الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرازيل: هل الاشتراكية الديمقراطية هي الحل؟

دلير زنكنة

2022 / 10 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم نيكوس موتاس.

بعد أربع سنوات من حكومة بولسونارو اليمينية المتطرفة ، عادت الاشتراكية الديمقراطية المعروفة إلى البرازيل . يأتي انتصار لولا دا سيلفا الانتخابي تتويجًا للظهور الأخير للاشتراكية الديمقراطية في أمريكا اللاتينية ، بعد صعود لوبيز أوبرادور في المكسيك ، وغابرييل بوريتش في تشيلي ، وجوستافو بيترو في كولومبيا. 

مرة أخرى ، ستحتفل قوى اليسار الانتهازية بانتصار لولا دا سيلفا ، وتقدمها على أنها انتصار سياسي يُزعم أنه سيحقق تغييرات إيجابية للطبقة العاملة البرازيلية والشرائح الشعبية. لا شك أن هزيمة بولسونارو ستكون خبراً إيجابياً ، لكن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو ما يلي:هل تقدم الاشتراكية الديمقراطية بديلاً حقيقياً لهيمنة رأس المال في البرازيل؟ 

في يونيو 2021 ، بعد انتصار غوستافو بيترو في كولومبيا ، كتبت مقالاً أشرت فيه إلى الدروس التاريخية التي يجب تعلمها من ما تسمى بـ "الحكومات اليسارية":

"تُظهر التجربة التاريخية ، في كل من أوروبا وأمريكا اللاتينية ، أن ما تسمى بـ "الحكومات اليسارية" تنمي وتنشر الأوهام حول إضفاء الطابع الإنساني على الرأسمالية. ومع ذلك ، فإن الحقيقة المؤلمة هي أن الرأسمالية الإنسانية مثل بابانويل، لا وجود لها. حالة الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد في فنزويلا هي مثال رمزي على فشل النظرية الانتهازية "اشتراكية القرن الحادي والعشرين". أمثلة لولا روسيف في البرازيل ولوبيز أوبرادور في المكسيك أكدت أنه لا يمكن لأي حكومة "يسارية" أو "تقدمية" مهما كانت نواياها أن تقدم حلولاً فعلية وجذرية لمشاكل الناس ما دامت وسائل الإنتاج في أيدي رأس المال. في أفضل الحالات ، تبنت هذه الحكومات بعض السياسات ضد الفقر المدقع ، ولكن حتى هذه الإجراءات تم التراجع عنها لاحقًا طالما أنها كانت غير متوافقة مع الاقتصاد الرأسمالي. بعد كل شيء ، فإن ازدهار الطبقة العاملة بحكم التعريف لا يتوافق مع ربحية الرأسمالية . " https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762001

تم التعبير عن الإدارة اليسارية للنظام الرأسمالي من خلال حكومات "حزب العمال" الاشتراكية الديمقراطية (PT) في الفترة 2002-2016. ترافق ظهور لولا في رئاسة البلاد في عام 2002 بوعود بإعادة توزيع الثروة ، ومعالجة الفقر المدقع ، ومحاربة التفاوتات الاجتماعية العميقة التي ابتليت بها البرازيل بعد عقود من الإجراءات القاسية المناهضة للشعب. صحيح أنه بين عامي 2003 و 2010 ، شرعت إدارة لولا في تنفيذ بعض الإصلاحات المؤيدة للعمال والتي ، إلى حد ما ، قللت من معدلات الفقر المدقع.

ومع ذلك ، حتى هذه الإصلاحات ، التي تم تبنيها في إطار طريق التطور الرأسمالي ، كان لها طابع سطحي ومؤقت ، لأنها لم تتحدى ، بأي شكل من الأشكال ، مصالح رأس المال الكبير. باتباع وصفة اشتراكية ديمقراطية في الاقتصاد ، قدمت حكومة حزب العمال مزايا معينة للعمال ولكنها ، من ناحية أخرى ، غذت قوة الاحتكارات بكل طريقة ممكنة. في ذلك الوقت ، خلال رئاسة لولا ، عندما نمت قطاعات مهمة من رأس المال البرازيلي بشكل ملحوظ ، أصبحت البلاد سادس أكبر اقتصاد في العالم واكتسبت الطبقة البرجوازية نفوذًا أقوى على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال مشاركتها في التحالفات الرأسمالية العابرة للحدود( بريكس BRICS، ميركوسور MERCOSUR ، اتحاد أمم أمريكا الجنوبية UNASUR ، إلخ). ومن الحقائق المميزة أنه في عام 2001 ، بلغت عائدات البنوك الاستثمارية البرازيلية 200 مليون ، بينما ارتفعت في عام 2007 إلى 1.6 مليار.

إن السياسة الاشتراكية الديمقراطية التي طبقته لولا دا سيلفا وخليفته ، ديلما روسيف ، لم تغير الظروف المعيشية البائسة للجماهير الفقيرة في البرازيل ، بل ثبت أيضًا أنها كانت مواتية لمصالح رأس المال الكبير.في عام 2011 ، بعد ثماني سنوات من "الحكومة اليسارية" لحزب العمال ، كان 60 مليون برازيلي يعيشون في فقر ، وأكثر من 8 ملايين شخص يعيشون في فقر مدقع. تم تعميق التفاوتات الاجتماعية ، واستغلت الجماعات الاحتكارية المحلية والدولية تنظيم كأس العالم (2014) وأولمبياد ريو (2016) لتعزيز ربحيتها ، بينما وصل الفساد داخل "حزب العمال" الحاكم إلى أبعاد فلكية. أدى الصراع البورجوازي الداخلي الذي تصاعد تدريجياً بعد اندلاع الأزمة الرأسمالية العالمية ، إلى جانب ظهور الفضائح الحكومية ، إلى تغيير علاقات القوة في النظام السياسي البرجوازي في البلاد. بدأت أقسام البرجوازية التي ربطت مصالحها منذ ما يقرب من عقد من الزمن بسياسات "حزب العمال" في البحث عن بدائل أخرى. كانت ذروة تغيير المشهد السياسي هي محاكمة الرئيسة ديلما روسيف في عام 2016 ، بعد انسحاب الأحزاب البرجوازية المتحالفة السابقة من الائتلاف الحكومي. مهدت هذه العملية الطريق للصعود السياسي لليميني المتطرف الديماغوجي جاير بولسونارو.

اليوم ، تشهد الطبقة العاملة و الفئات الشعبية في البرازيل مسرحية مماثلة. تأتي الاشتراكية الديمقراطية اللئيمة مجددًا، بشعاراتها التقدمية المعروفة ووعودها الكاذبة ، تزرع أوهامًا جديدة حول إدارة مزعومة مؤيدة للشعب ،للرأسمالية ، مصممة خصيصًا لمصالح ربحية رأس المال.لسوء الحظ ، فإن الحزب الشيوعي في البرازيل (PCdoB) يتحمل مسؤولية كبيرة لدعم أوهام الاشتراكية الديمقراطية مما يساهم في إيقاع الجماهير العمالية الكبيرة في شرك المفهوم الخطير للإدارة السياسية البرجوازية. حول هذه النقطة ، يجب أن نحيي السياسة المعتمدة على الذات والمستقلة المتبعة من الحزب الشيوعي البرازيلي (PCB) ، الذي شارك في الجولة الأولى من الانتخابات مع مرشحيه (صوفيا مانزانو وأنطونيو ألفيس دا سيلفا) وبرنامج راديكالي رافض لان يكون ملحقًا سياسيًا للاشتراكية الديمقراطية لحزب العمال.

يأتي مثال البرازيل ليُضاف إلى أمثلة شيلي والمكسيك وكولومبيا وفنزويلا وبوليفيا ودول أمريكا اللاتينية الأخرى ، التي تعلم أن الرأسمالية لا تتحسن لصالح العمال ولا تصبح إنسانية.إن إدارة النظام الاستغلالي تحت شعارات "يسارية" أو "تقدمية" أو "مناهضة لليبرالية الجديدة" لا تؤدي إلا إلى زرع الأوهام والتوقعات الخاطئة لدى الطبقة العاملة ، مما يؤدي ، عاجلاً أم آجلاً ، إلى خيبة أمل واسعة النطاق وانحلال أيديولوجي.

إن المخرج الحقيقي لمصالح الناس لا يكمن في القصص الخيالية القديمة الباهتة عن الحكومات "اليسارية" ، ولكن فقط في اشتداد الصراع الطبقي المنظم ضد نظام الاستغلال ، الرأسمالية. 

* نيكوس موتاس هو رئيس تحرير مدونة " الدفاع عن الشيوعية" .
ترجمة دلير زنكنة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للكاتب الفاضل دلير
ادم عربي ( 2022 / 10 / 11 - 22:45 )
تاريخيا اليسار هو الوجه الجميل للراسمالية ولولا وجود الماركسية والاشتراكية لما وجد اليسار ايضا ، اليسار تطويع للطبقة العاملة تحت شعارات رنانه كتوزيع عادل للثروة وامتيازات هنا وهناك لكنه عدو الطبقة العاملة وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لا ارى اي مبرر لوجود اليسار اذن ما يطرح من الاشتراكية الديموقراطية لا معنى له ماركسيا ، وبالتالي هذه الاحزاب تمطي الطبقة العاملة بافيون توزيع عادل للثروة ....


2 - تحية للاستاذ ادم عربي
دلير زنكنة ( 2022 / 10 / 15 - 14:31 )
تحياتي يا استاذ ادم، و شكرًا للمداخلة القيمة. غابريل روكهيل، الناقد و الفيلسوف الاميركي الفرنسي يقول في مقابلة بان هذا اليسار المعادي للشيوعية يسمى في نشريات السي آي ايCIA بال Compatible Left، اي اليسار المتوافق مع الراسمالية. يتم تشجيع و الدعاية لهذا اليسار من خلال اذرعها الاعلامية كجزء من الحملة ضد الطبقة العاملة و احزابها و من اجل تأبيد الراسمالية. شكرا لك.

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت