الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطباء من زمن الفوضى

حسين التميمي

2006 / 10 / 3
حقوق الانسان


لي بعض القصص والمواقف التي لاتسر .. حدثت على مر مراحل العمر ولأكثر من ربع قرن مع بعض الأطباء ، وربما بسبب مصادفات غريبة لم التق بالطيبين منهم الا فيما ندر ، ولو سئلت الآن عن خلاصة هذه التجربة لقلت : ان بعض الأطباء الذين صادفتهم وليس جميعهم يتصفون بالنزق وبالتعالي والغرور وبالانانية والكثير من الصفات الأخرى التي تخفي خلفها مركب نقص غريب ولمعرفتي ببعضهم منذ سنوات الطفولة صرت على يقين بأن هذا الـ (بعض) قد تعرض في طفولته الى تجارب قاسية والى حالات فقر وعوز شديد دفع بهذه الشخصيات ان تبز اقرانها في الدراسة ليس من اجل تقديم الخدمات الانسانية للبشرية ، انما لتصفية بعض الحسابات مع المجتمع الذي ظلمهم في السابق ، وبالتالي فأن الكثير من هؤلاء قد استطاعوا ان يحققوا الكثير من رغباتهم في الثأر والانتقام من اناس لاحول لهم ولاقوة ، والمصيبة الأكبر أن كل هذا يحدث (كما افادني احد المختصين بعلم النفس ) في منطقة اللاشعور من الدماغ .. اي ان الطبيب المعني ينتقم من مرضاه وفقا لمعادلات يمليها عليه عقله الباطن وتكون مبررة بالنسبة له ولا تشكل اي تعارض مع مايسمى بالضمير لديه ، وقد يقول قائل بأن هذا أمر مبالغ به ، وأن كل ماقد حدث في السابق ويحدث الآن هو مجرد اخطاء تنم عن قلة خبرة أو سوء تقدير للحالة المرضية ، وهذا جائز او محتمل في بعض الحالات ، لكن نتسائل هنا للتذكير لااكثر عن عدد حالات خطف الأطفال وغير الأطفال في سنوات الحصار ممن تم استئصال اجزاء من اجسادهم كالكلية او غيرها ، وهل من قام باجراء هذه العمليات وفي مستشفيات خاصة هم اطباء ام جزارين ؟ (مع احترامي الشديد للجزارين ولكل المهن الاخرى)
وماذا عن حالات الولادات القيصيرية والعمليات الاخرى التي لم يكن يحتاج اليها المريض لكن قام او قامت بها الطبيبة من اجل استحصال اجور العملية الجراحية بدلا من استحصال اجور ، وشتان مابين اجور ولادة طبيعية واخرى قيصيرية وشتان مابين اجور عملية جراحية واجور التداوي والعلاج بدون عملية .
ولكي لانذهب بعيدا ونستعرض امور اخرى تتعلق بمئات بل آلاف التجارب التي تعرض لها المرضى نكتفي بالحديث عن صورة او حكاية حدثت قبل أيام في قسم العناية المركزة ببعقوبة : ثمة رجل في الستين من عمره تقريبا قدم من مدينة بلدروز برفقة ولديه ، وبعد اجراء الكشف عليه تقرر وضعه في العناية المركزة ، وعند زيارة طبيب الخفر لغرفة العناية المركزة سأل عن الشخص الذي يرافق هذا المريض فأجاب الابن الأكبر : انا . قال له الطبيب انا سأذهب الى النوم وعليك بمراقبة هذا الجهاز (وهو جهاز التخطيط الذي يؤشر لنبضات القلب ومدى ارتفاعها او انخفاضها . الولد قال للطبيب : دكتور انا قروي لااعرف الكتابة والقراءة فكيف بالتعامل مع جهاز معقد كهذا ؟ . لكن الطبيب لم يكلف نفسه عناء النظر الى الفتى وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ثقلت جفون الفتى فنادى على اخيه الاصغر سنا وطلب منه ان يتابع الجهاز ، الولد الصغير انصاع للأمر وبدأ ينقل طرفه بين شاشة الجهاز وبين والده الراقد على السرير دون ان يفقه شيئا ، بعدها بقليل ظهرت خطوط مستقيمة على الشاشة وصفير ناعم يؤشر لتوقف قلب المريض لكن الولد الصغير بقي ساهما ينظر الى الشاشة والى والده النائم فوق السرير دون ان يفقه شيئا . شخص آخر كان يرافق مريضا آخر على سرير مجاور انتبه للصوت بعد مرور دقائق قليلة ، اقترب من الجهاز ونظر اليه مليا ثم نظر الى الولد الصغير وصرخ به اذهب لايقاض الطبيب والدك يوشك ان يموت ، الصغير ايقض اخاه وهذا بدوره ذهب مسرعا الى غرفة الطبيب الخفر وهو يصرخ : دكتور ابي يموت !! الطبيب الخفر صحى من النوم بعد طول عناء وصراخ افتعلها الشاب كي يوقظه . سأله الطبيب حين صحى من النوم ببرود وهدوء : ماذا حدث . الفتى صرخ بقوة : دكتور ابي يموت .. ابي سيموت .. الحقه بالله عليك . الطبيب تثائب ثم رفع يديه الى الأعلى كمن يتهيأ لعمل تمارين رياضية ، ثم اخذ يبحث على مهل عن نعاله وتبع الولد الذي كان يركض في الممر الذي يفصل غرفة الطبيب عن غرفة الانعاش فوصل الى الغرفة في دقيقة واحدة بينما استلزم الأمر من الطبيب عدة دقائق كي يصل ، بعدها نقّل هذا الأخير ابصاره بين المريض وبين شاشة الجهاز ثم قال لشخص آخر تم استدعائه (ربما يكون ممرضا او مساعدا) : شغل الجهاز المنشط واعطيني القفاز الصاعق . ثم ان الطبيب وضع قبضتا القفاز فوق صدر المريض وصعقه بقدر معين من التيار الكهربائي ثم زاده قليلا ، وحين لم يتحرك المريض ولم تتغير الاشارة في شاشة الجهاز ، طلب الطبيب من ذلك المساعد ان يضرب على صدر المريض بقبضته عسى ان تنفع احدى الضربات في تنشيط القلب واعادته الى وضعه الطبيعي ، قال الطبيب للمساعد هذا يكفي لقد فارق المريض الحياة ، ثم مضى بذات الهدوء والتأني في السير الى سريره ليكمل نومه !! الولد الصغير لم يفقه حقيقة ماجرى كذلك اخوه الكبير ، واستمرا ينظران الى وجه والدهما الميت والى الجهاز وهما يأملان ان يختفي صوت الصفير كي يعاود والدهما التنفس والحياة . الشخص الذي حضر هذه الواقعة المؤلمة وراقب كل شيء ، اخبرهما بان والدهما قد توفي ، فانهمرت منهما الدموع وتعالا البكاء بينهما دون ان يفقها ماذا عليهم ان يفعلا ، ولأن الفجر لم يكن قد اذن بعد فقد حسب ذلك الشخص بأن عليه ان يغطي وجه الجثة وأن يسعى في سبيل نقلها الى الثلاجة ، وبعد عناء شديد استطاع ان يفهم الابن الاكبر بأن والده لم يعد على قيد الحياة وأن من الواجب نقله الى ثلاجة الموتى ، ولكي يتم هذا الأمر فهما بحاجة الى نقالة ذات عجل ، وبعد طول نقاش مع المسؤول على النقالات وبعد دفع مبلغ من المال استطاعا ان يحصلا على النقالة ، وحين وصلا الى الثلاجة وتحدث الشخص الذي ذكرته من قبل مع مسؤول الثلاجة رفض هذا الأخير استلام الجثة بحجة ان الثلاجة ممتلئة وحين اعترض الشخص وقال له : لنضعها في ارضية الثلاجة حتى يحل الصباح ، فرض . وحين عادا بالجثة الى غرفة العناية المركزة رفض القائم على غرفة العناية المركزة اعادة الجثة وقال لهما ضعوها في الممر حتى الصباح !! ومع قدوم المنظفين كانت الجثة ترمى عن اليمين وعن اليسار من اجل تنظيف هذا الجزء او ذاك من الممر والاولاد يتعالى صراخهم وبكائهم مع كل حركة او نتقالة تصيب الجثة ، دون ان تنفع اعتراضاتهم التي تقول في كل مرة : هذا ابونا !!
ترى .. ماذا عن الانسانية ؟ وماذا عن الانسان وحقوقه .. حيا وميتا في بلد مسلم كالعراق ؟ وهل يرضى هذا الطبيب او ذاك بأن يعامل جثمان والده او والدته بهذا الاستهتار واللانسانية ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ


.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|




.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي


.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل




.. قد تصدر مذكرات اعتقال لنتانياهو.. ما هي الجنائية الدولية؟