الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكلِّ يومٍ خريف

سارة سامي
كاتبة وشاعرة عراقية

2022 / 10 / 19
الادب والفن


خلف باحةٍ من الرُّخام..
تغفو قصاصاتُ الشَّجر بأمانٍ مُفتعل مُستغرقةً بسُباتٍ عميق لتستيقظ وتتطاير فيما بعد مع ثِياب الرِّيح.
صريرٌ خافت وهديلٌ مُتلاشٍ..
هنالك حزنٌ يدفُن رأسه بين كومةٍ من أوراقِ الخريف..
هنالك قصةٌ حمراءُ التجاعيد تنتظرُ من يكنسها عن الطريق، ليبدو الزقاق أكثر دهشة، غير أنِّي كنتُ لأتركها مبعثرةً وعابسةً كما هي، فللتجهُّمِ هيبتُهُ وسحرُه وإن كان نقيض الإبتسامة.
لطالما أحببتُ الخريف وأحببتُ أحزان وجههِ المُتغيِّر وأنتظرتُ حلوله كلَّ عامٍ كما أنتظر هطول المطر. فالخريفُ الأشقرُ هطولٌ من نوعٍ آخر، ولربما كانت تدرجاته بقايا حنَّاء تساقطت من ضفائر الشَّمس وهي تلفظُ القشرة عن فروةِ رأسها بتغيُّرِ الفصول..
هكذا كنتُ أرى..

لكلِّ خريفٍ جُرح
يبدو لي الحزنُ العميق إلتهابَ الخريف المُزمن فسُعالهُ الجاف لا ينفكُّ عن صبغ حنجرتي بالأسود، لأبصق أياماً بلونِ ليلها المُتقرِّح. فأصبحَتْ مرارةُ الفقدِ حساءَ أيلولَ البارد ولظى الأيام رغيفَهُ النَّاشف، ليعود تشرين بمائدتِهِ العامرة، بدفئِهِ وصغارهِ مُجتمعين من حولي على رائحةِ عجينٍ مُختمر.. تتشكل كراتهُ مابين أيدينا قمحاً لزجاً حتى يُصيِّرُها الفُرن الى فطائر، واهبةً من رائحتها ونكهتها بهجةً الى قلبي.

لم تخدشني أظافر تشرين يوماً وإن تجمَّع الِّلحاء في الساحات ناتئاً حاداً وإنتفض الغِصنُ الأخضرُ ب(نريدُ وطن) فمنذ تبرعمِ الصِّبا وهاجسُ الوطن ينتأ من روحي، حتى صلبوه على الجسر، فصلبوا بذلك زهرة تشرين بصوتِ فيروز وهي تبثُّ حُزنها رخيماً ب(بعدك على بالي) بأحد مقاهي الرُّصافة.
ولربما...
لم ترمني أيامه بحريقها يوماً، حتى إحترقتْ أوراقُه وغابت عن الشِّعر أفصحُ قصيدةٍ غنَّتها الثورة، ليبقى الخريفُ موسمَ الغياب والحزنِ المُتراكم بباحةِ الرُّخام حيث قلبي وذاكرته..
وحيث حُلمي ووطنه الغائب.

س.س.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة