الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى العطاء والبذل للآخرين المعوزين

جواد كاظم غلوم

2022 / 10 / 24
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


مغزى العطاء والبذل
" قيمة السخاء والكرم لهدأة النفس "

صديقي القارئ العزيز

لا تعطِ من منطلق انك كريمٌ عطوف والطرف الآخر معوز وهو بحاجة إليك وأنت قادر على مساعدته وتتخيّل انه لولاك لمات جوعا وبقي عريانا خالي الوفاض .
بل أعطِ من منطلق إنكما بحاجة للآخر ، وكلاكما قادران لأن تتبادلا حاجاتكما
إن لم تكن بحاجة لشيء فأنت حتما بحاجة لأن تشعر بالبهجة والسرور والرضا النفسي اذا ساهمت بمساعدة ذوي الحاجات .
لا يمكن أن يكون هناك سلوك يعطيك بهجة وسرورا أكثر من العطاء نفسه .
لا تعطِ هدية من مخزونك المادي إلا وتغلّفها بوشاح من روحك ولمسات حانية من يدك وابتسامة تعلو وجهك .
العطاء المادي إذا لم يكن مقترنا بعطاء روحاني وعاطفي وسخاء إنساني لا يكفي ؛ بل قد يؤذي مشاعر الغير وتصاغر النفس ويودي بك الى العجرفة والكِبَر والزهو .

 . من يتلقى العطاء هو حسّاس جدا لمشاعرك التي ترافق عطائك
يتحسس في وعيه وفي ساحة اللاوعي عنده ويتفهم مدى فرحك بتقديم المساعدة . ويدرك من ايّ عمق من مشاعرك خرجت عطاياك فالسائل يمتصّ طاقتك التي ترافق ما أهديت .
عندما تعطي مكرها فأنت تؤذي أكثر مما تساعد، وخصوصا عندما تتوهم ان الذي يتلقى العطاء لا يعرف حقيقة مشاعرك وأحاسيسك ودوافعك نحو الكرم والبذخ .
العطاء لا يعني بالضرورة العطاء المادي حصراً وربما يكون العطاء الروحي أكثر إشباعا لحاجات المعوز وبلسما مطببا يفوق العطاء المادي .
ومهما شحّت حياتك وقلّ جيبك ؛ فلا شك أنك تملك شيئا وغيرك بحاجة له، ولو عزمت ان تمنح ما عندك من فائض الى الطالب المعوز سيزيدك الكريم المُعطي ويعوّضك ما نفد منك .
هذا الشيء قد يكون لطفك، عطفك، حنانك، تحيتك، لمستك الإنسانية ؛ قدرتك على المواساة وأنت تتوّجها بابتسامة جميلة ووجه بشوش ترافق ما وهبتَ .
تقول قصة فيتنامية قرأتها قبلا ، أن امرأة كانت تملك إنائَي ماء أحدهما مثقوب ، ولم يكن يصل بيتها عندما تملأه من النهر القريب سوى الشحيح منه في القعر اذ يتسرب معظمه ويتبدى على الارض مما يجعلها تمتعض وتشعر ان جهدها أصبح سدى .
لكن مع بداية الربيع لاحظت أن بعض البذور قد أينعت وانتشت على امتداد الطريق وأخذت تورق وتزهر بفعل الماء المسكوب .
عندها أيقنت أن ماءها لم يذهب هدرا، فلقد أزهر الطريق وغدا ممشى وفسحة جميلة أشعرتها بالسعادة .
وأنت كذلك ايها القارئ العزيز ؛ لن يذهب عطاؤك هدرا، مهما كنت بحاجة إليه، بل سيعود ليزهر حياتك ويبعث السرور والبهجة في قلبك ولو بعد حين .
فاعطِ دون أن تتوقع مردودا جرّاء عطاياك وبلا أية مراءاة أو إظهار كرمك امام الآخرين حتى يقولوا انك سخيّ وإلاّ سيفقد العطاء قيمته ومعناه .
اعطِ مثلما أعطتْ تلك المرأة الفيتنامية بعض مائها لتلك الارض المجدبة وسيفاجئك الربيع بحقل من الأزهار لم تكن تتوقعه .
فالسخاء والعطاء يجب أن يعكس إنسانيتك ومحبتك وكرم أخلاقك، لا أن يعكس رأيك بفلان أو فلان او درجة القرابة منه .
كم من الناس تزعم أنها تعطي، ولكنها تعطي وفقا لجدول من الاعتبارات ، تحدده آراؤها وميلها نحو هذا وذاك المعوز وفق رؤى عنصرية او مذهبية طائفية ضيقة الأفق .
اكرمْ بعطائك كل محتاج بغض النظر إذا كان محسوبا على جدول اعتباراتك أم خارجه ؛ فالشمس تُوهب ضياءها ودفأها ولا تستثني أحدا مثلما المطر لا يفرّق بيت أرض وأخرى ، وكن مثل سخاء الطبيعة فيما تَـهَب ، فأنت ابن هذه الأرض المعطاء التي يأكل من ثمارها الجميع وتطعم وتروي البشرية بلا اعتبارات طبقية او جنسية او عقائدية .
هكذا يكون الكرم حينما يتسع ليشمل الأبعدين والأقربين ومن أهلنا وغير أهلنا والغرباء عنا وعن عقائدنا ونسلنا طالما هم في عوزٍ وبحاجة الى من يعينهم .
أليسَ الإنسان أخا الإنسان ؟؟

جواد غلوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر