الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي صورة مجرم ام صورة لفائز بجائزة ؟

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


صورة مجرم ام صورة لفائز بجائزة ؟

اوحت الضجة الإعلامية التي سبقت ورافقت القاء القبض على حرامي " سرقة القرن " ، وكأنها تمجيد لفعلٍ بطولي خارق للعادة ، قام به بطل يستحق ان نضفي على شخصه آيات الهيبة والجلالة ...

تقاسيم وجه الرجل التي اطلت علينا من الصورة التي تناقلتها شاشات التلفزيونات ، مشرقة : فهو حليق اللحية ، مقلم الشارب ، بملابس نظيفة ومكويّة ، ويجلس جلسة مسترخية بنظرة حالمة متفائلة . لم تكن صورة لسارق تم القبض عليه وهو يحاول الفرار ، بل كانت صورة تخلو تماماً من ضغط تعرض له ، كما لو كانت صورة لفائز بجائزة ...

لا تشير ملامح الرجل الهادئة الى خوف او رهبة من اعتقال ، ولم توح بأنه واقع تحت تأثير قلق ممض ، فعيناه الواسعتان مفتوحتان على آخرهما ، تعلوهما نظارة شمسية : رفعهما عن تغطية عينية الى منتصف الرأس ليقول لنا : انني اعرض على مباضعكم تقاسيم وجهي بالكامل : لكنكم ، مهما دققتم ، لن تعثروا فيها على شيء من توتر وقلق . هل فكر لحظة اعتقاله بالذين سبقوه الى القضاء ، وهل الطمأنينة التي تسربل كل اعضاء جسده نابعة من انه يعرف ان مصيره لن يكون مخالفاً لمصيرهم ، لقد خرجوا من غير عقوبة تضر بصحتهم وبجيوبهم ، وسيتم اخلاء سبيله كسابقيه الذين يستمتعون الآن بما تم تجاوزهم عليه من المال العام ...

كل ما في الصورة يشير : الى ان الرجل لم يتعرض لاي نوع من انواع التعذيب التي يلجأ اليها عادة المحققون السريون في العراق لانتزاع نوع الاعترافات التي يحبون ان يسمعوها من فم الضحية . لقد أخرجوه علينا بمنظر حسن يفيض حيوية وجمالاً . اما التعذيب بالصدمات الكهربائية ، فهي من حصة عوام الناس وصغار الموظفين ، الذين يتعرضون لها ، ويتعرضون - اضافة الى ذلك - الى التعذيب بالضرب المباشر : وهي اقسى انواع الإهانة التي يتم توجيهها لكرامة الانسان ...

ما السر في هذا التكريم غير المعتاد للعراقي من قبل اجهزة الأمن ؟

هل حدث ذلك احتراماً ( لعبقرية ) هذا الحرامي الذي مرّ بسهولة ، والمليارات على ظهره ، من بين آلاف العيون المكلفة بمراقبة سير التحولات التي يمر بها الدولار الآتي من بيع النفط في دوائر الدولة : لمتابعته وأخذ ما قرروه لأنفسهم من حصة فيه ؟ ...
ام تسلل ذاك الموقف من مناطق خاصة بالوعي الجمعي الذي يجل ويبجل مالك المال من غير الالتفات الى طريقة الحصول عليه .. اذ ان وعي الجماعة لم يتساءل يوماً عن اصل هذه الثروات الضخمة التي بحوزة الزعامات السياسية ، والتي تقدر بالمليارات ؟ ...

اوّل مَن قدم هذا التكريم غير المعتاد : رجالُ الأمن الذين اعتقلوه ، اذ سارعوا لأخذ صور " سيلفي " معه . وهذه الصورة هي واحدة من تلك الصور التي التقطوها لهم معه على ارض المطار ، وستذكرهم بانهم جلسوا ذات يوم مع الحرامي ( نمبر وان ) الذي استولى على هذه الأموال الضخمة لوحده ( ببطولة ) من وراء ظهر الاحزاب الاسلامية التي يحتكر زعماؤها وحدهم ؛ سرقة المال العام ...

لم تعد للبطولة بمعناها القديم من معنى ، بطولة : مقارعة الاستبداد ودخول السجون والاستشهاد من معنى ، لان الاحزاب التي كانت تحث الناس على التضحية من اجل المباديء : اكتشفوا اخيراً
انها بلا : مباديء . وقد تكشفت لهم هذه الحقيقة حين اصبحت هذه الاحزاب على عرش السلطة وبدأت تمارس بطولتها الحقيقية : بطولة الاستيلاء على رئاسة الوزراء ، وعلى الكم الاكبر من الوزارات السيادية ونوابها . ويوضح لكم الصراع الدموي الجاري منذ عام بين : التيار الصدري وبين احزاب وميليشيات الاطار التنسيقي هذه الحقيقة ...

تتضمن حكاية القاء القبض على حرامي العصر في العراق دلالة خاصة : تشير الى ان الاحزاب الاسلامية لا تسمح لغيرها بالتجاوز على المال العام ، وانها ستستخدم كل نفوذها لالقاء القبض على الجناة من خارج صفوفها ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام