الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتيلُ اللّيل

عمر حمش

2022 / 10 / 24
الادب والفن


وفي إحدى سهراتِنا الخالدة؛ شدّني انعكاسُ ضوءِ القمر على صفحاتِ بطونِ القبور، حتى أصابني خفوتُهُ بالثَمَل، فآثرتُ التوَحدَ بالقبورِ، والتنعمَ بصفوِّ ليلةٍ هادئة، ولكي أتخلصَ من رفقتي؛ شرعتُ أروي حكايةَ القطّةِ مع جدتي، وكيف كانت تتخطفُ زغاليل الفراخِ في العلن.
قلتُ: لاحقتها جدتي؛ فقفزتْ إلى الجدارِ، ومن فوقِه بعربيّة فصحى تكلمتْ، وتوعدتْ جدّتي.
قبل أن أكملَ؛ تململوا أوّلهم عن آخرِهم، ثمَّ وقفوا؛ لينسلّوا، تاركينَ الرملَ الباردَ، وأنا المبتسمُ، منشرحُ الصدرِ، وقد بَدَتْ المقبرةُ تخلبُ الألبابَ بحسنِ صمتِها، فتمدّدتُ بجلبابي الأبيض مثل ملاكٍ، لأعانقَ القمرَ، وأجدّفَ مُبحرًا في الصفوِّ، محلّقا في الأعالي، هانئا من غير منغّص، ولا رقيب، حتى ثملتُ تماما، فاستدرتُ، ثمَّ تقلبتُ، ودبّ بي الخدرُ، فأطلقتُ لروحي العنان، وغبتُ في سَفرةٍ، لم أدرِ كم طالت، إلى أن صحوتُ على صيحةٍ جواري:
قتيل!
انزاح الجفنُ عن الجفنِ، وعبس جبيني، ثمَّ رمقتُ رجلا على بعد أمتارٍ؛ يتخبطُ، وبيدِه فانوسُ إضاءة.
قلت:
أحمقُ متطفل.
ولمّا دقّقتُ؛ عثرتُ على ثلةٍ من خلفِه، يحملون جثةَ صغيرٍ، ورأيتُهم يتلاطمون، وسمعتهم يثغون مثل صغار ماعز، وزاد سخطي، فقمتُ؛ فهرولوا، حتى تعثروا بالقبور، تاركين صغيرهم ملقىً قرب نبتةٍ، وكنتُ لحظتها بهم أصيح:
يا قوم!
والقومُ يجري، فشرعتُ أنا الآخر أجري معاكسا، قبل أن يتكشّفَ أمري، وكم – من بعدِها – كانت دهشتي، وأنا أستمع إلى أمِّي، ثمّ إلى جيراني، ومن بعدِ يومٍ، إلى أهلِ البلدةِ كلِّها، وهم يروون حكاية قتيلَ المقبرة، الذي يظهرُ في الليلِ، ليمتطيَّ القبور، ويتخطفَ صغار الموتى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح