الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلبان السائبان لبلوب و صدبوب

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2022 / 10 / 6
الادب والفن


كان يا ما كان في قديم الدهر و سالف العصر و الزمان ، الكلبان الهرمان السائبان لبلوب وصدبوب اللذان قَرِفا من موائد الزبالة التي اعتادا علي الاعتياش عليها دهوراً ، فاشتكى لبلوب لصدبوب :
- لقد قرفت من أكل الزبالة كل يوم !
- وأنا أكثر منك ، بل و أكاد أتقيأ . لماذا لا يتبنانا بليونير شهير من بليونيرات مدينة نيويورك العامرة هذه ؟
- أنت تعلم أن بليونيرية هذه البلاد لا يطيقون تبنّي الكلاب الهرمة السائبة ، حتى ولو كانت كلاباً يتيمة وحليقة الذقن والشارب مثلنا !
- نعم ، للأسف الشديد . إنهم يؤثرون علينا الكلبات الشبقات اللبقات .
- ولا تنسى القطط المزقططة المقطقطة المزلططة .
- طيب ، باعتبارنا من مواطني بلد الرفاه الاجتماعي الامبريالي الغربي صاحب الامتياز العالمي الأوحد الذي يجعله يستحوذ عبر طباعة الورق الأخضر على كل الثروات تحت الأرض وفوقها مجانا و حلالاً تلالا ً؛ لذا ، يليق بمقامنا الرفيع السامي هذا أن نتناول وجباتنا اليومية في أحد الفنادق الراقية بمانهاتن والتي تفوح من مطابخها بأشهى روائح الكافيار و اللوبستر و لحوم السمك ، مثل فندق لوما أو نوبل دين أو شيرمان ، مثلاً .
- بالتأكيد ، او على الأقل في فندق هدسن أو والاس أو آرتيزين ، أو حتى فندق وِتبي القريب ذاك.
- اسمع ، الحل يكمن في الورق الأخضر ، في الدولار ، إنه أعظم الأرباب التي تستحق العبادة طراً عن كل جدارة و استحقاق . إنه رب لذيذ اللون و الرائحة و الطعم و ليس عديمها كلها .
- ومن أين لنا به ؟
- المصرف الفدرالي يطبع جبالاَ منه كل يوم .
- عو ، عو ، عو !
- عو ، عوووو ! لقد سال لعابي .
- ما أحسن أن نمتلك ولو جبلاً واحداً منها فقط لا غير ، هل هذا كثير علينا ونحن من معشر يؤمن بالدين الامبريالي الغربي الحنيف وبالرب الدولاري الخفيف الشفيف ؟
- كلا ، أبداً . يجب أن يعطونا حصتنا الشرعية من الناتج الاجمالي للمطبوعات السنوية الفدرالية .
- فنفطر كل يوم بقيمر السدة و عسل بعشيقة و كماجة الموصل .
- عجيب ! لماذا لم تقل لي من قبل أنك مثلي من العراق ؟
- اعذرني ، داد ، فقد أنستني جيفة الزبالة هنا بلدي وشعبي الذي دمَّره حكام هذا البلد الأكشر عندما سلطوا علية العصابجي صدام أولاً ، ثم خلعوه عندما لسع أحد خصيانهم من حكام المنطقة ، فأعدموه ، وسلموا كراسيه للعقارب و الجرذان والسعدان المستوردة .
- صه ، يا رقيع ، يا ابن الزبالة ، كيف تعض اليد التي نقلتك من جحيم العراق إلى النعيم الامبريالي الغربي هنا ، ها ؟
- أعذرني يا لبلوب الورد ، فأنت عضيدي ، ونحن كلاب بلد واحد . أنها زلة لسان ، ليست إلا . عفوك يا لطيف ، يا رؤوف ، يا منّان !
- أراك عوّاد لديدنك القديم في الخيانة ، المعلومات التي أبلغتني بها الكلبة الشمطاء منيرة الحقيرة تفيد بأن هذه ليست هي المرة الأولى التي تخون فيها من أغرقك بأفضاله العظيمة ، يا نجس . ألف رحمة على من قال أن الكلاب أمثالك انما هي كائنات خوّانة ، نجسة و منجِّسة في آن واحد .
- عتبي عليك أيها الأكاديمي المبجل و أنا أراك تصدِّق كلام الكلبة منيرة الحقيرة التي تنبطح لكل كلاب نيويورك السائبة في يوم واحد ، و ليس لها صاحب صديق واحد لكونها من أنذل المخلوقات و أحقرها .
- أنها أشرف منك ، لأنها مؤمنة بإخلاص بدين اللبرالية الامبريالية الغربية الذي تجرأت على الكفر به قبل لحظات فقط .
- ارجوك يا استاذنا الأكاديمي الفاضل : لقد طلبت الصفح منك و أنا نادم أشد الندم على ما بدر مني من قلة أدب و استهتار بحق الامبريالية الأنجلوسكسونية أم حقوق الانسان و التقدم و التمدن والدمِّقراطية . وها أنا أعترف لك بعظمة لساني أنا الكلب صدبوب : كلب ادبسز و جايف ؛ و لكن ما ذنبي إن كنت قد جُبلت هكذا ؟
- ها قد لاحت من بعيد الكلبة الشمطاء منيرة الحقيرة ، ومعها قوَّادها المتابع . يا لهما من ثنائي بديع متجه نحونا .
- اراها ترفل ببدلة شفافة راقية ، مع طقم شفقة و حقيبة و حذاء من تصميم أرماني، فيما يرتدي قوَّادها بدلة مصنوعة من قماش الخيَم المتهرئ في كل مكان والدنيا زمهرير . من أين لهما كل هذه الفخفخة و النفخخة والعنطزة و الفنطزة ؟
- سأقرُّ عليك عندها ، و أخبرها بما قلت لي ضدها قبل قليل، وأنت تعلم أن حذاء الكعب العالي ليس للارتداء فحسب .
- لا ، أرجوك ، فأنت تعلم أن عظمي رهيف و أن جلدي رقيق .
- سأجعلها ترمي جلدك للدبّاغين اللبراليين مثلما فعلوا بأهل هيروشيما و ناغازاكي .
- رحماك يا صاحب السعادة أبو الدمِّقراطية و اللبرالية وحقوق الانسان و التنوير و التقدم .
- و ستجعل حديدك وَزْنة لبرالية بكل حق وحقيق !
- أتوسل أليك بحرمة الدين الانجلوسكسوني الحنيف إلا عفوت عني ، على الأقل لخاطر اللبرالية الأكاديمية وربنا الأعظم الدولار . أنا بعرضك !
- ليس لي عرض !
- مساء الخير أيها الكلبان السائبات لبلوب و صدبوب ! إلى متى تبقيان كلبين صائعين ضائعين و مشردين تعيشان على التهام جيف الزبالة أبد الدهر ؟
- مساء الأنوار أيتها الكونتيسة أم الكياسة و السياسة و الحماسة ، و صاحبة السعادة المبجلة . قولي لي بربك الدولار العظيم : ماذا نفعل وما من أحد يوظفنا لديه رغم استعدادنا الكلي للعمل حتى في أحقر الوظائف ؟
- عظيم ، فلماذا لا تفعلان مثلي وتشتغلان عند هذا القوّاد المتابع ، فتتريشان ؟
- أنا يا سيدتي الامبريالية الغربية المبجلة من يدك اليمنى هذه ، والى يدك اليسرى تلك .
- عظيم يا لبلوب ! وأنت يا صدبوب ، ما رأيك في أن تصبح قوّاداً إمبريالياً غربياً معتبراً على سن ورمح ، و أنت تعلم بأن القوادة في الدين الامبريالي الغربي المتحضر هي أشرف و أنفس مهنة تتنافس عليها أكبر العقول و أجمل العيون ؟
- سيكون ذلك شرفاً عظيماً لي ، و سأبقى ممتنا لك طول العمر . يشهد الله أنني كنت دائما أقول بأنك كلبة راقية الأخلاق و رفيعة المقام ؛ تؤمنين باللبرالية و الحرية و الدمِّقراطية و بحقوق الانسان و التقدم ، كما أنك مؤمنة عفيفة ومتبتلة بالدين الامبريالي الغربي الحنيف .
- عظيم ! ما قولك يا قوّادي المتابع الجليل ؟ هل ستوظفهما عندك خدمة للإمبريالية الغربية و اللبرالية الانجلوسكسونية و الدمِّقراطية و حقوق الانسان و التنوير و التطوير والتقدم ؟
- لدي وظيفتان شاغرتان عظيمتا الأجر في الدنيا قبل الآخرة ، وهما بعنوان سمسار مخدَّرات امبريالي غربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي !
- السمسرة بأي نوع من المخدَّرات ؟
- مخدَّرات كلامية باسم اللبرالية الانجلوسكسونية والدمِّقراطية وحقوق الانسان و التنوير و التقدم و التطور ، وذلك ضد القومجية و الدينجية و الطبقجية َالذين يتهموننا ظلماً وعدواناً بإبادة مليارات البشر لكوننا أوحش البرابرة عبر كل العصور .
- قبلنا . متى الدفع ؟ لا نقبل ولا نؤمن بغير الدولار ربّاً .
- حالاًً ، عداً ونقداً ، مع وجبة عشاء فاخرة في فندق شيرمان !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث