الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق إلى شرم الشيخ 4 - تحدى القضايا الملتهبة

ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)

2022 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


منذ بدأت مؤتمرات القمة العالمية للمناخ عام 1997، فى أعقاب صدور بروتوكول كيوتو مباشرة، والخلافات حول القضايا الساخنة بين الدول المتقدمة والدول النامية تلتهب فى المواجهة بينهما، وتمزق إمكانية
الاتفاق حول المسائل المصيرية فى الأجندة العالمية لتغير المناخ.

خمس قضايا حرجة رئيسية يدور حولها الخلاف فى كل مؤتمرات قمة المناخ سنوياً على مدى ستة وعشرين عاماً حتى الآن، وتطرح نفسها بقوة على القمة العالمية السابعة والعشرين للمناخ فى شرم الشيخ فى نوفمبر القادم.

تدور القضية الحرجة الأولى حول "المسئولية": من هو المسئول عن مجابهة التغير المناخى والدفاع عن العالم كله تجاه آثاره المدمرة؟

منذ اللحظة الأولى تؤكد الدول المتقدمة أنها مسئولية المجتمع الدولى كله؛ ومشاركته الجماعية فى مواجهة التغير المناخى هى أمر بديهى وضرورى وحتمى؛ بينما ترد الدول النامية المسئولية كلها على الدول المتقدمة فقط، مشيرة فى كل موقف بأصبع الاتهام إلى الدول المتقدمة: "أنتم الذين تملكون الصناعات وتطلقون إلى جو الأرض كميات هائلة من غازات الدفيئة، وأنتم الذين تتحملون المسئولية، أما نحن ففقراء معوزون لا صناعة لنا ولا مصادر جسيمة لإطلاق الابتعاثات".

لكن هذا المنطق تواجهه الدول المتقدمة برؤيا شاملة: "نحن نصنع لأنفسنا ونصنع لكم فى الوقت نفسه، وما البضائع والسلع والمنتجات والمعدات والآلات وكل منتجات الحضارة التى تنعمون بها فى بلادكم سوى مصنوعات صنعناها لحسابكم، ولولا ذلك لما أُطْلِقَت لدينا غازات الدفيئة الناتجة عنها.. ففى الواقع نحن قد أصدرنا كثيراً من الابتعاثات لحسابكم، ولولا ذلك لما تضخمت كمياتها لدينا، ولذلك فمسئوليتنا جميعاً مشتركة، ويتحملها المجتمع الدولى بأكمله"؛ لكن المؤسف أن هذا الجدل يثور فى كل مؤتمر، ولدى مناقشة أية إجراءات على مدى ست وعشرين سنة حتى الآن.

وتتناول القضية الحرجة الثانية مسألة "التخفيف"، وهو الآلية الرئيسية فى مواجهة تزايد ابتعاثات غازات الدفيئة، والمقصود بالتخفيف هى الإجراءات التى تتخذ للحد من الابتعاثات وتقليص تركيزاتها أو منع صدورها.

وتطالب الدول المتقدمة "بالتخفيف" جميع دول العالم لأن المشكلة فى جوهرها تكمن فى الزيادة المستمرة لتركيزات غازات الاحتباس الحرارى فى جو الأرض، لكن الدول النامية تجادل فى ضرورة تفاضل المشاركة على أساس مبدأ مهم أرسته الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، وهو "المسئوليات المشتركة ولكن متباينة" Common but Differentiated Responsibilities، وتظل هذه المجادلة قائمة دائماً لدى التصويت على أى قرار.

وتركز القضية الحرجة الثالثة على مسألة "التكيف"، والمقصود به القدرة على التواؤم والتعايش مع التأثيرات السالبة لتغير المناخ، وتحتاج تنمية هذه القدرة لدى الدول النامية تمويلات ضخمة تصل إلى حوالى مائة مليار دولار سنوياً.

وتصر الدول النامية على أن الأولوية القصوى فى العمل المناخى يجب أن توجه للتمويل لدرء الضرر الواقع من الأحداث المتطرفة Extreme Events التى تعصف بكثير من الدول النامية بين حين وآخر فى الفيضانات والأعاصير والتصحر وجفاف الأنهار وموت المحاصيل وتحور الزراعات وتغول الآفات والأمراض المستحدثة وغيرها؛ لكن الدول المتقدمة تؤكد دائماً أن الأولوية القصوى "للتخفيف" الذى يعالج المشكلات من جذورها، وبالتالى "فالتكيف" ليس أولوية للتمويل بل "التخفيف"؛ ويظل هذا الجدل يدور فى كل قمم المناخ دون أن يُحْسَم على الإطلاق.

وتتعلق القضية الحرجة الرابعة "بآليات التنفيذ" التى تصر الدول المتقدمة على أنها غير مُلْزِمَة وغير محددة، بينما تحاول الدول النامية أن تؤكد بكل سبيل أنها مُلْزِمَة للدول المتقدمة، ومُلْزِمَة بالأكثر نحو تقديم تمويل محدد وواضح قابل للقياس، وهذه القضية بهذا الخلاف تتكسر عليها قرارات مهمة كثيرة يتعذر الاتفاق عليها.

أما القضية الحرجة الخامسة فتدور حول "شكل المساهمات الوطنية"، فحيث تطالب الدول المتقدمة بأن الشكل المهم والرئيسي للمساهمات الوطنية هو فقط خفض غازات الدفيئة، تطالب الدول النامية فى المقابل بأن المساهمات الوطنية للدول – على الأخص المتقدمة منها – يتعين أن تشمل التكيف، والتخفيف "الطوعى"، والتمويل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات.

وهذه القضية تحقق فيها الدول النامية مكاسب مستمرة فى جوانب نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، لكنها تظل تطالب بالتمويل والتكيف، فى الوقت الذى تظل الدول المتقدمة تطالب دائماً بالتخفيف الطوعى، وأحياناً يلتقيان لكنهما فى أحيان ليست قليلة يحتدم بينهما الخلاف.

خمس قضايا ملتهبة تقف دائماً كصخرة كئوود يتحطم عليها الاتفاق على القرارات المهمة، لكن شرم الشيخ هذه المرة تضع العالم كله فى منعطف خطير لتغير المناخ، ويتعين عليه أن يصل للاتفاق المنشود على القرارات الخطيرة التى يتوقف عليها إنقاذ كوكب الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص