الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الجزائر: قمة التغيير

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2022 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


لا يبدو ان الامر مناسب للاعلام العربي كي يعالج النتائح المتوقعة من قمة الجزائر بنفس الادوات والمقاربات السابقة التي نجمت عن السياق المأزم لولادة النظام الاقليمي العربي بكل مؤسساته وخاصة مؤسسة القمة العربية التي لم يسجل لها انها خرجت يوما ما عن هدف تأمين سلامة البقاء لانظمة الحكم القائمة من خلال السيولة في حدود الالتزم والتنفيذ للتوجهات المشتركة حيث ُتركت لتقديرات كل نظام على حدى.
وقد كان لذلك العديد من المعطيات التي لا اقول انها تبرر ذلك النهج البائس بقدر ما انها تلقي ضوء يفسر تلك السلوكيات التي كانت تتعارض بصورة كلية مع المزاجع الشعبي، ولعل ابرزها انها كانت احدى اهم وارخص وسائل دول المركز الاستعماري لادارة المنطقة والسيطرة عليها من خلال السيطرة على انظمة الحكم فيها، هذا الى جانب ان هذا الاختيار الاستعماري في السيطرة كان يتوافق ومستويات الوعي العام حيت انخفاض مستويات التعليم والقدرة على التنمية السياسية والاقتصادية وغيرها.
لقد ادت هذه المعطيات وغيرها الى خلق تقاليد وانماط في التفكير السياسي رسخ من تبعية النظام العربي بكل مكوناته الى دول ومراكز قيادة النظام الدولي التي لم يكن في اطار اهتماماتها سوى استقرار تلك الانظمة وذلك لاستمرار مصالحها وهو ما نمّط آليات العمل العربي المشترك وخاصة على مستوى القمة وجعل كل مخرجاتها تكرارا مملا لكل ما سبق، بل واكثر انحدارا نحو الاسفل.
هذه بدوره على ما يبدو، هو ما نمّط ايضا طرق التحليل والفهم، بحيث ان مخرجاتنا في هذه التحليلات كانت دائما تكرارا للصور التي سبقتها دون اخذ المتغيرات الطارئة على منحى التأثير المحتمل في النتائج، لذلك فان توقعاتنا من قمة الجزائر سوف لن تخرج عن تلك السياقات السابقة.
والواقع ان تجاهل المتغيرات العميقة التي يعشها النظام الدولي وكذلك الاقليم العربي هذه المرة قد لا يكون مقبولا ومعه لا يمكن قبول ان نقيم توقعاتنا حول نتائج قمة الحزائر بنفس المقاربات السابقة واسقاط نتائج تعود لافرازات الماضي على متغيرات جديدة.
ولكن النتائج التي نتحدث عنها اليوم من وراء قمة الحزائر ليست حزما اجرائية لمعالجة الملفات العالقة في العلاقات العربية العربية والعلاقات العربية الدولية، اذ ان ذلك سيكون لاحقا لمعالجة اعادة قراءة المشهد الدولي والتموضع فيه وفقا لتقدير دقيق لحجم تفاعلي عربي في انماط وهياكل النظام الدولي.
والحقيقة ان ما يرصده المتابع للقراءات السعودية والجزائرية للمتغيرات الي تتشكل على وقعها انماط تفاعلات النظام الدولي يدرك ان هناك نية ما لاعادة تقييم نمط التفاعلات والسياسات العربية المستقبلية على اقل تقدير بشكل لن يكون استنساخا للتفاعلات السابقة لا في الحجم ولا في الاتجاه، وان هذا على ما يظهر هو ما قد يكون ابرز نتائج قمة الجزائر.
الا ان ذلك لا يمنع من ضرورة الالتفات لتحديد اي من الاحتمالات يمكن ادراج هذا الغياب شبه الجماعي لقيادات الصف الاول في دول الخليج العربي عن قمة الجزائر، اذ لا يُستبعد ان يكون مرد ذلك هو استمرار الخلاف العربي حول مصادر تهديد الامن القومي حيث لا زالت دول الخليج تنظر الى ايران كمصدر رئيسي لهذا الامن، رغم ان الاصطفافات الاولية التي تجري في ظل المتغيرات الدولية تشي بامكانية جسر الهوة الى اقصاها بين الاطراف العربية بعد ان اتضح ميل عام من قبلها نحو الابتعاد عن واشنطن ولو قليلا حتى ولو كان ثمن ذلك الخروج بالخلاف الى العلن كما هو حال العلاقات السعودية الامريكية.
صحيح اننا لن نكون ازاء تغيرات دراماتيكية كبيرة ولكن على الارجح ان قمة الجزائر ستجد نفسها امام ملف اعادة تعريف لمضمون الامن القومي وتحديد المخاطر التي تتهدده، حتى وان لم يتم ذلك بصورة صريحة وعلنية. حيث ان كثير ممن كانوا مختلفين بالامس سيجدون انفسهم في نفس الخندق ان صحت المبالغة، او انهم يتطلعون الى نفس الاتجاه.
ان تنامي القوة لعدد من وحدات النظام الاقليمي العربي لن يكون بمقدورها التطور وتحقيق ذاتها الا في اطار نسق اكثر توازن بين عناصر القوة فيه، وان هذا النسق لا يتوفر لها الا ضمن المجموعة الصاعدة حيث اعربت كثير من الدول العربية عن رغبتها بالانضمام الي تكل بريكس، كما رحبت بذلك كل من موسكو وبيكين.
قد يعزز هذا الاعتقاد لدى قادة دول الخليج ادارة واشنطن لخلافها مع العربية السعودية على خلفية تخفيض اوبك +لانتاج النفط ومحاولات السطو على اصولها المالية وغيرها. وهذا جزء من المؤشرات التي ترجح ان تكون الجزائر بداية لبداية نظام اقليمي عربي مختلف عن السابق وان تكون قمة تحمل رياخ تغيير.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام والاتصال في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!