الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح الأمم المتحدة بين الأمل والواقع 6/7

سليم يونس الزريعي

2022 / 10 / 17
دراسات وابحاث قانونية


ولذلك فإن مجموعة الأربع المكونة من البرازيل وألمانيا والهند واليابان، تطالب بستة مقاعد دائمة في مجلس الأمن من بينها مقعدين إلى أفريقيا، وهذا المطلب يتقاطع مع المشروع الأفريقي الذي يطالب بمقعدين دائمين وخمسة مقاعد غير دائمة، ذلك أن مجلس الأمن في صورته الراهنة، كما يرى الاتحاد الأفريقي يعكس صورة العالم منذ ستين عاما، في حين أنه يجب أن يعبر عن الواقع الحالي(2).
وفي هجوم مضاد تقوم به الدول الدائمة العضوية، وهو يأتي أيضا في سياق ممارستها نوعا من الإرهاب السياسي للضغط على مجموع الدول التي تسعى للنيل من امتياز الاعتراض(الفيتو)، كونه يمثل عنوانا صارخا على غياب المساواة، تروج تلك الدول الفكرة دعم وتطوير قمة الدول الصناعية السبع مع إضافة روسيا واستخدام تلك القمة كبديل عن الأمم المتحدة أو كمجلس لإدارة العالم، يعلو منظمة الأمم المتحدة(3).
وتعارض مجموعة مصلحية أخرى من دول الجنوب والشمال تلك المقترحات المقدمة من مجموعة الأربع، لسبب وحيد أنها تتجاوزها، ليصبح الأمر أكثر تعقيدا وصعوبة في ظل الممانعة التي تبديها الدول الدائمة العضوية على مديات التوسيع في مجلس الأمن، وأيضا على الدول المرشحة بعينها لدخول المجلس.
فالولايات المتحدة الأمريكية رفضت مسودة القرار الذي تقدمت به مجموعه الأربع، التي تطالب فيه بإدخال تغييرات جذرية على مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ذلك أن الولايات المتحدة تدعو لضم عضوين آخرين أحدهما اليابان، لكن على أن لا يتمتعا بحق الاعتراض(1).
فيما ترى الصين ضرورة الالتزام بالتوازن الجغرافي ومراعاة التشكيلات الثقافية والحضارية المختلفة، لذلك يجب على كل مجموعة إقليمية التوصل إلى توافق بشأن مشروعات الإصلاح الخاصة، ويرى الجانب الصيني أن مبدأ التناوب وليس العضوية الدائمة الذي تدعو إليه بعض الدول يستحق أن يوضع موضع الاهتمام والدراسة(2).
ولعل المفارقة التي يعيشها الواقع الدولي، أنه إذا كانت بعض الدول تطمح في مجلس الأمن، فإن البعض الآخر قد اختزل تلك العضوية بتجريدها من امتياز الاعتراض وقصرها على العضوية الدائمة فحسب.
ومع ذلك فإن هناك تجاذبات تدور بين المجموعات الطامحة، حول أي الدول التي تستحق نيل العضوية الدائمة، وهذا التجاذب مستمر حتى داخل المجموعة الواحدة، وكذلك بين الأعضاء الدائمين حاليا وبين كل الدول، خاصة وأن أي تغيير في مجلس الأمن لابد وأن ينال موافقة الدول الخمس دائمة العضوية، إضافة إلى ثلثي أعضاء الجمعية العامة وعددهم193عضوا.
وفي ذلك يدور الصراع على مستوى التجمعات الإقليمية والدول، لتبرز بعض"التكتلات المصلحية" التي تضع نصب أعينها عضوية مجلس الأمن وحق الاعتراض دون النظر في التجربة البائسة لما أفرزته مسيرة مجلس الأمن على مدار أكثر من سبعة عقود من منح ذلك الامتياز للخمسة الدائمين.
وكان الحديث عن عدم المساواة الذي يقرره حق الاعتراض الذي ناضلت من أجل إزالته الدول طوال تلك الفترة قد حل محله لدى البعض من الدول، السعي من أجل تكريس عدم المساواة التي طالما نددت بها المجموعة الدولية ومنها هذه الدول الطامحة لمقعد دائم في مجلس الأمن، بین الأعضاء الدائمين وبقية أعضاء الأمم المتحدة، وهم يبحثون عن موقع يقرر شرط عدم المساواة، إن لجهة العضوية الدائمة أو حصول أيا منهم على امتياز الاعتراض(الفيتو).
ومع أن مبدأ التوسيع يكاد أن يكون هناك اتفاق غالب بشأنه، غير أن السؤال هو: إلى أي مدى سيكون هذا التوسيع؟ وهل سيرضي كل الأطراف؟ خاصة وأن الدول الدائمة العضوية لازالت تمسك بمفاتيح الحل، فإذا كانت الصين تدعو للتوسيع والتناوب والولايات المتحدة مع التوسيع ولكن بشكل محدود وبشروط مجافية، إلا أن تلك الدولتان تعارضان خطة المجموعات الأربع في التوسع وكل له أسبابه.
فالصين لا تريد أن تحصل اليابان على مقعد دائم في مجلس الأمن وتفضل أن يضم المجلس أعضاء دائمين من الدول النامية، فيما تؤيد الولايات المتحدة مسعى اليابان، لكنها ترى إضافة عضوين دائمين إلى المجلس ولكن دون "فيتو"، وفي المقابل تبرز مجموعة أخرى من الدول تضم باكستان والأرجنتين وكندا تعارض اقتراح مجموعة الأربع، فهذه المجموعة ترى أنه لا يجب أن يتضمن مجلس الأمن أي عضو دائم جديد، بل فقط أعضاء غیر دائمين، ودون اعتراض(۱).
كما تعارض إيطاليا من جانبها منح ألمانيا واليابان والهند والبرازيل مقاعد دائمة فقد حدد وزير الخارجية الإيطالي "إينزو مورافو" عام 2005 موقف بلاده من ذلك بالقول "إن قناعتنا بأن قبول أعضاء دائمين جدد لا يمثل إصلاحا حقيقيا لهيئة الأمم المتحدة، إن إصلاح الأمم المتحدة يتطلب الحصول على إجماع الدول التي تمثل القارات الخمس، مما يعطيها الشرعية "، ويضيف "لذلك أعتقد أن منح العضوية الدائمة لأربع دول فقط يضعف الهيئة الأممية".
وفي لقاء للوزير الإيطالي مع ممثلي۱۱۹عضو في الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2005 في نيويورك أكد على موقف بلاده الداعي إلى اعتماد مبدأ التداول على المقاعد التي ستترتب عنها عملية توسيع مجلس الأمن حتى يعتبر أكثر تمثيلا وديمقراطية(2).
أما الموقف الأفريقي الذي يشكل أهمية خاصة لدى جميع الدول، فإن وزير الدولة للشؤون الخارجية الجزائري، قد أكد على أن الجزائر تتمسك بثبات بمخطط التوسيع لمجلس الأمن، مع الأخذ في الاعتبار "معايير الديمقراطية والإنصاف التي لامناص منها " ذلك أن تصريح هراري قد كرس مبدأ هاما بالنسبة للبلدان الأفريقية، "وهو مبدأ التداول الذي مكنها دوما من ممارسة مهمة تمثيل القارة والحفاظ على وحدتها وتلاحمها الضروريين، كما أن هراري كرست مطلبا ثانيا يتمثل في منح أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن مع حق الفيتو، وخمسة مقاعد غير دائمة"(1).
ومع ذلك يبدو أن هناك تباينا في مواقف الدول الأفريقية في كيفية توزيع المقاعد على دول القارة، بموجب خطة مجموعة الأربع، فهناك العديد من الدول التي تطمح في العضوية الدائمة منها جنوب أفريقيا، ونيجيريا، وأنجولا، ومصر، وليبيا، وغامبيا، والسنغال(2).
وفي ظل هذا التنافس المشروع حاولت الدول الأفريقية أن تتجاوز فخ الاستقطاب، إلى محاولة تأكيد وترسيخ قواعد قانونية عامة، بأن تكون المقاعد الدائمة المخصصة لأفريقيا في مجلس الأمن الدولي باسم الاتحاد الأفريقي وليس لدولة أفريقية بعينها(3).
ومع أن جميع الدول تتحدث عن الإصلاح، فقد جرى حصر ذلك في توسيع مجلس الأمن، وليس في التخلص من الأساس الذي خلق ذلك المأزق في التنظيم الدولي، والمتمثل في امتیاز حق الاعتراض(الفيتو)، بقصر العضوية الدائمة على عدد محدد من الدول، وهو ما يعيدنا إلى سبعة عقود إلى الخلف، وإلى نفس الاقتراحات التي تقدمت بها الدول الصغيرة عام 1945 في مواجهة الدول المنتصرة آنذاك، إما بزيادة عدد العضوية الدائمة أو إنشاء مراكز شبه دائمة، وللأسف على ضوء هذا المشهد يبدو أن التاريخ يكرر نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع