الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسرى الفلسطينيون المعتقلون إدارياً يرفعون قفاز التحدي في مواجهة السجان الصهيوني لإنهاء الاعتقال الإداري

عليان عليان

2022 / 10 / 7
القضية الفلسطينية


أبدع الأسرى الفلسطينيون المعتقلين إداريا بنقل الإضراب عن الطعام من الحالات الفردية إلى الشكل الجماعي، لما ينطوي عليه من أهمية في الضغط على العدو الصهيوني للتراجع عن الاعتقال الإداري ، الذي لا يستند إلى تهمة محددة ، بل إلى ملف سري مزعوم غير قابل للكشف أمام المحامين والجهات الحقوقية.
فقد دخل الإضراب الجماعي ل (30) أسيراً من أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعتقلين إدارياً يومه الرابع عشر، وهو أول إضراب جماعي للمعتقلين إدارياً في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967 ، في إطار الضغط النوعي على الاحتلال لإلغاء الاعتقال الإداري ، الذي يعد أبشع أنواع الاعتقال كونه غير محدد بمدة معينة .
واللافت للنظر من خلال الاطلاع على أسماء ا المئات من المحكومين إدارياً من مختلف الفصائل والتيارات السياسية، بأن الاعتقال الإداري يطال كتاباً ومثقفين وصحفيين ونقابيين وفعاليات شبابية ونسائية واجتماعية ، تلعب دوراً تعبوياً ضد الاحتلال ، وفي تثمير المقاومة لكي وعي المستوطنين، ورفع الحالة المعنوية للجماهير الفلسطينية ، ناهيك أن الاعتقال الإداري لا يطال المؤيدين لنهج أوسلو والرافضين لنهج المقاومة المسلحة .
البيان الصادر عن الأسرى الثلاثين ، يؤكد أن أسرى الجبهة الشعبية اتخذوا زمام المبادرة وكلهم ثقة أن بقية رفاقهم في الاعتقال الاداري سيلتحقون بهم ،وكذلك رفاقهم وإخوتهم في بقية الفصائل والتيارات ، وكلهم ثقة أيضاً بأن جماهير الشعب الفلسطيني كعادتها لن تخذلهم، وستقف بصلابة إلى جانبهم وجانب الحركة الأسيرة عموماً ،لأنهم يقفون في المتراس الأمامي ، دفاعاً عن القضية والمقاومة لتحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة.
روح التحدي للأسرى الثلاثين، عكسها بيانهم في الثاني من أكتوبر ( تشرين أول) الجاري وجاء فيه " نواصل معركتنا بإرادات مفولذة تطال عنان السماء وعزائم لا تلين، ولا تعرف التردد أو الوهن، عزائم نستمدها من ابتسامات أطفالنا، وقوة أمهاتنا، وتمسك وتصميم زوجاتنا، ومن إيماننا بأن المستقبل لنا، وليس للغزاة الطارئين، وأن المستقبل يدوم طويلًا".
وجاء فيه أيضاً "‏نواصل معركتنا مستلهمين واقع أن لدى الإنسان، طاقة غير محدودة لا يستخدم منها غير جزء يسير، لكنه يستخدم الكامن منها حين يتعرض لخطر ما، وهنا يكمن سر أن الإنسان يمكن أن ي يحطم لا أن يهزم، ومستلهمين أيضا واقع أن الحرية تتطلب أكثر من الموت، إنها تتطلب أن يهبها الإنسان كل لحظاته وقواه ".

لقد جرت مواجهة الاعتقال الإداري لآلاف الفلسطينيين ، منذ عدوان حزيران 1967 بإضرابات فردية عديدة عن الطعام ،سجل خلالها الأسرى الفلسطينيون أرقاماً قياسية في الصمود والتحدي، أذهلت العدو ونالت احترام قوى التحرر في العالم ، ودفعت العدو للرضوخ لمطالب هؤلاء الأبطال بإلغاء اعتقالهم الإداري ، وآخر هذه الإضرابات إضراب المناضل خليل عواودة الذي أمضى (172) يوما مضرباً عن الطعام ، وبات على حافة الاستشهاد ، ما جعل العدو يرضخ لمطلبه في الحرية وتحديد موعد للإفراج عنه.
ما بجب الإشارة إليه هنا أن سياسة الاعتقال الإداري المطبقة في الكيان الصهيوني والأراضي المحتلة ضد أبناء شعبنا ، تستند إلى المادة (111) من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي فرضتها سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين في سبتمبر ( أيلول) 1945.
وقد استخدمت سلطات الاحتلال هذه السياسة بشكل متصاعد منذ السنوات الأولى لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، ووضعت آلاف الفلسطينيين في سجونها بشكل منظم، كوسيلة للقمع السياسي، مشكلة بهذا الاعتقال مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب.
وقد بدأ الخط البياني للاعتقال الإداري بالتراجع منذ عام 1977 ، وتوقف نهائياً عام 1980 بفعل الضغوط الداخلية والصعود الوطني الفلسطيني ،وبفعل الضغوط الخارجية التي جاءت في إطار الاستجابة للمطالب الفلسطينية، لكن حكومة العدو عادت لممارسة هذه السياسة بعد اندلاع انتفاضة الحجارة (1987- 1993) عندما أدركت أن الشعب الفلسطيني في الداخل شب على الطوق، وأنه مصمم على دحر الاحتلال ، ومن ثم استمرت في هذه السياسة حتى اللحظة الراهنة.
خطوة الاضراب الجماعي للأسرى المحكومين إدارياً، تكتسب أهمية استثنائية لعدة اعتبارات أبرزها:
1-أنها جاءت لتراكم على قرار الأسرى المعتقلين إداريا ( 500) معتقلاً بمقاطعة محاكم الاحتلال منذ الرابع عشر من شهر فبراير (شباط ) الماضي.
2- أنه إذا كان إضراب معتقل إداري واحدة لفترة قياسية ، يثير اهتمام الرأي العام العربي والعالمي ، وتتبناه وتدعمه منظمات حقوق الانسان ، ويلتف حوله حراك جماهيري فلسطيني على شكل اعتصامات في الداخل والشتات ، فإن إضراب المئات من مختلف الفصائل الذين سيلتحقون به لاحقاً ، سيشكل زلزالاً في معتقلات الاحتلال ، له تداعيات هائلة على صعيد التضامن الأممي من قبل قوى الحرية والتقدم في العالم ، ومن قبل المنظمات الحقوقية ، خاصةً إذا انضمت إليه الحركة الأسيرة في معظمها ، ما يدفع الاحتلال ليدخل في مفاوضات مع الأسرى المضربين بشأن مطالبهم في قضية الاعتقال الإداري ، وفي قضايا أخرى تمس وضعهم الاعتقالي.
3- أن الاضراب الجماعي يفسح المجال لتحرك فصائل المقاومة وحلفائها باتجاه تدويل قضية الأسرى بشكل عام والدفع باتجاه تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.
الأسرى الثلاثون شقوا الخطوة الأولى باتجاه الغاء الاعتقال الإداري ، ولا يساورهم أدنى شك بأنهم لن يلغوا الاعتقال الإداري من خلال هذا الإضراب، وبضربة واحدة " الضربة القاضية" ، بل هم على قناعة بأن المعركة طويلة وممتدة ، وأن هذا الإضراب يمكن البناء عليه لاحقا ، إذا ما تضافرت جهود فصائل المقاومة مع الحراك الشعبي الفلسطيني والعربي ، ومع محور المقاومة باتجاه تدويل قضيتهم وقضية الحركة الأسيرة لتصبح القضية رقم (1) في مجلس حقوق الإنسان، ناهيك عن إثارتها في محكم الجنايات الدولية .
لقد قدم الأسرى الثلاثون قراءة دقيقة لاستراتيجية الاعتقال الإداري "بأنها جزء لا يتجزأ من المنظومة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية، وأنها وسيلة بنيوية لدى هذه المنظومة لمحاولة إقصاء شعبنا ، ولا ينطبق عليها وصف التعسفية وغير الانسانية وغير الأخلاقية فحسب ، بل أنها نازية واستبدادية".
وفي ذات الوقت حددوا خطواتهم اللاحقة بالقول :" سنبقى نعلي صوتنا ضد هذه السياسة التعسفية، وغير الإنسانية وغير الأخلاقية، بكل السبل الممكنة بما يشمل مقاطعة استراتيجية لمنظومة قضائهم، التي هي خادم أمين لجهاز (الشاباك)، ولن تكون أبدًا طاقة فرج للأسرى فمقاطعة المحاكم تترافق مع سعي حثيث ، لتحويلها إلى موقف فلسطيني شامل وموحد ونهائي ضد محاكم الاعتقال الإداريّ التعسفي".
لقد وضع الأسرى برنامجهم النضالي لإلغاء الاعتقال الإداري ، وبدأوا بتطبيق هذا البرنامج ، بأول إضراب جماعي للمعتقلين الإداريين ، ما يرتب على أبناء شعبنا في الداخل والشتات ، وعلى قوى المقاومة ومختلف المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والاعلامية والنقابية ، وهيئة شؤون الأسرى أن تضع برنامجاً لدعم إضرابهم إن على صعيد الحراك الشعبي اليومي ،أو على صعيد التحرك على الصعيد الدولي وعلى صعيد التشبيك مع كافة المؤسسات الحقوقية الدولية ، من أجل الضغط لإنهاء الاعتقال الإداري.

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض