الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستتأثر العلاقات العربية الإيطالية بوصول رئيسة الوزراء اليمينية جورجيا ميلوني للحكم؟

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2022 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


شكلت جورجيا ميلوني زعيمة حزب " إخوة إيطاليا " الحكومة الإيطالية الجديدة، وأصبحت بذلك أول رئيسة وزراء يمينية متطرفة تحكم تلك الدولة الأوروبية منذ بنيتو موسوليني، حليف أدولف هتلر في الحرب العالمة الثانية، الذي اعجبت به منذ صغرها، ووصفته " بأنه جيد والأفضل في الخمسين عاما الماضية "، ولهذا يعتبر الكثير من المراقبين وصولها للحكم امتدادا للفاشية الإيطالية التاريخية، وزلزالا سياسيا ليس فقط في إيطاليا ولكن في أوروبا كلها.
ميلوني التي اتخذت " الله الوطن العائلة " شعارا لحملتها الانتخابية وتعرّف نفسها كمسيحية ملتزمة، أعلنت أنها تعارض الإجهاض والموت الرحيم، وستحكم من أجل جميع الإيطاليين؛ وأنها تؤيد حلف شمال الأطلسي والحرب الأوكرانية ضد روسيا، وصوتت لصالح التدخل العسكري في ليبيا، ولا تخفي موقفها العنصري المعادي للإسلام الذي تعتبره " مصدرا للعنف "، وتتهم السعودية وقطر بنشر الأصولية الإسلامية في أوروبا. وهي معروفة أيضا برفضها للتعددية الثقافية، ومعارضتها الشديدة للهجرة والمهاجرين غير الأوروبيين وعبرت عن ذلك بقولها إنها " تؤمن وتصدق بأن الهجرة الجماعية من إفريقيا إلى أوروبا غرضها استبدال الإيطاليين والقضاء عليهم!"
وصول ميلوني للسلطة يعتبر دعما لليمين الأوروبي المعادي للمهاجرين والإسلام الذي انتعش في أوروبا وحقق انتصارات غير مسبوقة في الانتخابات النيابية في فرنسا والمجر والنمسا والسويد وألمانيا. لكن مهمتها في حكم البلاد ستكون صعبة جدا، خصوصا وإن عليها ضمان وحدة حكومتها الائتلافية الذي يظهر تصدعات، إضافة إلى أن بلادها تواجه وضعا صعبا بسبب أزمة الطاقة التي نتجت عن الحرب الروسية الأكرانية، وارتفاع التضخم والبطالة وتكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، وديون ضخمة تمثل 150% من إجمالي الناتج المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.
لكن السؤال الذي يهمنا نحن كعرب هو: كيف ستكون سياسة ميلوني مع العالم العربي خاصة موقفها من القضية الفلسطينية؟ من المتوقع أن تعمل حكومتها على استمرار علاقات إيطاليا السياسية والاقتصادية الجيدة مع العالم العربي الذي بلغ حجم صادراتها له خلال العام المنصرم ما لا يقل عن 60 مليار دولار أمريكي. أما فيما يتعلق بسياسة حكومتها تجاه القضية الفلسطينية فإن ذلك ما زال غامضا وسيتضح خلال الأسابيع والشهور القادمة؛ لكن الجدير بالذكر هو أن إيطاليا اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا للشعب الفلسطيني عام 1980، ومنحت صفة سفير إلى رئيس البعثة الفلسطينية في روما في يناير 2012 ولها علاقات جيدة مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وان الأحزاب اليسارية الإيطالية، وشريحة كبيرة من الشعب الإيطالي تتعاطف مع الفلسطينيين وتؤيد حقهم في إقامة دولتهم المستقلة كحل للنزاع.
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو هل ستسوء العلاقات بين دولة الاحتلال وإيطاليا بسبب وصول جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة للحكم؟ حقيقة أن حزب ميلوني وأحزاب وحكومات اليمين الأوروبية لا تخفي رفضها للهجرة وعدائها للمهاجرين. ولكنها لا تجرؤ على كشف عدائها الدفين للسامية، ولم، ومن المرجح أنها لن تتخذ أي إجراءات سياسية واقتصادية للضغط على إسرائيل لوقف سياساتها العنصرية القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وقبول حل الدولتين الذي تؤيده إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى لعدد من الأسباب:
أولها هو ان الدولة الصهيونية تتخذ من الفلسفة السياسية " البراغماتية " النفعية نهجها الوحيد، ومبدأها الأهم حيث تطغى مصالحها على أي أسباب ومعطيات أخرى من أجل ضمان حضورها وتأييدها في القارة العجوز، حتى وأن كان ذلك يعني التعاون مع الحكومات والأحزاب اليمينية التي تعتبر قريبة من الفكرة النازية.
وثانيها هو نجاح النفوذ السياسي والاقتصادي والثقافي القوي الذي يمارسه قادة دولة الاحتلال، وقادة الجاليات اليهودية واللوبيات والاعلام الصهيوني في اوروبا في الربط بين معارضة سياسات إسرائيل العنصرية ومعاداة السامية، وفي إقناع قادة اليمين الأوروبي انهم هم وإسرائيل يواجهون عدوا مشتركا هو المسلمون سواء كانوا في فلسطين أو في أي دولة أخرى.
وثالثها هو أن أحزاب اليمين الفاشية الأوروبية ترى في إسرائيل نموذجا للدولة التي تحلم بها، وتتعاطف معها لكونها تتقاسم مع أوروبا التراث المسيحي اليهودي الذي يعتبر هذه الأحزاب رأس الحربة في معركته الثقافية والدينية مع الإسلام والمسلمين.
ورابعها يتلخص في كون قادة إسرائيل والحركة الصهيونية يمارسون سياسة الفصل العنصري التي مارسها الأوروبيون في جنوب إفريقيا، ويشربون من نفس النبع الآسن لأيدولوجية التفوق العرقي، ويتبنون نفس الأيدولوجية العنصرية التي تجمعهم مع اليمين الفاشي الأوروبي.
فلا غرابة إذا في أن قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف وعلى رأسهم نتنياهو، وبن غفير، وشاكيد، وليبرمان وغيرهم لا يخشون وصول حزب " إخوة إيطاليا " والأحزاب اليمينية الأوروبية الأخرى للسلطة، ويقيمون معها علاقات جيدة لكونها معادية للعرب والمسلمين ومؤيدة للاحتلال الصهيوني لفلسطين، ولأن معاداتها للسامية تشجع اليهود الأوروبيين على الهجرة لإسرائيل. والدليل على ذلك هو أن عددا من قادة دولة الاحتلال هنئوا قادة الأحزاب اليمينية على المكاسب التي حققتها أحزابهم مؤخرا، وان رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان المعروف بعدائه للمهاجرين والسامية في بلاده هو صديق بنيامين نتنياهو المقرب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل