الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مركز الرافدين .. و العراق لا يتغير ..؟؟..!!..

اكرم هواس

2022 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


للسنة الثانية تمت دعوتي لحضور مؤتمر مركز الرافدين للحوار … هذه المرة تحت شعار "العالم يتغير"… و قد حضرت الى بغداد التي اعشقها.. لكن للاسف دون ان ارى معشوقتي بسبب الظروف الامنية " الطارئة" التي دفعتنا لمغادرة بغداد مساء انتهاء المؤتمر و كلنا شكر لمكتب رئاسة الوزراء التي وفرت لنا الامن ايام المؤتمر و في لحظات المغادرة.

شخصياً كنت احمل تصوراً خاصاً عن ما يمكن ان يكون عليه المؤتمر لاني كنت كتبت في السنة الماضية مقالة بعنوان (مركز الرافدين للحوار… دافوس الشرق الاوسط..؟؟..)… طرحت فيها بعض الافكار عن توسيع دائرة اهتمام المؤتمر و خلق نقلة نوعية في تمثيل قضايا الشرق الاوسط و طرح حلول ازائها… لكني للاسف "تفاجأت" عندما اطلعت على برناج المؤتمر الذي استمر في تهميش المثقفين و خاصة الاكاديميين و الابقاء على التركيز على دور السياسيين المحليين و شركائهم من الاعلاميين و بعض الاكاديميين و هذه كانت النقطة للثانية التي حذرت منها في مقالة العام الماضي.

رغم محاولة توسيع دائرة الاهتمام بقضايا خارج الحدود الجغرافية للعراق الا انه كان من الصعب ايجاد ما يثير اي شيء يتعلق باحداث العالم فقد مرت مثلا جلسة الازمة الاوكرانية دون نقاش جدي حتى ان السفير الروسي لم يقل كلمة واحدة اكثر مما قاله سابقا الرئيس بوتين عن مبررات العملية الروسية … اي ان "العالم يتغير" (شعار المؤتمر) لم يكن حاضرا…كما في المقابل لم يخبرنا احد من الذين صعدوا المنصة و هم كثيرون عن اية علاقة بين شعار المؤتمر "العالم يتغير" و الوضع في العراق… هل كان الشعار يمثل دعوة للتغيير في العراق و كيف….ام انه كان تحذيراً من اي تغيير باعتبار ان الممولين و الراعيين للمؤتمر و بالتالي اكثر الذين احتفى بهم المؤتمر و صعد على منصته هم ذات السياسيين و الاعلاميين الذين علت شكاوى الناس ضدهم و بحت الاصوات بضرورة تغييرهم ..؟؟..

لا اعرف اذا كانت المشكلة في قلة خبرة القائمين على ادارة المؤتمر ام انه هناك اعتقاد بان النموذج العراقي في الادارة السياسية و الاعلامية جديرة بالتصدير الى الخارج (..?? why not)لكن للاسف فان العديد من المدعوين من بلدان مختلفة عربية و غيرها قد شعروا بالاسى للمستوى المتواضع جدا في ادارة المؤتمر … اغلب الاعلاميين و بعض الاكاديميين من العراقيين كانوا يمارسون ابشع طرق ادارة الحوار من حيث مقاطعة الضيف و القاء خطابات ايديولوجية عنيفة في وجه الحضور و خاصة المتحدثين الذين شعر الكثير منهم بعدم الاحترام و ربما تمنى في نفسه لو انه لم يحضر..!!..

دعنا نتذكر ان سفراء بعض الدول تعرضوا الى اعتداء لفظي شديد من قبل بعض "المفكرين" من علية النخبة الحاكمة في العراق… و اخرون تعرضوا الى التهميش دون اعتذار … شخصياً كنت شهدت احدى تلك الجلسات و كانت عن القضية الافغانية… كان المدعوون لالقاء الكلمات هم ممثلين عن الاحزاب الصغيرة و حضرت معهم زميلة باحثة من باكستان لتناقش ارائهم … الافغان عرضوا لمشاكل عن القتل و الخطف و ووو في ظل حكم طالبان.. السيد مدير الجلسة اغضب الزميلة الباحثة بوصفها بانها المرأة الوحيدة في الجلسة … و هذا الكلام غير دبلوماسي و غير مقبول في الندوات العلمية .. اعترضت الباحثة و لم يعتذر مدير الجلسة بل عمد الى منعها من الرد على الاسئلة التي وردت اليها و منها سؤالين مني شخصيا طرحتهما باللغة الانكليزية.. السؤال الاول … هل لدى المجموعات المعارضة لحكم الطالبان اي مشروع للتعايش السلمي قد يكون منطلقا لارساء حكم تعددي في افغانستان..؟؟ … و السؤال الثاني..: بناء على العلاقة العضوية بين حركة طالبان و المؤسسة العسكرية الباكستانية هل يمكن لباكستان لعب دور اساسي في تغيير البنية الفكرية و السياسية لحركة طالبان..؟؟..

للاسف كما ذكرت فان مدير الجلسة انهاها دون السماح للزميلة الباحثة بالرد و لذلك نزلت هي من المنصة و جاءت الي و اعتذرت كثيراً و قالت بما معناه انها تمنت لو سمح لها بالرد لان هذه الاسئلة هي يجب ان نبحثها في مؤتمر كهذا… لكن..!!..

ثم دخلنا في نقاش الموضوع و خلاصة ما قالت ان باكستان لا تخجل من علاقتها التاريخية الخاصة مع حركة طالبان لكن باكستان لا تستطيع الان ان تشكل التأثير كبيراً فالحركة تهتم اكثر بدور الصين و ايران في المنطقة (النقاش كان طويلا و ساحاول لاحقا كتابة مقالة عن الموضوع)…

في المقابل كان حضور بعض السياسيين العراقيين طاغياً الى درجة ان المؤتمر تحول الى مجرد مهرجان جماهيري لاتباع هذا السياسي او ذاك و لكلماته الرنانة و خطابه القاطع الحاسم غير القابل للنقاش ..!!..

في الخلاصة …لا شك ان المؤتمر وفر للمدعوين مشكوراً الفرص الكثيرة للقاءات الثنائية… و ان الشباب الاعزاء المسؤلين عن التنظيم اللوجستي قد بذلوا جهودا عظيمة لتوفير الراحة و الامان للمشاركين في المؤتمر …لكن المؤتمر تنظيما و اخراجا لم يقدم للاسف شيئاً من اجل اعادة ادماج العراق في الشرق الاوسط سياسيا و ثقافيا و اعلاميا كما كنت اتوقع شخصيا و معي العديد من الضيوف … المؤتمر ظل للاسف تجمعاً بلا هوية و لا مشروعاً للحوار البنّاء و لم يستطع ان يقنع احد بان العراق ممكن ان يكون مركزاً للاشعاع الفكري بدلاً من الفوضى الذي يسود كل ركن في المجتمع مثلما ساد ادارة المؤتمر ايضا…!!..

مرة اخرى اود ان اشكر الاعزاء في مركز الرافدين على الدعوة و الضيافة الطيبة … و اتمنى ان تساهم ملاحظاتي في تطوير اليات عمل المركز و ادارة المؤتمرات القادمة.. و الاهم من كل هذا رسم شخصية مستقلة للمؤتمر و المركز و التخلص من التداخل بين الدور الموضوعي و المشاركة في اللعبة السياسية تحت عناوين اخرى ..

الى حين تحقيق ذاك اتمنى التخفيف من توجيه الدعوة الى المثقفين و خاصة الاكاديمين و احراجهم بعد الان … لان البعض يشعر بالاهانة عندما يجد نفسه مجرد متفرج بائس اضطره التزامه الاخلاقي بسبب الدعوة على مشاهدة مسرحيات دون محتوى…

المثقف لديه رؤيه يهمه ان يطرحها و يناقشها و بالتالي تتشكل اطروحة للمساهمة في خلق مسار للتغيير السلمي في المجتمع … اما نشر الصور الصماء على الانترنيت و الطرقات مثل اصنام المعابد فلن يزيد المثقف الا تشكيكاً بقدرته على طرح شهادته العلمية للتاريخ… حبي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية تطوي صفحة البترودولار.. أميركا تواجه أبشع كوابيسها!


.. سلام أم استستلام.. بوتين وضع أوكرانيا أمام مفترق طرق| #التاس




.. السعودية والولايات المتحدة.. اتفاقية البترودولار| #التاسعة


.. المغرب.. مسيرة في مدينة طنجة نصرة لفلسطين




.. الدوحة.. معرض فني يجسد معاناة كبار السن الفلسطينيين في الحرب