الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور عبد اللطيف ياسين ............عيادة في كل كتاب

عيد الدرويش

2006 / 10 / 3
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


إن التكريم هو اعتراف من الكثير من الناس للكثير ما يفعله القليل منهم , فكان من الواجب علينا أن نحتفي بأحد أعلام الفكر والثقافة وعلوم الطب في هذا القطر عبر مسيرة العمل الطويلة التي كانت ملحمة بين الطب والسياسة حاملها الدين ومعاييره الأخلاقية والتربوية هذه الملحمة التي تهدف إلى سعادة الفرد والمجتمع وفي هذه السطور يستعصي علينا الإبحار في يِّم الدكتور عبد اللطيف ياسين قدم من خلال مسيرته المعرفية المؤلفات لما يربو على عشرين كتابا تتناول العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية التي كانت أكثر التصاقا بالواقع ومنعكساته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومحور عمله اليومي بين مرضاه يتحسس آلامهم ويلامس جراح حياتهم اليومية ومعاناتهم , وهو لم يألو أي جهد في سبيل تخفيف آلامهم الجسدية والنفسية , وهذا ما زاده إلا إيمانا بعمله , ويكون أكثر تواضعا بين الناس ويبدأ مشروعه الثقافي لينصح الآخرين ويقدم خبرته ومسيرة العمل الطويل في تلك المهنة لكل القراء ويعرّف الآخرين بثقافة عامة ومتخصصة أصبحت لزاما عليهم تعلمها وخشية من الدخول في عالم المجهول في حياتنا وحياة أجيالنا القادمة , ولكننا بأمس الحاجة إليها لنبقى في حرم الوقاية منها قبل الوصول إلى مرحلة العلاج ومضاعفاته في صيغة إرشادات ومقارنات وتعابير تتسم بالسلاسة والأسلوب الجميل.
ويتميز الكاتب بثرائه الفكري والمعرفي تتوجه دماثة الخلق وتواضعه بين أفراد المجتمع , إننا نتحدث عن شخصية أثرت المكتبة العربية من بمؤلفاته لان كل ما بوسعه من أجل أن ينهض بالوعي الصحي والتوعوي ومحذرا من العواقب , وهذا أسلوب الوقاية الذي هو خير من قنطار علاج من يحدثك بما عانى وشاهد خشية عليك يحدثك خشية على هذه الأمة عروبته حاضرة في كل ميدان وساح وكل مفصل زمني يحذرك من الآتي ويحذرك من العدول عن التعاليم يغمرك بكل ما بوسعه من معرفة حول موضوعه ولا يتهيب من شخص إلا من كان ذو معرفة ودراية لأنه كان ذو سعي دائم للمعرفة الممزوجة بين الطب والسياسة لأنهما لا ينفصلا ن عن حياة الانسان اليومية , ومصير الأمم والشعوب , ويناشد الناس لتطبيق الأسس الصحيحة خشية على هذه الأمة من الانحطاط , وهو يلمس الطريق الصحيح ويعُّول على الشباب الكثير من الآمال , كما يضخ نصائحه العلمية وآراءه المستندة على الحديث الشريف والقرآن الكريم حيث ما تخلو مقالة منها أو كتاب , وهذا يتضح في كتابي الاستنساخ بين الدين والعلم والمرأة عبر التاريخ واضعا للمرأة دورا هاما عبر التاريخ ولم تحصل على ذلك الدور بمثل ما أعطاها ومنحها الإسلام ذلك , ويسرد أمثلة في هذا السياق من خلال تجربته وحياته العملية الطبية , ويعالج فيها معاناة المرأة في المجتمعات القديمة , وهويعرض في تلك الدراسة كيف كانت المرأة سلعة تجارية تشترى وتباع , وأنها خـُلقت فقط من أجل استمتاع الرجل بها في حين أن ولم تنصفها أية رسالة أو أي قانون مثلما أنصفها الاسلام وأعطاها مكانة في المجتمع ونظر إليها ركنا أساسيا في المجتمع ودورا مؤثرا في المجتمع وهي لا تقل أهمية عن الرجل ولكن بعض الشعوب التي استخدمت المرأة للإغواء والدعاية من قبل المؤسسات اللاأخلاقية , فقد وضعت المرأة في درجة مبتذلة ورخيصة ودمرت وانحرفت أجيال شابة ويتطرق الكاتب وفق موقعه كطبيب للأمراض النسائية ومعالجة العقم ومعرفة الدوافع والميول والانحرافات الجنسية ومخاطرها التي تهدد الإنسان والمجتمع وما يعانيه المجتمع اليوم نتيجة لمقدمات وكذلك مواطن الضعف والقوة عند المرأة مستعرضا علم البيولوجيا ودرجة الرجولة عند النساء ودرجة الأنوثة عند الرجال كما يبين المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الممارسات الجنسية غير الشرعية وأخطارها على المجتمع وعلى الأجيال القادمة نتيجة ما تفسح بعض الدول مثل هذه الممارسات الجنسية العامة وانتشار الأمراض الخطيرة مستندا إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة التي تؤكد على القيم الأخلاقية وقدسية المرأة ومكانتها في المجتمع والحفاظ على الصفاء الروحي والنفسي للمجتمع المتماسك وهو يدلل على ما تعانيه المجتمعات الغربية من انحلال أخلاقي
كما يخلص إلى مجموعة من الكتب التي تتناول البحوث الطبية داعما لها بالصور وبالوثائق والاستبيانات التي تبين ذلك , والكتب التي جاءت على شكل أسئلة أساسية تدور في ذهنية الناس العامة المتذوقين والتواقين للمعرفة ليكون ذلك خير زاد لهم في حياتهم وحياة أسرهم .
و في أحد مؤلفاته " الاستنساخ بين الدين والعلم " يقول :
( إن من خصوصيات حضارتنا الإنسانية أن كل إنسان منا يحمل أشياء تميزه شخصيا ذاتيا , لا يستطيع شخص آخر أن يحملها مثل بصمات الأصابع)
ويضيف في نفس المصدر فكيف يكون حال الأرض والناس كلهم نسخة واحدة لقد قال تعالى في كتابه العزيز ( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) سورة الزخرف – آية : 32.
ومناشدته للعامة من المجتمع يتبين ذلك من خلال الإهداء الذي يختزل فيه معاني كبيرة لما يتضمنه الكتاب (إن مشكلتنا الكبيرة نحن الواقفين على رصيف حضارة القرن الواحد والعشرين نستعرض منجزاتها ونتفرج على موكبها العلمي والتقني والأدبي المبهر هي كوننا لم نشارك في إنتاج هذه الحضارة وإنما أريد لنا أن نقوم بدور الزبون المستهلك لها وأن ننسى من أجل هذا الدور حضارتنا العربية التي فتحت أمام الغرب أبواب التقدم)
مدعما ذلك لما جاء في السنة الشريفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها , فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير , ولكنهم غثاء وكغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم , وليقذفن الله في قلوبكم الوهن, فقال قائل : يا رسول , وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت .
وعلى سبيل المثال لا الحصر في كتابه (الأمراض التي تنتقل بالجنس - علاجها والوقاية منها )
أن إسهامات الدكتور عبد اللطيف ياسين في تدوين خبرته العلمية والطبية لكي يصبح في متناول الجميع ينطلق من إيمانه بقيمة هذا الموروث الطبي والعلمي , وهذا الزاد المعرفي الذي لا غنى عنه لدى العامة , وحرصا منه على مجتمع متماسك من خلال البنية السليمة سواء في المعايير والإرشادات التي هي في أساسها هي تحذيرات طبية قبل الدخول من خلال عالم المجهول في هذه الانحرافات فقد أصبح عيادة في كل كتاب , وعيادة في كل مكتبة وزادا معرفيا في كل زمان ومكان
وهو يوجه إلى ثقافة جنسية تربوية بوجود كادر من المعلمين والمربين والمرشدين المؤهلين لثقافة جنسية صحيحة , وتؤخذ من الآباء حرصا على حياتهم الجنسية السليمة , وحتى بعد الزواج من خلال المعرفة البيولوجية وتطوراتها ونضوجها والطرق السليمة , ولكي لا تسبب منعكسات وشذوذ خطير في حياة الشباب , وحتى بعد سني الزواج ومعرفة حاجات الكائن والمولود الجديد , وإتباع القواعد الصحية والابتعاد عن الأخطار والأدوية ومراجعة الطبيب وإن معرفة الزوجين بهذه الأمور عامل مساعد في الإنجاب بدون عوارض يصعب تجاوزها مستقبلا , وكذلك اللقاحات.
ويقول أيضا في الكتاب المذكور (العيب ليس في العلم , وإنما في طبيعة تعاملنا مع هذا العلم فالبارود الذي حمل معه مولد فجر جديد إبان اختراعه مثلا , كان يمكن أن يستخدم لخدمة البشرية , في حين استخدم ضدها وكذلك الأمر في المخترعات الأخرى , وتبدأ البحوث والاختراعات والإحصائيات باسم الإنسانية دائما , ثم بعد ذلك لا شيء من الإنسانية بين أنقاض هذه المخترعات)
أما في كتاب الاضطرابات النفسية والذهانية عند الرجال من البداية حتى النهاية فهذه دراسة علمية تدخل في جوانب كثيرة في علم النفس والحالات المتشابكة في تكوينها مما ينعكس على الصحة النفسية ومؤشراتها على الصحة الجسمية , ولم يكن أهمية الأمراض الجسمية على الجانب النفسي وتكوينها لتلك الأمراض
إنها الحيطة بعينها وهذا ما يسعى إليه الكاتب كي يسلم الفرد والمجتمع من الأخطار المحدقة به ويوضح النظريات العلمية والاتجاه القرآني مثل نظرية أنشتا ين ونظرية داروين ونيوتن غاليلو مؤكدا على عدم إقحام آيات القرآن الكريم في تفسير نظريات علمية غير ثابتة وغير صحيحة وليس مؤكدة بالعلم القطعي , رغم استمرارها مدة طويلة من الزمن وتاريخ العلوم مليء بنظريات علمية حقيقية استمر رفضها ومحاربتها ومحاربة قائلها باعتبارها نوعا من البدع أو إلحادا وكفرا حتى ثبتت حقيقتها وأكدت صحتها وبرئ قائلها بعد موته .
كما وجدت نظريات استمر الإيمان والاعتقاد بها أجيالا وأجيالا ثم غربت كما تغرب الشمس لكن إلى الأبد وبدون رجعة , وذلك لعدم إثبات صحتها وواقعيتها.
إن قراءة التاريخ تبين أن ثمة نوعا من الرفض لكل ما هو جديد , حيث تلقى الأفكار الجديدة معارضة ورفضا وذما , وإن هذا الرفض يتصف بالمضي في محاربة الجديد وكأنه بدعة لكن سرعان ما يدخل الجديد بعد مدد زمنية متفاوتة ورغم الرفض المستمر له في نسيج الحياة وينسى الجميع كل ما قيل عنه كما حدث لغا ليلو إذ برأت البشرية غاليلو وردت له اعتباره بعد أن تم التثبيت والتأكيد بما لا يقبل الشك من صحة نظريته في الأرض كما كان اليونان القدماء يعرفون أن الأرض كروية ولكن مضى ألفا سنة ليؤمن الناس بصدق هذه الحقيقة.
لقد حاول بعض العلماء ربط النظريات العلمية ببعض الآيات القرآنية كيفما كان , ولكن النظريات غير صحيحة ؟ إنها حتما لا تتوافق مع آيات الذكر الحكيم , وبذلك يحصل تصادم وتناقض بين القرآن ونظريات العلم الحديث وهذا غير ممكن مطلقا فقد أثبت العلم أنه لا توجد حقيقة كونية واحدة تتعارض مع ما جاء به كتاب الله , فالعلم والدين لا يتناقضان أبدا مع العلم أن القرآن الكريم لم ينزل ليعطينا أسرار الفضاء بالتفصيل أو يبحث بالشرح والتفصيل في العلوم المختلفة ودقائقها بل أعطى إشارات ورموزا وتلميحات وتوجيهات بسيطة لكنها عميقة المعنى كي يبحث الإنسان في هذا الكون الواسع ويفتش عن الحقائق , ولم يدخل بالتفاصيل أبدا .
مبينا الدلائل والمعايير التي لحظ فيها المسيرة العلمية والمعرفية وكل هذه النظريات من أقصاها إلى أقصاها تاركا الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الاكتشافات التي يمكن أن تضاف على الاكتشافات السابقة وهذا ليس مستبعدا أمام تقدم البشرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال