الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-التكنولوجيا العليا- ونهاية الراسمالية اللاطبقية؟/3

عبدالامير الركابي

2022 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تبدا الالة نافية للطبقية وتنتهي باعلى اشكالها مع "التكنولوجيا العليا"(1) يمتنع معها استمرار المجتمعية الجسدية الاحادية، حين يصير فعل ودور التكمنولوجيا مابعد انتاجي حاجاتي فهو يتحول حتما الى قوة تغييرية في بنية وتكوين الكائن الانسايوان الجسدي الحالي، بما يتناسب فعلا مع مهمات ومنجز من نوع ايقاف الموت الجسدي، وانهاء سطوته باطالة العمر، كما انهاء الحاجاتية المتعلقة بالديمومة العضوية مثل الاكل او الملبس والماوى والتناسل، عناصر تحريك العملية الانتاجية الجسدية السارية مفعولا الى الان.
وليست بشائر هذا الانقلاب بعيدة، والارجح انها ستكون حاضرة كبداية قبل منتصف القرن الحالي، فلا الفية بعد الثانيه بظل المجتمعية الاحادية والجسدوية، وسيحتل نصف القرن الحالي الواحد والعشرين مكان التاسيس الانتقالي الى الاكوان العليا، والى الكونية اللامرئية بعدما انتهت اسباب وممكنات الانسايوان ومجتمعيته، ووقتها تفقد متبقيات النوع المجتمعي " الراسمالي" المنزوعه عنه الطبقية، اخر ما هو قادر على استعماله من موروثات الطبقية، ومن وسائل واساليب التحكم بالعملية الانتاجية خارج الشروط التقليدية وممكنات التحكم الكلاسيكية، مادام الكائن الحي صار اقرب للوعي بحقيقته الوجودية، وللاحتمالات التي تنتظره ككينونة.
قبل هذا يمر الكائن البشري بمنعطف استثنائي غير معروف ولا مثيل يدل عليه، او ياخذ الى رحابه، فمن جهة تهيمن على الوجود المجتمعي حالة من الذهاب الى الافناء، ومن الجهة الاخرى، وبذات اللحظة، تسودمفاهيم ايهامية قاتله، تصور الافنائية على انها لحظة نهوض كبرى، وهنا يحضر بقوة خطرقصور العقل البشري التاريخي وتصير مسالة دحره مهمة وجودية من المستبعد تصور استمرار بقاء الجنس البشري من دون انجازها، مالايبقي لنا الا افتراض حكمة عليا كامنه، تقول بان المسار المنوه عنه، والقاضي باحتمالية انتهاء الوجود على كوكب الارض، تحول دونه انبثاقية قد يمكن تسميتها ثنائية المسار، اول طاغ ومتسيد بقوة وحتى بجبروت هو مسرى الفنائية، واخر مضاد له ينبثق بحكم الضرورات والاشتراطات المتداخلة المتصارعه، هو "المسار التحولي" القابع في اعماق الظاهرة المجتمعية، والباقي الى اليوم مطويا ومبعدا عن الادراك.
ليست المجتمعية مابعد الالية هي ذاتها المجتمعية اليدوية البيئية، فالثانيه هي بالاحرى قلب للظاهرة الاولى في اهم مكوناتها، واسباب واشتراطات وجودها البيئي بعمرها المديد الذي يتعرض اليوم للازالة من مجال الفعالية التاريخيه، بقوة حضورالالة وتدخليتها التحويرية مع الافتقاد الى الرؤية المواكبه للمتغير الحاصل، ناهيك عن المروية الضرورية، او اعادة صياغة مروية الوجود وفقا للتغيرية المستجدة مع الاحتمالات والمآلات التي صارت حاضرة بحلولها، هذا مع العلم ان الطبقات والفئات التي هي من تبلورات المجتمعية التاريخيه البيئية، تبقى هي نفسها من دون شروط وجودها، تحاول ان تتصرف بما تملكه من ارث راسخ، وانواع سلوك موروثة على مر القرون، فالبرجوازية تظل تتصور نفسها على انها البرجوازية، او الراسمالية، مادامت لاتملك غير تلك الصفة، والطبقة العامله تفعل الشيء ذاته، وكذلك الفلاح ان وجد، وغيره من الفئات المستجده، وكل هذه بالاحرى تكون وقتها غير ماهي عليه، وماتظنه، او تتصوره، وقد حلت عليها حال من التحول التغيري مازال غير مستقر، ولم تفصح سيرورته عن مستقر يمكن بضوئه الحكم على معطياته، وشكل مكوناته والياته.
وليس مما يمكن اغفاله هنا التبدل الذي سيطرا عل نوع الاصطراعيات التي ستغلب على سلوك الفئات والطبقات المتسيده والدول والزعامات الحالية، حين تتحول وبحمية غير مسبوقة الى قوة رفض مستميته، وسعي لابقاء الحال على ماهو عليه مفهوما، مع كل مايمكن لها ابتكارة او اختلاقه من الوسائل الايهامية، او حتى التدخلية العنفيه، كي تبقي الحال على ماهو عليه، يوم كان بيئيا، مع العمل الدؤوب في الوقت نفسه على قتل الحضور البيئي والبيئة ذاتها، ومن المنطقي ان نرى هذه القوى وهي تستغل تراكمات الوعي المديد الادنى الاحادي الراسخ، وجملة المعتقدات والمذاهب الميته التي انتهى زمنها، او ان تختلق من جهتها استخدامات تكنولوجية قادرة على التدخل الاعاقي، وكل هذا يمكن ان يكون فعالا بدرجات متفاوته، بضوء ماهو متوفر من قدرات مقابلة متوقعه، في حال تم من الان حتى حينه للكائن المفترض تحوله من الانسايوان الى الانسان على مستوى العقل والادراكية الواجبة، مايفاقم الى اقصى مايمكن ضرورة الاسراع بلا اي تاخير في تهيئتها من منطلق اليقين بان مايجري الحديث عنه، وماهو حاجة تحولية فاصلة، قد تاخر كثيرا، وانه يجب ان يصبح مهمه راهنه بالحاح استثنائي فائق للمعتاد خصوصا مع احتمالات من نوع تحول الولايات المتحدة الامريكية كما تشير الدلائل وحقيقتها التكوينيه واحتمالات وصول "حلمها " الى طريق مسدود ياخذ بها الى نوع من " الفاشية"(1) داخليا وعلى المستوى الكوكبي والامر الممكن تخيله اذا تيقنت فئات داخل امريكا بانها صارت ابعد من ان تتوهم استمرارحضورها الغالب والمتميزعلى مستوى الكوكب ماكان يمكن ان يوفر لها القناعه بالاحتمالية الحلمية الرسالية الضرورية لتوازنها النفسي التكويني.
هنا ينبغي التوقف لاعادة النظر باثر ارتجاعي لنعيد قراءة لحظة انبثاق الالة، ومايعرف بالانقلابية البرجوازية ومرادفاتها الشاملة، لنحسم الموقف بخصوص الظاهرة الغربية ونهضتها الحداثية وما هي، باعتبارها لحظة منطوية على احتمالية افنائية للوجود البشري، معها تصير البشرية محكومة للسير نحو انتهائها، بتضاؤل اسباب استمراريتها، مع الايهامية التي تسيدها مصرة على تكريس ذاتها، تغطية لفداحة فعلها الواقعي وتراكماته، ولامفر تكرارا من مغادرة سريعه للمواصفات الغربية المعتمدة في النظر الى العالم، وبالذات متبقيات المنظور الطبقي والحديث السهل الجاهز الاتباعي عن "الراسمالية" والطبقية، الامر الذي يوفر للقوى التدميرية الحالية سلاحا صارت بحاجة له، على الاقل من قبيل استمرار الالفة معها كظاهرة معلومه الابعاد والملامح والاحتمالات، بحيث يتحول اولئك الذين يظنون انفسهم اعداء للراسمالية، الى مساعدين على استمرارها كاعوان على المستوى المفهومي والاعتقادي الشديد الاهمية، والضروري ضرورة قصوى للتغطية على المسار الافنائي الراهن.
عنصران هما عاملين فاصلين، من شانهما معا، وبالتداخل، تغيير المشهد، على الاقل من ناحية اساسية فاصلة، ظلت وطاتها هائلة مادامت الاحتمالية الاخرى، او المخرج والبديل غائبان تماما هما: المنظور اللاارضوي، والتكنولوجيا العليا، معهما يلوح بصيص من تدارك الافنائية الحالة على الكرة الارضية في الافاق، وتنفتح المعركة الكبرى على افق فلا تعود مغلقة تماما، وهو مالن ياتي من دون اضطرابيه استثنائية، وحروب جنونية غير مسبوقة، واحتمالات استعمال للسلاح النووي، وتداعيات غير مالوفة، ولاسبق ان عرفها البشر، تطال موضوع الكينونه، والاطلاله غير المتخيلة على العالم السائرة نحوه خطى البشرية، وكانت على موعد واياه منذ وجدت بالاصل.. بينما هي تنوء على حافة الفناء، وعلى وقع النار والدخان والموت، واضطراب الطبيعة المدمر، لتغادر الكوكب الارضي، بعد ان تكون غير ماهي، وغير ماكانت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) https://www.youtube.com/watch?v=2uUg4AQYuAM
(2)يقول نعوم تشومسكي في مقابلة اجريت معه وصدرت مؤخرا في كتاب: " ربما ثلث الجمهوريين او اكثر يعتقدون انه قد يكون من الضروري استخدام العنف ل" إنقاذ البلد" كما يتخيلون. تحتفظ بمعنى واضح عبارة " ننقذ بلدنا"؛ إذا لم يدركها كل فرد. أصدر ترمب نداءًا للشعب لأن يستجمع قواه كي يمنع الديمقراطيين من استجلاب طوفان المجرمين في أرجاء البلاد بعد تحريرهم من سجون بلدان اخرى، ولكي لا "يحتلوا" مواقع الأميركيين البيض وينفذوا جريمة تدمير أميركا. إن نظرية "الإحلال العظيم"- وذلك ما تعنيه "خطف بلدنا " ، ويجري حاليا توظيفها بنجاح من قبل عناصر تمهد فكريا ونظريا للفاشية . ترمب هو الأكثر تطرفا والأكثر نجاحا في هذا المضمار." يراجع مقال استعادي للمقابله ل/ سعيد مضيه/ نشر في / الحوار المتمدن/ بعنوان " قوى الشر متفوقة وتدفع البشرية نحو الدمار... والخلاص في تفاؤل الاراده/ عدد 7396 - 2022 / 10 / 9.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ