الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحصاد

محمد حسن

2006 / 10 / 3
القضية الفلسطينية


تمر علينا في هذه الأيام الذكرى السادسة لما أصطلح على تسميته بانتفاضة الأقصى أو انتفاضة الاستقلال، وهي ست سنوات عجاف مريرة أليمة، من تاريخ شعبنا الحافل بالمآسي والمعاناة والخسائر.
ست سنوات طويلة بدأن بزيارة مشؤومة للأقصى الشريف، من قبل نجس حاقد لتشعل نار وتفتح حرباً غير متكافئة، لا نرى لها نهاية، لم يمر فيها يوم بدون أن تفوح منه رائحة دمائنا، أو نرى دمار بيوتنا ومنشاتنا وتخريب أملاكنا .
ست سنوات تشكل منعطفا هاما في تاريخ شعبنا وحركته الوطنية، وتجاذباته السياسية، وكافة مجالاته الحياتية، على اختلافها واختلاف مؤثراتها .
بدايةً بفشل المفاوضات بكامب ديفيد، والذي أسفر عن قرار أمريكي إسرائيلي بإسقاط الشريك الفلسطيني لعدم صلاحيته لتنفيذ المطلوب منه، لبدء دوامه من العنف المتبادل بين الطرفين وانتشارها انتشار النار في الهشيم، مروراً بمحاولة تدمير السلطة وبنيتها التحتية ومؤسساتها الوطنية، وإفشال كل المبادرات التي طرحت من خلال التعنت الإسرائيلي، واستفزاز مشاعر المناضل الفلسطيني بمحاولة إهانة شعبه والإساءة لكرامته وكبريائه، والاستمرار في تضييق الخناق على الناس بحريتهم ولقمة عيشهم، واغتيال القادة الفلسطينيين وسجنهم وحصارهم، لإضعاف إرادة المقاومة الفلسطينية، وإشعارها بعجزها وعدم قدرتها على الصمود في وجه هذا العدوان الهمجي الغاشم والغير مبرر، بل ونجاح الآلة الإعلامية الإسرائيلية بعد فترة من انطلاق الانتفاضة، بإعادة مجريات الأمور إلى صالحها، بعد أن عرت بداية الانتفاضة إسرائيل وكشفت همجيتها ووحشيتها .
وبعد مرور ست سنوات لربما علينا التوقف طويلاً، وخاصة بعد حرب لبنان وما أفرزته من نتائج محلية وإقليمية ودولية، وقفة حساب مع النفس لنرى حصادنا وما آلت إليه أمورنا، وما الجدوى بعد احتساب الربح والخسارة.
وبما انه لا يتسع المجال هنا لهذه الوقفة الطويلة، لعظم النتائج التي تمخضت عنها هذه السنين، ولكثرة ما أفرزت من متغيرات، ففي هذه العجالة سنستعرض أهم الوقائع والنتائج والمتغيرات التي أفضت إليها هذه الانتفاضة .
1- فقدنا حوالي خمسة الآف شهيد من خيرة أبناء شعبنا، سقطوا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وردود أفعال الإسرائيليين على عمليات المقاومة.
2- حوالي خمسين ألف جريح تم تسجيلهم لدى وزارة الصحة الفلسطينية كجرحى انتفاضة .
3- عشرات الآلاف من الأسرى، الذين اعتقلوا في عمليات الاجتياح والاقتحام وعلى الحواجز الإسرائيلية، وجلهم بين توقيفات قصيرة وأحكام إما قصيرة أو سجن إداري، وبقى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية حوالي عشرة الآف أسير .
4- خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات من الاقتصاد الفلسطيني، إضافة لتدمير البنية التحتية والصناعات الإستهلاكية التي كانت موجودة والمؤسسات الخدمية، وتدمير الآف الوحدات السكنية، وآلاف الأشجار والمزارع والبيارات ومصادرة الأراضي للإستيطان وجدار الفصل .
5- إغتيال وإستشهاد واعتقال مجموعة من القيادات التاريخية للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، بداية باغتيال الشهيد أبو علي مصطفى، مرورا بالشيخين المجاهدين احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وصولا إلى مفجر الثورة الفلسطينية وصاحب حلم الدولة الشهيد ياسر عرفات، واعتقال القادة مروان البرغوثي واحمد ملوح واحمد سعادات، وغيرهم ممن قادوا المسيرة الطويلة للنضال والمقاومة ومقارعة الاحتلال .
6- حصار إسرائيلي شامل وخانق على الأراضي الفلسطينية، التي تحولت إلى سجن كبير وكنتونات منفصلة عن بعضها بالمستوطنات الإسرائيلية القابعة على أرضنا، والحواجز العسكرية.
7- ارتفاع هائل لمعدلات الفقر والبطالة والجريمة، وإنتشار الأمراض الاجتماعية السرقة والنهب والسلب والقتل وخلافه.
8- تقسيم المجتمع الفلسطيني إلى تقسيمات تنظيمية وفصائلية وعشائرية، على حساب الوحدة الوطنية.
9-انتشار عمليات القتل والتصفية والاغتيالات الأمنية والسياسية، أما لخدمة أهداف شخصية أو تنظيمية .
10- ارتفاع معدل الانفلات الأمني في الأراضي الفلسطينية بوتيرة غير مسبوقة، وعجز الحكومات المتتالية عن وقفه.
11- انتشار الظواهر المسلحة والعصابات والمرتزقة، تحت مسميات مختلفة وغطاء وطني.
أما إنجازات الانتفاضة فباستثناء الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وهو إنجاز ناقص لا يوجد إنجاز يذكر.
ومن خلال إستعراض الست سنوات الماضية تستطيع تقسيم الانتفاضة إلى ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى: وتبدأ من انطلاق الانتفاضة وحتى أحداث سبتمبر في أمريكا، وقد نجحت الانتفاضة خلال هذه الفترة في تعرية إسرائيل، والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني، وكسب التأييد الدولي لها.
المرحلة الثانية: وتمتد مابين أحداث سبتمبر حتى استشهاد القائد ياسر عرفات، وهي المرحلة التي استغلت فيها إسرائيل ما يسمى بالحرب على الإرهاب، فاستعادت إسرائيل زمام المبادرة وشغلت مكنتها الإعلامية لتصوير ما تفعله في الأراضي الفلسطينية كجزء من الحرب الدولية على الإرهاب، والعمل حثيثا لتشويه النضال الفلسطيني، فأضعفت الانتفاضة وحاصرت الشعب وقيادته، وأدخلتنا في سجال داخلي حول الجدوى من استمرارها.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة ما بعد استشهاد ياسر عرفات حتى اليوم، وفيها جرت الانتخابات الرئاسية، تلاها الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة، الذي جيرته حماس واعتبرته انجازاً لمقاومتها، وتلا ذلك الإنتخابات التشريعية الفلسطينية التي شكلت انقلابا سياسيا غير متوقع أو منتظر في الساحة السياسية الفلسطينية، مما ادخلها في تجاذبات وحالة من الجمود في التعاطي مع الأطراف المختلفة، بسبب التناقض والخلاف الإيديولوجي والسياسي لمؤسستي الرئاسة ومنظمة التحرير وفتح من جهة، والحكومة وحركة حماس من جهة أخرى، وكونهما منتخبان كل ببرنامجه، وكون حماس شكلت الحكومة لوحدها بناء على برنامجها.
وإظهار إسرائيل من خلال مكنتها الإعلامية وحلفائها، بأن السلطة الوطنية وحكومتها الجديدة سلطة إرهابية، وتشديد الحصار والخناق عليها، وزيادة الاعتداءات والتدمير المبرمج والمتعمد لما تبقى من بنية للسلطة الوطنية، وخاصة في قطاع غزة تحت شعار محاربة الإرهاب الأصولي .
ومما سبق ذكره وبعد استعراض السنوات الست العجاف، وما جرته على الشعب الفلسطيني من مرحلة السير في طريق إقامة الدولة الفلسطينية، إلى تقسيم الوطن وحصاره وتدميره وإدخالنا في صراع داخلي واقتتال، وتناسي العدو الأساسي والمعركة الرئيسية مع الاحتلال، ونستطيع القول أن حصاد الانتفاضة كان أسوء علينا وأكثر كارثية من نكبة عام 48، فالنكبة كانت من صنع الاحتلال ومساعدة الغرب له، أما نكبتنا الحالية فهي من صنع أيدينا، وربما علينا أن نعيد حساباتنا جيداً ونتفكر ملياً إلى أين ستصل بنا الأمور؟ وأين آخر هذه الطريق التي نسير بها في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي