الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظاهرة برلين: ضرورة الظهير الخارجي للانتفاضة

عديد نصار

2022 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت العاصمة الألمانية برلين يوم السبت الواقع فيه (22/10/2022) إحدى أكبر التظاهرات التي شهدتها عاصمة أوربية منذ سنوات شارك فيها عشرات آلاف الإيرانيين المقيمين في أوروبا وآلاف آخرون من جنسيات مختلفة.
احتشد هؤلاء في قلب العاصمة الألمانية تضامنا مع الشعوب الإيرانية في انتفاضتها، مع المرأة الإيرانية والطلاب الإيرانيين والتلامذة والمعلمين وسائر الإيرانيين الذين دخلوا أسبوعهم السادس في انتفاضتهم التي شملت كل المحافظات والمدن الإيرانية ولا زالت تتوسع لتشمل قطاعات جديدة كل يوم تحت شعار واحد: الموت للديكتاتور! الموت لخامنئي! هذه الانتفاضة التي لم يكن مقتل الفتاة مهسا أميني على أيدي ما يسمى شرطة الأخلاق سوى الشعلة التي أوقدتها بعد أن تراكمت لدى الشعوب الإيرانية أسباب الثورة من استبداد طبقة الملالي وقمع الحريات وتبديد الموارد وتعميم الإفقار والعجز عن تأمين أبسط حقوق المواطنين وصولا الى النيل من حقهم في الحياة.
لكن أهم ما رفعه المتظاهرون في برلين يوم السبت الماضي لم تكن شعارات التضامن مع المنتفضين والتنديد بالقمع المفرط لأجهزة نظام خامنئي ضد المحتجين، بل كانت دعوة المتظاهرين ومطالبتهم الملحة للحكومات الغربية بوقف التفاوض مع النظام الإيراني وتغطيتها له وسحب اعترافها به. هذا المطلب الذي قضّ مضاجع المسؤولين الإيرانيين ودفعهم الى اتخاذ مواقف متضاربة عبّرت عن ارباكهم الشديد حيال هذه التظاهرة وشعاراتها مرتفعة السقف. انعكس هذه الإرباك في ما أوردته الصحف الناطقة باسم النظام وحرسه الثوري أو تغاضت عنه أو تعمدت تزييفه، فهي إما التزمت الصمت التام وهو نهج اختارته معظم الصحف، وإما أشارت إليه بشكل معاكس.
ففي حين قلّل موقع "نورنيوز" الإخباري المقرب من مجلس الأمن القومي الإيراني من حجم وشأن المشاركة في مظاهرة برلين مُقرنا ادعاءه بصورة لجانب ضئيل من المتظاهرين معتبرا أنها احتجاجات محدودة لم تلبِّ "التحضيرات غير المسبوقة التي حاول منظمو الإحتجاجات بواسطتها إضفاء الطابع المؤسسي على وَهْم الأغلبية في أذهان المعادين لايران من خلال تنظيم حشد واسع النطاق يستعرض المتضامنين مع المناوئين للجمهورية الاسلامية في العاصمة برلين"، تقاطعت صحيفتا "إيران" الحكومية و"جوان" التابعة للحرس الثوري، على أن الاحتجاجات في برلين شارك فيها عمال أجانب ما جعلها تبدو مظاهرات حاشدة وكثيرة العدد، وأضافت الأخيرة أنه "كان هدف منظمي الإحتجاجات الضغط على الدول الأخرى لإتخاذ مواقف تجاه إيران، وشحن الأجواء بشكل أو بآخر لإظهار ايران بمظهر المنبوذ عالمياً".
أما صحيفة "كيهان" ومن سلك دربها فقد أغلقت موضوع الاحتجاجات منذ أسابيع ولا تتوقف عن الحديث عن "ما بعد الاضطرابات" متغافلة عن المظاهرات والاحتجاجات المستمرة في الداخل والتي كان آخرها ما شهدته مدن مختلفة في إيران يوم السبت وتلبية كثير من المواطنين الإيرانيين دعوات التظاهر.
كما زعمت الصحيفة أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعد أن أدركت فشل "مشروع خلق الاضطرابات" في إيران تحاول الآن تقديم المقترحات والدعوات لإيران للقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات من جديد، ولمزيد من التعمية بالهرب الى أمام عنونت بالقول: "تضرّع أميركا للمفاوضات بعد الفشل في الاضطرابات"، كما عنونت بذلك صحيفة "وطن امروز" وكتبت نقلا عن وزير الخارجية الإيرانية: "رسالة أميركية سرية للقبول بالاتفاق". ما نفاه المسؤولون الأمريكيون على الفور.
نستنتج من كل ذلك أن أهمية التظاهر خارج ايران لا تقلّ عن أهمية التظاهر واستمرار وتوسّع الاحتجاج في الداخل وفي عموم القطاعات والمدن الإيرانية. فهي من جهة تقدم الدعم والتشجيع من خلال تشكيل وإبراز ظهير شعبي خارجي للاحتجاجات، ومن جهة أخرى، وهي الأهم، تضغط على الحكومات الغربية خصوصا للتوقف عن ممالأة النظام الإيراني وتقديم الأسباب التخفيفية له التي تمكنه من استعادة المبادرة في مواجهة احتجاجات شعبية بهذا الزخم والاتساع والانقضاض عليها.
وما يؤكد على ضرورة استمرار وتوسع المظاهرات المتضامنة مع الشعب الإيراني في الخارج أن الدول الغربية مازالت عند رأيها في مواصلة التفاوض مع النظام وبالتالي الاعتراف له بأحقية سيطرته على ايران والإيرانيين الذين خرجوا لإسقاطه، مستغلة أجواء هذه الانتفاضة لابتزازه في بعض بنود الاتفاق النووي وصولا الى العودة اليه. ففي الوقت الذي أبدى منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل استعداده لاستقبال المسؤولين الإيرانيين، أعرب المبعوث الأمريكي الى ايران روبرت مالي عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية "لحقوق الانسان الأساسية التي خرج الإيرانيون للمطالبة بها" مؤكدا في مقابلة أجرتها معه شبكة CNN الأمريكية أن السياسة الأمريكية تجاه إيران "ليست سياسة تغيير النظام بتحريض من واشنطن".
إنه لمن الجيد أن العديد من المعارضين الإيرانيين أدركوا طبيعة العلاقة التبادلية بين الحكومات الغربية والنظام الإيراني، وأنه لن تتغير مواقف هذه الحكومات إلا بممارسة ضغوط مهولة عليها في الشارع في أوروبا وأمريكا وسواهما من جموع الإيرانيين ومن المواطنيين الآخرين المتضامنين معهم. ولعلنا، في بلادنا الأشد تضررا من نظام الملالي وأدواته أن ننتظم في مثل هذه التحركات هنا وفي الخارج لِما لسقوط نظام الملالي من انعكاسات ايجابية عظيمة على بلداننا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال