الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصب تذكاري

مهند طلال الاخرس

2022 / 10 / 15
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


نصب تذكاري كتاب من جزئين لحافظ ابو عباية ومحمد البيروتي، والكتاب الاول يقع على متن 216 صفحة من القطع المتوسط، والكتاب الثاني يقع على متن 200 صفحة من القطع المتوسط ايضا، وكلاهما من اصدارات وزارة شؤون الاسرى والمحررين في رام الله/فلسطين، حيث صدر الاول في سنة 2013 والثاني في سنة 2018.

الكتاب بمجازية ورمزية اسمه وعنوانه يدفعك لتناوله والتقاطه بدون تردد، فالعنوان مغري ولذلك الاسم حكاية تختزل موضوع الكتاب بعناية فائقة عبر عنها الكاتب/الكاتبين على غلاف كتابهما الجميل بجزئيه؛ من خلال (صورة ورسمة) تصميم غلاف الكتاب ابتداء، والتي جائت من تصميم محمد البيروتي نفسه، وايضا من خلال تقديم الكتاب المقتضب عبر ظهر الغلاف والذي جاء فيه:"بينما استمرينا نحن نتعاطى الحياة، قضوا هم في مراحل العمر. لهؤلاء كرسنا هذا الكتاب، اسميناه نصبا تذكاريا. عسى ان نكون قد انصفناهم" ..

والكتاب بجزئيه يدفعك لالتهامة بشغف ونهم، فهو يتناول سيرة نضالية لكوكبة من الفدائيين الرواد والاوائل، والطليعيين في كل شيء منذ الانتماء لصفوف الثورة في البدايات الاولى وحتى الان؛ وعليه فقد جائت صفحات هذا الكتاب بجزئيه مفعمة ومليئة بصور البطولة المتعددة، والتي جائت تحت سماء واحدة(سماء الثورة) واسماء متعددة واشخاص كُثر يشتركون جميعهم في سيرة جمعية تمثل سيرة نضالية ناصعة للشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام.

والكتاب في هذا الوصف جائت سطوره وصفحاته مثالا يُحتذى على الشجاعة والاقدام والبذل والعطاء والتضحية، وفي توثيق وتأريخ تجربة القواعد الفدائية والدوريات عبر النهر ودوريات العمق، وفي تجربة الاسر والمعتقل والتحرر، وصولا لمرحلة اقامة السلطة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة.

بين صفحات هذا الكتاب بجزئية العديد والكثير من القصص والحكايا البطولية باشكالها المتعددة؛ الانسانية والاجتماعية والنضالية...والتي تصلح بمجملها لان تكون فيلما سينمائيا مطولا يروي قصة كفاح ومسيرة شعب لازال يرزح تحت الاحتلال.

في هذا الكتاب قصصا وحكايا تلهج بها الالسن، وتطرب لها الانفس، وتحن لها الذكريات، وتنسج حول الكثير منها الاساطير، وتفوح منها رائحة الفخر والاعتزاز، لكن الاهم انها تحفظ الذاكرة من العبث والتشويه والادعاء؛ يقول المؤرخ البريطاني “الشهير” هابل :"اذا أردت أن تلغي شعبا ، عليك أن تبدأ أولا بشل ذاكرته ولغته ،ثم تلغي ثقافته ، وتاريخه وكتبه ،ثم يكتب له طرف آخر كتبا وثقافة أخرى ، ويخترع له تاريخا وذاكرة ولغة أخرى ، عندئذ ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان ، ولا يصدق إﻻ ما اخترع له وعنه ، وبعد ذلك ينساه العالم.."

بين دفتي هذا الكتاب استعراض فيم وجزل، ومكثف ومزدحم، لسيرة ومسيرة اكثر من مائة شخصية مناضلة، حيث تمكن ابو عباية والبيروتي وبجهد فردي محض، متسلح بعزيمة وايمان الفدائي المؤمن والمتيقن بحتمية النصر، من جمع شهادات المناضلين زملائهم في الاسر، من اصحاب السيرة في هذا الكتاب، وهذه قيمة تضاف وتحسب لاهمية هذا الكتاب؛ اذ ان معظم القصص السيرية والشهادات الواردة في الكتاب - باستثناء قصتين او ثلاثة- جائت على لسان اصحابها وبين يدي البيروتي وابو عباية.

علاوة على قيمة هذه القصص واهميتها في التعبئة والتأطير، اذ ان كم كبير من هذه السير والتجارب الواردة بين دفتي الكتاب بجزئيه تصلح لان تكون مادة بحثيه وتعبوية تُدرس في المدارس والاكاديميات التي تختص في اعداد الكوادر الثورية والوطنية والتي يقوم على عاتقها حفظ العهد وصون الامانة ومواصلة الثورة حتى التحرير والنصر.

هذه الشهادات لو توافرت لباحثين مختصين ومؤسسات ذات كفاءة وملائة وخلفية وطنية لالفوا وكتبوا حولها العديد من الروايات والقصص، وانجزوا العديد من الافلام والمسلسلات...لكنه العجز والوهن الذي يملأ مؤسساتنا ويجعل بنيانها هشا تبطش فيه هبات الرياح المتلاحقة والمتصاعدة..

هذا الجهد المضاعف المبذول بين يدينا والموضوع بين دفتي الكتاب يُظهر بما لا يدع للشك امرين رئيسيين:

اولهما ان هناك اقلام وُكتاب لدينا كالبيروتي وابو عباية يقومومون بجهد كان يجب ان تقوم به مؤسساتنا المهترئة على اشكالها والوانها وتبعياتها المختلفة..

ثانيما ان ادوار البطولة وعهود الوفاء لمن سبق وصدق لا يُتقنها إلاّ اصحابها، فاقلامهم هي الاجدر والاقدر على كتابتها وتوثيقها، وذلك بعد ان تغبرت ببسطار ارجلهم كل ذرات التراب في شتى ساحات الوغى..

فالكتابة هنا لدى البيروتي وامثاله لا تعني إلاّ امرا واحدا؛ نقل البندقية من كتف الى كتف، او كمن ينتقل من ساحة معركة الى اخرى، فامثال هؤلاء من الرواد الاوائل يعون جيدا دورهم في صناعة التاريخ وفي حفظ اوراقه ايضا.

في هذا الكتاب تجارب خطت بالبارود والنار، وفي احيانا كثيرة بالدم ...

هذا الكتاب يستحق ان يعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة، وسيرة ابطاله تستحق ان تتزين وتفتخر بها كل الالسن،
فكم من رجل يعد بالف رجل...
وكم من الف تمر بلا تعداد...

طوبى وطيب، للبيروتي وامثاله، القابضون على الجمر، الواثقين الخُطا، والمتحملين عنا كل اعباء هذه الرحلة والمرحلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن