الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانتظار مبادرات نقابية وسياسية مناضلة شجاعة

بدر الدين شنن

2006 / 10 / 2
الحركة العمالية والنقابية


كانت الخطوة الأولى بانقلاب 8 آذار 1963 في سوريا هي القبض على السلطة . أما الخطوة الثانية فكانت إحكام السيطرة على السياسة والمجتمع . وفي هذا المضمار كان الهجوم السلطوي على النقابات العمالية ، ، فجرى حل التنظيم النقابي بقرار من وزير العمل الجديد ، وإعادة تشكيله بالتعيين ، من الاتحاد العام إلى اصغر نقابة ، بحيث أبعد عن الحركة النقابية جميع غير الموالين للنظام الجديد . وقد جرى حل وإعادة تشكيل عدد من الهيئات النقابية مرة أخرى لدى اكتشاف أن هناك بعض النقابيين " المشاكسين " قد تسللوا إليها .. ومنذئذ كانت شعبة النقابات في المباحث السياسية هي التي تقرر أطر وحراك الهيئات النقابية

ومن ثم صدر المرسوم 31 / 1964 ، الذي ربط الحركة النقابية بقيادة الحزب الحاكم وأهدافه في " الوحدة والحرية والاشتراكية " ، والذي على أ ساسه جرت في شباط عام 1965 انتخابات نقابية جديدة . ودخلت الحركة النقابية مرحلة جديدة تم فيها بشكل قسري إبعاد الحركة عن تقاليدها النضالية العريقة ، إن في الدفاع عن الحريات النقابية والحريات العامة ، أو في الدفاع عن حقوق العمال الطبقية المشروعة . وقد تجلت هذه المرحلة بانتهاج مسارات عدة . أولها ، ا ستمرار " تطهير الحركة النقابية " من النقابيين العريقين بالنضال المطلبي وبقايا الحضور النقابي المعارض بأسلوبين ، الأول ، الإبعاد القسري الأمني أو التسريح من العمل ، والثاني ، " التعاون السياسي " الإنتقائي مع كوادر نقابية " تقدمية " منتمية إلى تنظيمات سياسية غير معترف بها ، ووضعها قيد التداول والاستهلاك ،وإعادة تشكيل الوعي النقابي بواسطة المعاهد النقابية وذلك وفق توجهات وأهداف الحزب الحاكم ، تمهيداً لتبعيث الحركة النقابية شكلاً ومضموناً

ورغم ذلك ظل حضور بعض القادة النقابيين الملتزمين بالروح العمالية مستمرأً ، وبقي هناك امكانية انتزاع هامش لبعض المواقف النقابية ، مواقف نابعة من أصالة
عمالية مناضلة عصية على القولبة والاستزلام لأجهزة الأمن ، ومن حاجات موضوعية تطرح نفسها با ستحقاق محرج لابد بشكل أو آخر من الاستجابة إليها

وللإنصاف ، مع الإحتفاظ بحق التقييم النقدي ، قاد الاتحاد العام لنقابات العمال ، ما بين 1966 - 1968 بقيادة الراحل خالد الجندي ، مواجهة جريئة مع مدراء في القطاع العام ومسؤولين آخرين هم على تماس مع مصالح الطبقة العاملة ، فشكل مدعوماً من فريق بالسلطة ماسمي في حينه ب " الكتائب العمالية المسلحة " ، وجعل من الهيئات النقابية حارسة لحقوقها الاجتماعية وللقطاع العام ، وقد تم وقتئذ اعتقال عدد من المدراء الفاسدين من قبل الاتحاد العام وبعض إتحادات المحافظات ، وفرضت عليهم الاستقالة وإعادة ما سرقوه وما نصبوه من خلال وظائفهم ، حتى صار التنظيم النقابي من أبرز مراكز القوة في النظام
وفي عام 1969 عندما أضرب عمال معمل الكبريت بدمشق ، كان غازي ناصيف رئيس الاتحاد العام مع المضربين في مكان العمل ، ووقف بقوة بوجه محاولات قمع الأمن للإضراب ، وتمكن العمال بمساعدة الاتحاد العام من الوصول إلى حقوقهم

وبعد " الحركة التصحيحية " عام 1970 ، دخلت الحركة النقابية في أسوأ مراحلها ، إذ ما لبثت أن تحولت بعد سنوات قليلة إلى آلية مباشرة للسيطرة على الحراك الطبقي لصالح الرأ سمالية السلطوية المتنامية النهابة للقطاع العام ، والمتحايلة على فائض القيمة فيه لجني الثروات الطائلة ، ولصالح " الاستقرار " السلطوي الاقتصادي والأمني في البلاد ، وأخضعت لأسوأ عملية نصب سياسي - اقتصادي - نقابي ، بإلزامها بالخضوع إلى ما سمي " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " أي الإلتزام التام بسياسة الحزب القائد .. والقائد .. على حساب النضال العمالي ، الذي تتبوأ فيه دوراً مفتاحياً هاماً .

وماذا كانت نتيجة تدجين وتبعيث الحركة النقابية وتوظيفها في خدمة التحولات والتمايزات الاجتماعية الطبقية الإرادوية اللصوصية ، التي حولت الوطن كله إلى غابة في العلاقات السياسية ، وإلى مزرعة مستباحة في العلاقات الاقتصادية ، وإلى فضاء فقر طاول ثلثي المجتمع وبخاصة الطبقة العاملة والقوى الشعبية ..؟ النتيجة البائسة لهذه " النقابية السياسية البديلة للنضال المطلبي " أنها ساهمت إلى حد كبير أو كانت شاهد زور في عملية بلورة طبقة رأ سمالية تملكت السلطة المالية إلى جانب السلطة السياسية ، بل وتربعت على قمة هرم الرأسمالية المستغلة في البلاد ، وهذه الطبقة بعد أن نهبت وشوهت وأضعفت القطاع العام ، وأثرت على حساب مؤسسات الدولة كافة ، أخذت تعمل عبر الدولة أيضاً على خصخصة قطاع الدولة الانتاجي والخدمي ، أي عرضه للبيع بأبخس الأثمان ، أو لحذفه من الساحة الاقتصادية لتحتكر الانتاج والسوق ، وتتعاطى مع تفاعلات السوق الدولية دون منافسة أو إزعاج

إزاء هذه الهجمة الشرسة ، تظهر بعض ردات الفعل النقابية ، من دمشق إلى الساحل ، تحتج .. تعترض على سياسات فاقعة مرفوضة للدولة في الشأن الاقتصادي أحياناً .. تظهر تمسكها بالقاع العام .. أحياناً أخرى .. وأحياناً تظر تفهمها بعض التراجعات في شأن المؤسسات الخاسرة ، أي تصريفها إلى القطاع الخاص . إلاّ أن هذه الردات فعل الترا سلية والخطابية على هجوم ناري لجلادي السلطة الاقتصاديين ، المدعومين من قطاعات السلطة الأخرى السياسية والأمنية لاتجدي شيئاً . إذ أن اية مواجهة حقيقة تتطلب عقليات وآليات نقابية من نوع آخر ، تتطلب أولاً فك الارتباط النقابي الحزبي السلطوي الاستغلالي ، وكسر الإلتزام ب " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " ، والإلتزام بمعادلة نقابية مغايرة ، هي ، " النقابية المطلبية بديلاً للنقابية السياسية " تلك النقابية السياسية التي عزلت الحركة النقابية عن قواعدها العمالية ، عزلاً لم يشهده تاريخها المشرف من قبل ، ، وساهمت بإخضاع ملايين العمال السوريين للأجور المتدنية والفقر والجوع والذل القمعي

المرحلة السياسية الاقتصادية الراهنة في سوريا تستدعي مبادرات نقابية .. سياسية .. شجاعة مناضلة ، تتصدى للصوص المجرمين ، الذين لايهمهم سوى الثراء .. والمزيد من الثراء .. والذين يتكالبون لسرقة المزيد من أموال الوطن ومن عرق ولقمة كادحيه .. تستدعي خطوات ما بعد فهم ما يجري .. ما بعد الاحتجاج المذكراتي والرفض اللفظي الخطابي .. تستدعي ا ستعادة ثقة العمال .. لخوض المواجهة الناجحة عبر الاعتصامات .. والنزول إلى الشارع . وتستدعي بالتالي تفهماً اجتماعياً كفاحياً للحراك النقابي من قوى المعارضة .. ومشاركة فعالة منسقة .. مبرمجة من كل القوى المحبة لسوريا وشعب سوريا.. وكادحي سوريا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو في مأزق.. إضراب شامل ينتظر إسرائيل خلال ساعات


.. إضراب عام بإسرائيل لإقالة نتنياهو وعقد صفقة رهائن




.. دعوات لإضراب شامل في إسرائيل للضغط على نتنياهو للقبول بصفقة


.. منافسة خالية من الانبعاثات السامة.. موناكو تحتضن سباق القوار




.. دول تفضل العمل لـ 4 أيام لزيادة الإنتاجية وتحسين نفسية الموظ