الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليم مطر يسكنه التطهير

عباس بوسكاني

2003 / 5 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


/ سيدني
مع بدأ العد التازلي الحرب و انهائها برمي اعتى دكتاتور و نظامه الى مزبلة التاريخ، معه اعتلت بعض الأصوات النشاز في الساحة الثقافية العراقية عارظة قلقها من اتساع الأطماع التوسعية الكوردية و سياسة التطهير العرقي لمناطق (يسميها هؤلاء) يسكنها العرب. مع ان تلك الصيحات لا تخلو من اعتلاء قومي فوقي، و انه في كثير من الأحوال رافعة اصبع التهديد بفعل المثيل في مناطق عربية تسكنها اكراد.
هناك أصوات يدافعون ضمنا عن حسن سلوك النظام البعثي العربي مُقارنينها مع النظام الأسرائيلي قائلين: "كان يكفي للكثير من الأكراد و التركمان في المناطق المتنازع عليها ان يدعي بأنه عربي و يحمل زوراً لقباً عربياً حتى يتم اعفائه من عملية التهجير"  هنا، اعتراف و لو بخجل عن حملات يسميها هؤلاء ب"التهجير" في مناطق "متنازع عليها" ، اي ضمير هذا يتغاضى عن رؤية أكراد و تركمان يُطردون و يأتى بعرب ليحل محلهم، فالأولى عند هؤلاء "الأخوة" تهجير، أما الثانية  و هي العودة "تطهير عرقي" و التي هي رجوع الاف من العوائل الكوردية و التركمانية المطرودة، الألوف التي تقبل التشرد على اعلانه لطمس قوميته و هويته التي يرى فيه البعض فرصة متاحة للبقاء، نعم قد رجع هؤلاء و في قلوبهم نيران التشرد و العوز و التمايز القومي. فرجوع ممتلكات مهضومة الى اصحابها الأصليين تعتبر عند بعض الذي يخاطبنا ب "الأخ" محاولات تكريد، و عندما يسمى ب "تكريد" فالكلمة تعطي الدلالة بأنها مناطق عربية، هل يستتطيع هؤلاء أن يثبتوا و بجدل بأن كركوك ليست كوردستان و ان الكورد احتلوها و العرب حرروها؟ قد يأتي هذا و ذاك بمليون حكمة و أدلة تأريخية من غير أن يحدد أدنى مصدر يهم الباحث في الأمر. لا يخاف ااكورد الرجوع الى التأريخ لبحث مسألة تواجدهم في كوردستان و بلاد مابين النهرين، فمهما تصل الأمور فأن تواجد الكورد أقدم من العرب الأتون مع الغزوات الأسلامية. أما التشديد علي التواجدات الأشورية و السريانية و غيرهم علي أرض كوردستان لا تخلو من توجهات عنصرية ضيقة تريد اثارة أصالة التواجد الكوردي على هذه الأرض. لماذا يدرج سليم مطر بالموضوع الأسرائيلي كقنبلة داخل موضوعه "التكريد"؟
 ففي وضعية العراق لاتوجد من هم مستوطنون آتون من مكان آخر، ثم ان القضية اليهودية و الفلسطينية تحمل اشكالات تأريخية كثيرة يعرفها المثقفون و ذلك ماتدل عليه اتفاقات أوسلو. فالشعب العراقي المضطهد ليس أزاء اجراءات محاكم للأستيطان و الشعب الكوردي تَحَمَلَ الكثير، كما يعرف الجميع، و كما سهم المثقفون العراقيون في تدوين ملحمة معاناته، و هنا لا أتحدث عن حلبجة فهذه مسألة لا تخصني الآن، بل أتحدث عن جرائم ذات الطابع البدوي الذي ارتكبه النظام بحق شعب مسالم يحب الحياة. و اليك يا سيد سليم معالجة بسيطة جداً، هي ان غالبية المثقفين العراقيين يحبون الأكراد و متفهمين لقضيته المرتبطة حيوياً بقضية الديموقراطية في العراق.

هذه الأصوات الغريبة هي انفرادات احادية متقاطعة مع مشاريع انسانية مهمة بدأها مثقفون عراقييون الا وهي التأسيس لتكوين الهوية العراقية . لا أحد سيستطيع اغفال أهمية هكذا مشروع شريطة إبعادها أولاً عن "العروبة" ، أليست العروبة هوية؟ و في تعميمها على العراقيين عملية طمس لتفاصيل المشروع الأنساني المكون للهوية العراقية؟
هناك موضوع اخر موازي لهذه العمليات التي يحلو للبعض، و خاصة السيد سليم مطر، التلويح بها، الا و هو التهديد لطرد الأكراد القاطنين في بغداد. لبحث هذه المسئلة يجب الا ننظر بعين القومي الضيق الأفق، فأولاً لم يطرد الكورد عرب بغداد ليُسَكِنَ محلهم أكراداً، ثم ان أكراد الجنوب هم مبعدين  و من المغضوبين عليهم من قبل النظام البعثي العربي. أما البغداديون فهم ساكنون بحكم أعمالهم و تجارتهم القاطنة ببغداد، ففي كل الأحوال هذا التواجد الكوردي ببغداد لا يبرر سياسة التطهير العرقي في كوردستان. 
يلبس بعض أصحاب الكتابات عباءة الحامل للحقيقة المطلقة و لا ينسى و لو لبرهة واحدة تواجهاته الأحادية الصارمة و غير المستندة بتواريخ و مصادر نرجع اليها، يأتي بالخبر المسموع و كأنها حقيقة كاملة، يُظهر ما قد يسمع من مسؤول ما لحزب ما كتوجهات ذلك الحزب، ولا يخجل البعض منهم بتسمية أكبر تنظيمين كرديين ب "جماعات و عصابات مسلحة" ، ناسين أو متناسين بأن هذين التنظيمين مع آلام ولادتهما الجديدة في المدينة قد جلبت للأكراد بمؤسسات طورت حقوق مواطنة لم يحلم بها أي مواطن عربي في الدول العربية. لا مانع من انتقاد أي سياسي، و لكن عندما يُستَغَل هفوة سياسي كوردي معين لعرض توجهات مغرضة على الشعب الكوردي عامة، فهذه تدخل دائرة الجهل التام أو التوضيف التام لدوائر أخرى لا أحبذ اتهام الكل بها. هؤلاء السادة  يركزون كثيرا على اخطائنا و هفواتنا في وقت نحن فيها نؤسس للحريات المدنية و الأعلامية، و نكافح لمزيد من الحقوق للمرأة و مساواتهن الكاملة بالرجل، ياتي هو و يذكرني "بأم الكمارك"  و كأنه يتشفى، يقولون الكثير عندما نهفو وننزل للتنازع العنفي، يظهر ناصحا لأمور دنيانا و ناسيا أمور دنياه و خيباته السياسية ليس في قطاع غزة فقط و انما في خلو الشارع العراقي منهم و من تأثيرهم. الا يجدر من هؤلاء التسرع لقراءة الشارع البغدادي و الجنوبي المكتظ بالخزعبلات الأيرانية و الوهابية و توجهات أحادية تريد الحوزة و أبناء الصدر و غيرهم، لماذا لا يتمعن (هؤلاء الخبراء في شؤوننا) في خطورة طمس هويتهم العراقية في معمعة السياسة الدينية التي قد تدمرنا جميعا ؟ لماذا لا يدرس هؤلاء السادة بؤس و قطيعة معارضتهم للوصول الى ضمير الشارع العراقي. هذه فقط رؤوس أقلام قد يثير و يخدم هؤلاء "الأخوة" الذي يسموننا نحن ب"المستكردين" ، يا لقوة هؤلاء الذي صدق عليهم القول "ضربني بكى، فسبقني و اشتكى".
نلاحض في كتابات السيد سليم مطر تأثر عجيب يوازي شدة تأثر الدولة التركية بما يجري بكوردستان العراق، فمع اشتداد حرص هذه عن سلامة كركوك و التركمان يشتد حرص هذا الكاتب العراقي، نتعجب نحن عن استيائه عن صمت المثقفين العراقيين عن ما يسميه ب "كرودة" العراق، أنا أقول للسيد مطر بأن المثقف العراقي الحقيقي ليس بجاهل أو متعام على ما يجري و لكنه يتفاعل مع مكونات واقعه العراقي بحياد و انسانية و ليس بتأثيرات دعائية تركية عن طريق بعض العملاء الطورانيين. المثقف العراقي متوغل بما يأتي بجديد يحمل الينا البراءة من جديد، يأتي لنا بغد لا نخاف فيها الأنفال و الغاز و قصف المقدسات و تجفيف الأهوار.
معالجة الوضع العراقي تحتاج الى الهدوء الأيجابي و هذا الهدوء لايمكن توفيره من غير الطاقة الثقافية النزيهة ذات الفعل الحيوي، و ليس الفعل "القابض" الشتائم و الكيدِ. ألأكراد و باقي العراقيين تقاسموا الوضوح في كونهم الضحية الأولى للمشروع القومي العربي و لا أقلل ولا أنسى التركمان، الأشوريون، الكلدان، المندائيين و الفيلية بصفتيهم الشيعية والقومية الكوردية. هل يسأل السيد سليم مطر التأريخ عن أسباب نبذ الجنوبيون لجمال عبد الناصر و عبد السلام عارف و البعثيين؟ هل يسأل في الوقت نفسه لماذا يُحَرم الشيعة قتل الكورد؟ فمسألة تعكير صفو و نقاء الحالة و التفاعل و التلاقح الثقافي الموجود مسألة عصيبة و صعبة على هؤلاء من أمثال السيد سليم.
قبل أن يختص السيد سليم بشؤون "الكرودة" لماذا لايحلل اشكاليته الثقافية في عملية تحرير العراق والذي يصر على تسميته ب "الأحتلال"؟ لماذا لايستطيع الخروج و لو لبرهة عن سطوة الفكر العروبي و يتجانس انسانيًا مع منظر الأطفال اللذين تعبر ملامحهم بفرح الخلاص رغم العوز الواضح؟ أية حداثةٍ يتسلح بها كاتب يتنفس في قواميس طلقها عوز الأنسان الى الحرية؟ أود أن أذكر السيد سليم مطر بأن الحرية مفهوم كريم يرقي شجون المواطن الى مدايات أخريات تتسع فيها حدود انتماءاته لتشمل الأنسانية كلها. الحرية تدفع الأخر و تحرضه الى العطاء كما في تقاليدنا التي بعضها أكثر من جميل.
مع خالص تحياتي الى صديقك و شاعرنا نصرت مردان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط