الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقلاب الفريق بكر صدقي في العراق عام / 1936

فلاح أمين الرهيمي

2022 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لقد ساءت الأوضاع الاقتصادي والسياسية في البلاد في عهد الاستقلال المكبل بقيود الاستعمار البريطاني السياسية والاقتصادية والعسكرية وبسبب الأزمة الرأسمالية العالمية عام/ 1929 انفجرت المظاهرات والانتفاضات في الفرات الأوسط وغيرها ولجوء الحكومة إلى أقسى أساليب القمع وتعطيل الحياة الدستورية وإعلان الأحكام العرفية في شمال ووسط وجنوب العراق وما رافق ذلك من اعتقال وسجن ضد الوطنيين الشرفاء فكثرت الشكاوى والاحتجاجات والمطالبة بإسقاط الحكومة العميلة دون جدوى فاتفق بعض قادة الحركة الوطنية مع الفريق (بكر صدقي) رئيس أركان الجيش آنذاك على اسقاط الوزارة بالقوة العسكرية .. فانتهز الفريق بكر صدقي موعد المناورة السنوية الكبرى التي اعتاد أن يقوم بها الجيش العراقي في خريف كل عام في أحد جهات العراق فقرر إجراءها عبر جبال حمرين بين بغداد وخانقين ليسهل زحفهم على بغداد.
وفي يوم 29/ تشرين أول/ 1936 زحف الجيش العراقي على بغداد مطالباً بإسقاط الوزارة وتشكيل وزارة جديدة تحمل برنامجاً اصلاحياً برئاسة (حكمت سليمان) ومساهمة الشخصيتين الوطنيتين جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي .. وتحت تهديد الجيش العراقي المحبط ببغداد والقصف من الجو سقطت الوزارة ونجح الانقلاب.
وضعت وزارة حكمت سليمان الجديدة منهاجاً إصلاحياً وصفه الكاتب البريطاني (جيمس موريس) قائلاً : بينما كانت الأقلية الحاكمة في العراق تواصل خصوماتها ومشاحناتها كانت جماعة الإصلاحيين تعتبر ساخطة وراء المسرح وهي تستهدف الإصلاح الاجتماعي كأول غرض للإصلاح السياسي والشعور القومي وقد آمنت هذه الجماعة بوجوب إعادة توزيع الثروة وتقطيع الممتلكات الكبيرة وتقديم المساعدات والأمل للطبقات الفقيرة وإضعاف الميزات والفروق الطبقية وكثيراً ما تعاون هؤلاء الإصلاحيون مع الحزب الشيوعي العراقي.
وفي يوم أول تشرين الثاني/ 1936 وزع قادة الحركة الوطنية البيان التالي :
إن الانقلاب الكبير الذي جرى باتحاد جيشنا الباسل وجماهير الشعب على اختلاف طبقاته المتوثبة التي أرهقها ظلم أفراد قلائل آثروا مصلحتهم الخاصة على المصلحة العامة قد أثر تأثيراً حسناً جداً في النفوس ولأجل الاستمرار على إظهار الشعور بتأييد هذا الانقلاب وإبداء الإعجاب بالجيش العراقي ولأجل الاشتراك فعلياً في إظهار الاستياء من الأعمال الفظيعة التي جرت سابقاً ولزيادة التماسك بين الشعب والتعبير الصارخ عن الابتهاج بزوال الطغيان الفردي وعودة الحرية ندعو الأهالي إلى القيام بمظاهرة كبرى لتحقيق مطاليب الشعب التالية :
1) إزالة آثار الظلم الماضي.
2) تقوية الجيش تقوية عامة.
3) العفو عن المسجونين السياسيين.
4) فتح النقابات والصحف التي أغلقتها الحكومات السابقة.
5) تخفيف ويلات الفقر وإيجاد الأعمال للعاطلين وتشجيع الصناعات الوطنية.
6) توحيد الحركات الشعبية في الأقطار العربية لتأمين تقدم هذه البلاد.
7) التساوي في الحقوق بين العراقيين والتمسك بوحدتهم ونشر الثقافة والوقاية الصحية في جميع أنحاء العراق.
وفي يوم 3/ تشرين ثاني/ 1936 قاد الحزب الشيوعي العراقي مظاهرة جماهيرية واسعة بدأت مسيرتها من الكرادة الشرقية وكانت إلى جانب الهتافات المدوية وكانت الدمامات تقرع وكانت المطالبة بحقوق الشعب والجماهير الكادحة كانت تغذي المسيرة بامدادات متصلة خلال مسيرتها حتى بلغ عدد المساهمين بالمظاهرة نحو خمسين ألف أكثرهم من العمال والكادحين وكان الشعار الرئيسي في المظاهرة (فلتسقط الفاشية المجرمة) شعار الطبقة العاملة يومئذ في كل العالم هذا بالإضافة إلى الشعارات الوطنية والديمقراطية والعمالية .. وقد احتجت السفارتين الفاشية (ألمانيا وإيطاليا) في بغداد على الشعار فلتسقط الفاشية المجرمة وسارت المظاهرة بجماهيرها الغفيرة حتى بلغت جامع الحيدرخانة في شارع الرشيد حيث اجتمع عدد من قادة الحركة الوطنية وجماهير واسعة من المثقفين فالقيت الخطب وسط حماس الجماهير وبهجتها.
لقد جاءت حكومة الانقلاب على أساس ائتلاف قلق بين عناصر ديمقراطية وعناصر عسكرية حيث احتدم التنافس منذ الأيام الأولى للانقلاب بين العسكريين الذين كان لبعضهم ميول وأفكار فاشية وبين المدنيين ذوي الاتجاه الديمقراطي (جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي) وبقي هذا التنافس والتناقض يحتدم ويتطور حتى أدى إلى انسحاب العناصر الديمقراطية بسبب عودة الحكومة إلى سياسة كبت وقمع الحريات الديمقراطية وفي 14/7/1937 أغلقت الحكومة جمعية الإصلاح الشعبي وبعد أن سارت حكومة الانقلاب في طريق الدكتاتورية العسكرية وكبت الحريات الديمقراطية أصبح الحكم معزولاً عن جماهير الشعب مما سهل على الأعداء تدبير قتل الفريق بكر صدقي في 11/ آب/ 1937 وإجبار حكومة حكمت سليمان على الاستقالة لأنها تجرأت وكسرت احتكار اعتماد الجيش العراقي على السلاح البريطاني الذي كانت تبيعه للعراق بأسعار عالية وترسل السلاح إلى العراق في الوقت المتأخر فاستوردت حكومة حكمت سليمان السلاح من ألمانيا وإيطاليا الفاشيتين ثم أعلنت سياسة الباب المفتوح لإعطاء نفط البصرة للشركات الأجنبية واعتزامها تعديل امتيازات النفط السابقة وتعديل معاهدة/ 1930.
إن انقلاب عام/ 1936 يمكن اعتباره ظاهرة سابقة للانقلابات العسكرية التي حدثت في العشرين سنة الأخيرة في بعض دول العالم الثالث والتي أدت إلى تغييرات جذرية لم تجرؤ عليها القيادات السياسية التقليدية ومع ذلك فإن عدائها للديمقراطية السياسية كان هو السبب الرئيسي في فشل معظمها في البقاء وحتى في تحقيق أهداف هذه الدول في إنجاز مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ثلاثة قتلى إثر أعمال شغب في جنوب موريتانيا • فرانس 24


.. الجزائر: مرشحون للرئاسة يشكون من عراقيل لجمع التوقيعات




.. إيطاليا تصادر طائرتين مسيرتين صنعتهما الصين في الطريق إلى لي


.. تعازي الرئيس تبون لملك المغرب: هل تعيد الدفء إلى العلاقات بي




.. إيران .. العين على إسرائيل من جبهة لبنان.|#غرفة_الأخبار