الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر؟

احمد البهائي

2022 / 10 / 20
الادارة و الاقتصاد


قال محمد معيط وزير المالية المصري ،أن مصر تعمل على حل النقاط الخلافية مع صندوق النقد الدولي خلال المفاوضات الجارية بشأن برنامج القرض الجديد، مضيفا "مثل أي محادثات، دائما هناك وجهتا نظر اتفقنا على بعض النقاط واختلفنا على نقاط أخرى"،بينما قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي "إن مصر بحاجة لتحقيق تقدم حاسم في إصلاحات مالية وهيكلية" .

اذن ، من هنا نستشف،بما لايدع مجالا للشك،ان صندوق النقد الدولي هذه المرة لا يريد الاكتفاء بالتعاون والتنسيق مع الحكومة المصرية ،بل يريد ان يتولى بنفسه ،(1)اصلاح السياستين المالية والنقدية المصرية بهدف القضاء على الاختلالات القائمة ،(2) وضع السياسات والإجراءات التفصيلية المتعلقة ببرنامج القرض الجديد،(3) كذلك تحديد حجم التمويلات المالية المقدمة من البلدان والهيئات الدولية المانحة وربطها بمدى التقدم الذي ستحققه الحكومة المصرية تجاه الالتزام بتنفيذ برنامج القرض المرسوم من قبل صـندوق النقـد الدولي،والذي يؤكد ذلك،انه عند تقييم الصندوق لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي كان قيمته 12 مليار دولارالذي تم الاتفاق علية في 2016،وكذلك برنامج الاستعداد الائتماني الذي كان قيمته 5.2 مليار دولارالذي تم الاتفاق عليه مع مصر في عام 2020 ،اتضح ان السلطة النقدية والمالية في مصر لم تحقق الاستقرار الاقتصادي المرجو، نتيجة الفشل في اتخاذ مجموعة من الإجراءات في إطار إصلاح السياستين النقدية والمالية،بما يؤدي إلـى القـضاء علـى الإختلالات الهيكلية القائمة، والحد من تمويل العجز في الموازنة العامة من مصادر تضخمية،وهذا ما جعل الصندوق مصمم على ان يتولى بنفسه تنفيذ برنامج القرض الجديد من اجل مواصلة الاصلاحات الاقتصادية ، تكون اولا في شكل برنامج التصحيح الهيكلي المدعوم (Enhanced Structural Adjustment Facility) ،ياليه برنامج التمويل التوسعي (Facility Fund Extended ).

ومن هنا نقول : تلجأ بعض الدول الى إبرام إتفاقات مع صندوق النقد الدولي عندما يحدث تدهور في ادائها الاقتصادي بصورة تفقد حكوماتها بوصلة القيادة الاقتصادية ، وكذلك لتفاقم معدلات التضخم السنوية بها وبلوغها اعلى مستوياتها، اما في مصر هناك شئ غير مفهوم يدل على حدوث تقصير وعدم تقدير وتقديم دراسة جيدة للوضع الاقتصادي ، فالتضخم بدأ يظهر ويبلغ اعلى مستوياته بعد إبرام الاتفاق مع الصندوق والبدء في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي ، مما جعل كل الجهد منصب لكبح جماح التضخم على حساب النهوض والتنمية بالاقتصادي الذي من اجله تم الاتفاق ، فهناك عددا من القرارات التي اتخذت دون دراسة جيدة لآثارها الاقتصادية والاجتماعية على الاقتصاد الوطني ، واهمها قرار تعويم العملة الوطنية الذي كان كارثي بمفهومه الاقتصادي والاجتماعي ، كذلك التغاضي عن وضع دراسة شاملة تبين اهم الخصائص الذي يتسم بها الاقتصاد المصري وأهم العوامل الداخلية والخارجية والإختلالات الهيكلية التي يعانى منها الاقتصاد والتي شكلت بيئة مناسبة لتنامي الضغوط التضخمية ، حيث العوامل الداخلية الناجمة عن الزيادة في حجم السيولة المحلية والتي كانت السبب الاساسي في رفع نسبة النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي إلى إجمالي السيولة المحلية، ونمو السيولة المحلية بمعدلات سنوية تفوق معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مما ساهم في ظل السياسة المالية التوسعية التي انتهجتها الحكومية في زيادة حجم الإنفاق العام والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك النهائي الكلي (الاستهلاك النهائي العام، الاستهلاك النهائي الخاص ) ، ايضا من العوامل الداخلية ارتفاع معدل النمـو الـسنوي لحجم الائتمان المحلي عن معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي ، بالإضافة إلى ارتفاع حجم الائتمان المحلـي المخصص لقطاعات الإنتاج المادي غير المباشر وقطاعات التوزيع والخدمات مع الانخفاض في حجـم الائتمـان المحلي المخصص لقطاعات الإنتاج السلعي وبخاصة المخـصص لقطـاع الزراعة والصيد وقطاع الصناعات التحويلية ، كذلك دور العوامل الخارجية في تغذية الضغوط التضخمية في الاقتصاد ، من خلال الزيادة في أسعار الواردات نتيجة لحالة الجمود التي يعانيها جهاز الإنتاج المحلي ومحدودية العرض الحقيقي من السلع والخدمات، مما ترتب عليه لجوء الحكومة إلى التوسع في الواردات من الخارج لتلبية الزيادة في احتياجات السكان من السلع والخدمات، مما ساهم في انتقال الزيادة في أسعار السلع والخدمات من الأسواق العالمية إلى الاقتصاد الوطني. كذلك دور زيادة حجم المديونية الخارجية في ظل محدودية حصيلة الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي التي تساهم في عجز الاقتصاد الوطني عن سداد أعباء المديونية الخارجية (أقساط القروض والفوائد المستحقة). كذلك دور الإختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد الوطني في تغذية الضغوط التضخمية، نتيجة اختلال علاقة النمو بين قطاعات الاقتصاد القومي وارتفاع نسبة مساهمة قطاعات الإنتاج المادي غير المباشر وقطاعات التوزيع والخدمات في إجمالي الناتج المحلي في مقابل انخفاض نسبة مساهمة القطاعات السلعية في إجمالي الناتج المحلي، مما ترتب عليه ارتفاع حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات نتيجة الزيادة في حجم الدخول التي تولدت في قطاعات الإنتاج المادي غير المباشر، والتي وجهت نحو الإنفاق على السلع والخدمات في ظل جمود جهاز الإنتاج المحلي ومحدودية العرض الحقيقي من السلع والخدمات مما ساهم في حدوث ارتفاعات متوالية في مستويات الأسعار المحلية .

ونتيجة إهمال الحكومة في تقديم ورقة دراسية شاملة لتلك العوامل ، اخفقت في برنامجها للاصلاح الاقتصادي والمالي في علاج العوامل والاختلالات التي ساهمت في تغذية الضغوط التضخمية ، فقد فشلت السياسات المالية والنقدية الحكومية حتى الان في علاج العوامل الداخلية وعلى رأسها الزيادة في حجم السيولة المحلية ، نتيجة للزيادة في حجم الاقتراض الحكومي من البنك المركزي واعتماد الحكومة في تمويل عجز الموازنة العامة من مصادر تضخمية عن طريق الاقتراض من الأفراد والمؤسسات غير المصرفية من خـلال الاكتتـاب فـي سندات القروض العامة ، حيث مدخرات الاقتراض تكون ناتجة عن الزيادة في كمية النقود من خلال التوسع النقدي أو الائتماني وبالتالي تؤدي إلى مزيد من التضخم، وذلك على اعتبار أن هذه القروض لم تساهم في امتصاص القوة الشرائية الزائدة لدى الأفراد والمؤسسات، كونها مولت من خلال إصدارات نقدية جديدة ،تساهم في زيادةالضغوط التضخمية في الاقتصاد ،حيث ان نسبة حجم الدين العام(المحلي والخارجي)لمصر بكامل مكوناته إلى الناتج المحلي الإجمالي،تفوق130%،بينما تقدر الحدود الامنة لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول بين 30 و50 % وفقا لتصنيفات صندوق النقد الدولي، كذلك فشلت السياسات الحكومية في خفض معدلات الاستهلاك النهائي الكلي وخفض نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي بالاسعار الجارية ، وايضا فشلها في خفض حجم الإنفاق العام نظرا لعدم قدرتها على تقليص حجم الاعتمادات المخصصة للإنفاق على بعض البنود الاستهلاكية والترفيهية ، ورفعها للدعم المخصص للسلع الغذائية الأساسية التي تستهلك من قبل شريحة كبيرة في المجتمع في ظل تضخم مرتفع واخرها زيادة اسعار المحروقات بنسب عالية تبين مدى فشل الحكومة في تطبيق برنامجها ، كذلك فشلت السياسة الاقتصادية الحكومية في الحد من الزيادة في حجم الاستهلاك النهائي الكلي وارتفاع معدلات نموه السنوية عن معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي إلى انخفاض قيمة المدخرات المحلية وتحقيق مدخرات محلية سالبة ، مما أدى في ظل ارتفاع قيمة الاستثمارات الإجمالية عن قيمة المدخرات المحلية إلى اتساع قيمة فجوة الموارد المحلية وارتفاع نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي ، ايضا اخفقت السياسات النقدية والمالية في الحد من الزيادة في حجم المديونية الخارجية ، حيث توسعت الحكومة في الاقتراض الخارجي ، ومن المتوقع أن تتعدى ديونها الخارجية في يوليو من العام القادم 165 مليار دولار، اي بزيادة تقدر ب 3 اضعاف والتي كانت 55 مليار دولار عند بدء تطبيق برنامج الاصلاح في نوفمبر 2016 ، فلجوء الحكومة المفرط للإقتراض من الخارج ، يدخل الدولة في دائرة الدول التي اثقلت الديون كاهلها ، وبالتالي لم تعد قادرة على الايفاء بتعهداتها الخارجية ، مما يجعلها بناء على توصية ضرورية من صندوق النقد الدولي عرضة للدخول في مفاوضات مع دول نادي باريس من اجل إعادة جدولة حجم ديونها الخارجية قبل التعثر في السداد ،وهذا ما نحذر منه ونخشاه ، كذلك الفشل في علاج الجمود الذي يعانيه جهاز الإنتاج المحلي ، واستمرار الاعتماد على العالم الخارجي لتوفير الاحتياجات المتزايدة للسكان وخاصة السلع الاستراتيجية كالقمح والزيت والسكر... ، ايضا قصور السياسات الحكومية في علاج الإختلالات فـي هيكـل الاسـتثمار ، وجمود حركة الاستثمار في قطاعات الإنتاج السلعي وتحول العديد من المستثمرين مـن الاستثمار في قطاعات الإنتاج المادي إلى الاستثمار في قطاعات التوزيع والخدمات ، مما ساهم في اتساع الفجوة الغذائية نتيجة انخفاض حجم الإنتاج المحلي من السلع والخدمات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الااعتراف بالحق
على سالم ( 2022 / 10 / 20 - 19:56 )
انا اعتقد اعتقاد وثيق ان مصر الفاسده الخربانه ماهى الا خطـأ متأصل فى الطبيعه ويجب تصحيحه بكل الوسائل المتاحه

اخر الافلام

.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه


.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا




.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف