الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيوعية ماركس واللاارضوية العراقية؟/6

عبدالامير الركابي

2022 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


وجدت الماركسية الطبقية كفكرة عارضة توهمية ضمن منظومة الغرب الحداثي التفكرية والنموذجية، طبق ماركس من خلالها منظور الانقلابية الاحادية متاخرا، في الزمن الذي تبدأ فيه الاحادية المجتمعية بالزوال، بسبب الالة، ولانه نظر الى الانقلاب في وسيلة الانتاج من منطلق احادي، ماجعله يوقن بانها عامل اساسي في احتدامية الاصطراع الطبقي، فلقد كان ساعتها ماخوذا تحت طائلة المصنعية، الشكل او التجلي الاول من اشكال وسيلة انتاج وجدت لتخضع لصيرورة تاخذ بها للتطابق نوعا ووظيفة، مع الانتاجية العقلية بدل الجسدية المستمرة على مدى الانتاج اليدوي، ومع كل هذا فان النظر الى مفكر الشيوعيه ينبغي ان ياخذ بالاعتبار الاشتراطات الانقلابية الكبرى التي عاش ضمنها، بحيث فاته ان يرى بان الالة بالاحرى، وحضورها كعنصر ثالث من خارج الاصطراعية المجتمعية، هي عامل انهاء للصراع الطبقي، لاتاجيجه كما بدا له حينها ب"وضوح".
وعلى هذا وبغض النظر عن الضخامة الهائلة للضجيج المرافق لهذا المنجز غير العادي، المواكب للظاهرة الغربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، فانه لم ينشا لكي يتحقق في اي مكان من العالم، والاوجه او الحالات التي اعتقد بانها ممكنه، او قائمه بهذه الصيغة او تلك تدليلا على ممكنات انتصاره، هي اشكال اخرى عملية من ظواهر التوهمية وكيف تتجلى ظاهرة الغرب واقعا تحت طائلة الالية التي طرات عليها، بالذات ضمن اشتراطات تراجع فعالية الطبقية، وامتداد الانقلاب الالي نحو مواضع لاتتوفر على اللازم من النمو البرجوازي الضروري، مع ظهور اشكال حضور لقوى وفئات مجتمعية فعالة غير الطبقية تقليدية اقتضاها التغير في البنى، اتجهت الى الايديلوجيا والالة، كي تحقق اشكالا من الانتقالية خارج التقليدية والطبقية منها على وجه التحديد، ومع الاستفادة من قوة حضور الاستبدادية الشرقية احيانا.
المكان الوحيد الذي تنتقل فيه شيوعية ماركس من طابعها الاحادي المغلق التوهمي الى التحولية العليا، هو الذي تصبح فيه عنصر مندمجا، وحاضرا مساعدا على منح اللاارضوية ماتحتاجه من اسباب المواجهة، في الساعة المحددة وقت احتدام المجابهة مع الارضوية الافنائية، فتقز وقتها من حيزها وحدوده، الى مابعده، اي الى المدى التحولي الجنوبي العراقي، مع تبدل السردسة التحولية المرافقه للالة، وظهورها ومايترتب عليه من انقلابية مابعد مجتمعية.هذا علما بانها، ومع كونها اوربية طبقوية المصدر، الا انها بالاحرى لاتجد هناك من القدرة على الفعل النوعي، ولا التحقق المزعوم، مايجعل منها اعلى الظواهر الاحادية واكثرها اندراجا ضمن اشتراطات اللارضوية، واكثر التصاقا بها خلال قرابة ربع قرن من الزمن فائق الضرورة والخطورة ضمن اصطراعية كونية.
ولننظر اذا استطعنا الى المشهد التالي، يوم يظهر "البيان الشيوعي"عام 1848 في اوربا كاعلان عالمي عن انقلابيه كونية توهمية، داخل نمطية مجتمعية منتهية الصلاحية ومؤقته، لن تلبث ان تتجلى ملتحقة في ثلاثينات القرن العشرين مندمجة باللاارضوية العراقية المتصادمه افنائيا مع اخر تجليات الغرب واحاديته، باتجاه عالم مابعد المجتمعية، بينما اوربا تنحدر تباعا تحت وطاة التفارق الانتاجو/ وسائلي، مع تحورات الالة، وبدء انتقالها بالانتاجوية، من اليدوية التي انتهى زمنها، الى العقلية، والى تحرر العقل من وطاة الجسدية واحاديتها المجتمعية الباقية عالقة بالعقل من الطور الحيواني كحامل ضروري مؤقت.
خارج منظور الغرب الابتساري التوهمي، وغلبته الداله على متبقيات القصورية العقلية لمايعرف بالعراق الحديث، لابد من مقاربة الرؤية المطابقة للحال يوم وقعت النهوضية الغربية الحديثة، وصولا لمجيء الغرب الى ارض مابين النهرين، حيث الكيانيه الامبراطورية المتعدية للكيانيه المحلوية، والازدواجية بنية وتكوينا، عند احدى لحظات تاريخ المكان وخاصياته، هي لحظة انقطاع، بعد دورة تاريخية امبراطورية قاربت السته قرون، بدات عام 1258 بسقوط بغداد الذي يذكر بسقوط العاصمة العالمية الاولى بابل، مع فارق بقاء العاصمة العالمية الثانيه قائمة كمدينه لاتحيا ولاتموت، وكاثر رمزي فاقد لكينونته، ودالة على الانقطاعية في موضع تاريخه محكوم بسبب بنيته، لقانون الدورات النهضات الامبراطورية، تعقبها الانقطاعات، ماقد جعل المكان الجاري الحديث عنه، اي بغداد، واقعا تحت طائلة برانيه، تتناوب عليها السلالات واشباه الامبراطوريات الشرقية، من دون ان يعني ذلك توقف او زوال القانون الامبراطوري الكوني التاريخي عن العمل، خصوصا بوجهه الازدواجي، وبعد فترة استمرت بين 1258 الى القرن السادس عشر، تغيرت الاليات الكيانيه اتفاقا مع القانون التعاقبي الدوراتي الاساس، وبعد ان كان الكيان المتعدي للكيانيه برانيا من الاعلى، وواقعا تحت طائلة الفوضى في ارض اللاارضوية جنوبا، عادت اليات التشكل الحديث الثالث من اسفل الى الظهور متبلورة في ارض سومر الحديثة مع "اتحاد قبائل المنتفك"، الكيانيه غير المعلنه، والمستقلة عمليا، ليتغير من يومها الايقاع المجتمعي، بعدما عاد الى طبيعته الاصل، فلم تعد البرانيه من يومها كما كانت ابان الفترة من هولاكو الى القرن السادس عشر، بعد ان عادت الاصطراعية الازدواجية للعمل فارضة على الاطار الاعلى زخما صاعدا من الاسفل، ماقد تولدت عنه ديناميات اصطراع كينونه، يسميها عبقري مثل علي الوردي مدا بدويا معاكسا للحضارة التي يمثلها هو، بظل العثمانية وماقبلها، وصولا للخروف الابيض والخروف الاسود، والى الجد الاعلى هولاكو.
وليس الوردي وامثاله من النقليين مبتكرين قياسا الى غرب يضع اصلا مفهوما مقلوبا للتاريخ ولحركة المجتمعات وتفاعليتها، معه يصير التاريخ ومنطوياته مصادرا ومنوطا به وبنهضته وماتعد به من توهمات، ليس لها اي اساس، برغم ضخامة واهمية مايعزز موقعها من منجزشامل غير عادي، خصوصا اذا كان الموضع المفترض به ان يعلن عن تصوريته، عاجز عن القيام بما هو موكل به، واقع تحت هيمنه الغرب ومفهومه، وضخامة ظاهرته الحديثة بالذات، لدرجة قبول خيانه الذاتيه.
هذا مع اننا لانعدم مايجعلنا ننظر للظاهرة الغربية من منظار الازدواجية اللاارضوية، باعتبارها الهدف والمقصد المنطوي عليه التاريخ، وبنية الظاهرة المجتمعية، ومآلها وتفاعليتها الدوراتية، وصولا للقول بان ارض مابين النهرين، ومع نهاية دورتها الثانية صارت مفتوحة على بلوغ الغاية الكامنه في تضاعيف بنيتها، والتي عرفت على طريق بلوغها دورتين هما السومرية البابلية الابراهيمه الاولى، والعباسية القرمطية الانتظارية الثانيه، وصولا الى الثالثة الحالية التحولية اللاارضوية، دورة كشف النقاب، والنطيقية المؤجله.
ثلاث دورات وانقطاعين ماقد تطلبتهما عملية الانقلاب اللاارضوي المجتمعي البدئية، والتي وجدت ابتداء في جنوب ارض مابين النهرين محكومة لاشتراطات العيش على حافة الفناء، لتتشكل بنيه وكينونة بالتفاعل الاصطراعي مع البيئة الاستثنائية الطاردة، وتتبلور في غمرتها قبل ان تنزل عليها المجتمعية الارضوية من الاعلى حيث "عراق الجزيرة" الديمي الاحادي الارضوي، فينشا من ساعتها اصطراع النوعين المجتمعيين، متحولا الى وجودية خاصة بهذا الموضع، يصير معها حالة ازدواج كونية متعدية للكيانوية المحلوية، الاحادية على النمط المقارب جغرافيا، والنهري المصري، حيث التوافقية الانتاجية البيئية النموذجية، واحاديتها المحلوية "الوطنيه" عندما يكون المجتمع مجسدا في دولة، مع غياب الاليات بحكم انتفاء الانشطارية التي تميز بنية المجتمعات الاحادية الاوربية، وانشطارها الطبقي الذي يجعلها الاعلى دينامية ضمن صنفها، مقارنه بالمصرية الادنى.
يوم توجد اللاارضوية وتتشكل بنية وكينونة، تكون فوق ارضوية توجها وجموحا، مستقرها الاكوان العليا والخروج من الارض، مع الافتقار للمستلزمات والاسباب الضرورية اللازمة للتحقق ماديا على مستوى الوسائل المتاحة، كما كوعي اعقالي، في وقت يكون العقل كما هو عند بداية المجتمعات، ادنى قدرة من ان يحيط بالنوع اللارضوي، بالكاد ينطوي على مايؤهله للتعامل مع الارضوية الاحادية وينغمس فيها ،باعتبارها الممكن الوحيد، ليدخل من ساعتها حالة تصيّر تفاعلية، تشمل التاريخ المجتمعي برمته، هدفها ومنتهاها عبور القصورية العقلية المميزه لعلاقة العقل بالمجتمعية، تظل اللارضوية اثناءها خارح الادراك، وبلا نطقية الا الحدسية منها ، مادامت الانتاجية اليدوية مستمرة، فاذا حدث الانقلاب النوعي، وظهرت الاله، صار العالم من يومها منفتحا على اللاارضوية، سائرالى مغادرة الاحادية الارضوية، ان لم يكن محكوما لذك.
مع انبجاس الاله مع القرن السابع عشر في اوربا، صار العالم محكوما للانقلابيه اللاارضوية، والى انتهاء الجسدوية مجتمعيا بعدما ادت المطلوب منها، ليصبح الكائن البشري على مشارف الانتقال الى العقل، والى مغادرة وتحررالعقل من الجسدية، بينما تكون وسائل الانتاج قد تبدلت وقتها، بعد اليدوية، والالية الاولى، الى الصيغة الاعلى من الالة "التكنولوجيا العليا" القادرة على تغيير الكائن البشري نفسه، على مستوى تنظيم الحاجات الحيوية البيولوجيه، وصولا لالغائها، او التحكم بالمسالة العمرية، وسطوة ظاهرة الموت الجسدي الغالبة ابان الطور الارضوي.
لايجري الانتقال الى الطور المقصود فجاه، والارضوية الاحادية لن تغادر موضعها الذي احتلته طويلا، من دون لحظة انتقالية يفترض ان تكون غير عادية، من نوع التوهمية الكبرى الاوربية، وظاهرتها الحديثة، وماتكرسه من نماذج كيانوية ومفهومية، قبل ان يقع الاختلال الكبير الناجم عن التفارق المطرد بين وسيلة الانتاج، والبنية الانتاجية الارضوية الجسدوية، وهنا وساعتها يصبح العالم لاارضويا، بعد ما توفرت السباب المادية اللازمه والضرورية لتحققه، وافضت التصادية الافنائية القائمه في العراق بين اللاارضوية والغرب الاحادي، باعلى وارفع تجلياته، الى تحفيز النطقية، واماطة اللثام عن المؤجل المتعدي للطاقة العقلية على الاحاطة حتى حينه.
منذ النصف الثاني من الالفية الثانيه، دخل العالم طور الانتقال التحولي الكبير، مجتازا كبداية فترة ايهاميه غير عادية تتناسب وكونها ختامية ونهاية طور طويل من الغلبة الاحادية الارضوية، قبل ان تحل بشائر الانتقال الاعظم الى ماوراء مجتمعية، ومابعد جسدوية من متبقيات الحيوانية العالقة بالعقل كحامل، ولايعود السكن الارضي، والعيش على كوكب الارض لازما ولا حتى ممكنا... التوهمية الغربية انتهت بكل منظوراتها وظواهرها... وقد انجزت ماعليها ..
والعالم على مشارف زمن اخر حيث لاعين رات ولا اذن سمعت .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ