الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة روسية ، أم أزمة أوكرانية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


La crise Russe – Ukrainienne
منذ حوالي ثمانية اشهر ، بدأ الغزو الروسي لجمهورية أوكرانية ، والى الآن يبدو ان الازمة لا تزال في بدايتها ولم تبرح مكانها ، اللهم الدمار الشامل الذي تتعرض له الجمهورية الأوكرانية بانتهاج الروس لسياسة الأرض المحروقة ، وتعرض الجيش الروسي لخسارات جسيمة في الأرواح والمعدات لم يكن ينتظرها . ولو كان الرئيس الروسي Vladimir Poutine يعلم بحجم الخسائر التي ستصيب الجيش الروسي الذي عجز عن دخول العاصمة Kiev بفضل بسالة الشعب الاوكراني ، لما تجرأ على الغزو المُدان من قبل القانون الدولي ، ومن قبل المجتمع الدولي ، بإشراف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت هذا الغزو عندما اعتبرته خرقا سافرا للقانون الدولي . فالدول التي تساند الغزو الروسي لا تتعدى ثلاثة دول ، هي كوريا الشمالية ، وبيلاروسية ، وسورية . فماذا تمثل هذه الدول المسماة ب ( المارقة ) أمام المجتمع الدولي الذي يحرص على التمسك بالقانون الدولي ، وباحترام سيادة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة .
ان مشكلة الرئيس الروسي Vladimir Poutine ، انه محاط بخبراء ومستشارين ليسوا في مستوى المنصب المسنود لهم ، في دولة تُعتبر من اكبر الدول المفروض ان تكون وازنة ، وضامنة لاحترام القانون الدولي .
ان الخبراء والمستشارين الذي سهّلوا للرئيس الروسي غزو أوكرانية ، وفرشوا له الباسط الأحمر لذلك ، كانوا مصابين بمرض الغرور والعظمة ، والثقة في الأنا المفرطة حد القياس ، وكانوا يرسمون للرئيس الروسي صورة مغشوشة وباهتة ، لطبيعة المعركة التي ستدور ، وجعلوا الرئيس يتوهم ويعتقد ، ان دخوله الى أوكرانية سيكون دخول نزهة ، او زيارة سياحة ، ولم يكن يتوقع ما سينتظره من خيبات مسّت الجيش الروسي في كبريائه وفي عظمته ، عندما وجد الرئيس الروسي نفسه قد سقط في مستنقع لن يخرج منه الاّ وروسيا تكون قد فقدت هيبتها التي أرجعها لها الرئيس الروسي بعد أفول وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق .
الآن تبدو الحرب وكأنها في بدايتها ، ولا شيء تغير على الأرض ، باستثناء ضم الأقاليم الأربعة الأوكرانية بواسطة استفتاء غير معترف به ، ولا بنتائجه أمميا . وهو ضم بالقوة من تراب دولة عضو بالأمم المتحدة ، ، وروسيا الاتحادية كانت تعترف بهذه العضوية ، وكانت تقيم علاقات دبلوماسية معها كما ينظم ذلك القانون الدولي ..
وامام الخسارات الكبيرة التي اصابت الجيش الروسي الذي ظهر وتعرى ضعفه ، كما تعرت أسلحته القتالية ، حيث كان يُتصور قبل الغزو انّ روسيا اذا قررت الغزو ، فإنها لا تحتاج الى أربعة وعشرين ساعة لتكون أوكرانية قد استسلمت وخضعت ، وتضع العالم امام الامر الواقع بابتلاعه الضّمّ كما حصل في شبه جزيرة القرم . لكن انّ مرور حوالي ثمانية اشهر على الغزو وليس الحرب ، وعجز الروس في حسم الغزو الذي تحول الى ازمة روسية ، وليس الى ازمة اوكرانية التي تناضل داخل بلدها لتحرير اقاليمها ، جعل القيادة الروسية التي أصبحت تتسلح بالمُسيّرات الإيرانية الانتحارية من دون حسم المعركة ، في ورطة تمس الكبرياء ، والانفة ، والقوة التي كانت باستثناء الأسلحة النووية ، قوة من ورق .. فمن دون استخدام الأسلحة النووية المحرمة دوليا ، هل تستطيع روسيا حسم نتائج الغزو ، وهي التي أصبحت غارقة في مستنقع لن تخرج منه كما كانت قبل الغزو .
ان اعلان حالة الطوارئ في الأقاليم الأوكرانية المحتلة ، لن يحل الأمن ولا الاستقرار بتلك الأقاليم ، لان الإعلان عن نظام الطوارئ دليل على المقاومة المدينية للشعب الاوكراني ، ودليل على الصعوبات التي يواجهها الروس في تلك الأقاليم المنتفضة ضد الغزو ..
فحين لزم العالم الصمت ولم يحرك ساكنا ، باستثناء بعض الانتقادات الخجولة عند غزو الروس لشبه جزيرة القرم ، اعتقدت القيادة الروسية انّ نفس نتائج غزو القرم دوليا ، ستكون عند غزو الأقاليم الأوكرانية الأربع . لكن ما كانت تجهله القيادة الروسية ، وما لم تستوعبه القيادة الأوكرانية ، وحتى القيادات الاوربية ، ان الجميع سقط في الفخ الأمريكي التي تنتعش جيدا في الازمات التي تخدم السياسات الاستراتيجية لأمريكا .. فغضُّ الامريكان طرف العين عن غزو وضم شبه جزيرة القرم ، وإبداء مواقف رخوة من التهديد الروسي من الغزو المنتظر لأوكرانية ، وإعطاء تطمينات مجرد حبرا على ورق للقيادة الأوكرانية ، من جهة شجع الروس على الغزو الذي انقلب عليهم استنزافا ، وورط الجيش الروسي في معركة فضحت قوته التي عجزت عن حسم غزوها لأوكرانية ، فأصيب الجيش بخسارات فضيعة لم يكن الكرملين يتوقعها . فانتهى المطاف بروسيا في مستنقع غرقت فيه بالكامل . ومن جهة فان التطمينات الامريكية للقيادة الأوكرانية شجعت الرئيس المهرج الحديث العهد بالسياسة ، على الذهاب بعيدا عن استهتاره بالتهديد الروسي الذي كان لا يمزح ، وشجعته على استفزاز الروس المريضين بالأنا وبالعظمة ، مما سهل عملية الغزو الذي تحول الى نقمة على الروس ، ومن جهة ورط الاتحاد الأوربي من حيث لا يدري في حرب بالجوار ، اضافت نتائجها الى جانب نتائج ازمة الطاقة والارتفاع المهول للأسعار ، مشاكل تورط وغرق فيها السياسيون الذين وجدوا انفسهم بين عشية وضحاها ، بين فكي روسيا الغازية التي لم تكن تقدّر عواقب الغزو ، وبين احتجاجات الشعوب الاوربية المتواصلة من فرط الازمة المستشرية منذ فخ الوحش كورونا ، الذي كان البداية في تغيير العديد من النظريات والمعطيات التي لم تبقى مسلمة ، وجعلت المستقبل الأوربي معرضا لأخطار ، قد تعيد الازمة السياسية الاوربية في الستينات ، وكان ابرزها مايو 1968 .. لكن المنتصر في هذه الخليطة ، كانت الولايات المتحدة الامريكية وحدها التي عرفت كيف تفجر الورم ، وعرفت كيف تسيره بما يجعل الجميع تحت رحمة أمريكا التي كانت عظمى ، وزادت عظمة منذ الغزو الروسي لأوكرانية .
-- الروس انهزموا عندما فرضوا حالة الطوارئ ، لانهم ضاقوا درعا بالوضع المحرج والمنفلت من بين أيديهم ، وعندما عجزوا من دخول Kiev ، وعندما انسحبوا من عدة مناطق بسبب المقاومة ، ومبررين الانسحاب بأكذوبة إعادة الانتشار ، والهزيمة الكبرى هي التي تنتظرهم في Kherson ، وستكون لطمة لوجه القوة الروسية التي فقدت بريقها ، وتعرت حقيقتها التي كانت مجرد قوة من ورق تلعب بالصور وبالمظاهر ، لبث الخوف من عظمة وقوة الجيش الروسي الذي لا يقهر ، وقد قهرته المقاومة الأوكرانية التي يقودها شعب رفض الرضوخ والاستسلام ، وقرر المقاومة والتحدي ، لأنه ما ضاع حق وراءه طالب ، وهو في الطريق والعزم الصحيح للانتصار الساحق الحتمي الوقوع ..
-- وأوكرانية تم تدميرها ، ولا تزال تدمر عندما فقد الروس الأمل في الانتصار ، وشرعوا كالتتار والهمج في ضرب البنى التحتية كمراكز الطاقة ، وضرب المستشفيات ، والمدارس ، والمساكن . أي انتهاج سياسة الأرض المحروقة التي لن تفيد مع حرب الشعب الذي يحارب ويقاوم .
-- والاتحاد الأوربي الذي وجد نفسه بين عشية وضحاها بين فكي كماشة الروس الغازين ، وبين الاحتجاجات الجماهيرية والشعبية بفعل الغلاء وبفعل ازمة الطاقة ، وهم مجبرون على الاستمرار في تقديم الدعم المادي واللوجستيكي للأوكرانيين الذين يقامون الغزو ..
--- ووحدها الولايات المتحدة تبقى الطرف المنتصر في ما يجري من احداث ، ستغير العالم إمّا نحو الانتحار الدمار الشامل ، وإمّا إعادة رسم الخريطة الدولية ، بما يجعل تصنيف وترتيب وضع الدول الكبرى ، يقاس بما حققته جيوشها من انتصارات على الأرض .
+ ولو كانت روسيا تعي وتدرك أبعاد نتائج الغزو السلبي عليها ، والذي وصل حد اذلال الجيش ، واهانة القيادة السياسية والعسكرية ، هل كان للرئيس Vladimir Poutine ان يغامر ويقامر بمستقبل روسيا الذي اصبح اليوم بفعل الهزيمة على المحك .
+ ولو كانت القيادة الأوكرانية ، وعلى رأسها الرئيس يعي ويدرك ، بحقيقة المخططات الامريكية ، وبقدرة الاتحاد الأوربي المحدودة في مواجهة الجيش الروسي ، بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة في الدول الاوربية ، خاصة ازمة الطاقة ، والارتفاع الصاروخي للأسعار .. هل كان له ان يجاري حماقة القيادة الروسية ، ويستمر في استفزاز Poutine كدكتاتور عمل مديرا عاما لل KGB لما يزيد عن خمسة عشر سنة ؟ ..
... وكان على الرئيس الاوكراني لو كان حقا سياسيا ، الاّ يتعجل الانضمام الى الناتو Le NATO ، لتصبح جيوشه جارا للحدود الروسية حساسية جماعة Poutine التي تسيطر على الكرملين . فكان على القيادة الأوكرانية والرئيس ، انْ لا يتعجلا الامر ، وكان عليهم انتظار ذهاب قيصر روسيا بطريقة او أخرى ، رغم ان Poutine القيصر الدكتاتور، لن يغادر المنصب الاّ بموت او بثورة او بانقلاب .. فمسرحية الوزير الأول Medvedev الذي اصبح رئيسا لروسيا شكليا بعد Poutine ، وعودة هذا الأخير رئيسا بعد انتهاء مدة Medvedev ، لا تزال ماثلة ، وهي اكبر دليل على حقيقة Poutine القيصر ، وليس Poutine الديمقراطي ...
... وكان على القيادة الأوكرانية ان تعي مسبقا ، ان تبريرات قيادة الكرملين لغزو اوكرانية ، لا علاقة لها بالانضمام الى الحلف الأطلسي ، ولا علاقة لها بان تصبح جيوش الناتو Le NATO ، مجاورة لحدود روسيا . بل كان عليه ان يعي ان الهدف هو ابتلاع أوكرانية ، بعد ان ضمن سكوت وتآمر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية عندما غزا شبه جزيرة القرم . ولو كان سبب الغزو الروسي لأوكرانية هو رفض عضويتها بالحلف الاطلس حتى لا يصبح جارا للحدود الروسية . فالسؤال هنا . لماذا لم تتصرف روسيا وتغزو السويد وفنلندة La Suède et la Finlande المجاورتان لروسيا ، وقدمتا طلب انضمامهما الى الحلف الأطلسي L’OTAN ؟
ان الجميع في ورطة :
--- روسيا التي وجدت نفسها غارقة في المستنقع الاوكراني الذي عرى عن حقيقة قوة جيشها ، عندما عجزت من دخول Kiev ، وتراجعت في عدة مناطق بفعل المقاومة الشعبية ، ومبررة تراجعها بإعادة الانتشار ، واستمرار المعارك التي أصبحت في صالح الاوكرانيين بعد نجاحهم في امتصاص الضربة الأولى ، و بعد ان كان الجميع يتوقع ان يكون الغزو الروسي مجرد نزهة .. واكبر الهزائم ما ينتظر Kherson ، وبعدها الأقاليم الأوكرانية الأربع التي تحت الاحتلال ، وبما فيها شبه جزيرة القرم . فاستمرار المقاومة الشعبية وبعنف ، سيزيد في استنزاف الجيش الروسي ، وستنهي المقاومة بالنصر ، لان من يحارب هو الشعب الذي وجد نفسه يتعرض لإبادة روسية بأسباب واهية لا اساس لها من الصحة .
--- والاتحاد الأوربي الذي يقدم الدعم والمساندة للأوكرانيين والغارق في أزمات اقتصادية واجتماعية بسبب الغلاء الفاحش وبسبب ازمة الطاقة ..
--- وأوكرانية التي رغم الأخطاء التي ارتكبتها القيادة ، والتي عجلت بالغزو الروسي ، أخذ الشعب بزمام المبادرة حين حوّل مجرى الحرب ضد الروس الذين سقطوا في الفخ الأمريكي الذي يحصد اليوم نتائج سياسات استراتجييه السياسيين والعسكريين .
--- والصين الذي ادركت متأخرة قواعد اللعبة المصنوعة ، وحتى لا تسقط في نفس الفخ الذي ينتظرها بعد تدمير الجيش الروسي بالمقاومة الأوكرانية ، وبسبب العقوبات المفروضة ، أعلنت مؤخرا انها لن تحل المشكلة التيوانية Taiwan بالقوة وباستعمال السلاح . أي لن تسقط في نفس الفخ الذي سقطت فيه روسيا ..
اذن بعد اكثر من سبعة اشهر على الغزو ، نطرح السؤال . اين تتجه القضية الأوكرانية التي يتحمل مسؤوليتها قادة Le Kremlin وحدهم دون غيرهم . ؟
بالرجوع الى نتائج الحرب ، فرغم مرور اكثر من سبعة اشهر على الغزو ، فلا جديد تحقق في الساحة ، وكأن الحرب اندلعت بالأمس وليس منذ سبعة اشهر .. لكن الخسارات في الجيش الروسي في الأرواح والعتاد كان باهضا وغير متوقع ، والاوكرانيون تعودوا العيش مع المقاومة التي فرضت عليهم فرضا ..
فهل من مؤشرات لأنهاء الحرب التي لن تنتهي ، لأنها مرتبطة بسمعة الجيش الروسي الذي لن يقهر ، وستقهره مقاومة الشعب الاوكراني والتضامن الدولي الذي يقف معه .
فهل سيتجرأ الرئيس Vladimir Poutine عند رفضه الهزيمة بالحرب التقليدية المنتظرة ، استعمال السلاح النووي المحرم دوليا ؟ ..
وهل الولايات المتحدة الامريكية التي تحارب روسيا بالوكالة ، وحتى الاتحاد الأوربي الذي سيكون المتضرر المباشر من أي تطور دراماتيكي ، عازمين وقادرين على خوض حرب تدميرية من اجل عيون اوكرانية ، الذي تورط في مستنقعها الجميع ، باستثناء أمريكا التي انتصرت في هذه الحرب رغم انها تخوضها بالوكالة ولا تخوضها مباشرة .. ؟ .
بما ان الغزو الذي اشعل فتيل الحرب ، مرتبط بالكرملين Le Kremlin .
وبما ان حسمها ليس في متناول الروس الذين غرقوا في مستنقعها ، وأصبح مجراها في يد الاوكرانيين ، دون قدرتهم على وقفها ، لان نتائجها ترتبط بسمعة وهيبة الجيش الروسي ، وبروسيا الأرثوذكسية المتعارضة مع الكنسية المسيحية ، من كاثوليكية ، وبروتستانتية ، وحتى اليهودية ، وميل Poutine في حربه الى جانب العرب والمسلمين ، والأنظمة السياسية العربية المُكتوية بنار التحالف الغربي الرأسمالي ..
فان الدمار من اجل الدمار ، واتباع الروس لسياسة الأرض المحروقة ، وعزم الاوكرانيين مهمها بلغت الازمة من مواصلة تحرير أراضيهم .. ينبئ بالمزيد من التعقيد للازمة القائمة .. وان أي حلّ لها بالطريق الصحيح ، ووضع حد لها ، وإيقاف الاقتتال والقتال ، يتوقف على عدة حلول ليس من السهل بلوغها اذا لم تكن هناك الإرادة الخالصة للحفاظ على الامن والسلم الدوليين المهددين اليوم اكثر من أي وقت مضى ، أي حتى اثناء الحرب الباردة زمن الاتحاد السوفياتي المنفك ..
1 ) ان من عوامل إيقاف الاقتتال والقتال ، ان تصاب روسيا بهزيمة نكراء ، او ان تترك أوكرانيا لوحدها تجابه وتواجه الجيش الروسي الغازي فتضطر لقبول الاملاءات الروسية مُرغم اخاك لا بطل ..
وحيث لا يمكن تصور الهزيمة النكراء للجيش الروسي ، لأنها تمس سمعته وهيبته الدولية ، فكذلك لا يمكن انتظار استسلام الاوكرانيين للإملاءات الروسية ، ولن يتنازلوا عن شبه جزيرة القرم ، ولن يتنازلوا عن الأقاليم الأربعة المحتلة من قبل الروس .. وهذا يعني ان رغم الخسائر الحاصلة في صفوف الطرفين ، خاصة مضاعفة الخسائر في صفوف الروس ، فالحرب ستستمر وستتواصل ، ولن تتوقف الاّ اذا حصل تغيير على مستوى القيادة الروسية ضد الرئيس Vladimir Poutine ، مع مجيء قيادة جديدة ستتنصل من اعمال قيادة الكرملين الحالية ، وبفعل الضغط الدولي والصعوبات المحلية ، واستحالة حسم نتائج الغزو ، تعلن القيادة الروسية الجديدة لانقاد ما يمكن إنقاده ، من سمعة روسية ، وسمعة الجيش الروسي ، التمسك بالقانون الدولي ، ومن ابرزه احترام دولة اوكرانية كدولة عضو بالأمم المتحدة ، سبق لروسيا ان اعترفت بسيادتها ، وكانت للدولة الروسية علاقات دبلوماسية مع اوكرانية كدولة مكتملة وموحدة التراب ، وليس كدولة مبتورة كما أراد لها Poutine ولم يفلح بسبب المقاومة الشعبية ..
ان هذا الاحتمال رغم انه المخرج الصحيح ، لكنه يبقى صعب المنال بسبب شخصية القيصر Poutine المهووس بالحكم وبالسلطة قبل واقعة Medvedev وبعده . فالقيصر المعروف بالقمع وبالتنكيل بالمعارضين الذين يلبسهم تهم الحق العام لتشويههم ، وهي الطريقة التي يستعملها البوليس السياسي السلطاني المخزني المغربي ضد المعارضة ، متمسك بالحكم تحت اية دريعة كانت .. وبما ان القضية هي قضية دكتاتور ، فهذا عندما يستولي على عرش السلطة والحكم ، يصبح من الصعوبة ازالته بالطرق الديمقراطية ، لأنه هو أصلا مجرد قيصر دكتاتور مثل الامبراطور ، ومثل السلطان في النظام السياسي المخزني البوليسي العلوي المغربي ..
اذن رغم ان هذا الحل يبقى كاحتمال في حالة غياب او تغييب Poutine ، وانه صعب المنال ، تبقى هناك عدة احتمالات أخرى لإنهاء الغزو ، ووقف القتال والاقتتال ، والانتهاء من التدمير من اجل التدمير التي يقوم بها Poutine ، باستعمال الإبادة الجماعية بواسطة حرب الأرض المحروقة ..
2 ) ان تجري في روسيا انتخابات رئاسية ، وانتخابات تشريعية ، ويصوت الشعب الروسي على قيادة جديدة من غير Vladimir Poutine وجماعته . هنا اكيد ان القيادة الجديدة ، وبسبب الخسارات الفادحة التي اصابت الجيش الروسي ، وستصيب المؤسسات الدستورية ، ومخلفاتها الاقتصادية والاجتماعية على وضع شعوب روسيا ، فان القيادة الجديدة وبعد ان تحمل مسؤولي الكرملين الحاليين ، وربما ستقدمهم الى المحاكمات بدعوى الإساءة على عظمة روسيا ، سيقررون الرجوع الى القانون الدولي ، والرجوع الى الأوضاع التي كانت قبل الغزو الروسي لأوكرانية .. ورغم ان القيادة الجديدة ستتلقى الدعم من قبل المجتمع الدولي خاصة من قبل الاتحاد الأوربي والعالم الحر ، فان تأثير مخلفات الغزو على روسيا ، لن يعيد علاقاتها الدولية كما كانت قبل الغزو ، وستتموقع روسيا ضمن حجمها الحقيقي الذي سينزل بها درجات ، لن تُمكّن رئيس روسيا القادم من التصرف بعجرفة ، كما فعل Poutine مع الرئيس التركي أردوغان ، والرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، لان حجم روسيا الحقيقي انزله من السقف الرئيس Poutine بحسابات خاطئة .
فانتظار تنظيم انتخابات رئاسية لإبعاد Poutine عن الكرملين Le Kremlin ، سيكون اعقد واصعب من ادخال جمل من ثقب إبرة ..
3 ) ان ينزل الشعب الروسي في انتفاضة شعبية عارمة في عموم روسيا ، ويسقط القيصر Poutine الذي يحكم بيد من حديد .. وهذا يبقى كاحتمال وارد لكنه نسبي ، من جهة لآلة القمع المسيطرة ، ومن جهة فالروس ورغم المعاناة التي سببها لهم الرئيس Poutine ، سيرفضون النزول الى الشارع بدعوى خدمة مخططات الولايات المتحدة الامريكية التي تتحكم في الازمة كما تريد ..
4 ) انتظار حصول انقلاب الجيش على القيصر . وهذا يقتضي وجود ضباط صناديد عارفين لكل الثغرات الممكن ان تحصل في آخر لحظة ، لان الفشل يعني الاعدامات ، ويعني المزيد من القيصرية في الحكم .. لذا فالانقلاب يبقى مستبعدا بسبب الضبط ، وبسبب الأجهزة الأمنية التي تتحكم في سيرورة أي صراع قد يطرأ في روسيا ، وبسبب عدم إصابة الجيش الروسي بهزيمة نكراء في الحرب الأوكرانية التي تتحكم فيها واشنطن .
5 ) وهذا الاحتمال يبقى وحده الخلاص لتجنب السقطة المدوية ، عند نشوب حرب نووية ستدمر الأخضر واليابس . فللحفاظ على روسيا الدولة ، وللحفاظ على الشعب الروسي ، والحفاظ على الإنسانية من مخاطر حرب نووية لا تبقي ولا تدر ، يبقى احتمال تحييد الرئيس Poutine شخصيا اخف الضررين و اوسطها .. وهنا تبقى عملية تصفية يقوم بها احد الضباط المقربين ، او احد الروس لتجنب الويل المنتظر ، خيارا مستحسنا ، وهو نفسه التعامل نجا منه الدكتاتور النازي هتلر ونجا منه الفاشي موسوليني ، نجا منه كذلك دكتاتور اسبانية Francisco Franco ، ونجا منه صدام حسين اثناء الحرب مع ايران ... فهل سينجو هذه المرة القيصر Vladimir Poutine .. خاصة وان مسألة التصفية الجسدية ، هي فكرة لوح بها مسؤولون امريكيون ، كما لوح Josef Borelle وزير خارجية الاتحاد الأوربي ، بإمكانية تدمير الجيش الروسي اذا استعمل Poutine السلاح النووي التكتيكي في اوكرانية ..
ورغم التهديد باستعمال الروس للسلاح النووي ، خاصة بعد نتائج الاستفتاء الذي حول الأراضي الأوكرانية الى أراضي روسية ، فالروس لن يستطيعوا استعماله ، حتى ولو كانوا على مشارف الهزيمة النكراء . ان استعمال السلاح النووي والهيدروجيني ، يتطلب توافر وتوفر شروط هي غير متوفرة . لكن هذا لا يمنع الروس من استعمال أسلحة تقليدية اكثر رعبا واكثر تدميرا .. فهل عند استعمال الروس لهذه الأسلحة التي هي بدورها محرمة ، لان شروط استعمالها غير متوفرة في الحالة الأوكرانية ، سيصمت الغرب وكأن لا شيء قد حصل ..
ان استعمال الروس للقنابل التي تزن آلاف الاطنان ، سيعجل باستعمال الغرب خاصة الولايات المتحدة الامريكية لنفس العينة من السلاح . وعند بدأ التراشق بين الطرفين ، باستعمال هذه الأسلحة التقليدية ، والأكثر تدميرا في الحالة الأوكرانية التي لا تتوفر على شروط استعمالها .. هنا يجب على الجميع ان يضع يده على قلبه ، لان المدخل الى حرب نووية يكون قد فعل فعله باستعمال الأسلحة التقليدية الأكثر رعبا .. أي ان الحرب النووية تبقى محتملة في هذه الحالة ، لان القضية تتعلق بالهيبة ، وبالاحترام ، وكرامة الدول على حساب الدول الضعيفة كأوكرانية ... لذا فالمخرج يكون بالحل الذي فكر فيه ، ولا يزال يفكر فيه بعض الغربيين خاصة الامريكان ، وهو التحييد الشخصي للقيصر Vladimir Poutine ، لتجنب العالم والإنسانية دمارا تسبب فيه قيصر دكتاتور مريض بحب العظمة والأنا الأعلى ( نيرون جديد ) .. فهل يماثل شخص دكتاتور وحده العالم والإنسانية ؟ .
لكن من يقوم بالتحييد الذي يفكرون فيه ؟ هل احدى دول الغرب ؟ هل مسؤول من احدى دول الغرب ؟ ام ان من سيقف بالتحييد سيكون روسيا ؟
إذا قامت بالتحييد احدى دول الغرب ، فان التحييد سيتسبب في حرب نووية وهيدروجينية لم يسبق لها مثيل في التاريخ ، وسيكون خراب الإنسانية والعالم . لذا فالتفكير منصب على شخص روسي من عامة الشعب وليس من المعارضة ، لإبعاد التورط الغير مباشر للغرب لتفادي الحرب الكونية .. لكن ورغم ان التحييد يعتبر جريمة مرفوضة ، فانه يبقى الخيار الوحيد لتفادي الحرب الكونية ، وهو ما يسمى بأخف الضررين لتجنب الأسوأ المنتظر .. الذي هو دمار العالم وخراب الإنسانية ..
الوضع جد خطير ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى