الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار آخن 14

علي دريوسي

2022 / 10 / 10
الادب والفن


استيقظوا جميعهم من قيلولة ما بعد الظهيرة، كأنهم على موعد في المطبخ، كانت هنيلوري أول الواصلين، جاءت تغني O mio babbino caro بصوت أوبرالي للملحن الإيطالي "جاكومو بوتشيني":

(بابا العزيز، أحبه وهو جميل جميل،
أريد أن أذهب إلى "بورتا روسا" لشراء خاتم الزواج!
نعم، نعم، أريد أن أذهب إلى هناك!
وعندما يصير الحب من دون جدوى أذهب إلى "بونة فيكيو"،
أرمي نفسي في نهر "أرنو"،
سأتفتت حينئذ وأتعذب!
يا الله، أريد أن أموت!
أشفق عليّ يا أبي،
أشفق عليّ).

ـ الله، برافووو، صوتك وأداؤك رائع.
ـ هل أنت متزوجة؟
**

هنيلوري، امرأة غير متزوجة ولا أولاد لديها، لم تلتقِ حتى اليوم بالرجل الذي يبحثُ عنها. حالها حال تُفَّاحة شهية في سوبرماركت تبقى في الصندوق وحيدةً بعد إطفاء النور وإغلاق المحل، لم يشتهيها أحد الشُّراة بعد، بالرغم من أنّ كل التُفَّاحات التي رافقتها الرحلة الطويلة قد تم شراؤها.

المرأة الألمانية مستقلة اقتصادياً، متحررة مادياً ومعنوياً، مهنتها هي مستقبلها وسعادتها، طموحها الهائل في اعتلاء المناصب الوظائفية يغدو أحياناً أهم من تشكيل عائلة. المرأة الواعية، المستقلة ، السليمة جسدياً ونفسياً لا تستطيع أن تتزوج هكذا ببساطة. تعقيدات الحياة جعلت من الصعب الاِلتقاء بالشريك المناسب في عمر مبكر. بعض الشركات الكبرى أخذت تقدم للموظفات العاملات لديها خدمات وإمكانيات جيدة، من أجل التخزين التجميدي للبويضات الإنثوية، بغية إنجاب الأطفال في وقت لاحق. فكرة التجميد الاجتماعي هذه ليست سيئة أبداً، رغم الجانب الإصطناعي في العملية، لم لا!؟ الأمومة حق لكل أنثى. تم تطوير الفكرة في البداية من أجل اللواتي أصبن بمرض السرطان، ليتمكّن من الإنجاب بعد المعالجة الكيميائية، أول طفل وُلِدَ بهذه الطريقة يعود إلى عام 1997.

نسبة النساء أقل من الرجال في هذا البلد، بالتالي فإنّ قيمتهن لا تُقاس بالذهب، الألمانيات يعرفن تماماً أنّه هناك رجل واحد على الأقل لكل منهن، وربما أكثر، إنّهن يتريثن باختيار شريك الحياة المستقبلي. ومن جهة أخرى يُنظر لهن في سن الأربعين على أنهن ما زلن في ريعان شبابهن، فرصهن في الحب والاهتمام وفيرة بشكلٍ كافٍ. إحصائية ألمانية تَدعيّ أن ست وثلاثون بالمئة من الأطفال الأذكياء في ألمانيا تم إنجابهم من أزواج مثقفة، بصورةٍ خاصة من إمرأة مثقفة، عن عمر لم يقل عن ثمان وثلاثين سنة للمرأة واثنتين وأربعين سنة للرجل. قبل عدة سنوات كان من المعيب في ألمانيا أن يعيش الشخص لوحده، أما اليوم فقد أصبح هذا النمط الحياتي معتاداً بل ويضفي على صاحبه جواً من السعادة والتصالح مع الذات، ناهيك طبعاً عن وجود أنماط حياتية اجتماعية مختلفة، المثلية الجنسية مثلاً.

الحالة العاطفية للرجال في ألمانيا ليست متجانسة ولا بالسهولة التي يتصورها الأجانب المقيمون هنا، بعضهم يجد أنّ الألمانية قاسية القلب، حاسمة، متعبة للغاية ومُقرِرة، لذلك تتزايد حالة الزواج من نساء أوروبا الشرقية ومن الآسياويات بشكل خاص، وهم معهن أكثر سعادة.

بعض الرجال يرون أنّ المرأة الألمانية ليست جميلة وبأنّ الشرقية مُبهِرة؟ الأمر ليس كذلك قطعاً، الكثيرات من الألمانيات جميلات وخلابات بشكل طبيعي، الكثيرات منهن يملكن تقاسيم وجه ناعمة، لعلّ من لا يعايشهن لا يستطيع أن يلمس هذا الجمال بشكلٍ مباشر، الألمانية لا تسعى إلى التأكيد على أنوثتها وجاذبيتها، فهن جذابات بالولادة، معظمهن لا يضعن الماكياج أو مساحيق التجميل على وجوههن، تسريحات شعرهن بسيطة، لباسهن بسيط ومناسب للاستخدام اليومي، سترة وبنطلون وحذاء مريح، قوام الألمانية غالباً رياضي ورشيق وأنثوي وسيكسي للغاية، وحدها تقاسيم وجوههن تفتقر إلى ذاك التعبير: أنا في انتظار لقاء مع رجل! يحاولن في الحياة اليومية أن لا يَكنَّ ولا يبديّن مثيرات جنسياً، خلال نهارات الأسبوع يقدمن أنفسهن بشكل متواضع ولا يرغبن بالظهور أو التغريد خارج السرب، أو اصطياد تعليقات وإعجابات الآخرين، لكن عندما يذهبن إلى المسرح أو إلى أحد المطاعم، فإنهن يرتدين الزي المناسب للمكان المناسب، ويرغبن حتماً بكلمات الغزل والإعجاب.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية