الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العروش الصديقة لواشنطن تهتز..

خالد الفيشاوي

2006 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات علي احتلال العراق، إلا أن أمريكا مازالت تتمسك بأوهامها عن الولاء الشعبي في المنطقة للسياسات الأمريكية والرغبة في التخلص من الأنشطة المستبدة علي إيقاعات قذف الطائرات والمدافع الأمريكية.

رغم مرور أكثر من ثلاثة سنوات ونصف، لم يقابل القوات الأمريكية فيها إلا كل أنواع المقاومة والرفض من الشعب العراقي، مازالت إدارة بوش تكرر الأكاذيب، وتعيد نفس التصورات المجنونة، وتبني موقفها في لبنان علي نفس الكذبة والزعم المخبول، القائل إن الشعب اللبناني سيرحب بقوات إسرائيل أو بقوات الأمم المتحدة للتخلص من ميليشيات حزب الله!!

رغم مرور أكثر من أربعة أعوام علي احتلال أفغانستان، وأكثر من ثلاث سنوات ونصف علي احتلال العراق، وأكثر من عامين علي احتلال هابيتي في أمريكا اللاتينية.. ورغم أن قوات الاحتلال لم تواجه إلا بالمقاومة الباسلة في البلدان الثلاثة.. لازالت أمريكا لا تعي الدرس، وتفاجأ، ومعها إسرائيل هذه المرة، أن الشعب اللبناني لم ينقلب علي حزب الله ولم يرحب بالهجوم الإسرائيلي المدعوم أمريكيا علي لبنان.. بل حتي المعارضون لحزب الله، كانوا الأشد مقاومة وصلابة ضد الهجوم

بن لادن يصوت لبوش

رغم إصرار إدارة بوش علي أنها تخوض حربا ضد الإرهاب من أجل نشر الديمقراطية وتعميم الحريات، إلا أن هذه الحروب وما ارتكبته القوات الأمريكية من مجازر إنسانية وفضائح بالجملة، وأقسي أساليب التعذيب وأشدها همجية، لم تسفر إلا عن خلق أجيال جديدة من المجاهدين والاستشهاديين في العالمين العربي والإسلامي، وتقويض الحكومات والأنظمة العربية الصديقة والموالية لأمريكا وتهديد استمرارها في الحكم.

وهو الأمر الذي يعرفه بوش، وتدركه إدارته بوضوح، ففي 29 أكتوبر 2004، وقبل أربعة أيام فقط من الانتخابات الأمريكية، أقدم بن لادن علي كسر الصمت الذي التزم به ما يقرب من عام، وأذاع فيديو كاسيت، لشجب وإدانة بوش وتهديد الأمريكيين برعب ودمار أشد من 11 سبتمبر.. واعترف المحللون في المخابرات المركزية الأمريكية، وعلي رأسهم جامي ميسك، نائب المدير آنذاك، أن بن لادن يأمل في استمرار بوش في البيت الأبيض، وأن يواصل سياساته التي تفضي إلي ارتفاع شعبية بن لادن.

فبعد ساعات من إذاعة فيديو بن لادن، أفادت التقارير بارتفاع شعبية بوش بنسبة 6% عما كانت عليه قبل إذاعة فيديو بن لادن.

اليوم، يرد بوش الجميل لابن لادن، وتبشر كونداليزا رايس بأن إشاعة الإرهاب وزحفه من أفغانستان للعراق للأراضي الفلسطينية وأخيرا، عودته إلي لبنان بعد تهدئة استمرت ست سنوات، تري فيها رايس آلام مخاض ميلاد شرق أوسط جديد.. خاضع للإرادة الأمريكية دوليا، والإسرائيلية إقليميا، وفي الوقت نفسه، يراه بن لادن وأتباعه أيضا شرقا أوسطيا جديدا تستعيد فيه الخلافة الإسلامية مجدها البائد، التي حلم باستعادتها وحكمها الكثيرون من الطغاة قبله، علي حساب الحكام العرب الأصدقاء لبوش وإدارته، الذين يزدادون عزلة ورفضا من الشارع العربي بسبب موالاتهم للسياسة الأمريكية.

بقصد أو دون قصد، لم تسفر حرب بوش إلا عن ميلاد جيل جديد من أنصار بن لادن والزرقاوي، والمقاومة الإسلامية في المنطقة، وتقويض القوي الديمقراطية، بعد أن أصبحت الديمقراطية مرادفا للاحتلال والقمع الاستعماري، وجرائم الأمريكيين وقوات الاحتلال في أفغانستان والعراق وهاييتي وغيرها.

وتجددت المشكلة مع تفاخر إدارة بوش، والإعلان عن اعتزازها بمواقف العديد من الحكام العرب ضد حزب الله، فكشف مواقفهم، وزاد سخط شعوبهم عليهم، وارتفاع شعبية التيارات الإسلامية في المنطقة... وإبرازهم باعتبارهم القوي الوحيدة المعادية للاستعمار في المنطقة، رغم خدمتهم طوال سنوات الحرب الباردة للسياسة الأمريكية في مواجهة ما كان يسمي بالخطر السوفييتي والشيوعي، وتجنيدهم في حرب بالوكالة في أفغانستان وبلدان وسط آسيا لتقويض الاتحاد السوفييتي.

ورغم صيحات الحرب علي الإرهاب، والتغيير الديمقراطي، والإصلاح إلا أن الهمجية الأمريكية والصهيونية، لا يقابلها سوي إشاعة العنف والإرهاب، وإجبار الشعوب والقوي السياسية علي انتهاج أساليب من العنف كانت في السابق غير مقبولة.

لغو بلا طائل

علي أية حال، لم تؤجج السياسة الأمريكية عداء الشعوب العربية فحسب، بل أجبرت أتباعها وأصدقاءها علي التململ علنا من سياستها.. فأعلن سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي بعد اجتماعه مع الرئيس بوش عن تسليمه رسالة من الملك عبدالله للرئيس بوش، تطالبه بالضغط علي إسرائيل لوقف هجماتها ضد لبنان.

حتي رجال الدين المعتدلون في السعودية ومصر والأردن وغيرهم، انتقدوا السياسات الأمريكية والإسرائيلية، كما انتقدوا أيضا الحكام العرب الموالين لأمريكا.

والأدهي، أن الحوار الوطني اللبناني، الذي تقدم في الأشهر الماضية، وتمكن من مناقشة القضايا الشائكة، وقطع شوطا نحو الاتفاق، وكاد يكون النموذج الديمقراطي الأفضل في المنطقة تم إجهاضه وتعطيله بعد الهجوم الإسرائيلي علي لبنان.

الأمر المؤكد، أن حجم الدمار والقتلي والمذابح والممارسات الدموية البشعة في الحرب الأمريكية - الإسرائيلية لتحرير الشرق الأوسط، لن تتمخض إلا عن أجيال ذاقت العذاب ولا تري إلا الرغبة في الانتقام، ويبدو الحديث أمامها عن السلام، أو شعار مثل دولة علمانية علي كامل التراب الفلسطيني، أو التمييز الذي كان بديهيا لأجيالنا بين الصهيونية وبين اليهود، يبدو كل ذلك لغوا بلا طائل، وأن الاستشهاد هو الممكن الوحيد، فهنيئا ل بن لادن وبن بوش.

اغسطس 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا