الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان الجزائر بشأن المصالحة الفلسطينية شكلي وقفز عن قضايا الخلاف الجوهرية

عليان عليان

2022 / 10 / 21
القضية الفلسطينية


بيان الجزائر بشأن المصالحة الفلسطينية شكلي وقفز عن قضايا الخلاف الجوهرية
بقلم: عليان عليان
لفت انتباهي وانتباه العديد من المراقبين أن مؤتمر لم الشمل الفلسطيني الذي عقد في الجزائر ، في الثالث عشر من شهر تشرين أول ( أكتوبر ) الجاري ،بحضور (14) فصيلاً وبرعاية كريمة من الرئيس عبد المجيد تبون، لم يراع التطورات الراهنة في الضفة الغربية، وبداية اشتعال انتفاضة جديدة فيها، تجمع بين البعدين المسلح والمقاومة الشعبية ما يقتضي الإشارة إلى مهمات وطنية محددة ، ولم يراع الحقائق التي أرستها معركة سيف القدس التاريخية على الأرض ، حيث دعا إلى تطوير المقاومة الشعبية وتوسيعها وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكل أشكالها ، دون أن يشير بوضوح إلى المقاومة المسلحة المتصاعدة في الضفة الفلسطينية التي باتت تؤرق الاحتلال الصهيوني ، ودون أن يشير إلى بؤس الرهان على خيار المفاوضات منذ عام 1993 وحتى اللحظة الراهنة.
بيان علاقات عامة
فبيان المؤتمر ، أعاد كتابة عناوين بنود اتفاقات المصالحة السابقة، دون زيادة أو نقصان وعبر صياغات شكلية جديدة، وكان في محصلته مجرد بيان علاقات عامة ، جرى إخراجه بطريقة مسرحية تمثلت بعملية تشابك الأيدي لممثلي الفصائل ،والتقاط الصور التذكارية بهذه المناسبة .
لم أفرك يدي فرحاً وأنا أستمع للسفير الفلسطيني في الجزائر فايز أبو عيطة ، وهو يتلو بنود البيان التسعة ، المنبثق عن مؤتمر لم الشمل الفلسطيني ، برعاية كريمة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، بالنظر إلى أنه جاء تكراراً مختصراً لما سبقه من اتفاقات على مدى عقد من الزمن ، فالمشكلة لا تكمن في البيانات، بل في مدى توفر الاستعداد لتطبيق بنودها ، وفي مدى استعداد القوى المتنفذة في المنظمة والسلطة للتخلي عن نهجها المدمر للقضية الفلسطينية.
وقبل أن نسترسل في تسجيل الملاحظات بشأن البيان ، لا بد من توجيه الشكر للرئيس الجزائري ولبلد المليون شهيد الذي يعتبر فلسطيني قضيته المركزية ، ولم يغير موقفه من القضية منذ انتصار الثورة الجزائرية وحتى اللحظة الراهنة ، ويرى في المقاومة الفلسطينية امتداداً قوميا للنضال الجزائري ، الذي أجبر الاحتلال الكولونيالي الفرنسي على مغادرة الجزائر بعد استعمار دام 132 سنة.



قراءة أولية في البيان
أدنى قراءة في البيان تقودنا إلى تسجيل الملاحظات التالية :
1-أنه شكل خطوة للوراء عن الاتفاقيات السابقة، من زاوية أنه لم يتضمن أية آليات لتنفيذ بنوده التسعة ، فالبيان تحدث عن ضرورة اتخاذ خطوات عملية لإنهاء الانقسام ، لكنه لم يأت على ذكر الخطوات المطلوبة لإنهائه ، في حين أن اتفاق القاهرة (2011) واتفاق الدوحة (2012) واتفاق مخيم الشاطئ 2014 وغيرها ،سبق وأن حدد آليات محددة شكلية مثل تشكيل اللجان المتخصصة في قضايا الأمن والانتخابات والحريات والمصالحة الاجتماعية وتشكيل الحكومة بالتوافق ألخ.
2- البنود الأخرى التي تتحدث عن الوحدة الوطنية وتكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، / تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناته ولا بديل عنها/ وانتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي وفق مبدأ التمثيل النسبي وكذلك الانتخابات الرئاسية في مدة أقصاها عام واحد .
هذه البنود لا تعدو كونها بنود علاقات عامة ورفع عتب، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن القيادة المتنفذة في المنظمة والسلطة، معنية بالانتخابات فقط ،إذا ضمنت الفوز فيها ، وأنها ستلقي بها جانباً إذا لم تضمن الفوز فيها ، ومعنية بأن يكون الشركاء مجرد تابعين لنهجها السياسي ، وهنا نذكر كيف تراجع رئيس المنظمة والسلطة معاً، عن تفاهمات القاهرة مع بقية الفصائل الفلسطينية ،التي تقضي بإجراء الانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي في 22 مايو ( أيار) 2021 ،عندما أصدر في 29 ابريل ( نيسان ) 1921 مرسوماً بتأجيل الانتخابات التشريعية ، بذريعة رفض الاحتلال إجراءها في القدس ، ودون الرجوع للفصائل الفلسطينية، ودون أن يحدد تاريخا محددا للموعد الذي ستؤجل إليه الانتخابات ما يعني إلغاءها،عندما أدرك بأن قائمة "الحرية" وهي تحالف بين القائد الأسير مروان البرغوثي- عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، وناصر القدوة - عضو اللجنة المركزية المفصول + حركة حماس + الجبهة الشعبية والديمقراطية وبقية الفصائل ، ستحصد الأغلبية في انتخابات الوطني والتشريعي، ما يؤدي إلى نهج سياسي جديد يضح حداً لنهج أوسلو ويعيد الاعتبار لبرنامج المقاومة من بوابة المجلس الوطني الفلسطيني .
3- أما البند المتعلق "بتفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لمتابعة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية" فهو بند مهم من الناحية النظرية لأن فصيلين أساسين في الساحة الفلسطينية وهما : حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي غير ممثلتين في اللجنة التنفيذية للمنظمة وفي المجلس الوطني الفلسطيني.
وهذا البند لا يجري تطبيقه ، كآلية لقيادة النضال الفلسطيني على الصعيد السياسي وعلى صعيد المقاومة ، بل تستخدمه القيادة المتنفذة للمنظمة وقيادة السلطة، كآلية للضغط على الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني للعودة للمفاوضات وفق اتفاقيات أوسلو وعبر آلية اللجنة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وهنا نذكر – إن نفعت الذكرى- بمؤتمر الأمناء العامين للفصائل (بيروت – رام الله ) الذي أداره رئيس السلطة من مقره في رام الله في الثالث من أيلول (سبتمبر ) 2020 ، الذي خرج بقرارات بشأن الغاء التنسيق الأمني ، وبشأن سحب الاعتراف بإسرائيل ، وبشأن تفعيل المقاومة الشعبية ألخ .
وتفاءل أبناء شعبنا خيراً بهذه القرارات ، لكن عندما حدث متغير جديد ممثلاً بفوز الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانتخابات في ديسمبر ( كانون أول) 2020 ، وسقوط دونالد ترامب صاحب مشروع " صفقة القرن" ألقى رئيس السلطة بقرارات مؤتمر ( بيروت – رام الله) في سلة المهملات، بذريعة أنه تلقى رسالة من حكومة الكيان الصهيوني تؤكد على التزامها بالاتفاقيات السابقة!!
4- والغريب العجيب في البيان البند التاسع الذي نص على ما يلي: " يتولى فريق عمل جزائري-عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني، وتدير الجزائر عمل الفريق، فالفريق يتضمن إلى جانب الجزائر كل من مصر والسعودية وقطر.
والسؤال هنا : لماذا لا يتم الاكتفاء بالجزائر وحدها لمتابعة تنفيذ الاتفاق ؟ كونها غير ضالعة بالتطبيع ومشاريع التسوية الاستسلامية ، وفي ضوء أن الجزائر لم تتمكن من حصول على إجماع رسمي عربي يتيح لسورية العروبة العودة إلى الجامعة العربية. فإضافة مصر ( النظام) والسعودية وقطر بذريعة أن هذه الدول سبق وأن رعت اتفاقيات سابقة ، لا تنطل على من يعرف حقائق الأمور ، فهذه الدول في التحليل النهائي منحازة لقيادة المنظمة والسلطة ولنهجها السياسي ، بحكم انخراطها الفعلي في التطبيع مع الكيان الصهيوني ، وبحكم أنها لعبت دوراً تسويقياً لاتفاق صفقة القرن .
القفز عن الخلافات الجوهرية
كما أن البيان قفز عن محطة الصراع الأساسية في الساحة الفلسطينية، ممثلةً باتفاقيات أوسلو واتفاق باريس الاقتصادي والتنسيق الأمني ، حيث لم يدع إلى إلغاءها ، التزاماً بقرارات المجلسين الوطني والمركزي ، ولم يدعوا على الأقل بضرورة إجراء مراجعة نقدية لتجربة المفاوضات مع العدو الصهيوني منذ عام 1993 واستخلاص الدروس اللازمة.
وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال ، لا بد من وضع النقاط على الحروف، بالقول أن جذر الانقسام ليس بين فتح وحماس فحسب ، بل نحن أمام انقسام عامودي وأفقي في الساحة الفلسطينية، بسبب تمسك قيادة المنظمة والسلطة باتفاقيات أوسلو المذلة وإصرارها على التمسك بنهج المفاوضات بديلاً عن نهج المقاومة ، وإصرارها على التنسيق الأمني مع الاحتلال وعلى مطاردة المقاومين واعتقالهم ، وهذا النهج عبر عنه رئيس السلطة مجدداً في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة برفضه العنف ( المقاومة) واستعداده لمحاربة نهج المقاومة.
وأخيراً : إذا لم يتم إلغاء اتفاق أوسلو ومشتقاته ، وإذا لم يتم إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي وذا لم يتم سحب الاعتراف (بإسرائيل) ولم يتم إلغاء التنسيق الأمني ، وإذا لم تتصدى حركة فتح لمراجعة نهج السلطة، ستظل الساحة الفلسطينية تدور في حلقة مفرغة ، لا تنفع معها البيانات والاتفاقيات ، ولا تنفع معها مهزلة " تشابك الأيدي لممثلي الفصائل" بعد توقيع البيانات والاتفاقيات .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا