الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأطيرُ المثقفين العراقيين في الخارج استعماريّاً

سعدي يوسف

2006 / 10 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا بدّ للمرء من الشعور بالأســى ، والرثاء ، وهو يشهد ، أو يتابع ، الانهيارَ الدائبَ ، لوجه البلد ، ووجهته ، وواجهته .
من ناحيةٍ أساسٍ ، نرى عمليةَ إبادةٍ ، وتمزيقِ أشلاء ، تتصاعدُ في غلوائها ، وشــراستها ، وفنون تعذيبها ،
حتى لتفوق عصور البرابرة على مدى التاريخ . كأن العراقَ أرضُ مقتلةٍ لأبنائه ، وكأن هؤلاء الأبـــــــناءَ
منذورون للقتل أصلاً .
ومن ناحيةٍ أساسٍ أخرى ، نرى العملية السياسية متوقفةً إلاّ في ما يتّصلُ بتلقي الأوامر من الإدارة الأميركية وتــنفيذها ، تنفيذاً يترجّحُ بين الفشل والفشــل الذريع ، بسببٍ من رفض الجسمِ العراقيّ أطروحــــة الاحتلال ، وأهلهـــــا ، من " سياسيين " مرتزقة ، مذعورين من يوم الحساب القريب .
ويتلفّت المرءُ ، عساه يجدُ من يقول قولةَ حقٍّ في ما يجري .
فلا يجد إلاّ أفواهاً للمثقفين العراقيين ، كُـمِّمَتْ اختياراً ، وإلاّ عيوناً عَمِيَتْ بإرادتها ، وآذاناً حلّ بها صممٌ ليس
مثله من صممٍ .
واقعُ الأمر أن الأميركيين وعملاءهم بدأوا يشترون المثقفين العراقيين منذ زمنٍ طويلٍ سبقَ احتلال البلد . لكن ما أن استتبّ الأمر للمحتلّين ، مؤقتاً ، حتى ركلوا من اشتروهم ، بعد أن ألحقوا بهم ، وبأبنائهم ، عارَ العمالة والخيانة .
إثرَ ذلك ، أخذ التضليل الإعلامي والثقافي يضعف ، وشرع مثقفون معينون يراجعون موقفهم ، ويرفعون أصواتاً
ولو خفيضةً ، ضد الوضع ، ولم تستطع " المنظمات غير الحكومية " الأسوأ من الحكومــــــة في موالاة الإدارة
الإدارة الاستعمارية ، أن تفعل شيئاً يخفف من حالة الضعف تلك .
إذاً ، لا بدّ من عملٍ !
هكذا أوعزَ مجرمُ بشت آشان ، جلال الطالباني ، إلى مستشاريه ، ومستشاراته أيضاً ، للبدء بحملةٍ مكثفةٍ لشراء المثقفين العراقيين المقيمين في الخارج مجدداً .
وهكذا وجدنا اتحادات وجمعيات " ثقافية " تتشكّل في بلدان عدةٍ كالسويد وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة مثلاً من أوربا ، إلى القارة الأسترالية البعيدة . بدعمٍ وإشرافٍ وتمويل من الممثليات الدبلوماسية للإدارة العميلـة .
ثمّت سؤالٌ يقدِّم نفسه بإلحاحٍ :
إن كانت الحاجة إلى انخراط المثقف في كيانٍ ما ( جمعية أو اتحاد ) قائمةً وضرورية ، وإن كان هذا المثقف موالياً الإدارةَ الاستعمارية في العراق ، فلماذا لا ينضمُّ إلى الجمعيات الثقافية القائمة فعلاً ، في بغداد وأربيل ؟
وإنْ لم يكن موالياً ، فلماذا ينضمّ إلى جمعيةٍ من اختلاق عملاء النظام ؟
لِمَ يخسر حريتَه طوعاً ، وهو الملتجيء طلباً للحرية ؟
*
لكنّ المسألة أهونُ تماماً من هذا السؤال .
إنها ، ببساطةٍ وأسفٍ ، عمليةُ شــراءٍ .
أمّا النتائج التي نشهد بوادرَها منذ زمنٍ ، فهي ، وبكل البساطة والأسف :
تغييب الثقافة الوطنية ، خدمةً للاستعمار !
المثقفون العراقيون لم يعودوا يكتبون ...
*
وهاهم أولاء مستشارو مجرم بشت آشان ، يوعزون إلى من اشتروهم بإقامة تشكيل جديدٍ يجمع الجمعيات المزوّرة التي شكّلتْها ممثلياتُ السلطة العميلة ، في اتحادٍ واحدٍ ، على الطريقة الفاشيّة !
هذا الاتحاد المقترح ، والذي يجري النشاطُ بشأنه ، هذه الأيام ، يرادُ له أن يكون السيف المعلّق ، بكل تهديده ، على الرقاب ، رقابِ المثقفين العراقيين المقيمين في الخارج ، أوّلاً ، حتى لو كان هؤلاء باعوا أنفسهم بالرخيص الرخيص.



لندن 02.10.2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما دلالات إطلاق فصائل المقاومة صواريخ من الشمال تجاه غلاف غز


.. اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على سيدات بالبلدة القديمة في




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة سقوط قذيفة قرب منزل شمال إسرائيل


.. مشهد تمثيلي يجسد ما يحدث في غزة بأيرلندا




.. إيران تبدأ تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 20% في منشأة فوردو جن