الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الكتابة النصية للمسرح الجامعي

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)

2022 / 10 / 24
الادب والفن


بقلم /حسام الدين مسعد -مصر
إن الإشكالية تعني المعضلة النظرية التي لا يوصل فيها الي حل يقيني وهي مرادفة للمسألة التي يطلب حلها بأحدي الطرق العقلية أوالعلمية .
-يفسرها معجم الغني
إِشْكالِيَّةٌ:-[ش ك ل]. (مص. صِناعِيٌّ). طَرَحَ إِشْكالِيَّةً على الْمُناظِرينَ: قَضِيَّةً فِكْرِيَّةً أَوْ ثَقافِيَّةً أَوِ اجْتِماعِيَّةً، تَتَضَمَّنُ الْتِباسًا وَغُموضاً، وَهِيَ بِحاجَةٍ إلى تَفْكيرٍ وَتَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ لإيجادِ حَلٍّ لَها.
-أما في معجم اللغة العربية المعاصرة هي
[مفرد]: ج إشكالات (لغير المصدر):
مصدر أشكلَ ،وتعني مشكلة، قضيّة مطروحة تحتاج إلى معالجة "أثار المتحدِّث إشكالاتٍ عدّة".
-لاشك اننا بصدد البحث عن حلول لمشكلة الكتابة النصية للمسرح الجامعي هذا المسرح الذي تستهدف عروضه فئة عمرية محددة هي فئة الشباب الجامعي التي لها من القضايا اليومية الهامشية ما يجعلنا نسعي لطرحها كصرخة ما بعد حداثوية في وجه المؤسسات المالكةللخطاب،والقوي،والمعرفة في العالم ،لكن يثار السؤال علي القارئ هل استطاع المسرح الجامعي أن يرسخ هويته في التربة المسرحية العربية ؟
إن الإجابة علي مثل هذا السؤال تستدعينا أولاً لمعرفة مفهوم "المسرح الجامعي "الذي عرفه استاذنا الدكتور" كمال الدين عيد "
[ هــو ذلــك المــسرح الــذي یتكــون مــن الفــرق الرســمیة بالجامعــات، التــي تقــدم نــشاطا مــسرحیا خــلال العــام الدراســي الجــامعي فــي الكلیــات المختلفــة بالجامعــات ]( كمــال الــدین عیــد،اعلام ومصطلحات المسرح الأوربي،ط١،،الأسكندرية،٢٠٠٦،دار الوفاء،ص٦٠٧.).
-نلحظ من تعريف د."عيد"الذي استخدم مفردة "الرسمية "في إشارة دالة علي أن هذه الفرق المسرحية المكونة من الطلاب الممارسين للنشاط المسرحي في الجامعة هم خاضعين لسلطة المؤسسة الجامعية كسلطة تابعة للسلطة المركزية التي تتحكم في منع أو مزاولة هذا النشاط، ومن ثم تشكل سلطة رسمية تهيمن علي الفضاء العمومي داخل الحرم الجامعي،للحد من تفعيل الدور الوظيفي للنقد.او عدم السعي لتفعيل الدور الهام في خلق علاقة جديدة مع المتلقي، تنطلق من الكشف عن الجوهر الاجتماعي الجمالي من خلال لغة التعلم الحواري التي تحدث عنها "باولو فيراري " صاحب مشروع(مجتمعات التعلم )،وهو مشروع تعليمي، يسعى إلى التحول الاجتماعي، والثقافي، للمراكز التعليمية ومحيطها من خلال التعلم الحواري، مع التركيز على الحوار المتساوي بين جميع أفراد المجتمع، لإن عمليات التعلم، بغض النظر عن أعمار المتعلمين، تعتمد بشكل أكبر على التنسيق بين جميع التفاعلات، والأنشطة التي تحدث في أماكن مختلفة من حياة المتعلمين، مثل المدرسة،والجامعة، والمنزل، ومكان العمل، أكثر من التفاعلات والأنشطة التي تم تطويرها في فضاءات التعلم الرسمي، مثل الفصول الدراسية. على هذا المنوال، يهدف مشروع «مجتمعات التعلم» إلى مضاعفة سياقات التعلم والتفاعلات بهدف وصول جميع الطلاب إلى مستويات أعلى من التطور الذي لن ستأتي لهؤلاء الطلاب إلا بخلق مجال نقاشي حجاجي يشكل السلطة غير الرسمية داخل الجامعة .
-يستخدم أيضا د."عيد"في تعريفه للمسرح الجامعي عبارة "خلال العام الدراسي "وهو ما نستقي منه موسمية هذا النشاط المسرحي وقصره علي العام الدراسي الذي لا يتجاوز في مصر علي سبيل المثال ثمانية أشهر تتخللها فترة توقف بسبب إختبارات الفصلين الدراسيين الأول ،والثاني والتي تستغرق في بعض الكليات أكثر من شهرين،اي أن مدة ممارسة هذا النشاط لا تتجاوز ستة أشهر، أو أقل، وهذا ما يخالف الوجود العياني للمسرح الجامعي في جامعة طنطا علي سبيل المثال والتي كانت تستقطب طلابها في العطلة الدراسية للمشاركة في الملتقي المسرحي الصيفي الذي كان يعمد للطلاب أنفسهم مسؤلية إنتاج العرض المسرحي من الألف الي الياء، لكن ظلت سلطة المؤسسة الجامعية محتفظة بدورها الرقابي الذي حال دون منح هؤلاء الطلاب لخوض غمار تجربة الكتابة النصية في هذا الملتقي المسرحي الصيفي .
-إن تعريف د."كمال الدين عيد " يقودنا الي اللبس في تحديد هوية المسرح الجامعي،فهل هو نشاط طلابي موسمي،ام مسرح يستهدف فئة عمرية تناقش قضاياها خالقة لفضاء عمومي يشكل سلطة غير رسمية تسعي لتفعيل الوظيفة النقدية في المجتمع؟
ام أنه انطلق في تعريفه السابق الي التداخل، بين المجتمعات التقليدية، ومفهوم الدولة الحديثة التي تستمد شرعيتها من بنية تقليدية، ونظام سياسي حديث، يعتمد على علاقات المحسوبية، والولاء للسلطة المركزية، ويشكل معطى لا يستهان به لدى وعي المتلقين، وتصورهم للنظام السياسي، وجوهره في توزيع المنافع على أصحاب الولاء، مما يكرس سلوك العزوف أو النبذ الذي يعاني منه صناع المسرح الراهن من عزوف المتلقي لإرتياد دور العرض المسرحية .
-بالتالي إن الإشكالية التي تواجه المسرح الجامعي في ترسيخ هويته داخل التربة المسرحية العربية هي الوعي بأهمية دوره كمسرح يحمل خطاباً فكرياً،وجمالياً يناقش قضايا فئة عمرية هي مستقبل هذه الأمة،وعقلها المحرك دوماً،فماذا لو تحرر المسرح الجامعي من كافة انساق السلطة التي تهيمن عليه لاسيما سلطة النص المسرحي الغربي العالمي الذي بات يناقش قضايا مجتمع حديث جدا،داخل أبنية المجتمع القديم المنبهر بمنجازات الآخر الغربي دون أن يتوقف ويسأل نفسه هل نعاني أزمة الغرب وقضيته،ام أن لنا أزمتنا وقضايانا التي تستوجب أن نعبر عنها في مسرحنا؟
إن إشكالية الكتابة النصية للمسرح الجامعي لا تكمن فقط في هيمنة المؤسسة الجامعية علي النشاط المسرحي، بل تكمن أيضا في التمزق الذي يعاني منه الكاتب العربي الذي لن يكون أمامه خيار إلا ليكتب لقارئ علي شاكلته،قارئ عربي ينتمي بفكره الي المجتمع الغربي الحديث، لذا أضحت التناصات التي نسلخها من النصوص الغربية تشكل أمر جلل علي الثقافة العربية وهذا ما حذر منه "عباس محمود العقاد "في حديثه عن "الهوية الواقية "لتحمينا من جور الثقافة الغربية التي تساهم المؤسسة المجتمعية في رواجها من خلال موافقتها علي تنفيذ هذه النصوص المسرحية الغربية ضمن التظاهرات المسرحية التي تعقدها كنتاج لممارسة الطلاب للمسرح .

-إن المسرح الجامعي یعد من روافد الحركة المسرحیة العربية , فأعـداد العـروض التـي تنتجهـا فـرق الجامعـات تفـوق بكثیـر عـدد العـروض التـي تنــتجها المؤسسات المنوطة بالإنتاج المسرحي في الدول العربية ،وكــذلك تفوق عروض القطــاع الخــاص،فبإحصائية بسيطة لتلـك العـروض الجامعية في مصر نجـد أن عـدد الجامعـات المـصریة یـصل إلـي ٢٠عـشرون جامعـة،او مايزيد إذا اضفنا إليهم الجامعات الأهلية ،والخاصة ، تـضم
كـل جامعــة عـددا مــن الكلیــات ویتــراوح عــددها مــا بـین١٠١٥ كلیــة تقريباً تنــتج كـل كلیــة عرضــین
خلال العـام الدراسـي، عرضـا فـي الفـصل الدراسـى الأول، وعرضـا فـي الفـصل الدراسـي الثـاني، ولـیكن عـدد الكلیـات التـي تـشارك فـي المـسابقات للفنـون المـسرحیة ٨ ثمـان كلیـات و٢٠ عـشرین
جامعــه تــساوى١٦٠ مائــه وســتین عرضــا فــي الفــصل الدراســي الواحــد، أي٣٢٠ عرضــا خــلال الفصلین الدراسیین من خلال ثمانیة أشهر، یدل كل ذلك علي أن هذا العدد الكبیـر مـن العـروض یفوق بكثیر كم العـروض التـي تنـتج مـن قبـل البیـت الفنـي للمـسرح،او المسرح القومي ممـا یؤكـد علـي التراكم والإستمرارية لمثل هذه العروض التي أغلبها يبتني علي نصوص غربية من المسرح العالمي،او نصوص مسرحية محلية لا تناقش قضايا الفئة العمرية المستهدفة.
-إن مثل هذا التراكم الكمي لعروض المسرح الجامعي في أوطاننا العربية يدعونا الي إيجاد حلول لمعضلة الكتابة النصية للمسرح الجامعي،والتي أري أن الحل يتطلب من المؤسسة الجامعية تبني لغة التعلم الحواري،وعقد ورش فنية متخصصة،ومسابقات في كتابة النص المسرحي المستهدف لطلاب الجامعة وترشيح النصوص الفائزة للتنفيذ داخل تظاهراتها المسرحية التسابقية،لخلق جيل جديد من الكتاب المسرحيين اللذين يمتازوا بالتعبير عن هذه الفئة العمرية قد يفتح باباً جديداً لقراءة مغايرة للعالم تنطلق من مفهوم واعٍ في التعريف بالمسرح الجامعي كرافد من روافد الحركة المسرحية العربية يرسخ هويته في التربة المسرحية ،إذ أنني أري أن مفهوم المسرح الجامعي
." ذلك المسرح الـذي یستهدف قطـاع طلاب الجامعـة، ويناقش قضاياهم اليومية ،بالتعبير عنها في فضاءات عمومية تتـیح لهـم تحمل مسئولیة إنتاج العرض المسرحي كاملا داخـــل فضاءات الحــــرم الجــــامعي الغير تقليدية "،وهذا التعريف يحرر المسرح الجامعي من هيمنة السلطة الرسمية المركزية ،ويستثمر فضاءات الحرم الجامعي التي ليست وظيفتها العرض المسرحي في عملية المسرحة كما يشير إلي هوية المسرح الجامعي الذي يعمد لطلابه مسؤلية الكتابة النصية وإنتاج العمل المسرحي كاملا ًً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب


.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز




.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم