الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقى والغناء فى مصر

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 2
الادب والفن


عجيبة هى قصة الغناء والموسيقى فى مصر ، فى الكلمات التى تغنى ، أو فى طبيعة الالحان والنغمات ..
طريق شديد التعرج قطعته ، ما بين السمو فى الكلمة واللحن ، وبين الهبوط إلى درجات غير معقولة أو متصورة ..

وإذا كنا الآن فى أحد أطوار الهبوط فى الموسيقى وفى الكلمة فليس بعيداً - وقد تكرر ذلك - أن يشهد فن الغناء العربى وموسيقاه نهضة ثانية ..

بدأت القصة مع تعرف المصريون على أنفسهم مع ثورة ١٩١٩ ، كانت مصر تنزع عن نفسها أربعة قرون ثقيلة من الاحتلال التركى تحت مسمى الخلافة العثمانية ، وتحاول أن تنزع عن نفسها احتلال انجليزى مستجد ..

تركت مصر وراءها الموسيقى التركية من البشارف والسماعيات وغيرها من الألوان التركية وحاولت أن تخلق لنفسها موسيقاها ..
وهنا تقدم واحد من المع أبناءها ، وكانت مصر والعصر كله في انتظاره ؛ وهو سيد درويش ..

وعبقرية سيد درويش الأولى هى أنه وجد الطريق إلى بدايات موسيقى مصرية خالصة ، مستلهمة من روح الشعب وحياته ، وقدم الموسيقار السكندري العظيم فى حياته القصيرة الوانا بديعة من الكلمة المصرية الصميمة والغناء والموسيقى المصرية الجديدة ..

لم يمهل القدر سيد درويش لإكمال ما بدأه .. ولكن فى خلال ستة عقود ( من العشرينات إلى السبعينات ) وجد فن الغناء والموسيقى فى مصر ذروة تألقه ، وظهرت أصوات رائعة ، وحلقت فى سماء القاهرة والمدن المصرية أروع الالحان والنغمات ، وشهدت مصر لأول مرة فى تاريخها - وفى الغالب لأخر مرة - طوائف من عباقرة الصوت واللحن والكلمة : أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش وليلي مراد واسمهان ونجاة وشادية ووردة وفايزة أحمد ومحمد فوزى ومحرم فؤاد ومحمد قنديل وكارم محمود ومحمد عبد المطلب ونجاح سلام والتلبانى والعطار وبليغ حمدى وزكريا أحمد والقصبجى والموجى والسنباطى وكمال الطويل وسيد مكاوى ومحمود الشريف ، غيرهم كثيرين ..

بدأ التحول مع النصف الثاني من السبعينات ، مع وصول أغلب هؤلاء إلى نهاية إبداعهم ، سواء بالموت وانتهاء حياة بعضهم ، أو بالتعب للبعض الآخر ، وظل قليلين منهم مواصلاً طريقه حتى التسعينات ( عبد الوهاب وبليغ والموجى فى الالحان والموسيقى مثلا ) ..

مع السبعينات بدأت تعود ظاهرة ظهرت في العشرينات ، وهى الكلمة البذيئة - أو على الأقل غير اللائقة - المغناة ، فإذا كانت العشرينات قدمت أغنيات مثل
ارخى الستارة إللى في ريحنا
احسن جيرانك تجرحنا

وأغنية مثل :
بعد العشا .. يحلى الهزار والفرفشة !

واغنية مثل :
متخافش عليا .. أنا واحدة سجوريا
فى العشق يا أنت .. واخدة البكالوريا
اقعد سهتانة .. قلبى مشغول بك
ولما تشعلل .. لهاليب نار حبك
ارخى الناموسية .. وانام لى شوية
واحبكها واشبكها بمتين دبوس .. وأعض وابوس !!
وأنزل على صورتك حتتك بتتك

أنا لما استلطف ... ما يهمنى بابا
بس أنت اتعطف .. وتعالى امبابة
خدنى في دوكة ... جوة فلوكة

وهى أغنية لعبد اللطيف البنا ، وكان نجم الغناء في مصر من مائة عام ، وهى أغانى يمكن وصفها بسهولة بأنها تحض على الرذيلة ، ولو كان نقيب الموسيقيين الشجاع هانى شاكر موجوداً أيامها لأخذ كاتب الكلمات والمغنى إلى السجن ولم يكتفى بطرده من النقابة كما يفعل الآن !!

كان ذلك فى الماضى البعيد ..
لكن مع السبعينات - وما تلاها - جاءت إسهامات أخرى غريبة في الكلمة واللحن ، فظهرت لأحمد عدوية مثلا اغنيات مثل سلامتها أم حسن ، والسح الدح ، وقرقشنجى ... إلى آخر هذه الدرر !!

جاءت الثمانينات والتسعينات أيضا برجالها مثل على حميدة وحميد الشاعرى وحنان وغيرهم ، وسمعنا فيها الغث مع الثمين ، وكان هناك دائما من يحاول - قدر جهده وقدر صوته - أن يخالف الموجة الجديدة العالية ( التى مثلها رجال مثل حمدى باتشان وكتكوت الأمير وحسن الاسمر وغيرهم )

وقدمت عزيزة جلال وميادة الحناوى ( واحدة منهما من المغرب العربي والثانية من المشرق العربي ) اتجاهاً جديداً وجميلاً لا يقل - صوتاً أو نغماً - عن بهاء الأصوات القديمة ..

وحاول محمد منير وهانى شاكر وعلى الحجار ومحمد الحلو وأنغام وأصالة ولطيفة وسميرة سعيد تقديم فن مختلف عن السائد ، ونجحوا في ذلك إلى حد ما ..

وفى العقد الأخير ( ٢٠١١ - ٢٠٢٠ ) ظهرت موجة جديدة من الغناء والموسيقى فى مصر ، تميزت بطريقة جديدة وغريبة في الكلمة وفى اللحن ، وبما اننى أرى أن لكل عصر نغمته وصوته الخاص ، فلا أرى موجباً قوياً للطعن فيما يحدث على ساحة الغناء والموسيقى فى مصر الآن ، فهى دورة من دورات ، ستأخذ وقتها وتنتهى ..

الغربب أن الموجة الحالية تجد إقبالاً - وحباً - من الأجيال الجديدة ، التى ترى فيها نغمتها المفضلة ، والمعبرة عن عصرها ، تشهد على ذلك عشرات ومئات الملايين من مرات المشاهدة والاستماع لهذه الأغانى على اليوتيوب ، وهو ما يعد كافيا لمحاولة فهمها ، أكثر من الطعن فيها وتسفيهها ..

هى مرحلة - قد تكون غريبة - فى قصة فن الغناء فى مصر ..

والغناء والموسيقى مثلهم مثل السياسة أو الآداب ، لهم دورات من الزهو والمجد ، ولهم أوقات من الاضمحلال والتراجع ، وفى كلا الامرين - فى السياسة والأدب أو فى الموسيقى - يقتضى الأمر محاولة الفهم والاستيعاب قبل إصدار الأحكام ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-