الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الأصلي في كوردستان العراق، صراع بين الحركة الشيوعية والحركة القومية

نادر عبدالحميد
(Nadir Abdulhameed)

2022 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو غريبا أن نسمع قولا مفاده أن الصراع الأصلي داخل المجتمع في كوردستان العراق، هو بين الحركة الشيوعية والحركة القومية بكل أحزابها وتياراتها المختلفة، خاصة في وضعنا الحالي، حيث لا تتمتع الحركة الشيوعية بأي نوع من أنواع القوة والنفوذ، سيما وهي شبه غائبة، في التأثير على أية معادلة سياسية بارزة في المجتمع.

في حين إذ ألقينا نظرة عابرة على الأخبار، نری بأن الشجار بين الأحزاب القومية في كوردستان تملأ الآذان؛ كحرب المصالح بين حزبي السلطة (الاتحاد الوطني الكردستاني) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني)، وخلافات حزب (التغيير) مع كليهما، كذلك صراع حزب (الجيل الجديد) المعارض ضد ثالوث السلطة (الاتحاد، الديمقراطي والتغيير). هذا علاوة علی مشاكل الأحزاب الإسلامية مع الأحزاب القومية وحكومة الإقليم، وخصام كل تلك الأحزاب والمجاميع الكوردية، القومية والإسلامية، مع الحكومة المركزية وسلطة الإسلام السياسي في بغداد.

هذا هو واقع العالم الرأسمالي في جميع البلدان، حيث الصراع بين مختلف التيارات والأجنحة البرجوازية على السلطة، والسعي وراء أجنداتها السياسية والاقتصادية، يهيمن على الرأي العام في المجتمع، كما نرى اليوم في العراق. ليس هذا فقط، بل هم خلقوا جحيما في العديد من البلدان من خلال الحروب الأهلية كما نرى اليوم في سوريا وليبيا واليمن، هذا وجلبوا المآسي للبشرية على مستوى العالم من خلال الحروب الإمبريالية وصدام الكتل الاقتصادية والسياسية، كما نراها اليوم في الحرب الأوكرانية.

إذا نظرنا إلى عالم السياسة من وجهة نظر الصحافة البرجوازية، فإن ما يظهر في بلد مثل العراق، هو التجاذبات السياسية بين الأجنحة المختلفة للنظام وصدام المصالح بين التيارات القومية والطائفية والمذهبية، ومن خلالهم صراع الدول الإقليمية الرجعية والدول الإمبريالية في الساحة العراقية. ومن هذا المنطلق الصحفي، لن يظهر نضال العمال والكادحين ضد كل بنيان هذا النظام القومي والإسلامي الفاسد، في حين أن (انتفاضة أكتوبر ٢٠١٩) للعمال والكادحين هزت عرش سلطة هذه التيارات القومية والإسلامية الطائفية وقلبت موازين المعادلات السياسية للدول الرجعية المجاورة والدول الإمبريالية في العراق. إن الصراعات الحالية في المشهد السياسي العراقي هو نتيجة للضربة التي وجهتها هذە الإنتفاضة المجيدة إلى هيكل السلطة البرجوازية في هذا البلد.

وعلی نفس المنوال في المشهد السياسي للإقليم، فإن ما نراه في السطح هو صراع بين التيارات اليمينية و "اليسارية" والنيوليبرالية للبرجوازية القومية والإسلامية من جهة، ومن جهة اخری صراع كل هذە الجبهة القومية الكردية وحكومتها الإقليمية مع التيارات القومية الطائفية العربية والإسلامية وحكومتها المركزية في بغداد، ولكن في قلب المجتمع في کوردستان، تحتج الشرائح المختلفة للطبقة العاملة وتقوم بالإضراب والتظاهر بشكل مستمر، وتخرج بين الحين والآخر في موجات من الإنتفاضات الجماهيرية العارمة مع الفئات الاجتماعية المهمشة والمفقرة ومع المرأة المضطهدة والشبيبة التي سدت السلطة البرجوازية أبواب مستقبل مزدهر امامها، ضد سلطة الأحزاب القومية والإسلامية في هذا الإقليم.

خرجت هذه الحركة الاحتجاجية الجماهيرية في كوردستان، لا سيما بعد موجة المظاهرات في (أكتوبر ٢٠١٥)، من سيطرة أحزاب المعارضة البرجوازية القومية وأحزاب الإسلام السياسي وتواجه حكومة الإقليم وسلطة الأحزاب القومية بشكل مباشر ومستقل عن أحزاب المعارضة البرلمانية. فرغم كل المحاولات والجهود المبذولة من قبل حزب (الجيل الجديد) علی مدی السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، لم يتمكن من السيطرة على هذە الحركة وقولبتها في إطار أجندته السياسية.

هذە الحركة الاحتجاجية تمر اليوم بمرحلة حرجة وحساسة، حيث خرجت، بخبرتها العملية، من تحت سلطة الأحزاب القومية والإسلامية، لكنها لم تتمكن من كسب أفق اشتراكي وأجندة سياسية شيوعية تمثل مصالحها الإستراتيجية.

ان إنجاز هذه المهمة، تقع علی عاتق الشيوعيين الثوريين، والذين يقومون بتنظيم صفوف العمال والكادحين وقيادتهم بهذا الأفق والأجندة السياسية في النضال ضد الرأسمال وسلطة البرجوازية.

إن الصراع الفكري والسياسي الدائر اليوم من أجل استقلال الحركة الشيوعية في كوردستان العراق عن "اليساروية" القومية وكشف المضمون الطبقي لهذا "اليسار" وأجندته السياسية، وكذلك فضح الإصلاحية القومية تحت مسمى الإشتراكية والشيوعية، هو جزء من إرساء حركة حزبية شيوعية ثورية وأممية، تضم نشطاء وقادة الحركات العمالية والجماهيرية، كي تتمكن من قيادة النضالات اليومية بأفق أممي اشتراكي وإلتحامها بنضالات العمال والكادحين في عموم العراق.

سبق وان تطرقنا إلی الإسلام السياسي في مقال سابق (مكانة تيار الإسلام السياسي في إقليم كوردستان العراق) وقلنا بأن تيار الإسلام السياسي، رغم کونه قوة واقعية منظمة ورجعية خطيرة، إلا أنه بعيد كل البعد من أن تفسح له الطبقة البرجوازية الكردية والمجتمع في كوردستان، فرصة كي يصبح حركة حاكمة، ليس هذا فحسب، بل وبعيد عن ان يمنحانه الفرصة كي يلعب دور المعارضة الرئيسية بوجه القوميين في السلطة، كما رأينا خلال موجات الانتفاضات في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العقد الماضي. لذا فان معارضة أحزاب الإسلام السياسي في كوردستان العراق كانت دوما ذيلية ومكملة لمعارضة الأحزاب القومية الكردية.

هكذا في المجتمع الطبقي في كوردستان، يجد الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية نفسه في الجدال الفكري والصراع السياسي وذلك في البناء الفوقي السياسي للمجتمع، بين حركتين اجتماعيتين متضادتين، وهما الحركة القومية والحركة الشيوعية.

ان الإسلام السياسي، كما ذكرنا سابقا، هو جزء مكمل لرجعية الحركة القومية في كوردستان، بالطبع، هناك أيضا جدال وحرب بين الحركة الشيوعية وتيار الإسلام السياسي، إلا ان المعركة الحاسمة للشيوعية داخل المجتمع في كوردستان هي ضد هيمنة النزعة القومية والسلطة السياسية لأحزاب الحركة القومية.

تشرين الثاني ٢٠٢٢








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل