الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص وذكريات مع الشعر

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 10 / 17
سيرة ذاتية



Lattakia City 09:25 GMT
(بناء على طلب الرموشة وهذا المقال بإيحاء من حوار صباحي مع الإعلامية Reema Naissah )
للحصى عَرَقٌ و مرآةٌ
و للحطّاب قلبُ يمامةٍ
أنساك أحياناً لينساني رجالُ الأمنِ
يا امرأتي الجميلةَ تقطعين القلب و البَصَل
الطريَّ و تذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يديَّ..(محمود درويش)
عادة ما ادندن وانضح من ذاكرتي المتعبة والمثقلة بابيات شعرية كنت حفظتها من ايام الصباب والشباب وتفتح الذهن على عوالمه الفسيحة، واليوم، وانا اعتّب باب شقتي، كنت ادندن بهذه الأبيات الجميلة والقصيدة القديمة لمحمود درويش التي كتبها منذ حوالي النصف قرن إلا نيّفا، وكانت ام العيال منهمكة في حديث صباحي "صبحية" يومية مع "ام العيّال" على الاثير العنكبوتي، فالتقطت كلماتي، على الفور، آذان الرموشة (وهي عاشقة مزمنة لنزار وتحفظ معظم اشعاره وتقتنيها)، فاعتقدت-الرموشة- لوهلة انها لنزار، فقلت لها لا لا هي لمحمود درويش، كتبها أيام أحداث تل الزعتر، فقالت لي، ياه ما أجملها، فوعدتها بنشر هذا المقطع الجميل، مع استفاضة، تجسيدا للحظة، لكن ذروة وأجمل ما في القصيدة حين يقول:
يا خَضْر كلَّ الريح
يا أسبوع سكّرْ !
يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر و زعترْ
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصمْ
و تقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفةِ
و التردد .. و الملاحمْ
نحو اقتحام المرحلهْ
و تقول : لا
و يدي تحياتُ الزهور و قنبلهْ
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلهْ
و تقول : لا
يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوحِ
و بالشموس المقبلهْ
و تقول : لا
يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج
فوق المقصلهْ
و تقول : لا
و تقول : لا
و تقول : لا!
ورغم تحفظي على النزعة العروبية العنصرية الباطلة والجوفاء لدى درويش، وهيامه الأجوف وفخره التقليدي الكلاسيكي "البعثي" بمن يسمون بـ"العرب"، وقصور رؤيته اليسارية والماركسية وتشوهها في قراءة تاريخهم وسيرتهم الإجرامية والعدوانية والتوسعية الاستعمارية، وهذا الوعي كان قد تشكل لديّ، حقيقة، في مراحل لاحقة من تكويني الثقافي والفكري، ففي تلك المرحلة ربما كنت أشاطره تلك النزعة العروبية الفاشية، وهذا ما ساهم في حفظي السريع "أيام اللولو" لمعظم أشعاره، وترديدها عفويا، وتلقائياً، واعتبارها مسلّمات، وحتى متابعتي، وحضوري للأمسية الشعرية في العام 1977، (إن لم تخني الذاكرة) على مدرج جامعة دمشق لمن يذكر ذلك، ومن أجمل ما قيل في ذات القصيدة:
و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداكَ
و حين تشعلنا اليراعهْ
مشت الخيولُ على العصافير الصغيرةِ
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجهُ الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيداً في الغمام و في الزراعهْ
لا وقت للمنفى و أُغنيتي ...
سيجرفُنا زحامُ الموت فاذهب في الرخام
لنُصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
وبنفس السياق، وحقيقة كنت ذواقا وكاتباً للشعر، في مرلة ما، وكتبت الكثير من القصائد، منه ما نشرته، على الخفيف، في حينه، ومنه ما لم ينشر، وفي أيام الصبا وزهوة العمر والشباب، "أيام اللولو"، وكنت طالبا في مرحلتي الجامعية الأولى، بجامعة دمشق، قسم اللغة الإنكليزية وآدابها، وكنت قد حضرت، أيضا، أمسية لمظفر النواب، وكان المشهد الثقافي الدمشقي غنياّ ومتالقا ودافقا، لكن في نزعه الأخير، قبل ان يتم تحجيمه بعد الاجتياح الأمني والعسكري للمجتمع السوري وإخضاعه كليا لسطوة العسكر البعثي، إذ كنت، كعادتي، ذات مرة، اردد، أيضا، أبياتا شعرية من قصيدة النواب الشهيرة "دندنات ليلية"، وكان المرحوم والدي، ينصت لي بشغف، دون معرفتي، وكان يساريا ثوريا واشتراكيا بفطرته الريفية الطيبة النقية والصافية، وقد أعجب بها أيما إعجاب، فقال لي يا ابني، أعد لي قراءة هذه الكلمات الجميلة، فأعدتها عليه بصوت وإلقاء شعري إذاعي، وكانت بداية تفتق ميولي الإعلامية وقتذاك، وصرت، وحتى وفاته، وكان يطلب مني ترديدها، دائماً، وقد سُحر بها، ويستمع لها بإنصات وشغف عال، فالقيها على مسامعه وكنت أشعر بسعادة عارمة تغمر كيانه، وأنا ارددها امامه، وربما كانت أكثر ما تبهره عبارة: "أما أنا فلا أخلع صاحبي"، التراثية وخلفيتها الثورية العلوية وارتباطها بالصراع السياسي الأموي-الشيعي على السلطة، وحدوث خدعة التحكيم الشهيرة الماكرة التي اجهضت من يومها الجناح اليساري بالإسلام، وقضت عليه، (كتاب اليمين واليسار لأحمد عباس صالح) وتداخل كل ذلك مع تنشئة الوالد الدينية وميوله اليسارية، ومن هذه الأبيات:
أما أنا، فلا أخلع صاحبي
عاشرته، و خبرته، و عرفته
و لذا لا أخلع صاحبي
من هذه الأرض ابتدأت دعوة
ابتدأ بها إسماعيل ثم تلاقفها القرامطة
و أنا قرمطي
أولئك قالو: مشاعة الأرض، و مشاعة السلاح
و لكن لم يقولوا مشاعة الإنسان
و أنا أيضاً مع مشاعة الأرض، و مشاعة السلاح
و لكنني لست مع مشاعة الإنسان....
وحتى نلتقي: ستودعكم بعل وباخوس وبأمان عشتار...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم يسمع غناء الموناليزا باستخدام الذكاء الاصطناعي


.. مداخلة المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا بشأن تطورات الحرب عل




.. هل تحظر أميركا تطبيق تيك توك قريبا؟


.. سائق يتسبب في حادث مروع بعد تجاوزه إشارة المرور في بريطانيا




.. وزير المالية الإسرائيلي يدعو إلى اقتحام رفح بأقصى سرعة وتدمي