الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف حرق الإخوان كليتنا مرتين

أحمد فاروق عباس

2022 / 10 / 19
سيرة ذاتية


كان ذلك فى نهاية الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي ٢٠١٣ - ٢٠١٤ وكانت إمتحانات نهاية التيرم ، وكان اليوم هو يوم السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣ ..
وكليتنا هى كلية التجارة فى جامعة الأزهر ، فى مقرها الرئيسى فى ضاحية مدينة نصر شرق القاهرة ..

خرجت من منزلى القريب من الجامعة مبكراً ، فقد كان ذلك هو أول أيام الامتحانات بعد فصل دراسى شديد الصعوبة ، تخللته حوادث غير مألوفة ..
كانت الامتحانات تبدأ الساعة العاشرة صباحاً ، وبمجرد وصولى إلى مدخل الجامعة من ناحية طريق النصر ، وغير بعيد عن نصب الجندى المجهول والمنصة ، حيث قتل الرئيس السادات من ثلاثة عقود ، وجدت أمامى منظراً لا ينسى ..
دخلت من باب الجامعة الرئيسي لأرى ألسنة اللهب ترتفع عالية من كليتنا ، ومحاولات كر وفر هنا وهناك ، ومحاولات مضنية لإطفاء الحرائق المشتعلة ، أصبت بغصة شديدة ، ولم أدر ماذا افعل ..
رجعت إلى منزلى وادرت التلفزيون ، كانت بعض القنوات تنقل الحدث وتستضيف بعض المتحدثين ..

كان طلاب الإخوان يتوعدون الجميع خلال الفصل الدراسى الاول ، فلم يكن مقبولاً من وجهه نظرهم استمرار الدراسة أو عقد الامتحانات تحت سلطة الانقلاب كما يسمونه ..
وهنا جرت محاولات متعددة لتعطيل الدراسة ، وجرى تهديد العميد وقيادات الكلية أكثر من مرة ، ولمَّا لم تنفع تلك التهديدات كان الحل إحراق الكلية بمن فيها !!!

وبعد نهاية اليوم اتضح أن الجانب الأيمن من الكلية قد أحترق بالكامل ، واحترقت معه بالكامل حجرة ومكتب عميد كلية ، وحجرة ومكتب رئيس قسم الإقتصاد ، وحجرة ومكتب وكيل الكلية ، وأثار الحريق والدمار تملأ كل الارجاء ..
كان منظراً يدمى القلوب ...

وكان أغرب الأمور - وإن كان متسقاً مع ما جرى بعد ذلك - هو قيام بعض المتعاطفين - وربما الأعضاء - من الإخوان باتهام الشرطة بإحراق الكلية !!!!!
فمادام إحراق الكلية قد تم أمام الجميع ولا يجدى إنكاره ، فكان البديل اتهام الشرطة بالفعل لابعاد التهمة عن الإخوان !!

وكالعادة .. كان الجبن والكذب في دمهم ، فمادمت قد فعلتها لماذا لا تقف رجلا وتقول اننى فعلت ، وهذه أسبابى وليقتنع أو لا يقتنع من يريد ..

ولكنها العادة التى ستتكرر آلاف المرات ؛ يفعلون الجريمة ثم ينكرون ، ويلصقونها بغيرهم ، وهناك آلاف " الأذكياء " من تابعيهم يعرفون أنهم لن يسألوا ، وحتى ان سألوا فالمبررات " الشرعية " جاهزة !!

ولم يتوقف أحد منهم ليسأل نفسه ، مادامت الدولة وجهاز الشرطة قد تخلصت من الإخوان، بل ومن أكبر الرؤوس فيهم ، فلمِ تحرق الكليات الجامعية واقسام الشرطة نفسها بالإضافة إلى المحاكم ، وتدمر أبراج ومحطات الكهرباء ، وتدمر مديريات الأمن وتقتل ضباط الشرطة والجيش ؟!!

هل لالصاق التهمة بتنظيم هى تخلصت منه بسهولة ؟! بل ووضعت قيادته كلها فى قبضتها ، وباستثناء أعضاء هذا التنظيم وبعض المتعاطفين معه فالشعب موافق على ذلك أو على الأقل غير مبال ..

اصرت قيادة الجامعة على عقد الامتحانات ، وتم ذلك بالفعل بعد يومين ، وفى المدرجات التى سلمت من الحريق أقيمت الامتحانات ، وكان ضباط الشرطة على مداخل الكلية وفى طرقاتها خوفاً من تكرار الأمر مرة أخرى ..
ومرة اخرى تتعالى همسات المتعاطفين مع الإخوان - وربما الأعضاء - اعتراضاً على وجود جنود الشرطة في الكلية ، فقد جرح إحساسهم ذلك ، بينما لم يحرك حرق الكلية وتدميرها مشاعرهم المرهفة !!
وكانت تلك قصة الحريق الأول للكلية ..

تكرر الأمر مرة أخرى فى إمتحانات التيرم الثانى وكان ذلك فى ٢٢ مايو ٢٠١٤ ومازلت أتذكر تلك الأيام القاسية ..

كان اليوم الأول والثانى قد مرا بسلام لقوة الاحتياطات المتخذة ، ولكن مع اليوم الثالث حدثت المفاجأة ..
كانت الامتحانات تقام على فترتين صباحية ومسائية ، وكانت هناك ساعة إستراحة بين الامتحانين ، نستريح فيها ، حيث نأكل بعض السندويشات أو بعض المشروبات ، وفجأة حدث ما لم يكن فى حسبان أحد .. أغلقت علينا أبواب الحجرات ، وسمعنا أصوات انفجارات ثم مولوتوف ودخان شديد يملأ المكان ..
كان تصميم طلاب الإخوان أن يقتلوا أو يؤدبوا الكلية بكل من فيها لأنها تجرأت وعقدت ثانية الامتحانات فى ظل الانقلاب كما يسمونه !!
كدنا أن نموت اختناقا ، وكان بيننا بعض الاساتذة من كبار السن ، وكانت الدقائق تمر بطيئة ، ولولا أننا فتحنا شبابيك الحجرة المطل على الجانب الآخر لإدخال بعض الهواء لمتنا اختناقا ..

جاءت عربات الشرطة وسيطرت على الموقف ، ومعها عربات المطافئ ، وتمكن رجالها من إقامة سلم صناعى إلى الدور الثالث حيث كنا محبوسين وانزالنا بواسطة تلك السلالم بسلام ..

احترقت هذه المرة أيضا بعض الحجرات والمدرجات ، والأهم كان احتراق الكنترولات ، وهى الحجرات الكبيرة المخصصة لأوراق إجابة الطلاب من كل الفرق ، هذه السنة والسنة السابقة والتى قبلها ، ومعها النتائج النهائية المعتمدة لكل الفرق !!
أى أن ذاكرة الكلية وتاريخها ذهب مع السنة اللهب المشتعلة فى كل مكان ..

وعرفنا فيما بعد أن ما حدث فى كليتنا تكرر فى أماكن أخرى كثيرة ، حيث كليات مثل كلية الزراعة والهندسة والعلوم وكليات أخرى أصابها ما أصابنا ..
تلك كانت قصة فصل دامى مما فعلته ايدى التعصب والتطرف الذي يبثه تنظيم الإخوان فى أبناءه ..

وتلك لمحة بسيطة من سلمية الإخوان !!
لم نكن نحن رجال شرطة ولا رجال جيش ولا رجال قضاء ( المؤسسات الثلاثة التى يدخل الإخوان معها في عداء وجودى ) ومع ذلك نالنا من سلميتهم الحرق ومحاولات القتل ؟!!
نحن مؤسسة تعليمية ، وتنتمى للازهر ، ( فلسنا مثلا قسم شرطة أو ثكنة جيش أو محكمة قضاء ) بالإضافة إلى أننا لم لم نقترب من أحد منهم ، ولم نؤذه ولو بكلمه ..
ولكن كانت النتيجة واحدة !!
كانت تلك ذكرى أيام قاسية ، رأينا فيها كيف يصل التطرف والتعصب وجمود العقل بأصحابه ..
ورأينا فيها الإرهاب ليس مشاهد تلفزيونية ، بل حياً بيننا يقتل ويحرق ويدمر ويروع الجميع ..
وفهمنا أي مصير كان ينتظر مصر مع هؤلاء لولا لطف الله ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة