الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوات المنهاج الحكومي, بين تعمد الإغفال وسياسة ردم المرحلة

هيثم الحلي الحسيني

2022 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في قراءة لمفردات المنهاج الحكومي, للحكومة العراقية العتيدة, تتبين الحاجة للوقوف إزاء الكثير منها, والتي تنذر بفشل مبكر, في أداء الحكومة العتيدة, وفي المقدمة من هذه المحاذير والمعوقات, السقف الزمني المقترح, لتنفيذ الأهداف المتضمنة فيه, والذي حدد بسنة نيابية, بينما مضامين المنهاج, يقتضي ربما دورات حكومية لاحقة, قد تكون مبررا للتكليف لمرحلة لاحقة, أو تبريرا للفشل المتوقع في تحقيق أهدافها, وفق سياسة أوسمتها الورقة, بسياسة ردم المرحلة.
ثم السياسة الحكومية "policy", المزمع العمل بها, وفق متبنيات المنهاج الحكومي, وفي مقدمتها مجال الأمن الوطني ومرتكزاته, الذي أغفل في قائمة الأهداف الرئيسة, التي وردت في صدر متون المنهاج, وكذا سياسة الحكومة في مقاربة مفاعيل الإقتصاد الوطني, وآليات التعامل مع قطاعاته الثلاث, وهي القطاع الحكومي العام, والقطاع الخاص, والقطاع المغفل أو المغيب, وهو القطاع المختلط.
ويضاف لعوامل الريبة, التركيز البائن في المنهاج الحكومي, على البذل المالي بسخاء, لما عرف بشراكة الدولة مع القطاع الخاص, مما سيوفرمعابر للمتنفذين السياسيين ولجانهم الإقتصادية, لقضم ممتلكات الدولة, من خلال سياسة الخصخصة سيئة الصيت, أو تخريب المنشأت القائمة, وتغييب العاملين فيها, من ذوي الخبرة والتخصصات, وفق شراك الشراكة مع القطاع الخاص, أو الإستثمار لخطوطها الإنتاجية.
بينما البديل الفاعل والناجع وطنيا, في الكثيرمن حقول الإنتاج, هو إحياء وتوسيع القطاع المختلط, الذي يملك تجارب ناجحة في الإقتصاد العراقي, لا زالت علاماتها التجارية شائعة في الكثير من دول الجوار, وهو ما يمنع التفريط بأصول الدولة وممتلكاتها, وكذا موارها البشرية, التي صرف الكثير لتأهيلها, فضلا عن الشراكة وإستثمار الوفرة المالية الداخلية غير المستثمرة, وتحويلها الى وفرة منتجة ورابحة, مع ضمان سيطرة الدولة على إدائها, من خلال مساهمتها لما فوق النصف من رساميلها.
لكن تفعيل السياسة الإقتصادية المنفتحة, للمرحلة القادمة, وتضمينها في المنهاج الحكومي, بما عبر عنه بالشراكة مع القطاع الخاص, وتوفير الدعم المالي له, أو تمويله, متوقع من رئيس الحكومة الجديدة, لما عرف عن توجهاته الليبرالية, والدعوة لتحرير السوق ووسائل الإنتاج الحكومية, وهي ليست مثلبة في ذاتها, لشخصه أو عقيدته الإقتصادية, لمقاربة تجارب العديد من الدول, ذات الإقتصادات الناجحة, لكنها حتما لا تطابق خصوصية الأوضاع في العراق.
والحال ليس المقام في رفض تشجيع النشاط الخاص, أومنع مساهمته في الإقتصاد الوطني, لكن الدعم المطلوب والمستحق للقطاع الخاص, وتطوير أدائه, وتعضيد مساهمته في بناء الإقتصاد الوطني, لا يتحقق على حساب موارد الدولة, وبناها التحتية, وقطاعها الإقتصادي العام, تحت متبنيات الشراكة أو الإستثمار أو الخصخصة, فهي فمنشأت القطاع الوطني العام, أو ما كان يطلق عليه بالقطاع الإشتراكي, مملوكة للشعب, ولا يجوز التفريط فيها, وبخلافه تفتح نافذة مشرعة للفساد المالي, في تمكين اللجان الإقتصادية للكيانات السياسية المتنفذه.
والفاعل المريب الأخر, المغيب في صدر المنهاج الحكومي, وتثبيت الأهداف الرئيسة للحكومة فيه, هو تساهله في الجانب الأمني, وعدم تضمينه ضمن أسبقياته, بل مرت في ذيله باستحياء, ما عبر عنه بمنع السلاح المنفلت, الواقع تحت سيطرة الدولة.
والحال جرى التعبير في متن المنهاج, بما أسماه بالأسلحة تحت سيطرة الدولة, ومن بينها ما أطلق عليه المنهاج بالسلاح "الشرعي", وهي مفردة غريبة عن أدبيات الدفاع والأمن الوطني, وبالتأكيد يراد بها التشكيلات المسلحة خارج سيطرة الدولة, والقيادة العامة للقوات المسلحة, ولتكون موازية لعبارة السلاح "الرسمي", الواردة في المنهاج, والتي يفهم منها, سلاح الدولة والقوات المسلحة والأمنية, المرتبطة قانونا بالقائد العام, والحال لا يجوز المواءمة بين المفهومين .
عليه سيهدد أداء الحكومة العتيدة, ما تحقق من بعض المنجزات في الحكومة السابقة, خاصة لجهة عامل الأمن الداخلي, من خلال كبح جماح الخارجين عن القانون, والتصدي الشجاع لهم, من قبل قطعات النخبة في القوات المسلحة, وملاحقة مرتكبي الجرائم المنظمة, التي طالت رجال الفكر والناشطين المدنيين, فضلا عن تطويرالأداء والمستويات القتالية, لأجهزة وتشكيلات النخبة, وتنوع مصادر التسليح, والبدء بالصناعات الحربية الوطنية.
ويضاف لعوامل القلق, السيرة الذاتية لوزير الدفاع المعين, التي بينت إنعدام الخبرة والتدرج العسكري أو المهني, وعدم إشغاله لمواقع قيادية أو إدارية ضمن تخصصات الوزارة, أو حتى لخبرات مهنية موازية, تؤهله لإشغال المنصب, والإيفاء بمتطلبات مسؤولياته, في القيادة والإدارة, وفي التسليح والتجهيز, والتخطيط للمستويات العليا, إذ يشغل الوزيرموقع النائب للقائد العام للقوات المسلحة, وفق منظومة القيادة والسيطرة, وإستراتيجية الأمن والدفاع الوطني, وقد جرى التفصيل في الورقة الموسومة "نماذج لحقائب الغرفة الحكومية الجديدة, بين غياب التخصص وإنعدام التأهيل والكفاءة".
وإضافة الى الإنتكاسات المتوقعة, في أداء الإقتصاد الوطني, لما ثبت في المنهاج الحكومي, من سياسات إقتصادية ومالية مقلقة, وفي المقدمة منها الإنتكاسة المتوقعة في الوفرة المالية المتحققة, التي إجتهدت الجهات المعنية بالحفاظ عليها وتنميتها, وفق إجراءات السياسات النقدية المركزية.
ويمكن تأشيرغيرها من المفردات, التي تحققت في المرحلة السابقة, والمعرضة لإنتكاسات وفق سياسة ردم المرحلة, كتأمين سلة غذاء المواطنين, وتضمينها بعض السلع الزراعية والحيوانية النوعية, المنتجة محليا, فضلا عن السلع المستوردة, وقد حضيت السلة بالإقبال على إستهلاكها, من قبل الأسرة العراقية, لمقبولية مفرداتها.
إضافة الى تنشيط وتشجيع التصنيع الوطني, المدعم في الحراك الشبابي, وإنتفاضة تشرين المجيدة, بما عبر عنه بحملات صنع في العراق, والتي باتت تبرز في واجهات الأسواق العراقية, خاصة المنتجات الغذائية, مقابل إنحسار الردئ المستورد, وتفاعل النشطاء في تشجيع المواطن, للإمتناع عن شرائه.
وقد سعت الوزارة السابقة, وفق مؤشرات الأسواق العراقية, الى تأمين قائمة من المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية, أصبحت تنتج في العراق, بشكل يقارب الإكتفاء الذاتي لها, بل إن بعضها قد شمل بخطط التصدير, لتشجيع المزارعين, وزيادة دخلهم في قطاع الزراعة, والمساهمة في رفد إيرادات الدولة, وبالتالي كانت الإجراءات المتخذة لتأمين الحماية لهذه المحاصيل والمنتجات, من خلال منع إستيرادها.
وقد كانت الجهات المعنية, تتعرض لضغوط وتقريع الكيانات السياسية المتنفذة, التي فقدت مصدرا ورافدا سالكا, لجني أموالها غير المشروعة, في محاولة لفتح الإستيراد على عواهنه, وإعادة سعر الصرف الرسمي, الذي آذى مصالح دول الجوار, والتي تتخذ من العراق سوقا مفتوحة, لتصريف سلعها البائرة, وجني الأموال الصعبة منها.
فالقلق أن تفقد السوق العراقية, والأسرة العراقية, فضلا عن مالية الدولة, في هذا العهد, ما تحقق من منجزمتواضع, لكنه ملموس مجتمعيا, وبذا تكون العودة الى إغراق السوق العراقية, بالسلع والمحاصيل المستوردة, وذات الجودة الرديئة, التي تشكل عبئا على المواطن والدولة معا, لكنها تقدم ربحا كبيرا, للساسة المتنفذين, وأذرعتهم المتحكمة, في الأسواق المحلية والمنافذ الحدوية.
ومع إن المتحقق في الحقبة السابقة, تعد واجبات ومهام حكومية مستحقة, وليست منجزات رائدة, لكن العراقيين باتوا يرونها منجزات متحققة, وموضع تقدير لها, كونها سابقة لم يعتادوا عليها, في حكومات الولاء للخارج, بل تماهت والقبول الشعبي غير المسبق, لشخص رئيس الوزراء, المعبر عنه من خلال لقاءاته مع المواطنين, على إختلاف مشاربهم.
دهيثم الحلي الحسيني, باحث في الدراسات الإستراتيجية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل