتبط بترجمة كتب ورصد الإمكانيات الضرورية لضمان عدد معقول من الإصدارات الجديدة، والواقع أن المغرب وعلى غرار العديد من البلدان العربية؛ لا زال يتبوأ مكانة متدنية على مستوى النصيب الهزيل والمحتشم المخصص لهذا القطاع الحيوي.
3- بالنظر إلى ما تعيشه بلدان أخرى، ما سبب غياب ملامح قارة وثابتة في مشهدنا الثقافي الوطني؟
كيف يمكن أن نلمس ملامح قارة وثابتة وواقعية في مشهدنا الثقافي في ظل ثقافة سائدة مبنية على الإقصاء والاحتكار..؟ فمنابرنا الإعلامية بكل أشكالها المسموعة منها والمرئية والمقروءة ودور النشر، تبدو وكأنها أجمعت على فتح أبوابها أمام عينة معروفة من المثقفين والمبدعين والمفكرين، فيما أوصدتها أمام جيل جديد من المبدعين الذين لم يجدوا أمامهم بدا من استثمار الإمكانية التي تتيحها بعض المنابر الإعلامية والثقافية والعلمية العربية والدولية المعروفة بمصداقيتها أو بعض المواقع الإلكترونية؛ حيث عبروا عن إمكانيات إبداعية كبيرة جديرة بالتنويه والاحترام..؛ فيما فضلت فئة أخرى منهم - وتحت هذه الظروف - نهج خيار الانعزال والانكفاء..
وكيف يمكن الحديث عن ملامح في هذا المشهد في غياب سياسة ثقافية واضحة المعالم؟
4- أين يكمن الخلل في غياب استراتيجية ثقافية، على صعيد المؤسسات الثقافية العامة و الخاصة طبعا باستثناء المهرجانات والملتقيات التي أكدت معظمها نجاحها؟
طبعا لا يمكن نكران الحراك الإيجابي الذي شهدته الساحة الثقافية في العقدين الأخيرين، نتيجة لتوسيع هامش الحريات، بالشكل الذي ظهرت معه ألوان مختلفة من الإبداع والفكر وبرزت معه أيضا طاقات إبداعية وفكرية عرفت بأهمية وعمق أعمالها؛ غير أن هناك غيابا لمجموعة من الشروط الموضوعية لا زالت تقف حجرة عثرة وتحول دون تطور الشأن الثقافي ببلادنا؛ ذلك أن الممارسة الميدانية وبخاصة في البلدان التي يحظى فيها المشهد الثقافي بمكانة لائقة، تؤكد أن وجود استراتيجية ثقافية محددة المعالم أمر ضروري وملح لضمان أي حراك ثقافي حقيقي يعكس هموم المجتمع ويترجم انتظاراته، هذا بالإضافة إلى اعتماد واستثمار مختلف إنتاجات المفكرين والباحثين في شتى المجالات وبلورتها في الواقع.. وكباحث أكاديمي؛ أؤكد أن عدم الاهتمام بمراكز الأبحاث وعدم استثمار دراساتها- التي تظل في مجملها حبيسة الرفوف - وبلورة نتائجها ميدانيا من قبل صانعي القرار، يفوت فرصا مهمة على الدولة والمجتمع برمته.
كما أن وجود قناة إعلامية مغربية تعنى بشؤون الثقافة والمثقفين وتفتح أبوابها أمام كل مبدع؛ يظل بدوره أمرا مطلوبا.
5- هل نتوقع الجديد خلال هدا الموسم ؟
في ظل هذه الأوضاع التي لازالت تحتل فيها الثقافة مكانة محتشمة ضمن أولويات الدولة، لا يمكن أن نتوقع جديدا بحجم الانتظار والتحديات.
إن الاستثمار في حقل الثقافة رهان استراتيجي ورابح، وهذا ما ينبغي الاقتناع به من قبل أولئك الذين لم يستوعبوا بعد أهمية هذا الأمر.
ورغم كل هذا؛ فأنا متفائل كثيرا بحجم الطاقات التي يحفل بها الفضاء الثقافي المغربي بكل مظاهره؛ والتي لا شك أنها ستتحمل مسؤوليتها الكبرى من أجل تجاوز كل هذه الأوضاع التي لم تعد خافية على أحد.
حوار مع الباحث إدريس لكريني أجراه الصحفي عبد العزيز بنعبو لجريدة المنعطف، المغرب، بتاريخ 25 شتنبر 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينية تشاهد قوات الاحتلال تهدم مساكن عائلتها بوادي الخليل


.. نازحة فلسطينية تتكفل بطفل فقد والديه في قصف إسرائيلي جنوب قط




.. من زورق لخفر السواحل الجيبوتي.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع ف


.. معاناة نساء غزة بسبب الحرب




.. منديل أول اتفاق لنادي برشلونة لضم ميسي في مزاد علني بأكثر من