الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رايس : الشيطان وحاوي الثعابين

أحمد الناصري

2006 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تعود كوندليزا رايس بسرعة كبيرة، ومعها كشكول كبير يحتوي على كل مشاكل المنطقة العربية والشرق الأوسط، فهي تريد إطلاق مشروع ( تحالف المعتدلين ) ضد ( تحالف الأشرار )، والمعتدلون هم ( أمريكا وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن يساندهم ويدعمهم الإتحاد الأوربي ويمكن إضافة جناح محمود عباس ) ضد تحالف الشر أو الممانعة الإيراني السوري مع حزب الله وحماس وربما بعض الأطراف الوطنيةالعراقية الرافضة للإحتلال . إذن هذه خريطة التحرك الجديد، وهذه القوى الجديدة المكونة للمع وللضد الأمريكي .
إنها خلطة كبيرة ومعقدة الى حدود غامضة وفضفاضة، تأتي مباشرة بعد فشل العدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك على لبنان، ومحاولة محاصرة القوى الرافضة للمشروع الأمريكي لفرض الشرق الأوسط الجديد، وتصعيد الموقف العام ضد إيران ومشروعها النووي وتدخلها الواسع والسافر في العراق، ومحاصرة سورية، والتهرب من المأزق العراقي المتصاعد، واللعب والخداع في تحريك القضية الفلسطينية عبر حشرها المفتعل هذا بين القضايا المطروحة والمستهدفة، فقضية الشعب الفلسطيني وحصاره وتجويعة لاتشغل رايس ولا أي طرف مشارك في هذه التظاهرة .
ربما يشكل هذا التحرك الجديد، تغيير ما ولو بسيط أو تدريجي، في العقل السياسي الأمريكي، بعد الفشل التام لإفكار مجموعة المحافظين الجدد الخطيرة، والعودة ولو الهادئة الى الفكر المحافظ التقليدي في أمريكا، بعد الفشل الكبير والواضح في العراق وأفغانستان وأخيراً في لبنان .
إذن تأتي رايس لإعادة تقييم الأوضاع في المنطقة العربية الى جانب إيران، وربما تحريك السعودية الغنية والكبيرة، كقوة إقليمية لمواجهة إيران، ودفع السعودية ومصر للضغط على سوريا كي لاتذهب بعيداً في مواقفها، لكن هذا التقسيم الأمريكي للدول العربية الى معتدلة ومقبولة وأخرى شريرة ومرفوضة، ينطوي على مخاطر حقيقية في خلق بؤر وتصادم لاتحتاج لها بلداننا وإنظمتها، ولاتتحمله المنطقة، كما إن هذا التحرك والتقسيم سوف يكشف ويفضح الدور المناط لهذه الأنظمة وسط تصاعد السخط الجماهيري بعد العدوان المشترك الأمريكي الصهيوني، والموقف الداعم للعدوان من قبل بعض الأنظمة العربية .
من جانب آخر تتخلى الإدارة الأمريكية تحت ضغط الأحداث الخارجية وإنعكاساتها الداخلية، عن طروحات الديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان والرفاة الإقتصادي المزعوم، وتتخلى عن قوى ما يسمى ( بالليبرالية العربية الجديدة ) التي صدقت الكذبة الأمريكية وتبنتها، وحاولت تفعيل وإستثمار الضعط الأمريكي اللافت على الأنظمة العربية، وها هي تعود لتدعم أنظمة رجعية وإستبدادية، أنظمة الفساد والتوريث والتخلف، حسب التقارير والدراسات الأمريكية نفسها. فأين هي الإدعاءات لتحديث وتطوير المنطقة ؟؟ إنه الجوهر الحقيقي للشركة الأمريكية والعالمية، التي تلهث وراء الربح وحدة، حتى لو سحقت شعوب المنطقة تحت بساطيلها ودباباتها وسجونها، وأماتتها من الجوع والذل كما حصل أثناء حصار العراق، ويحصل الآن في غزة والضفة الغربية، وفي سجونها المحلية أو الخارجية عبر العالم .
إنها طبخة أمريكية مسمومة جديدة، تحاول رايس طبخها وتقديمها من المدن العربية، ومن بعض مطابخها الرسمية، لكن أمريكا لاتستطيع أن تصنع المعجرات، فالوضع العراقي قد تحدد تقريباً، وهاهو خليل زادة ينذر خادمة المالكي الإنذار الأخير، ويعطيه مهلة قصيرة جداً، ولا أدري كيف للمالكي أن يتدبر أمره في الشهرين القادمين ؟؟ لقد اُثبتت الأحداث السياسية العاصفة منذ الإحتلال الى الآن عجز وفشل مجموعة الإدارة المحلية القابعة في المنطقة الخضراء، وفشل عقلها السياسي الضيق والتابع، وتوقف خططها ومشاريعها في إنتاج سلطة قوية تابعة للمحتل، وهي تبدو تتخبط في خطط كاركتيرية لاتتوقف، تعكس هشاشة فكرها السياسي التافه، وتكشف نواياها الخطيرة، كمجاميع مبتذلة وغير وطنية، تدعمها مرجعيات لاتتبنى فكر وطني عراقي جامع، وأصبحت بعد هول الأحداث ( كالأطرش في الزفة مثل صاحبنا المعروف في طرشه المزمن والأكيد )، لذلك إستغلها هذا الطرف أو ذاك لإغراضه الطائفية التدميرية بشكل علني أدت الى تخريب حياة الناس في كل تفاصيلها، في كل المدن والمناطق، وخاصة مدن الجنوب التي تخضع لهذه السياسات مباشرة، بعد إن ذهبت هذه الأطراف بعيداً في ممارسة وفرض التخريب بأسم الدين الطائفي وبشكل علني مقرف، مدعومة من المحتل الذي فرض هذه السياسات، عبر مديره التنفيدي بريمر الذي كشف جزء يسير لكن خطير من هذه الخطط .
وفي لبنان التي لعبت رايس دوراً خطيراً في أحداثه الأخيرة، والتي قادتها من السفارة الأمريكية في عوكر مع الأطراف المتواطئة معها، ومن غرفة العمليات الصهيونية مع الوزير الفاشل بيرتس، تعود اليوم لتجويف و( تبويش) الوضع والنتائج التي أفرزتها الحرب، وتعديل وتطوير القرار 1701، وإيصاله الى الحدود التي فشل فيها العدوان العسكري المباشر، ومن هنا يأتي التعقيد والتسخين والملاسنات المخططة في الوضع اللبناني المفخخ، مع التهديد اليومي بإطلاق العدوان من جديد على الشعب اللبناني، او تحريك القوى الداخلية وطروحاتها الغريبة المستقوية برايس أو بالتهديد الإسرائيلي الجديد ، وبخلط الأوراق عبر تقديمها وتأخيرها .
أما الحديث عن القضية الفلسطينية والحل السلمي فهو لذر الرماد في العيون، والمشروع الأمريكي الجديد يتطابق مع التصور الصهيوني التي عبرت عنه ليفني، فلا وجود لخارطة الطريق حتى بنسختها الإسرائيلية وتعديلات شارون الأساسية عليها، ولا وجود لمبادرة الملك عبداللة، ولا عودة الى حدود ال67، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، تظم القدس العربية، وتظمن عودة اللاجئين ، إنما الحل حسب الوقائع الجديدة والرؤية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة، وهذا نفق طويل وجديد وبلا أفق !!
يبدو أن المنطقة قادمة على المزيد من التصعيد والتصادم واستمرار الصراع بأشكال مختلفة، مادام العقل الأمريكي يضخ خططه من خلال رؤية الشركة العالمية لمصالحها ومصالح إسرائيل، وهي تطارد الشعوب بالسلاح وبالدبلوماسية، وبواسطة ثعابين رايس الجديدة، التي سوف تعبث بالوضع، رغم مقاومة الشعوب، وفي ظل عجز النظام العربي التاريخي ... إن الشعوب سوف لن تسكت، وقد رأت التجربة اللبنانية في المقاومة والممانعة، وإن أمريكا وإسرائيل لستا قدر التاريخ والحياة والمنطق السليم، إن الشيطان يتحرك من جديد ويطلق ثعابينه في العراق ولبنان وفلسطين وعموم المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز