الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفغانستان: إغتيال ثورة

دلير زنكنة

2022 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ديردري غريسوولد

منذ وقت ليس ببعيد ، كانت البرجوازية لا تزال تشعر بالفخر بتاريخها الثوري. استمروا في الاحتفال بالثورة الفرنسية عام 1789 والعديد من الانتصارات العظيمة الأخرى في النضال ضد الاضطهاد الإقطاعي. حتى أنهم تحدثوا باستحسان عن الإطاحة عام 1917 بالاستبداد القيصري في روسيا. وقالوا إن المشكلة كانت أن البلاشفة أفسدوا النضال من أجل الديمقراطية بالذهاب ابعد مما كان مفترضًا .

لكن الرأسمالية في هذا العصر الفاسد من الغزو الإمبريالي الأمريكي للعالم قد انحطت كثيرًا عن جذورها الثورية حيث هي الآن ، على حد تعبير هنري كيسنجر ، اكثر يمينية من القيصر نفسه. وهي تحتفل بعودة الحكم الإقطاعي المطلق في أفغانستان.

تقدم وسائل الاعلام القوية، التي تضاعف مدى انتشارها بسبب أحدث التقنيات للعالم صورًا فوتوغرافية فورية لاعدام بلا محاكمة - هذا كل ما كان - لعدد قليل من بقايا التقدميين في كابول.
لجعل الفعل أكثر قبولا ، تستخدم وسائل الإعلام صفات مثل "جزار" لوصف الرئيس السابق نجيب الله ومساعديه. تم إخراجهم من مجمع الأمم المتحدة حيث التمسوا اللجوء على مدى السنوات الأربع الماضية ، وتعرضوا للضرب حتى الموت ثم تُركوا معلقين ليراهم الجميع.
لكن خبراء السياسة الخارجية للمؤسسة الأمريكية يعرفون فيما بينهم أن الجريمة الحقيقية للتقدميين الأفغان كانت أنهم حاولوا إجراء تحول اجتماعي في بلادهم في اتجاه الاشتراكية.

أية جهة رسمية تشهد على ذلك؟ لا أحد سوى وزارة الدفاع الأمريكية نفسها.

ينشر البنتاغون ما يسميهم كتب دراسات القطر عن كل دولة في العالم تقريبًا. يتم تحديثها كل بضع سنوات. تحتوي هذه الكتب على معلومات أساسية للاستخدام من قبل الأفراد الأمريكيين الذين يسافرون أو يعملون في الخارج. لا يوجد شيء سري فيها. إنها متوفرة في معظم المكتبات.
أفغانستان - دراسة قطرية لعام 1986 تتضمن بالطبع الخط المعادي للشيوعية المتوقع من أحد منشورات البنتاغون. لكنها تحتوي أيضًا على الكثير من المعلومات المفيدة حول التغييرات التي أحدثتها الثورة الأفغانية عام 1978.

تحرير النساء والفلاحين

قبل الثورة ، كان خمسة في المائة من ملاك الأراضي الريفية في أفغانستان يمتلكون أكثر من 45 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة. كان ثلث سكان الريف من العمال المعدمين أو المزارعين أو المستأجرين.
يقول تقرير الجيش الأمريكي إن الديون المستحقة لملاك العقارات ومقرضي الأموال "كانت سمة عادية للحياة الريفية". مزارع مثقل بالديون يسلم نصف محصوله كل عام إلى مقرض المال.

يقول تقرير البنتاغون: "عندما تولى حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني PDPA السلطة ، تحرك بسرعة لإزالة كل من عدم المساواة في ملكية الأراضي والربا". ألغى المرسوم السادس للثورة ديون الرهن العقاري للعمال الزراعيين والمستأجرين وصغار الملاك.

وضع النظام الثوري برامج محو أمية واسعة النطاق ، وخاصة للنساء. طبعت كتبًا مدرسية بالعديد من اللغات - الداري ، والبشتو ، والأوزبكية ، والتركية ، والبلوشية. وتقول الدراسة القطرية: "قامت الحكومة بتدريب المزيد من المعلمين ، وبنت مدارس ورياض أطفال إضافية ، وأنشأت دور حضانة للأيتام".
قبل الثورة ، كانت نسبة الأمية بين الإناث 96.3 في المائة في أفغانستان. وبلغت نسبة الأمية في الريف بين الجنسين 90.5 في المائة.

بحلول عام 1985 ، على الرغم من الحرب المضادة للثورة التي مولتها وكالة المخابرات المركزية ، كانت هناك زيادة بنسبة 80 في المائة في أسرة المستشفيات. أنشأت الحكومة وحدات طبية متنقلة وكتائب من النساء والشباب للذهاب إلى الريف غير المتطور وتقديم الخدمات الطبية للفلاحين لأول مرة.

من بين المراسيم الأولى للنظام الثوري حظر مهر العروس وإعطاء المرأة حرية الاختيار في الزواج. قال الدليل الأمريكي: "تاريخيًا ، ارتبطت أدوار الجنسين ووضع المرأة بعلاقات الملكية. تميل النساء والأطفال إلى الاعتبار نوعا ما من الملكية والانتماء إلى الذكر ".

أيضا: "العروس التي لم تظهر عليها علامات العذرية ليلة الزفاف يمكن أن تقتل على يد والدها و / أو إخوتها."
كانت الثورة تتحدى كل هذا.

استطاعت الشابات في المدن ، حيث كانت سلطة الحكومة الجديدة قوية ، أن يمزقن الحجاب ، ويخرجن بحرية في الأماكن العامة ، ويذهبن إلى المدرسة ويحصلن على وظيفة. تم تنظيمهن في منظمة المرأة الديمقراطية في أفغانستان ، التي تأسست في عام 1965 من قبل الدكتورة أناهيتا راتب زادة. كان زوج راتب زادة ، بابراك كرمل ، أحد الثوار الشباب الذين شكلوا حزب الشعب الديمقراطي في نفس العام وأصبح فيما بعد رئيسًا للبلاد.

القمع والثورة

تم دفع هذا الحزب الحديث النشأة دفعًا الى الثورة في عام 1978. فالحكومة الرجعية لمحمد داود ، التي كانت قريبة من كل من شاه إيران والولايات المتحدة ، ألقت القبض في 26 أبريل 1978 على قيادة حزب الشعب الديمقراطي بالكامل تقريبًا.
كانت هناك جنازة ضخمة قبل أسبوع واحد فقط لعضو مقتول في الحزب ورأت الجماهير التقدمية في كابول الاعتقالات الجديدة كمحاولة لإبادة الحزب تمامًا كما فعل المجلس العسكري بأحزاب العمال في تشيلي في 1973.

انتفاضة الرتب الدنيا في الجيش حررت الزعيم الجماهيري للحزب نور محمد تراقي - حطم الجنود بالفعل جدران سجنه بدبابة. في غضون يوم واحد ، تمت الإطاحة بداود وإعلان حكومة ثورية برئاسة تراقي.
كانت انتفاضة الجنود وجماهير المدينة ، وكثير منهم من موظفي الخدمة المدنية ذوي الأجور المنخفضة في بلد فيه القليل جدًا من الصناعة ، تحررية تمامًا مثل الثورات السابقة ضد الاستبداد الإقطاعي في أوروبا ، فقد وعدت بتحطيم التقاليد القديمة المستندة على أسس القهر والخوف.

كان قادة حزب الشعب الديموقراطي الافغاني PDPA متعلمين ، على الرغم من أن بعضهم ، مثل تراقي ، جاءوا من أسر فقيرة جدًا. لكنهم ذهبوا إلى جامعة كابول ، ودرس بعضهم في الخارج ، وكانوا يتوقون إلى جلب التنوير والتقدم المادي إلى أفغانستان.

لو حدث هذا قبل 150 عامًا ، لكان الإقطاع قد أُطيح به ، ورحبت بأفغانستان في حظيرة الأمم البرجوازية التقدمية. لكن ذلك كان قبل عصر الإمبريالية ، وخاصة قبل عصر الثورات البروليتارية والحرب الباردة.
بدأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ببناء جيش من المرتزقة ، وتجنيد أمراء الحرب الإقطاعيين وخدمهم في "حرب مقدسة" ضد الشيوعيين ، الذين حرروا نساء افغانستان وفلاحيها. أنفقت واشنطن مليارات الدولارات كل عام على الحرب.

كانت الدولة الوحيدة في المنطقة المستعدة لمساعدة الثورة الأفغانية هي الاتحاد السوفيتي. تدخل الاتحاد السوفياتي عسكريا. لكنها لم تستطع هزيمة هذه القوة المضادة للثورة المسلحة تسليحا جيدا.
كانت كل معركة اختبارًا ليس فقط للقوة العسكرية السوفيتية ولكن للعزيمة السياسية لقادتها. أخيرًا سحبوا القوات في عام 1989 حيث أصبح التحول إلى اليمين داخل الاتحاد السوفيتي أمرًا واضحًا .
بدأت الحرب في أفغانستان قبل حوالي 18 عامًا. واستمرت لفترة طويلة بعد سقوط آخر حكومة تقدمية في كابول عام 1992. كانت المرحلة الأخيرة عبارة عن عربدة دمار حيث قاتلت الجماعات الرجعية المتنافسة للسيطرة على العاصمة ، التي تحولت الى دمار.

قُتل أكثر من مليوني أفغاني في هذا الصراع وأصبح ملايين آخرون لاجئين. والآن ، تمت إعادة نصف السكان الباقين - النساء - إلى وضع الملكية دون حق واحد من حقوق الإنسان. يمكن للرجل الفقير غير القادر على سداد ديونه أن تقطع يده بسبب السرقة.

المدارس والعيادات التي بنتها الثورة في حالة خراب. طالبان - جماعة أصولية مدعومة من باكستان تم تدريبها وتسليحها من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية - استولت على العاصمة وتواصل الحرب شمالًا ، باتجاه الحدود مع ما كان يعرف بجمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية. [منذ كتابة هذا المقال ، اوقفت الميليشيات المعارضة هذا الهجوم].

هذا هو الوجه البغيض للثورة المضادة. لقد أعيدت أفغانستان إلى الوراء لأكثر من 100 عام. لكنها كانت أحدث الأسلحة وأنظمة الاتصالات ، التي صنعت في الولايات المتحدة ،هي التي قتلت الحلم التقدمي لجيل من الثوريين الاجتماعيين الأفغان.

‏Deirdre Griswold
‏Workers World
(10 أكتوبر / تشرين الأول 1996).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!