الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الوطنية ضرورة ملحة في مواجهة الهجمة الامبريالية والصهيونية

حزب العمال التونسي

2006 / 10 / 4
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ما أوكد حاجة الشعوب والأمم والبلدان المتعرضة للإبادة والتصفية الامبريالية العولمية الراهنة إلى سياسة الجبهة، وكم هي في اشد الضرورة إلى قيام جبهة عالمية مناهضة للهيمنة والعدوان ومقاومة للمشاريع والخطط الرامية إلى إخضاعها وابتلاعها والقضاء على استقلالها وهويتها الوطنية والحضارية. جبهة عابرة للقارات والجنسيات والأجناس والمعتقدات، موحدة على السياسي الذي هو الأساسي عندما يكون سيف الإذلال والقهر والاحتلال مسلطا. إن الأساسي اليوم، وبالنسبة إلى عديد البلدان، هو مواجهة الخطر الأجنبي المتجسد في الأمركة القسرية المتذرعة بمكافحة الإرهاب وبمقتضيات العولمة، وقد تفاقم أمرها منذ أحداث 11 سبتمبر، ومرت من التهديد والتحرّش والإلحاق الاقتصادي والسياسي إلى انتهاك السيادة الترابية والتدخل المباشر وبسط الوصاية وفرض الاحتلال وخلع النظم القائمة وتنصيب الطغم العميلة المحمولة جوا وفوق ظهور الدبابات، كما حصل في أفغانستان والعراق وقد يحصل في سوريا وإيران والسودان ولبنان وفنزويلا وكوبا وكوريا وغيرها إذا لم تنتصر المقاومة، وكما حصل ويحصل في بؤرة الصراع فلسطين المحتلة، وقد اصطدمت فيها إرادة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، وهو طحلب من طحالب الامبريالية، بإرادة المقاومة الوطنية وما تزال المواجهة جارية منذ عشرات السنين بين كر وفر، والجبهة الوطنية الموحدة مطلبا بعيد المنال.

ولسياسة الجبهة التي يحتمها حجم التحدي تراث زاخر يحتاج استحضار وإعادة اعتبار حتى تقع الاستفادة منه، تراث الجبهات الشعبية، والعمالية، والنقابية، عشية الحرب العالمية الثانية وقد بانت نجاعتها في التعبئة ضد الاحتلال النازي وضد هجمة رأس المال والفاشية وضد خطر الحرب، وكذلك تراث جبهات التحرر الوطني ومكافحة الاستعمار (الجزائر، الفيتنام...) ومن لا يذكر الجهد العظيم الذي بذله قادة الحركة الشيوعية العالمية في إطار الأممية الشيوعية الثالثة والدور الأساسي الذي كان لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بقيادة ستالين. ومن لا يذكر ديمتروف منظر سياسة الجبهة المناهضة لهجمة رأس المال والفاشية ولخطر الحرب وداعية الوحدة العمالية والنقابية والشعبية على قاعدة المطالب الدنيا الاجتماعية والسياسية وذلك أثناء توليه قيادة الأممية الثالثة خلال العقد الرابع من القرن الماضي.

إن العودة إلى ذلك التراث وإلى تلك الخبرة التي راكمتها الحركة الثورية والتحررية يغدو اليوم ضرورة ملحة وجزء حيويا من الاستجابة لمتطلبات المواجهة. والمواجهة باتت واقعا ملموسا لأن الهيمنية الامبريالية، في ظل انفراد أمريكا بالعالم، لم تعد مجرد مقولة ضبابية أو من قبيل الإنشاء السياسي التقليدي بل صارت تحديا فعليا على الشعوب والأمم والبلدان الضحية أن تتصدى له وترفعه بقوة المقاومة وإلا ديست وفقدت استقلالها وهويتها الوطنية والثقافية وذهبت ريحها.

إن العالم الآن وفي ظل العولمة، أعلى مراحل الامبريالية، يعيش مرحلة تاريخية قديمة/جديدة من الاستعمار والصراع على إعادة توزيع مناطق النفوذ وفق موازين القوة التي أسفرت عنها نهاية "الحرب الباردة" ورمز لها سقوط جدار برلين، ونظّر لها منظر أمركة العالم فرنسيس فوكوياما. في تراث تلك الجبهات النظري والعملي ما يساعد البلدان الواقعة على مرمى الأساطيل الأمريكية ويساعد حركات التحرر التي تقاوم الاحتلال. لكن غياب دور الشيوعيين أو ضآلته جعل سياسة الجبهة غائبة أو كالغائبة، فالأمر يتعلق بالثورة علما لا نشاطا عفويا أو تخميرة ذاتية أو شطحة عقدية، وليس كالتمشي المادي الجدلي والمادي التاريخي في فهم الظواهر وتحليلها وفي تفسير العالم والتخطيط لتغييره فلسفة ونهجا نظريا أثبتت التجارب صوابهما. والآثار الوخيمة لغياب سياسة الجبهة الوطنية الموحدة بادية للعيان في فلسطين والعراق على الأقل، وبين مختلف البلدان والقوى المستهدفة، وإن كان الواقع العنيد نراه بصدد دفع تلك القوى داخل البلد الواحد، وتلك البلدان، على صعيد العالم، إلى الاقتراب من روح الجبهة بقبول التعاون والتنسيق والتنازل المتبادل وبالتخلي –النسبي- عن عن أنانيتها الفصائلية والطائفية والقومية عساها تدرأ أخطار الحصار المضروب عليها والعزلة التي تهددها، وعساها تضمن أو تحول دون سقوطها لقمة سائغة في بلعوم الوحش الاستعماري الجديد. لقد بات الحديث علنيا وجهريا عن ضرورة التضامن بين ضحايا السياسة الامبريالية الأمريكية، وبدأ التنقل والتزاور والتشاور بين قادة عدد من هؤلاء. وبدأ تنشيط التبادل الاقتصادي والتآزر السياسي في المنابر الأممية وإن كان وعي هذه الضرورة الحيوية ما يزال متفاوتا جراء التقوقع القطري والمذهبي وجراء الحسابات الضيقة والخوف من ردة فعل العدو، وقد غاب عن بعضهم أن الذي سينجو هو الذي يضع صوته ضد أمريكا ويتحول إلى مواقع الهجوم، ويمضي قدما في تقوية جبهته الداخلية وتوسيع شبكة صداقاته العالمية، ودعم قدراته الدفاعية، ومثال كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا لا يحتاج إلى تعليق. وغير خاف أن الجبهة الداخلية تقوم إلا على أساس رباط وطني يجمع بين نظام يرفض الوصاية الأجنبية ولا يمنع المبادرة الشعبية (هذا في حالة نظام وطني ونظام مواجهة معادية حقا للامبريالية)، وبين معارضة وطنية وشريكة في المواجهة، أو بين قوى تتّحد على أرضية المقاومة وتتجاوز خلافاتها الإيديولوجية وتبايناتها الإستراتيجية. أما النظام العميل فلا مكان له في أي جبهة تحرر وطني لأنه يشكل جزء من جبهة العدو، مهما حاول اللعب على الحبال واستعارة ريش الوطنيين والظهور في مظهر الشيء ونقيضه. إن هذه الازدواجية سرعان ما تفتضح أمام أول امتحان، كأن يسكت عن العدوان الذي تعرض له الشعب اللبناني حتى يرى مآل المواجهة ويتأكد من اتجاه الريح، وكأن يقدم التسهيلات الجوية أو البحرية أو البرية للعدو، وكأن يتجنب إعلاميا تسمية الأشياء بأسمائها، فيغدو المقاومون "مسلحين" والحرب العدوانية "عنفا" وضحايا المجازر "قتلى وجرحى" ويقع التعتيم بالكلمة والصورة على الحقائق فوق الأرض، ومنها حقيقة انتصارات المقاومة وما تكبده المعتدي، وكأن يقع قمع حركات الاحتجاج وتعابير التنديد الشعبي ومنع أحزاب المعارضــة وتنظيمات المجتمع المدني من التعبير عن مواقفها بالاجتماع والتجمهر والتظاهر وكافة الأشكال السلمية، وهذه كلها تنطبق على سلوك النظام التونسي وجل الأنظمة العربية الأخرى التي انتظرت حتى تأكدت من أن المقاومة، بمفردها، استطاعت أن تقلب الميزان وتصنع الحدث. وما تزال -رغم ذلك- تراهن على كسر "شوكة" المقاومة وتصفيتها عن طريق "الأمم المتحدة" والجيوش التي تطوق لبنان وتحاصره الآن بعد أن أخفق الجيش الإسرائيلي الذي لا "يُقهر".

ولا يخفى أيضا أن "الوطنية" أمر نسبي عندما توصف بها بورجوازية حاكمة اليوم، فبينها وبين العمالة خيط رهيف، والتردد يظل قائما، والقضية نوقشت طويلا في أدبيات الحركة الشيوعية وينبغي أن يقع إحياء النقاش حولها، والوطنيون الثابتون تظل عيونهم مفتوحة حتى وهم يوحّدون الموقف مع النظام "الوطني" أمام الخطر الأجنبي المحدق.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza


.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع




.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل