الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطفى الأشرف، المثقف العضوي وبناء مجتمع جديد

عبدالنور شرقي
كاتب وباحث

2022 / 10 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يضم كتاب الأستاذ موسى بن سماعين (مصطفى الأشرف: السياسي المثقف) الصادر عن دار الوطن اليوم بالجزائر، 2022 بين ثناياه محاور ثلاثة وملحق
المحور الأول: مصطفى الأشرف مثقفا
المحور الثاني: قضايا جزائرية
المحور الثالث: نصوص مختارة
ملحق: شهادات في حق مصطفى الأشرف
يمكن الولوج إلى الكتاب من عدة زوايا بارزة ضمن المتن، ولعل أهمها إشكالية المثقف العضوي وما تطرحه من أسئلة تتعلق بأدواره المختلفة، والتي تجمع بين حضوره فكرا وتنظيرا من جهة إلى جانب الممارسة النضالية داخل المجتمع من جهة أخرى.
يثير الدكتور بن سماعين منذ البداية أسئلة الاهتمام والاشتغال الفكري حول مثقفينا ومفكرينا، خاصة في المؤسسة الأكاديمية الجزائرية، لماذا تتجه نخبنا شرقا وغربا في دراساتها متجاهلة ما لدينا من مثقفين ومبدعين؟ كيف يمكن تجاوز هذه الدونية؟، فنحن من نساهم في هذا التجاهل، لأننا لا نمتلك تقاليد ثقافية تسمح بالاحتفاء بمفكرينا، ولعل هذا الكتاب أتى ليتدارك الجحود والنسيان الحاصل، يقول الأستاذ بن سماعين: نتمنى أن يكون هذا العمل فاتحة لدراسات أكاديمية عميقة، لا يهم أن نكون فيها مع الأشرف أو ضده، إنما انتصارا لروح البحث العلمي.
والكتاب في الأصل لبنة من لبنات مشروع التعريف بأعلام الفكر الجزائري الذي حملت دار الوطن اليوم على عاتقها تجسيده.
في المحور الأول نعيد مع الأستاذ موسى اكتشاف الأشرف (1917_2007) المثقف والسياسي، فالكاتب لا يريد تقديمه مثلما درجت عليه القراءات الأيديولوجية والتي ركزت في أغلبها على موقفه من المسألة اللغوية دون فهم وإحاطة جيدة بالمسألة، وإنما أراد أن يستفز عقولنا بتحمل مسؤولية التعريف بمثقفينا من جهة، وأن الجمع بين التفكير في قضايا المجتمع والوطن لا يتعارض مع تقلد المثقف للمناصب السياسية من جهة أخرى، وهذا الذي يجب أن يحدث، فالأشرف استطاع أن يجمع بين التفكير والنضال والمسؤولية السياسية.
مصطفى الأشرف لمن لا يعرفه هو أصيل مدينة شلالة العذاورة التي تنتمي إداريا لولاية المدية، كما ينسب إلى مدينة سيدي عيسى لقرب قريته منها. تولى مهام الاتصال والإعلام والدعاية للثورة، وكان أحد قادة الثورة أثناء اختطاف الطائرة في أكتوبر 1956، كان له دور في مفاوضات ايفيان، شغل مدير جريدة المجاهد بعد الاستقلال ووزيرا للتربية سنة 1977. من أهم مؤلفاته نذكر: (الجزائر: الأمة والمجتمع / أعلام ومعالم: مآثر عن جزائر منسية). اشتغل بالتفكير حول عدة قضايا منها: التاريخ والمجتمع والهوية والمسألة اللغوية، كما انتصر للدور الذي قام به الفلاحين في الحفاظ على الهوية، فالتمسك بالأرض والتضامن بين الفلاحين في وجه الإدارة الفرنسية والمعمرين ساهم في استمرارية الأمة الجزائرية.
في تمييزه بين الفيلسوف والمفكر والمثقف يتجه بن موسى سماعين إلى اعتبار الأشرف مثقفا منخرطا في الشأن العام ينتصر لمصالح مجتمعه، فهو لم يكن فيلسوفا بالمفهوم التقليدي ولا مفكرا يطرق باب قضايا الفكر الإنساني، وبما أن المثقف في صورة الأشرف تظهر في دفاعه عن مصالح مجتمعية وسياسية وطبقية إلى جانب اهتماته المتنوعة، والتي لا يمكن معها تصنيفه، فقد جمع بين المؤرخ والاجتماعي والمناضل السياسي.
مصطفى الأشرف المؤرخ: يظهر في انشغاله بالبحث في الجانب التاريخي للجزائر، وعيا منه بأهمية هذا البعد في تكوين الشخصية الوطنية.
مصطفى الأشرف السوسيولوجي: بذل جهدا في تقصي الظواهر الاجتماعية الناجمة عن الوجود الاستعماري في الجزائر
مصطفى الأشرف المناضل: انخرط مبكرا في سلك الحركة الوطنية وناضل في مسار جزائر الاستقلال. انحاز في نضاله لجماهير الفلاحين الذين كان لهم الفضل في استمرار الأمة الجزائرية.
في المحور الثاني من الكتاب ركز بن سماعين على القضايا التي طرقها الأشرف، فكان لقضايا الكتابة التاريخية والهوية والمسألة اللغوية ومناظرته مع عبدالله شريط حيز التحليل والنقاش؛ فبالنسبة للكتابة التاريخية تصدى الأشرف للمدرسة التاريخية الفرنسية وفضح تحريفاتها لتاريخ الجزائر، لم يكن وحده من قام بهذه العملية وإنما نجد إلى جانبه وعلى اختلاف توجهاتهم كل من مبارك الميلي ومحمد شريف ساحلي وعبدالعزيز خالدي، فهؤلاء أكدوا أن استعادة الهوية الجزائرية لا تبدأ إلا من خلال مغايرة الاستعمار وفضح أساليبه، فكان التاريخ عندهم بمثابة ميدان حرب.
إن الاقتلاع الذي مارسه الاستعمار للهوية ينقلنا من البحث التاريخي إلى البحث السوسيولوجي، فقد أسهمت فرنسا في اقتلاع الفلاحين من أراضيهم من خلال بث النزاع حول ملكية الأرض قصد التخلص من روح التضامن بينهم، وهكذا يسهل نقل ملكيتها من الفلاح إلى المعمر، لكن فرنسا فشلت حسب الأشرف في هذا المسعى، وهذا ما جعله يربط بين الأرض والهوية، فالهوية بالنسبة إليه هي تاريخ علاقة الإنسان بالأرض.
بالنسبة للغة والمسألة الثقافية يرى بن سماعين أن الأشرف كان منخرطا في النقاش والمناظرات حول هذا الموضوع، والذي يميز الأشرف أنه طرحها سياسيا لا قوميا، فالجزائر كأمة يجب أن تنتقل إلى مرحلة الجزائر كمجتمع ولن يحصل هذا إلا بالتحديث والتقدم والرقي ومادامت اللغة العربية غير مواكبة لهذا التحول، فالأولى التمسك بالفرنسية لأنها لغة علم، لكن ما يجب التوقف عنده هنا أن الأشرف يفضل اللغة الدارجة أو اللهجة المحلية على اللغة الفصحى لأنها أداة طيعة للتفاهم في المجتمع.
ربما هذه المواقف هي التي فتحت باب المناظرة بينه وبين الدكتور عبدالله شريط حول التربية والتعليم ومسألة التعريب، وقد جرت المناظرة في ظروف شهدت جدل بين المعربين المتحمسين لهوية عربية إسلامية ومفرنسين يعارضون هذا التوجه، وبقدر ما كانت المناظرة مفيدة للثقافة الجزائرية بقدر ما تمت ترجمتها من طرف المتابعين إلى تصنيفات لا تخدم المسعى الأسمى للثقافة الجزائرية.
إن الانتقال من طور الأمة إلى طور المجتمع يحتم علينا حسب الأشرف التحلي بنظرة برجماتية تفرض الأخذ بأسباب التقدم الاجتماعي حتى ولو كان ذلك بلغة العدو، بل حتى لو تطلب الأمر التعاون معه.
من الشهادات التي وردت في الكتاب في حق مصطفى الأشرف نجد شهادة الوزير السابق علي بن محمد (لم يكن ضد العربية بالطريقة الساذجة، فنظرته تختلف عن نظرتنا بطريقة إستراتيجية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة