الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الثورة الإيرانية

هيثم بن محمد شطورو

2022 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحدث اليوم في إيران يبعث فعليا إيران في الضد من نظامها السياسي الذي سمى نفسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذه التسمية الأخيرة المحملة بكل البنية الذهنية لولاية الفقيه وهي البنية القائمة على جوهرية فكرة الاغتصاب للبلد وتحويله عنوة من منطق الدولة إلى منطق الايدولوجيا، هذه الإيديولوجية القائمة على جل التناقضات الممكنة لحضور العالم الإسلامي في العصر الحديث ومدى عدميته الذاتية وتخبطه. فمن ناحية الأدب السياسي الإسلامي تاريخيا لا يوجد مصطلح الجمهورية وإنما الخلافة والإمارة، وهذا الأمر لا علاقة له بالزمنية التاريخية للفكر السياسي العالمي، لأن المسلمون قاموا بترجمة الفكر اليوناني ومن المؤكد الأكيد أنهم تعرضوا لمصطلح الجمهورية ومفهوم الجمهورية والديمقراطية اليونانية والرومانية، ولكنهم لم يأخذوا تلك المفاهيم بمجملها، وبالتالي يضاعف ذلك من حجم التلفيق لولاية الفقيه الذي يُعتبر امتدادا للتلفيق في الايديولوجيا الإسلامية بشكل عام والقائمة على فكرة لا أساس لها من المنطق، وهي الأخذ من الغرب منتجاته دون عقله وغير ذلك من الترهات التي منها طبعا ما امتد إلى الإيديولوجيات القومية العربية وحتى الماركسوية فيما يُسمى التصدي للغزو الثقافي الغربي...
فمن حيث ضياع الذات الإسلامية والعربية أمام الحضارة الإنسانية الجديدة، يتم تأكيد هذا الضياع من خلال بؤس الإيديولوجيات السياسية وبؤس الثقافة التي تؤكد عبر رفع بعض الرموز والادعاء أنها تعبير عن الهوية في مواجهة الحضارة الإنسانية المعاصرة، ما هو إلا تهافت الذات الغير قادرة على تمثل الإنسانية الجديدة وفي نفس الوقت عدم القدرة على عيش هويتها التاريخية..
وان فرض الحجاب على المرأة كرمز هوياتي اسلاموي يتحول إلى قطب يدور حوله جل تداعيات الايديولوجيا التي تعبر عن الضياع الفعلي، هو جوهر المأساة الإسلامية. هذه المأساة التي بلغت ذراها في إيران كتعبير عن التناقض الصارخ الذي أصبح لا يحتمل أي مناطق وسطى يتم اللجوء إليها للحفاظ على الاستقرار السياسي. هذه الثقافة الإسلامية المعاصرة في عصر الحرية الإنسانية القائمة على منطق الفرض والجبر والتخويف والاضطهاد وصفاقة عدم احترام حرية الإنسان بما أن الإنسان لم يلج بعد العالم الإسلامي الموبوء بالاكتئاب والحزن والغياب الفعلي عن الحياة والعصر.
ماذا لو دعا رئيس برلمان جمهورية ولاية الفقيه الخمينية البرلمان إلى سن قانون ينهي فرض الحجاب؟ أليس ذلك هو الإجراء السياسي المنطقي في هذه الفترة وقد انتشرت المظاهرات الشعبية بشكل رهيب برغم إرهاب السلطة القمعية وتوحشها؟ ألا يكون ذلك هو الذي يعبر عن ارتباط السلطة السياسية بالشعب؟ ولكن العكس تماما هو الذي صدر عن رئيس البرلمان، والبرلمان بما هو مفترض أن يكون تعبيرا عن الإرادة الشعبية بما انه تمثيلي للشعب.. ولكن ما يؤكد التهافت المؤسسي للجمهورية الإسلامية أنها تلفيقية مراوغة وكاذبة من أساسها الإيديولوجي القائم على ترسانة فكروية كلها منافقة وكاذبة وتلفيقية. يعني جمهورية في عنوانها فقط فلا برلمان يمثل الشعب ولا حكومة مسئولة أمام البرلمان وفق ذلك. وبالتالي فوصفة "الجمهورية الإسلامية"، أنها ليست جمهورية وإنما سلطة أميرية سلطانية قائمة على الفرض والقمع وعلى تغيـيب الإرادة الشعبية وتغيـيب الإنسان لصالح خرافات ميتافيزيقية تمت صياغتها لتـثبيت سلطة السلطة.. فرئيس البرلمان دعا إلى زيادة منسوب القمع للمظاهرات، باعتبارها مؤامرة إسرائيلية أمريكية. كم هي السلطة منفصلة عن الشعب، فأي مشروعية لها إذن؟
هكذا بانت الصورة واضحة في ثورة الشعب الإيراني وتلفظه لهذه الأكذوبة المقيتة وهذا العار التاريخي الكبير وهذا التخلف وهذا الكفر بالحياة والإنسان، وهذا الغياب التام للحرية والمساواة. من هنا تتداعى جميع إشكاليات وأزمة الحضور الإسلامي في العالم المعاصر. في النهاية لا هوية وإنما تمزق وضياع ولا أخلاق فعلية وإنما دول بأسرها قائمة على الكذب والنفاق والتلفيق والتجهيل ومحو إنسانية الإنسان. الإنسان لم يحضر بعد في العالم الإسلامي والحياة لم تحضر بعد.
وبالتالي فإن عدم دعوة رئيس البرلمان لرفع فرض الحجاب لا يحمل دلالة الغباء السياسي وإنما يحمل دلالة كون هذا الرفع سيسحب شرعية الجمهورية الكاذبة من أساسها، وبالتالي تكون السلطة قد حفرت قبرها بيدها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو