الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تذكر السياسة الراديكالية لمارلين مونرو

دلير زنكنة

2022 / 10 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم يانيس إقبال

صادف الأول من يونيو 2022 الذكرى السنوية السادسة والتسعين لميلاد مارلين مونرو . على الرغم من أن عصرنا النيوليبرالي المتمثل في التسليع المفرط قد رسخ صورتها كرمز للجنس فقط، إلا أن الأبعاد السياسية لحياة مارلين مونرو تحكي قصة مختلفة عن الراديكالية الخفية. وُلدت مارلين عام 1926 ، بالقرب من لوس أنجلوس ، كاليفورنيا ، الولايات المتحدة الأمريكية ، ونشأت كطفلة من الطبقة العاملة خلال سنوات الكساد. أمضت طفولتها في لوس أنجلوس من حضانة هذه العائلة او تلك ، وعاشت لبضع سنوات مع والدتها التي استعادتها حتى تم جرها بالقوة ، تحت بصر ابنتها ، إلى مؤسسة أمراض عقلية تابعة للدولة.

عندما تم إرسال مارلين في سن التاسعة إلى دار للأيتام ، ذكرت أنها لم تكن يتيمة ، لأن والدتها كانت لا تزال على قيد الحياة - وهي حجة كررتها باستمرار طوال طفولتها ، طفولة مارلين المؤلمة شيء يتجاهله الناس بسهولة. وسرعان ما فسَّر صعودها إلى الشهرة في عالم السينما من قبل الأيديولوجيين المؤيدين للبرجوازية في عصرها كدليل واضح على حكاية "من البؤس إلى الثراء". لكن مارلين عارضت تمامًا هذا المحو الرومانسي لأوجه الحرمان الحقيقية للغاية التي كان عليها مواجهتها بسبب الظلم البنيوي للنظام الرأسمالي. في عام 1962 ، كتبت في مذكراتها ، "عدم وجود أي حب ورعاية دائمتين . النتيجة كانت عدم ثقة وخوف من العالم. لم تكن هناك فوائد جنيتها من هذا سوى ما يمكن أن يعلمني عن الاحتياجات الأساسية للصغار والمرضى والضعفاء ". "لدي تعاطف كبير نحو جميع المضطهدين في العالم." 

عندما اعتادت مارلين - كنجمة فقيرة - أن تُدعى إلى حفلات هوليوود لكي تُرمق كقطعة جنسية ، شعرت بالاشمئزاز من ألعاب الورق التي يلعبها الرجال ، حيث خاطروا بلا ابالية بآلاف الدولارات. قالت مارلين: "عندما رأيتهم يسلمون مئات بل آلاف الدولارات لبعضهم البعض ، شعرت بالمرارة في قلبي. تذكرت كم كانت تعني مقدار خمسة وعشرين سنتًا وحتى خمسة سنتات للناس الذين أعرفهم ، ومدى سعادتهم بعشرة دولارات ، وكيف يمكن لمئة دولار أن تغير حياتهم كلها ... تذكرت كل أصوات وروائح الفقر ، الخوف في عيون الناس عندما فقدوا وظائفهم ". انعكس هذا الارتباط الدائم بالبروليتاريا في أسلوب حياتها. 

بعد وفاتها ، قدرت القيمة الإجمالية لملابسها ومتعلقاتها الشخصية بـ 690 دولارًا. بدلاً من امتلاك العديد من القصور - ممارسة كانت شائعة بين نجوم هوليوود - كان المنزل الأول على الإطلاق الذي تمتلكه مارلين مكانًا صغيرًا ومتواضعًا في لوس أنجلوس ، والذي كان لا يزال قيد الإنشاء حتى وفاتها. كان هذا التقليل من قيمة العالم الثقافي والمادي للأثرياء نتيجة لقدرتها على التفكير النقدي في خلفيتها الاجتماعية. ومع ذلك ، كان هذا التفكير مناقضًا للطريقة التي تم تصويرها في الأفلام.

تضمنت شخصيتها السينمائية فصل متقصد للجنس عن الذكاء ، والجمال عن العقل ، مما أدى إلى ظهور تصور واسع الانتشار عنها على أنها "شقراء غبية". كما يوضح آبي باكان:
"لقد تم تمثيلها باستمرار في أدوار ساذجة لدرجة أنها كانت مضحكة عن غير قصد ، أدوار حيث صورت و كانها دفعت الرجال إلى سلوكيات غريبة غير عادية ، ودفعتهم إلى فقدان سيطرتهم العادية. كانت الشخصيات التي لعبت دورها عادة عازبة ، حيث كانت هي الجائزة التي يفوز بها الذكور المنتصرين في نهاية الأفلام ؛ عادة ما كانت من الطبقة العاملة ، تصور سحر هوليوود بالغرائز الحيوانية غير المهذبة التي لا تستطيع نساء الطبقة الوسطى "الذكية"من تقديمها بحرية ، وغير قادرة دائما على العمق أو الذكاء أو التطور. لم يُسمح لمارلين مونرو أبدًا بلعب تلك النوعية من الادوار التي كانت تأمل - مع ملايين النساء العاملات - في تحقيقها في الحياة الواقعية. هذه كانت "الشهرة" التي فازت بها ".

كانت الطبيعة الخانقة لمسيرة مارلين المهنية في هوليوود تعني أنها كانت منجذبة بشكل طبيعي إلى المواقف السياسية المناهضة للهيمنة التي وعدت بتحرير الإنسانية من الآثار الاغترابية للرأسمالية. دافعت علانية عن أعضاء الحزب الشيوعي الذين كانوا قيد التحقيق من قبل لجنة الأنشطة غير الأمريكية في مجلس النواب خلال فترة مكارثي. بالنسبة لها ، كان السبب التالي كافياً للارتباط بأعضاء هوليوود العشرة وضحايا المحاكمة أمثال آرثر ميلر: "إنهم يدافعون عن الناس ، أليس كذلك؟". في عام 1955 ، تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة لزيارة الاتحاد السوفيتي ، وبعد ذلك بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بمراقبتها. 

وفقًا لملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي ، كانت مارلين على اتصال وثيق مع فريدريك فاندربيلت فيلد - وهو يساري أمريكي مقيم في المكسيك ، وقد حرمته عائلته الثرية من الميراث بسبب آرائه الراديكالية. قبل عدة أشهر من وفاتها ، قامت برحلة لزيارة فيلد في المكسيك. في سيرته الذاتية ، "من اليمين إلى اليسار" ، أعجب فيلد بالتزام مارلين القوي بقضية تحرير الإنسان: "أخبرتنا عن مشاعرها القوية تجاه الحقوق المدنية من أجل المساواة مع السود ، فضلاً عن إعجابها بما يجري في الصين ، وغضبها من اصطياد الحمر والمكارثية وكراهيتها لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيه إدغار هوفر ". 

في عام 1960 ، أصبحت عضوة مؤسسة لفرع هوليوود للجنة السياسة النووية العقلانية. في نفس العام ، تم انتخابها كمندوبة بديلة في مؤتمر الحزب الديمقراطي في الولاية ، حيث أعلنت بشكل لا لبس فيه وجهات نظرها المؤيدة لكاسترو بشأن كوبا. كان تعاطف مارلين مونرو مع النضالات ضد الرأسمالية والإمبريالية ناتجًا عن الاضطهاد التي كانت تتصارع معه. في ظرف اتسم ببداية حركة الحقوق المدنية ، ربطت مارلين تسليعها من قبل أباطرة وسائل الإعلام بالعنصرية التي كان السود يقاتلون ضدها. قالت إنه "من السهل عليك فهم نظام العبودية عندما تمر بنظام النجومية ". 

صرحت كريستين ، وهي شابة سوداء قابلها الصحفي بيل ويذربي من جريدة مانشستر غارديان في حفل أقيم في الولايات الجنوبية في أوائل الستينيات ، أن مارلين كانت المرأة البيضاء الوحيدة التي تحترمها حقًا. "لقد كانت مجروحة. كانت تعرف المعاناة ... لم أتمكن أبدًا من التعاطف مع أي نجم سينمائي أبيض آخر. كانوا دائمًا أشخاصًا بيض يقومون بافعال البيض ". الكاتب الأمريكي الأسود الشهير جيمس بالدوين ، أيضًا ، كان متعاطفا في ارائه مع مارلين مونرو. عندما سُئلت مارلين عن كيفية تأثير وضعها الاجتماعي كرمز جنسي أبيض شقراء على استقبالها بين السود ، أجابت: "لا أريد أن أكون رمزًا لأي شيء. يمكن للسود أحيانًا أن يروا من خلال المظاهر أفضل من البيض ".

فيما يتعلق بقضايا الجنس ، كانت تقدمية أيضا، على استعداد للتشكيك في امتياز هوليوود للعلاقات الجنسية بين الجنسين باعتباره الشكل الشرعي الوحيد للحب. قبل سنوات من ظهور حركة المثليين ، دافعت عن الممثل المثلي مونتغمري كليفت ضد مضايقات الصحافة والسخرية: "الأشخاص الذين لا يصلحون لفتح الباب له يسخرون من مثليته الجنسية. ماذا يعرفون عنه؟ اوصاف - يحب الناس اطلاق الاوصاف على بعضهم البعض. ثم يشعرون بالأمان ". "لا يوجد جنس خطأ إذا كان هناك حب فيه."

اليوم ، عندما يستمر التسليع الجنسي في تصوير مارلين مونرو كجسم طيع مخصص للاستهلاك الرأسمالي ، من الضروري أن نؤكد على التوجه التحرري لحياتها. بعيدًا عن كونها شقراء غبية ، كانت امرأة من خلفية بروليتارية مدركة تمامًا للطرق الوحشية التي تقوم بها الرأسمالية بقمع الرغبات العالمية من أجل الازدهار العام. من أجل إخفاء هذا الجانب الحاسم من شخصيتها ، تريدنا البرجوازية أن نتذكر "مارلين ... كابتسامة شهوانية و جسد" ، يجب استبدال هذا التصوير اللاإنساني لمارلين مونرو بمنظور شامل يصر على المضي قدمًا في شوقها المكبوت باستمرار لثورة فاعلة ضد الهياكل السلبية للرأسمالية.  

يانيس إقبال
باحث وكاتب مستقل مقيم في اليكار بالهند

ترجمة دلير زنكنة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت